| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 12/6/ 2009

     

فقراء مسالمون وأغنياء إرهابيون ..

محمود غازي سعدالدين
nelson_usa67@yahoo.com

يعرف الفقر بعدة تعريفات منها هو عدم قدرة الفرد على تحقيق الحد ألأدنى من مستوى المعيشة أو أنه حالة عدم الحصول على مستوى لائق للمعيشة في المجتمع الذي يعيش فيه.
كما تتنوع وتتباين أنواع الفقر من مجتمع لاخر وتشمل اصناف عدة من الفقر كالفقر الذي يشمل عدم حصول ألإنسان على المأكل والمشرب والملبس والحاجات الأساسية التي تقتضيها حياته اليومية ويدخل من ضمن خانة الفقر حالة عدم توفر السكن اللائق للفرد.

وتوجد أرقام مرتفعة لأعداد الفقراء في عالمنا الأسلامي (الدكتاتوري) عموما وتشير الدلائل أن هذه الأرقام في تزايد مستمر بسبب غياب الديمقراطية في هذه المجتمعات وتحّكم مجموعة من المتنفذين والمتسلطين على المقدرات المالية وغياب سلطة المؤسسات الرقابية وعدم وجود وسائل الأعلام الحرة داخل هذه المجتمعات لفضح الإنتهاكات المالية الخطيرة التي تجري من قبيل عمليات تحويل وغسيل الأموال على حساب شرائح المجتمع بصورة عامة وخصوصا ما يتعلق بحقوق ذوي الدخل المحدود والمعاقين والمرضى .
لعله علينا أن نتطرق لظاهرة الفقر بصورة عامة لما لهذا المرض الخطير من تداعيات عكسية على الواقع الإقتصادي والصحي لكل المجتمعات ونحن بصدد أن نأخذ العراق نموذجا لما يعانيه هذا البلد عموما من تداعيات هذا الآفة وربطها بالحملات الإرهابية التي تشن عليه من قبل أعداء المسيرة الجديدة من الظلاميين والتكفيريين وأعداء مسيرة تحرر الإنسان.
لعله بين الفينة والأخرى يخرج علينا العديد من المسؤولين العراقيين ومن يصرّحون على شاشات الفضائيات أن من أسباب تفشي ظاهرة الإرهاب في العراق يعود بنسبة عالية إلى تفشي الفقر وإنتشار ظاهرة البطالة بين شريحة كبيرة من المجتمع العراقي.

سؤال مهم يطرح نفسه هل يبرر الفقر من أن تكون إرهابيا تقتل وتخطف وتفجر ؟
أقول هنا قد تكون تداعيات ومردود الفقر على الإنسان كبيرة وقد تؤدي بالمرء إلى أن يسرق وأن يرتشي او أن يبتعد عن الأطر الأخلاقية وبغض النظر عن أي مجتمع يعيش فيه , فقد يكون العذر حاضرا في حال سرق ليعيل عائلته أو لينقذ طفله المريض أو ليسد رمق وجوع أفراد أسرته .
يقول الأمام علي (عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج شاهرا سيفه) قول جاء في ظروف خاصة وتخص زمانا معينا وقد أعتبره انا شخصيا تعبيرا مجازيا فإلإمام علي لم يشجع الفقير في إقسى ظروف الفقر قساوة على أشهار سيفه ليقتل ويسفك دم غيره ليتخلص من ما يعانيه من الفقر وهي في نفس الوقت دعوة واضحة للمطالبة بالحقوق بعلانية وعدم السكوت عن إنتهاك الحقوق وخاصة من قبل ( السلطة الحاكمة) ..

وورد على لسانه قول أكثر إنتشارا مفاده (لو كان الفقر رجلا لقتلته) تعبير مجازي وفرضي آخر لأنه لا يمكن ان تتحول مفردة الفقر الى رجل بشحمه ودمه لكي يقتله علي الذي كان يعاني أشد أنواع الفقر في أمثلة عديدة تتحدث عنها كتب السيرة المختلفة , وآثر على نفسه في العديد من الأوقات قوته اليومي ليطعم غيره من مسكين ويتيم وفقير( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيراً إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا) سورة الأنسان اقدس شيء على الأرض وقد جاء ماهو واضح جد الوضوح من أقواله (إِنَّ أَغْنَى الْغِنَى الْعَقْلُ وَ أَكْبَرَ الْفَقْرِ الْحُمْقُ) وقال أيضا (الْعَفَافُ زِينَةُ الْفَقْرِ وَ الشُّكْرُ زِينَةُ الْغِنَى).
فظروف الفقر في عصرنا الحاضر تختلف إختلافا كليا عن ذلك العصر وتقاس مستويات الفقر الان بمقاييس خاصة وحسب كل مجتمع وبيئة.

