| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                الخميس 12/7/ 2012

 

مؤشرات الديمقراطية وتلازمها مع قانون الاحزاب

 محمد حسن السلامي *

مقدمة

بناء الديمقراطية – مباديء او مؤسسات وآليات – في العراق يأتي بعد تجارب تاريخية طويلة خاضتها شعوب ومجتمعات وبالتالي نجد ان مراكز دراسات ومعاهد ومفكرين قد استخلصوا المعايير والقواعد الاسلم في بناء تراكمي متجدد للديمقراطية بعد سقوط انظمة طغيان –فردية ، عائلية او حزبية دكتاتورية – وبالتالي فإن ذلك يعد جزءا من الفكر السياسي الحضاري لشعوب الكرة الارضية لا بد من استلهامه عند البناء الجديد بما يتناسب ويتناسق مع البلد المعني على شرط استشراف المستقبل للبلد وان تكون برؤية اغناء التجربة الوطنية او الاقليمية وبالتالي العالمية وان لا تكون الخصوصة المحلية مدخلا لتقييد الآفاق الرحبة لتوسيع مشاركة الشعب في ادارة بلاده في زوايا الشؤون العامة وهذا يأتي تناسقا مع المادة 21 فقرة 1 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي تنص ( لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده اما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون يختارون اختيارا حرا ).

 كما لا بد من التأكيد ان فلسفة الديمقراطية المنشودة نجدها في النصوص او الاعراف الدستورية ليتم الاسترشاد بها في التشريعات وتضمين المباديء والاسس للديمقراطية في القوانين ذات العلاقة مثل قانون الانتخابات وقانون تشكيل الاحزاب السياسية فسح المجال في مشاركة منظمات المجتمع المدني والجماهير في المناقشات قبل التشريع .. الخ إضافة الى تكوين مؤسسات ضامنة لتنفيذ القوانين وحامية لتطبيقات فلسفة مشاركة صاحب المصلحة النهائية فيما نسميها الديمقراطية وهو الشعب .

لقد تم طرح مسودة قانون الاحزاب السياسية العراقية - أحد اعمدة اي ديمقراطية - من قبل مجلس الوزراء وهنا تكمن الاشكالية الاولى التي يمكن وصفها بأن القانون اصبح يتحدد بروح مصلحة استمرار هيمنة ونفوذ الاحزاب الحاكمة في السلطة التنفيذية والاشكالية الثانية ان مسودة القانون قد انتقدت من اعضاء عديدين في البرلمان علما ان الاحزاب والكتل التي تناقش المسودة  في مجلس الوزراء هي التي تنتقد في البرلمان ؛ مما يدفعنا الى الدعوة لان يكون البرلمان بلجانه صاحبة الصلاحية كذلك في تقديم مسودات ومشاريع القوانين خلافا لقرارات المحكمة الاتحادية في هذا الشأن.

ان القوانين الخاصة بتشكيل وعمل الاحزاب وعلى قاعدة انها تنحو لتنظيم اوسع مشاركة للمواطنين في رسم المستقبل السياسي لبلدهم عبر بلورة برامج سياسية ورؤى لمستقبل البلد تتمثل في الاحزاب السياسية أضافة الى منظمات المجتمع المدني والاعلام الجاد وفسح الحريات العامة للتعبير عن طموحات وافكار متنوعة .لذلك وبعد دراسة مسودة القانون المطروح للمناقشة في البرلمان لا بد ان نقدم بعض الملاحظات ذات الاهمية في تكوين رؤية اقرب الى فلسفة الافق العريض للديمقراطية المنشودة التي جاءت نصوص المسودة لتغلق بعض ابوابها .

التعريف

نعتقد ان التعريف الذي جاء في المادة 2 اولا للحزب السياسي في مسودة القانون لا بد ان تكون له صفة العموم والوضوح والدقة لذلك ندعو الى حذف العبارات (او الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة بأقليم ) ومبررنا انه قد ذكر على المستوى الاتحادي والتي تعني على مستوى العراق بكامله.

المباديء الاساسية للقانون

اولا : ان الاهداف والمباديء الاساسية التي تستند اليها مسودة القانون قد بينها الفصل الاول والثاني ابتداءا من المادة 3 الى 7 حيث نعتقد ان الهدف الاول في المادة 3 ينبغي ان تحذف منه عبارة (تحديد) وتبقى عبارة تنظيم أحكام .... الخ ومن المباديء الاساسية التي اوردتها المسودة في المادة 5 ثانيا والتي اشارت بحق الى ضرورة منع الاحزاب التي تتشكل على اسس مخالفة للدستور ومعايير حقوق الانسان كالتعصب او العنصرية لكن الذي نود الدعوة لاضافته عدم جواز تكوين حزب على اساس التعصب الديني ايا كان اذ لم يذكر علما ان التعصب اي كان هو مخالف للدستور وحقوق الانسان .

