| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

                                                                                 الخميس 13/12/ 2012

     

حته لا فد يوم الدنيه.....!

سهيل الرفاعي

إلى ابراهيم الحريري

الصباح يمد خيوطه عبر الزجاج المظلل في غرفتك، فتستعين بكل فرحك للنهوض، وربما تستعيد بعض الذكريات، وأنت  تسمع  أصوات النوارس، وهي تنثر ضجيجها على شاطئ دجلة من أجل أن تستفز كل كائناته، وأحيانا يأتيك صوت عمال المطبعة في أخر ساعة عمل يقضونها مع الجريدة، كل شيء يبدو  معتادا في بناية جريدة (طريق الشعب)، إلا أن أجمل ما في هذا الشيء المعتاد صباحا، هو انفتاح باب الغرفة بمواربة وهدوء، ليطل (ابو فادي) برأسه، وتحية الصباح التي تأتي مصحوبة بجملة (ها عيوني گاعد ؟)، تعرف أنه كان في جولته الصباحية، يوزع الجريدة ساخنة على العمال الذاهبين إلى عملهم، وذلك مبعث سعادته، والسعادة في الصباح فأل وردي اللون، يتناول معك قدح الشاي وقطعة واحدة من الكعك، مغموسة بذكرياته عن أيام جريدة (اتحاد الشعب)، وربما تتذكرون معا بعض (نكات) صديقكما الراحل أبو عادل، أحيانا يكون الحديث محمولا على عربة الهموم عند استعراض مجريات العمل اليومي في الجريدة، تمر الخمس عشرة دقيقة التي يقضيها معك سريعة، حيث في انتظاره رفيقة دربه، وقد أعدت له فطوره الصباحي في الطابق الثاني من بناية الجريدة، يمر النهار بطيئا، وأبو فادي منشغل بصفحة (حياة الشعب)، تسمع لازمته (أحسن من هيج ميصير)، عبر باب غرفتك المغلق (لماذا تغلق أبواب الغرف؟؟)، تعرف أن أبو فادي قد انتهى من عمله في الصفحة وأن هناك من سأله عن الحال. قد يكبرك بعدد خرز قلادة فتاة قروية من السنوات، ولكنه عندما يجلس معك تشعر أن عمره يكاد يقارب عمرك، أحيانا تتخابث معه، فيدرك بسرعة فحوى (الخباثة) ويجيبك مازحا (ها ناصرية).

تعرفت على أبو فادي أول مرة من خلال كتاباته في جريدة (طريق الشعب) في النصف الأول من سبعينات القرن المنصرم، وازدادت معرفتك به يوم جاء لزيارتكم في العاصمة كوبنهاكن، كانت نهاراتكم (هو وأنت وأبو عادل) تمضي وفق ما يريد هو معرفته، يجرب كل شيء جديد، وفي الليل ينضم اليكم (كوكب حمزة) حيث السهر والغناء والذكريات الحزينة، وأبو فادي مولع بالغناء، يغني من جراح روحه وفرحه، عندها يتمنى على كوكب أن يغني (نحبكم)، فترى هالة من الحزن بحجم السماء، تطوف على محيا أبو فادي.

(حته لا فد يوم الدنيه ... تراوينه فراگ

حته لا فد يوم تروح .... وتنسه العشاگ)

في السنتين الأخيرتين، عندما يسأله البعض عن الصحة، يجيب ضاحكا (مال هالوكت)،رغم ذلك تراه حيويا في كل شيء، مازال يكتب بدفئه الأول، ومازال يضحك من كل روحه، يشرب ويغني ... وتتذكر معه قول القائد الشيوعي الراحل رودني اريسمندي:

(الشيوعيون ولعون بزوجاتهم، بالموسيقى، ببتهوفن، ولعون بالخمرة) أذن دعني اشرب نخب تكريمك هذا المساء، فمازال أمامنا متسع من الحياة قبل أن تلفنا الدنيا بفراقها.

 

free web counter