لا ننكر البتة أن نسبة الفقراء داخل المجتمع العراقي كبيرة من حيث طريقة تأمين الإحتياجات اليومية . هؤلاء الفقراء ومعاناتهم في سبيل تأمين أبسط مقومات الحياة من تأمين للسكن وتوفير القوت اليومي وتأمين صحته , بالمقارنة مع شرائح أخرى تعيش الرفاهية وكل سبل العيش من سكن (قصور فارهة) وتأمين صحته على حساب شرائح المجتمع الأخرى.

لقد تغير الوضع العام نحو الأفضل بعد عملية تحرير العراق في 9/4/2003 وعلى نحو عام لشرائح المجتمع العراقي من حيث أرتفاع مستوى دخل الفرد لقطاعات الموظفين وشرائح المتقاعدين رغم وجود الخلل الكبير في إحتساب رواتب هذه الشريحة التي لابد من تعديلها لكي تلبي رواتبهم الشهرية مستلزمات حياتهم اليومية ,كما ولابد للحكومة أن تنظر ألى شرائح المعوقين وذوي الإحتياجات الخاصة والتي تتطلب حياتهم نوعا خاصا وشاقا من الإعالة وكذلك شرائح اليتامى والأرامل, والذين يعانون من الأمراض المزمنة والمستعصية ومعالجة أزمة السكن التي تثقل كاهل الفرد العراقي .

وعودة إلى سؤالنا المهم وعلاقة ظاهرة الفاقة والبطالة بتداعيات الأحداث الامنية (الإرهابية) التي تجري على الساحة العراقية وبوجهة نظري الشخصية أن معظم الأحداث الإرهابية لا تستند الى خلفيات أفراد يعانون من شظف العيش ويعانون أزمات إقتصادية.
لاشك قد يؤثر الفقر بشكل أو بأخر على إستغلال الجماعات الإرهابية لهذه الشريحة (ليس بشكل كبير) مستغلين جهله وعمليات غسيل الدماغ التي يجيدونها فألأنتحاري الذي يفجر جسمه النتن لم يكن ليهدف إعالة عائلته وتخليصها من بؤرة الفقر في حال لو أنطبقت عليه معايير الفقر.

أقول هنا أن غالبية الأعمال الأرهابية تستند إلى أجندات الطائفيين والقومجيين وخلفيات دينية وعنصرية فعلى سبيل المثال فأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة ألأرهابي كان مليارديرآ وعلى قدر عال من الغنى (تركة والده تقدر ب أكثر من 300 مليون دولار ) تحول بين ليلة وضحاها لكي يتزعم هذا التنظيم ألإرهابي وليعيش في كهوف تورا بورا مع الجرذان والحشرات , والدكتور الظواهري (إختصاصي التفخيخ) كان طبيبا ومن أسرة مرموقة وميسورة الحال وحاصل على شهادة الماجستير في الجراحة العامة ( بتقدير جيد جدا في عمليات الذبح) من كلية القصر العيني في جامعة القاهرة.
وألإرهابيون الذين فجروا مبنيي التجارة العالميين لم يكونوا فقراء بل كانوا يعيشون حياة الترف والبذخ في بلدان أوربية وفرت لهم كل سبل العيش الكريم.

من يقوم بأعمال التفجير والتفخيخ والخطف مجموعة من الحمقى والمختلين عقليا ويعانون من أمراض وعقد نفسية أجريت لهم العديد من عمليات غسيل الدماغ من قبل فقهاء ألإرهاب ولغايات خبيثة في أنفسهم تحركهم أجندات أطراف لا تؤمن بثقافة التغيير والديمقراطية .


دهوك/العراق

 

free web counter

 

أرشيف المقالات