ثانيا: لقد خولت المادة 40 حل الحزب بطلب من دائرة الاحزاب الى محكمة القضاء الاداري لأسباب عديدة نعتقد انه يمكن للدائرة المذكورة التقاطها من اجل تقديم الطلب بالحل منها عدم تميز البرنامج حسب المادة 8 ووضع الشرط بجواز حل الحزب في حال عدم الاشتراك في انتخابات لمرتين متتاليتين إجراء تعسفي واضح فقد يبني الحزب نفسه لمدة معينة قبل الدخول في انتخابات او وضع سبب تهديد امن الدول انها معاني سياسية وليست قانونية كذلك غموض الاعتداء على حقوق وحريات الاحزاب الاخرى والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني .

وبالتالي ادعو الى اعادة صياغة المادة 40 لتقتصر على الفقرات 3،5و6 بعد اعادة النظر في مسؤولية الجهة القضائية التي من حقها اتخاذ قرار حل الحزب بعيدا عن السلطة التنفيذية بأي شكل من الاشكال.

ثالثا: حرية التشكيل والعمل

ان مبدأ حرية تشكيل الاحزاب السياسة وحرية العمل لها قد عالجتها المسودة بطريقة هيمنة وتدخل السلطة التنفيذية منذ البداية حيث :-

1 : تأسيس الاحزاب يتم وفق الفصل الرابع المواد 11 الى 18 الى جهة المحكمة الادارية ؛ اما نحن فنعتقد ان القضاء الاداري له علاقة بالسلطة التنفيذية كذلك .

2 : يتم استحداث دائرة حسب المادة 2 (دائرة شؤون الاحزاب السياسية في وزارة العدل) لتقوم هذه الدائرة بمهام 1- متابعة اعمال الاحزاب وتقييم مطابقتها للقانون 2- تقديم المقترح الى وزارة المالية لمبلغ اعانة الاحزاب 3- رصد المخالفات والتحقيق فيها 4- تقديم الطعون الى المحاكم 5تحريك الشكاوى على الاحزاب ... ان قاريء مسودة القانون لا بد ان يستنج ان هذه الدائرة هي الخصم للاحزاب ومن قبل جهة لها مصلحة في عرقلة عمل الاحزاب المعارضة للحكومة حيث انها تخضع للسلطة التنفيذية وكما هو معلوم ان السلطة التنفيذية باحزابها الممثلة سوف لا تألوا جهدا في التحكم بإجراءات تشكيل الاحزاب الاخرى او في ترصد عملها وحركتها وايجاد المبررات المختلفة لعرقلة نشاطاتها ،ويعد ذلك خلافا لمبدأ حرية تشكيل الاحزاب والسماح لها بالنشاطات المختلفة اما المتضرر  فمن حقه قانونا تقديم ما يثبت تضرره وفق القانون المعني .

3- كذلك من القيود التعسفية التي تحمل روح الخوف من العمل السياسي المعارض للإحزاب شروط طلب التسجيل بتقديم أسماء  اعضاء لا اقل من 2000 عضو وفي 6 محافظات ولا يقل عن 100 عضو في كل محافظة (المادة 11 اولا ) ولكون الشروط مجحفة فقد استثنى الاحزاب الخاصة بالاقليات من الجزء المتعلق بشرط اقامة 100 عضو في كل محافظة فقط ، لذلك وما دام العراق دولة اتحادية تكون صيغة القانون ومواده تحمل وحدة الوطن وعدم الاهتمام بتواجد المنتسبين للحزب المعين في مجموعة عدد من المحافظات وهذا ينطبق على ملاحظتنا حول التعريف. وندعو ان يكون العدد 500 منتسب

4- ومن الاشتراطات غير المبررة ما تناولته المادة 8 ثانيا التي طالبت الحزب بتميز برنامجه تميزا واضحا عن برامج الاحزاب الاخرى ، حيث لم يستند الى معيار خاص للتميز وقد يكون الرط تبريرا للرفض.

5- كذلك نجد ان التغييرات في البرنامج تتعلق بمتغيرات اقتصادية او سياسية او قانونية ..او غيرها ضمن سياقات مبينة بالنظام الداخلي للحزب –عبر مؤتمر او اجتماع للهيئة العامة – وإن يتم الاعلام عنها فقط الى الجهة المخولة بمعرفة التغييرات خلافا للنظام الداخلي الذي قد يتعلق بسير انساق الديمقراطية داخل الحزب لذلك ندعو الى الغاء الجزء المتعلق بالبرنامج السياسي .

ملاحظات اخرى

اشارت المادة 21 ثانيا من المسودة الى حق انابة رئيس الحزب لتمثيله ونرى ضرورة اضافة عبارة محاميا او مجموعة من المحامين .

