| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الثلاثاء  13 / 8 / 2013



افتتاحية المدى

الفاشل بامتياز حين يبرر الفشل..!

فخري كريم  

لا فائدة تُذكر بعد كل الذي قيل وكتب. ولا معنى لأي اقتراح يقدم لأولياء الأمر، لإيقاف مسلسل المذابح اليومية التي يرتكبها الإرهابيون بدم بارد، وكأنهم بما يقترفونه من آثامٍ يُعبّدون لأنفسهم طريق الجنة الُمحَرّمة على امثالهم من القتلة المأجورين. فالقول والكتابة والاقتراح والنصح، تزيد المالكي وفريقه إصراراً على ارتكاب الأخطاء والخطايا، وتجرداً من الشعور بالمسؤولية إزاء ما يصيب شعبنا من كوارث، تزهق أرواحاً بريئة، وتدمر وتخرب، وتسد باب الأمل والخلاص في وجه من بقي على قدر من التفاؤل.
انتظار الاعتراف بالتقصير، او سوء التقدير او الجهل، لا مورد له في قاموس السيد القائد العام، ان كان له قاموس أصلاً، غير ما يطلع فيه على الناس، من اتهامات وتعريض وتهديد، كلما انكشف زيف الادعاءات التي ظل يفبركها حول أحوال البلاد التي تعيش في ظلال الأمن والاستقرار، بفعل صولته المفبركة هي الأخرى، في بداية ولايته الأولى ضد حلفائه وبدعمٍ وإسناد ناري ولوجستي من القيادة الأميركية.
وإذ ملّ المواطن من وعود رئيس مجلس الوزراء وفريقه الفاسد، فان البعض من المخدوعين والممسوسين باللوثة الطائفية، ومن الموالين بلا شروط لأي حاكم جائر متسلط، ظل يترقب خطوة مهما كانت محدودة، لتجاوز حالة الاحتقان المتزايدة والشكوى التي تتسع مدياتها، على صعيد تفاقم الإشكاليات التي ترهق كاهل المواطن أينما حل وحيثما توجه، لعلهم بذلك يمسكون بخيط الخلاص في مواجهة غضب الناس المتصاعد. لكن المثير والملفت أن بعض دعاة دولة القانون وخاصة الحزب الحاكم، نطق بعد صمت مريب، وكشف المستور في بيان الحزب الاخير، عن تحمّله المسؤولية المباشرة عما يقوم به زعيمه، وما يرتكبه من كبائر وخطايا، ستؤخذ قيادته تضامنياً بجريرتها أمام الشعب، بعد أن زل الحزب بعيداً عن الأضواء، وفسر حسنو النية صمته، كتعبير خافت عن شيء من عدم الرضا.
لم يعد عاقلٌ ينتظر اعتذاراً او تراجعاً او وعداً باصلاح ذات البين، لكن ان تبلغ الصلافة بالناطقين باسم دولة القانون والحزب الحاكم، حد انكار خطورة ما يجري من جرائم الارهاب، والادعاء بان الاعلام وقوى معينة معارضة في الداخل، حتى وان كانت في اطار التحالف الوطني، واخرى متربصة من وراء الحدود، هي من يبالغ في تضخيم العمليات الارهابية ورقعتها وعديد الضحايا الشهداء.. هو امر بات يثير الشبهة حول نوايا الحاكم، ومدى تورطه هو في الابقاء على الاوضاع الامنية على ما هي عليه من رخاوة وتفسخ في الاجهزة والمعدات والخطط، لعله بذلك يرمي باللائمة على معارضيه والرافضين لاستمراره في الحكم، ولما يمُني به النفس من ولاية ثالثة. والا كيف يمكن تفسير دعاوى "مثيري الفتنة" من دولة القانون وهم يروجون لفكرة أن ما يجري يتغذى على نشاط القوى السياسية التي تريد اضعاف المالكي، وان العمليات الارهابية ستستمر وتتوسع مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي القادم، مهما اُتخذت من تدابير امنية واستخبارية، وان اطرافاً عربية واقليمية تدعم هذا التوجه وتعززه بكل الوسائل! ولا يبقى لهؤلاء غير تطمين العراقيين، ودعوتهم لـ"التعايش" مع حالة الانفلات الامني وتجاورهم اليومي مع الإرهابيين وعملياتهم، حتى الانتخابات القادمة، او خضوع جميع القوى والاطراف لحكم المالكي، والدعوة الصريحة العلنية لبقائه في السلطة كما يشاء، والى ما يشاء، واقناع الإرهابيين بالانضمام الى صف الموالين له، كما فعل قتلة ومجرمون من قبلهم!

ولو توقف الامر على ذلك لقيل على مضض، هانت. لكن الدعاة الملوثين بمس السلطة والعمى الطائفي المقيت، عادوا لتسويق بضاعتهم التي كانت سبباً في الاقتتال على الهوية، وكادت في لحظة جنونية ان تقود الى حرب طائفية، فباتوا يوجهون سهامهم العمياء الى طائفة السنة دون تمييز، بدلاً من توصيف سياسي كان وما يزال وراء اللااستقرار والمذابح الإرهابية، ودعوات الاستئصال والتهميش والالغاء. ان اعمى القلب والضمير، هو وحده من لا يرى في ما يجري في البلاد نتيجة مباشرة للسياسة التي انحرفت بالعملية السياسية منذ تقلد المالكي للسلطة، وتنصله من كل التزام ومواثيق وتوجهات، وانفراده بالقرار السياسي والامني والعسكري والاقتصادي، رغم ثبوت عجزه عن استيعاب متطلبات كل ميدان من هذه الميادين التي تتطلب، اضافة للحكمة والبصيرة المتفتحة على العقلانية الواقعية، اكبر قدرٍ من الكفاءة والتجربة والاستعداد للتفاعل مع من يمتلكون ناصيتها المعرفية والعملياتية.

لقد استلم المالكي السلطة في ولايته الثانية، في توقيت شهد نجاح قوى العملية السياسية، انطلاقاً من شعورها بوحدة المصير، وتلازم مصالحها، وتوجهات مكوناتها، في الارتقاء بالعمل المشترك وتعزيز أواصر العلاقات بين مكونات المجتمع العراقي، والحراك المسؤول للانتقال بالسلم الاهلي والمصالحة الوطنية إلى مستوى يستجيب لمصالح الجميع دون استثناء، وكادت بفضل هذه مجتمعة، ان تتجفف مصادر عديدة مما تتغذى عليها قوى الارهاب المسلحة، ولم يعد يجري اي حديثٍ عن حواضن "مكونية" ثابتة، كما يحاول انصار المالكي اليوم ترحيل فشله الى ادعاء أحيائها وتوجيه سهام الاتهام الى مكون بعينه.

هذه كانت حالة البلاد والعملية السياسية يوم استلم المالكي السلطة، فإلى اين قادها بسبب نهجه وسياساته الرعناء المعزولة؟ والى متى يمكنه الاستمرار، بسبب غفلة حلفائه عما سيجرهم إليه اذا ما واصلوا استمراء الحالة التي هم عليها، واذا لم يرتفع كل منهم إلى مستوى المسؤولية الوطنية التي تفرضها المخاطر التي تتهدد البلاد، والعواقب الوخيمة التي يمكن ان تنحدر اليها اذا لم تبادر للجم جماح مغامرة رجل فقد توازنه، واصبح خطراً على وحدة وسلامة العراق ومستقبله، ولم يعد ينفع معه، لا النصح ولا المناشدة.

احجروا عليه، فقد بات اقرب ما يكون.


المدى
العدد (2864) 13/8/2013


 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات