| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين 12/3/ 2012                                                                                                   

 

الحركة التعاونية بين الجهل والتجاهل

أ . د . محمــود فــرج الــــلامي

أخــــيراً ..  لابد لنا من الإعتراف بحقيقة وصول الحركة التعاونية الى طريق مسدود ، والى حالة خطيرة من الشلل والعجز التام عن إداء أية مهمة نافعة للمواطن وللمجتمع ، ولم يبق من التنظيمات التعاونية التي عرفها العراق عبر تاريخه الطويل غير أكداس من المشاكل والعلائق المشبوهة وبقايا فريسة تحوم حولها الغربان . وهي تخضع بالكامل لمجاميع المرتزقة والنفعيين وصنوف الدخلاء والمشبوهين ، ودخول النشاط التعاوني والقطاع التعاوني دائرة التجاهل والإهمال والغياب التام من على خريطة العمل الوطني .

بالتأكيد إن حديثنا عن التعاون والتنظيمات التعاونية في العراق لا يتناول أمراً جديداً أو طارئاً على المجتمع العراقي حيث للعلاقات التعاونية جذوراً راسخة في هذا البلد منذ أقدم الأزمنة مما جعل منه جزءاً لا يتجزأ من عادات وتقاليد العراقيين في الريف والمدينة .. حيث الإعتراف الرسمي للحكومة بالتعاون وإصدارها أول قانون متكامل للجمعيات التعاونية منذ الأربعينات من القرن الماضي . بعد ظهور الدعوات الرسمية لتأسيس التعاونيات إبان العشرينات وقيام العديد منها خلال الثلاثينات منه .. منذ ذلك الحين والحركة التعاونية تمر بحالات من المد والجزر تبعاً لسياسة الحكومات المتعاقبة ومدى تفهم الوزراء المعنيين للأمور التعاونية . وهكذا بلغت الحركة التعاونية أحياناً مستويات عالية من التبني والإنتشار وحققت نجاحاً كبيراً في تقديم الخدمات لأعضائها وأسهمت كثيراً في حل المشاكل الأساسية للجماهير .. وأمامنا الكثيرمن الشواهد على ازدهار النشاط التعاوني في الميادين الإسكانية والإستهلاكية والزراعية والإنتاجية في بعض الفترات من تاريخنا الحديث ، مما جعل من حركتنا التعاونية قبلة أنظار التعاونيين العرب الذين اختاروا بغداد مقراً للأمانة العامة للإتحاد التعاوني العربي الذي إنبثق في بغداد نتيجة لإجتماعات التعاونيين العرب ومناقشاتهم الجادة . صحيح أننا قد ورثنا من العهد المباد حركة تعاونية تعاني من مختلف صور القصور والتخلف ، سخرها النظام بصورة أساسية لخدمة مصالحه وتنفيذ سياسته وجعل منها وسطاً مشروعاً للإبتزاز وإثراء أزلامه على حساب المجتمع والقيم التعاونية النبيلة مما جعل من الميدان التعاوني وسطاً موبوءاً يحمل من الصور أبشعها ومن السمعة أسوأها .. لهذا كان طبيعياً أن يحفز سقوط النظام البائد جماهير التعاونيين وكل المخلصين على العمل السريع لإعادة النظر جذرياً بالواقع التعاوني وتنقيته من الدخلاء والمرتزقة والمفسدين الذين تسللوا الى التنظيمات التعاونية - في غفلة من الزمن -  وإعادة بناء الحركة التعاونية وتطويرها بما ينسجم ومعطيات الواقع الجديد ...  وبالفعل لم يبخل التعاونيون المخلصون عن ممارسة دورهم وأداء واجبهم ، حيث باشروا ومنذ الأيام الأولى لسقوط النظام في إيصال القضية التعاونية وملابساتها الى قادة الدولة ورجال السياسة ونشرها على نطاق واسع لإيضاح الأهمية الإقتصادية والإجتماعية للجمعيات التعاونية والمهام التي تقدر على تأديتها في مختلف الميادين والأصعدة وامكانياتها الفائقة على الإسهام الفاعل بحل مشاكل المواطنين ومساعدتهم في معيشتهم وحياتهم اليومية . وتكللت جهود المخلصين بعقد مؤتمر طارئ للتعاونيين العراقيين أواخر عام  2003 نظمته ( حركة إصلاح وإعادة بناء الحركة التعاونية ) وحضره المئات من التعاونيين العراقيين من كافة المحافظات ومن بينهم وفد كبير من تعاونيي كردستان العراق ، وشارك فيه ممثلين لعدد كبير من الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني . وتدارس المشاركون أوضاع وملابسات الواقع التعاوني وأقروا خطة لتفعيل الحركة التعاونية وإنقاذها من واقعها المتردي ، واختاروا لجنة للتحضير لإنتخابات الحركة التعاونية ومتابعة تنفيذ توصيات المؤتمر - الذي كان بحق - أهم وأقوى تجمع تعاوني عقد في العراق حتى الآن .