المادة 26 بخصوص التزامات الحزب واعضائه فلا توجد حدود بين المسؤلية القانونية للحزب كشخصية معنوية مستقلة وبين الاشخاص الطبيعيين للاعضاء وهذا خلل كبير نأخذه بحسن نية ولا بد من التفريق الدقيق ؛ لذلك فإن الفقرة الثالثة يمكن ان تكون عامل زعزعة للحزب السياسي فقد يفهم ان معارضة الحكومة في موقف سياسي يعتبر عدم محافظة اوصيانة للاستقلال .. اضافة الى ان النقطة الرابعة يحكمها النظام الداخلي من حيث توفير تكافوء الفرص ولا بد من اضافة المنتمين للحزب الى عبارة المواطنين . ولا بد من حذف الفقرة 5 لانه لا يفرق بين المنتمي للحزب والحزب ككيان سياسي له شخصية مستقلة عن أعضائه وان مفاهيم النظام العام والاداب العامة غير محددة وانها تتعلق باي مواطن ضمن القوانين السارية والفقرة 7 كذلك تتعلق بالسؤلية الشخصية وتطبيقا للقوانين السارية.

اما الفقرة التاسعة فادعو الى حذفها حيث انها تنظر الى غير العراقي نظرة القناص والمتربص بالعراق مع العلم ان العالم متشابك اقتصاديا وسياسيا وثقافيا واصبح ذا قيم مشتركة تتبلور شيئا فشيئا كذلك العلاقات بين الاحزاب ضمن النشاطات اليومية. اما المعيار للمسائلة تكون مخالفة القوانين ذات العلاقة فقط. فماذا لو حصل لقاء بين عضو في احد الاحزاب الاجنبية مع حزب محلي في موضوع المهاجرين بين بلد وأخر .

اما الفقرة العاشرة فلا اعلم كيف استساغ واضعوا المسودة تثبيتها ،حيث لا يفرق النص بين مخالفة او جنحة او جناية ، بل يدعو الحزب او عضو من اعضائه الى تحريك شكوى ضد عضو في الحزب لاي مخالفة للقانون - كانه يمنح الحزب والاعضاء صفة الادعاء العام -وهذا امر غريب جدا ، فالبديهي ان المتضرر يكون صاحب المصلحة في تحريك الشكوى من مسبب الضرر .

وعند الانتقال الى المادة 27 ادعو الى الابقاء على الفقرتين رابعا وخامسا فقط وحذف الفقرات الثلاث من المادة حيث ان مخالفة القوانين هي المعيار والمقياس وليس التعامل مع الجهات الاجنبية عموما ففي بعض الاحيان يكون التعاون لمصلحة العراق كالامم المتحدة والمنظمات الاخرى .

ولا بد من التدقيق في المادة 30 فقرة ثانيا ب حيث ان عبارة (تحدبد عنوان المقر الرئيسي للحزب ومقاره الفرعية) في النظام الداخلي قد يكون سابقا لتكوين الفروع وهي حالة متغيرة من حيث العدد والتكوين فكيف يمكن تثبيتها في النظام الداخلي ، كذلك ضرورة حذف عبارة تأديبية وجعل عبارة الاجراءات الانضباطية مثلا بدلها في التفرع ومع ز . اما التفرع ل فقد عالجها في المادة 21 بخصوص التمثيل .

لا نعتقد بأن ما جاء في المادة 44 فقرة ثانيا يتطابق مع حرية المتبرع في حقه بطلب عدم نشر اسمه دون الاخلال بضرورة تسجيل كل المعلومات عن التبرع والمتبرع في سجلات الحزب.

ضرورة اعادة النظر في المادتين 49 اولا مع المادة 45 ثانيا حيث ان العالم متشابك ولا بد ان التبرعات من الخارج الاخرى تكون خاضعة الى اجراءات مصرفية والرقابة المالية ...دون الاخلال بتطابق الاهداف وان لا تكون غسيل اموال ....الخ مع وجود تناقض بين المادتين فمنع بات وقبول بشرط .

مع وجود ملاحظات اخرى  غير اننا نكتفي بهذا القدر عل البرلمان العراقي يعالج المسودة وان لا تكون النظرة الشكوكية ضد الاحزاب التي لم تفز بالوزارت او المقاعد الكثيرة في البرلمان هي المتحكمة بالقانون ومواده بل الانفتاح لبناء تجربة ديمقراطية رائدة ومتطلعة للمساهمات والاغناءات اما تجارب العالم السياسية تفضي الى نتيجة ان الفائز بالسلطة لا يبقى فيها والذي لم يفز يأتيه يوم يرتفع الى السلطة .

 

* كاتب قانوني وناشط مدني

 

free web counter

 

أرشيف المقالات