| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

                                                                                     الخميس 12/5/ 2011

 

عبور جبل قنديل وأيام الكفاح المضنية

بيان سيد باقي

إستل الرفيق أبو إقبال "حكمت حسين" ورقة مهمة من دفتر الذكريات العتيق ليبين حقيقة وقائع يوم لا ينسى هو يوم عبور جبل قنديل في 1 ايار من عام 1983 في إلتفاتة رائعة لدور رفاق الحزب البسطاء الذين بقوا كعادتهم بعيدين عن الأضواء .

ولقد كان عليّ بإسم عائلتي أن أتقدم بالشكر للرفيق "أبو إقبال" على مساهمته في إلقاء الضوء على صفحة غير مضاءة من تاريخ الحزب ولأستغل الفرصة وأتحدث قليلا عن ناس الحزب البسطاء الذين كانوا على إستعداد لتحمل أكبر قدر من التضحية ، وبرهنوا طيلة حياتهم عمليا على إخلاصهم اللامحدود لمبادئ العدالة الإجتماعية التي بشر بها الحزب الشيوعي في العراق.

أقول لك أيها الرفيق أن في حياة سيد باقي من المواقف الصعبة والمتحدية ما يملأ صفحات كتاب كامل لكنه لم يفكر في وضعها على الورق لإعتقاده أنها مواقف طبيعية . كان الحزب بالنسبة له وما يزال هو الأهم من كل شئ . أذكر في طفولتي وصباي أن بيتنا كان مكون من غرفتين وكانت عائلتنا المؤلفة من سبعة أشخاص تعيش في غرفة واحدة في حين خصصت الغرفة الثانية من البيت لإستقبال الرفاق المطاردين أو الذاهبين بمهام سرية وكانوا من مختلف القوميات والمذاهب وكانت هذه الغرفة محرمة علينا نهائيا الا بما يتعلق بخدمة من يسكنها .

وكان بيتنا في نهاية السبعينات من القرن الماضي مركزا لإستقبال الرفاق العرب الملتحقين بحركة الأنصار والمكلفين بمهام سرية وفيه إختبأ المناضل د. فارس ومن بيتنا إنطلقت الشهيدة "أم ذكرى" الى الداخل في بداية الثمانينيات.

وفي حين كان أبي وأخي الأكبر الشهيد بايز في صفوف البيشمركة كانت أمي "خديجة سعيد" تدير أمورنا نحن البنات الثلاث بشجاعة لا تصدق فتنتقل بنا من بيت الى آخر خشية أن ينكشف الأمر ، لكن "سيد باقي" لم يكتف بذلك بالطبع ، فبالنسبة له نحن جميعا ينبغي أن نؤدي دورا ما في خدمة الحزب فجند أمي للقيام بمهمات شبه مستحيلة أحيانا ، هي نقل البريد السري الخطر جدا من التنظيم المدني الى العسكري وبالعكس في طيات ملابسها أي أن خطأ بسيطا كان ممكن له أن يسبب في إعدامها وبالتالي تشريدنا كلنا . وأذكر مرة طال فيها غياب أبي عنا ذهبت أمي في مهمة سرية الى الجبل وبالتحديد الى المقر الذي يعمل به ابي لكن سرية العمل القصوى حتمت على ما يبدو أن لا يعرف أبي بوجود امي وبالعكس، وهكذا عادت امي الينا دون أن تتمكن من رؤية "سيد باقي" ولا أن يعرف هو بوجودها!

أن أمثالنا هم بالآلاف، يتوزعون على كل محافظات العراق، وأستطيع أنا أن أذكر بقدر ما تتيحه لي معرفتي عائلة الرفيق الصحفي والمناضل "أحمد رجب" الذي قضى فترة البيشمركة كاملة في الجبل في حين كانت عائلته تعيش الظروف الصعبة للغاية في الحلة وعائلة الرفيق أحمد باني خيلاني التي عاشت ظروفا مماثلة وعائلة الشهيد "سيد توفيق" وغيرهم من العوائل المضحية الى آخر حد وبكل ما لديها.

ما بقي مجهولا أيضا هو الموقف البطولي لأبي حين أعتقل في مديرية امن السليمانية وكيفية تعامل السجانين معه وبالأخص الجلاد ملازم محسن وأنواع التعذيب التي مورست ضده والحقائق التي كشفت أمامه ، وقد كان من تأثير التحدي الذي ربانا عليه أنني حين زرته في أمن السليمانية عام 1978 وكنت في الثانية عشر من عمري قد إرتديت فستانا أحمر ولما رأيته صرخت " أبي لا تنكس رأسك لهؤلاء " أما أمي فقد إستقبلت عناصر الأمن الذين قدموا لإعتقالها بخطاب تقريع ولوا بعد سماعه حانقين.

شئ آخر جدير بالذكر هنا هو أممية " سيد باقي " التي ربانا عليها ، كان ينظر للإنسان بإعتباره إنسانا قبل كل شئ وقد ورث أخي الأكبر الشهيد بايز تلك الصفة منه وأضاف اليها فحين إلتحقت أنا بقوات الانصار للعمل في إذاعة الحزب عام 1985 كان بايز يقول لي "إختلطي بكل الرفاق ولا تحصري علاقاتك بمجموعة واحدة ، ميزة هذا الحزب هي تمثيله لكل القوميات وإحترامه لكل القوميات، تعلمي من الرفاق العرب وطوري لغتك ففي مقرنا الكثير من المثقفين" . كان الشهيد بايز لا يرضى بأن نأتي له بملابس أو طعام خاص من المدينة لأن ليس من الذوق أكل أو لبس ما لا يستطيع الرفاق العرب الحصول عليه بفعل غربتهم عن عوائلهم، لذلك كان يوزع ما يصله على رفاقه.

أما فيما يتعلق بعملية عبور جبل قنديل ، يؤكد " سيد باقي " على الدور الأساسي للكلب "آنو" في إنقاذ المجاميع التي تلت مجموعتكم ، حيث أن هذا الكلب الوفي الذي كان يرافقه أثناء عبور جبل قنديل، وبعد أن وصلت مجموعتكم الى المكان المطلوب قد عاد مرارا الى نقطة الإنطلاق ليقود مجاميع من الرفاق الذين لا يعرفون الطريق اليكم.

موضوع الكلب الوفي " آنو" ودوره في قيادة الرفاق لعبور قنديل ثم قصة إعتقاله من قبل الحرس الثوري الآيراني وتفريقه عن "سيد باقي" يصلح لأن يكون موضوعا لفيلم .

وأسأل في النهاية لو لم ينتبه الرفيق أبو إقبال الى تسجيل هذا الحدث المهم هل كان سيبقي مجهولا؟ الا يفكر الحزب بجمع ما يكتب هنا وهناك عن مناضليه ؟ هناك المئات من القصص والوقائع التي تشكل نسيجا فريدا من نوعه يميز العراق عن بقية بلدان المنطقة .

 


في ذكرى بشت ئاشان سيد باقي ، مناضل بطل ، أنقذ رفاقه - حكمت حسين (أبو إقبال)
http://www.al-nnas.com/ARTICLE/HHussen/4dy7.htm

 

free web counter