لم يكن طريق التعاونيين المخلصين في مسعاهم الوطني مفروشاً بالورود والرياحين ، بل كان صعباً جداً ومحفوفاً بالمخاطر .. فقد كانت مجاميع الدخلاء والمرتزقة تخطط للهيمنة على الجمعيات التعاونية بهدف ابتزازها والإثراء من خلالها وإقصاء المخلصين منها ، واستطاعت هذه العصابات بعد تسخير الملايين من شراء الضمائر وفبركة القرارات وحسم الأمور لمصلحتها أينما كان ذلك ضرورياً لمواصلة هيمنتها والوقوف بوجه أي إصلاح للواقع التعاوني ، واستمر تراجع الحالة التعاونية من سئ الى أسوأ ولم يغير من ذلك قرارات مجلس الحكم ولا تشكيل اللجان الوزارية الكبيرة السداسية والسباعية بقيادة وزارة المجتمع المدني لأنها كانت دوماً مخترقة من المرتزقة والفاسدين وأصحاب النوايا المغرضة الذين كانت لهم اليد الطولى والكلمة العليا في مواقف وقرارات هذه اللجان .. وفي الوقت الذي بلغت فيه خيبة الأمل أشدها بالنسبة للجماهير التعاونية قررت اللجنة السداسية ووزارة المجتمع المدني في شباط 2009 تشكيل لجنة تحضيرية جديدة لإجراء إنتخابات التنظيمات التعاونية وإتحادها العام ، وبالطبع جاءت هذه اللجنة انعكاساً لمصالح ورغبات العناصر الدخيلة والمشبوهة المؤثرة في اتخاذ القرارات ولا تعرف عن التعاون إلا كونه وسطاً مناسباً للإبتزاز والإثراء غير المشروع . ولإهتمامها الأول والأخير بذلك تصرفت كما لو أنها كانت قيادة منتخبة للإتحاد وعملت على إطالة أمد هيمنتها على الحركة التعاونية . وبعد استمرار ذلك لفترة تزيد على ثلاثة أضعاف الفترة المقررة لها لإنجاز مهمتها ووسط المزيد من الضغوط إضطرت لإجراء الانتخابات لإختيار مجلس إدارة الإتحاد والتي جاءت نتيجتها مستجيبة لرغبات واتفاقات ومصالح مشبوهة بعيدة كل البعد عن الشروط والمواصفات الواجب توفرها في القائد التعاوني ولا يمتلك القادة - الجدد - من الكفاءة والمؤهلات غير دعم هذا الحزب السياسي أو ذاك المسؤول وهكذا هيمنت على الحركة التعاونية منذ آب 2010 أضعف وأسوأ قيادة في تاريخ الحركة التعاونية العراقية .. قيادة غير معروفة إلا بماضيها التعاوني الفاسد وبجهلها التام بالأمور التعاونية وبعدائها الكبير للخبرة والكفاءة التعاونية الحقيقية والتي يمتلك منها العراق معيناً لا ينضب . بالطبع باشرت تلك القيادة التي انقلبت كلياً على مبادئ التعاون والطبيعة الديموغرافية للمنظمات التعاونية ومنذ أيامها الأولى بالعمل على تحقيق تطلعاتها وإشباع أطماعها سواء بالسفرات التجارية للعديد من البلدان أو ببيع ماتبقى للإتحاد من أراضٍ سكنية قدمتها له الدولة في مناسباتٍ عديدة سابقة لغرض مساعدة المواطنين وجماهير الحركة التعاونية والتي ما زالت مستمرة بعملها هذا حتى الآن . وعجزت تلك القيادة  حتى الآن عن المباشرة بأي إصلاح للواقع التعاوني المتردي ، بل وعجزت عن القيام بأي تحرك مناسب يستجيب للدعم الكبير الذي قدمه السيد رئيس الوزراء للحركة التعاونية بعد استقباله وفداً من قيادة الإتحاد العام للتعاون وحضوره مؤتمراً موسعاً لممثلي الحركة التعاونية نظم بناءً على رغبة سيادته في لقاء التعاونيين العراقيين من كافة المحافظات وإعرابه خلال ذلك المؤتمر عن دعمه الكبير للحركة التعاونية وتأكيده على الحاجة الماسة لإسهام النشاط التعاوني بخدمة المواطنين وإعادة بناء العراق على كافة الأصعدة والميادين ، وبالتأكيد فإن عدم استجابة مجلس إدارة الإتحاد العام للتعاون وتفاعله مع إهتمام الحكومة ودعمها وعدم الإستفادة من الفرص المتاحة قد أدى الى زعزعة ثقة الحكومة مجدداً بالتنظيمات التعاونية والى إنتكاسة الجماهير التعاونية التي اعتبرت موقف السيد رئيس الوزراء ودعمه وفي هذا الوقت بالذات مدخلاً مهماً ودافعاً أكيداً لإنطلاقة جديدة وفرصة تصحيح جذري لمسار الحركة التعاونية .

إن الوضع المتردي والواقع المؤلم المفروض على حركتنا التعاونية منذ سقوط النظام البائد وحتى اليوم ليس هو بالغريب والطارئ .. بل هو نتيجة منطقية لحالة الجهل والتجاهل التي يعيشها الواقع التعاوني مما فتح الباب على مصراعيه للدخلاء والمرتزقة والجهلة والمشبوهين لإستغلال هذا الواقع لمصلحتهم ..

بالطبع أننا لا نفترض بأي حال من الأحوال أن يعرف الجميع أهمية التنظيمات التعاونية وأبعادها وإمكانياتها الواسعة لخدمة المواطن والمجتمع بنفس المستوى من الوعي والمعرفة ، أو نفترض بأن التعاون كنشاط اقتصادي واجتماعي يستجيب لمصالح كل المواطنين بنفس القدر والأهمية ، خصوصاً وأن الكثير من الناس لا يعرفون الشئ الكثير عن أفضليات العمل التعاوني من خلال نماذج تعاونية معروفة لديهم ، ولم يلمسوا هذه الأفضليات في حياتهم اليومية بعد توقف غالبية أنواع الجمعيات التعاونية عن أداء دورها واضطرار المواطن الى تأمين احتياجاته عن طريق منافذ أخرى غير تعاونية .. بالإضافة الى غياب مختلف سبل الإرشاد والتوعية والتثقيف والتعليم التعاوني التي كانت متوفرة على نطاق واسع وبكافة المستويات بما فيها أقسام التعاون في العديد من الجامعات العراقية والمعاهد العليا . وموقف هذه الفئات الواسعة متغير جداً بالقدر الذي تستطيع فيه الجمعيات التعاونية تقديم مختلف الخدمات للمواطنين وما يتحقق للتوعية التعاونية من تغلغل وتأثير ، ووفقاً لذلك يمكن أن يتحول موقف هذه الفئات الى موقف داعم للتنظيمات التعاونية وخصوصاً إذا ما توفرت للنشاط التعاوني الأجواء المناسبة والمقومات الضرورية . مما سيؤدي بالتالي الى انتشار وفاعلية التنظيمات التعاونية وتعزيز الثقة فيها .

إذا كان للجهل وقلة الوعي والمعرفة أثره الكبير على مدى فاعلية وانتشار التنظيمات التعاونية فإن الخطر الأكبر يتأتى من المواقف العدائية والتجاهل المقصود وغير المقصود للنشاط التعاوني ، حيث تتخذ بعض الفئات مواقف عدائية مكشوفة تجاه التنظيمات التعاونية سواء ممن يرى في هذه التنظيمات منافساً خطيراً وتهديداً لمصالحه وعائقاً بوجه تطلعاته ، أو الفئات التي تتخذ لها مواقف سلبية تجاه التعاونيات انطلاقاً من مواقفها المعادية للتطور الإشتراكي والتقدمي واعتقادها بأن النشاط التعاوني يصب في مصلحة الإشتراكية ، علماً بأن التنظيمات التعاونية بكافة أشكالها ومستوياتها تعكس صورة النظام الإجتماعي الذي تعمل في ظله والذي لم يكن في العراق اشتراكياً في يوم من الأيام .. علماً بأن قيام التعاونيات الحديثة قد رافق تصاعد الإستغلال في ظل النظام الرأسمالي .

إتخذ تجاهل النشاط التعاوني في عراقنا الجديد صورٍ شتى في مقدمتها إهمال الدستور أي ذكر للتعاون والقطاع التعاوني في الوقت الذي كان من المفروض فيه أن يؤكد على دعم النشاط التعاوني وأن يشير الى القطاع التعاوني الى جانب إشاراته المتكررة الى القطاع العام والقطاع الخاص بل ويؤكد على دعمه ورعاية الدولة له ضمن سياستها الإقتصادية والإجتماعية باعتباره طرفاً أساسياً لا يصح تجاهله وتناسيه . كما ونلمس التجاهل الواضح للنشاط التعاوني من قبل الأحزاب السياسية العلمانية منها والدينية حيث خلت برامج هذه الأحزاب وسياساتها (بإستثناء حزب واحد فقط) من أي ذكر أو اهتمام بالنشاط التعاوني على الرغم من شموله لقاعدة جماهيرية عريضة ، وكأن السادة السياسيين لم يسمعوا به أصلاً مع أنهم أمضوا سنوات طويلة إبان العهد البائد في بلدان عريقة بالنشاط التعاوني في الوقت الذي تأسست فيه أولى التعاونيات في العراق خلال ثلاثينات القرن الماضي من قبل مثقفين زاروا بعض البلدان الأوروبية لفترات قصيرة . ولعل هذا التجاهل يشمل الكثير من رجال الحكومة ومتنفذيها .

ونجد الجهل والتجاهل - سويةً - على أشدهما لدى القائمين على قيادات الحركة التعاونية بسبب الإختيار المبني على أساس المحسوبية والإنتماء السياسي للقادة وليس على أساس الخبرة والكفاءة والإخلاص ، حتى إن قيادة ( الإتحاد العام للجمعيات الفلاحية التعاونية ) قد شطبوا ( التعاونية ) من إسم اتحادهم وجمعياتهم واقتصروا على ( الفلاحية ) علماً أن التسمية الأصلية مقرة وفق قانون مازال نافذاً ولأنهم لا يعرفون الفرق بين التسميتين خصوصاً وأنهم غير مواكبين للظروف والمبررات التي فرضت هذه التسمية من دمج إتحادين فلاحي وتعاوني ..

كما أسلفنا فإن المتربصين لقيادة ( الإتحاد العام للتعاون ) لا يعرفون شيئاً غير إن الوصول الى المواقع القيادية يتطلب دعماً من هذا الحزب السياسي أو ذاك المسؤول المتنفذ لإيصالهم وحمايتهم ولهذا فهم يتقربون ويقدمون الوعود ويمارسون الخداع أيضاً لتحقيق ذلك ، كما ويلجأون لهذا وذاك من رجال الدولة ويشاركونه بالفوائد والإمتيازات والتطلعات ليكون لهم سنداً وحامياً ووسيطاً . وللأسف فقد انطلت أساليب الخداع والتضليل والوعود الكاذبة على بعض الأحزاب السياسية التي لم تهتم أصلاً بخلفية هؤلاء الطارئين وماضيهم التعاوني وإني على ثقة بأن تلك الأحزاب سوف تكتشف الخطأ إذا ما توفر الإخلاص وحسن النية .. لكن الغريب أن تجد القائد الحكومي مصراً على حماية الفاسدين والفاشلين والجهلة على الرغم من معرفته بكل الأخطاء دون أن يحرك ساكناً لإصلاح الأحوال بما ينسجم والمصلحة الوطنية .. لا أعلم مثلاً كيف حدث التوافق بين الدكتور علي الدباغ وقيادة الإتحاد العام للتعاون الحالية ولا أدري من منهم سعى الى الآخر إلا أن المعروف إن الدكتور الدباغ رأى في الحركة التعاونية ميدان واسع يشمل كل العراق ونشاط أغلب الوزارات مما قد يعوض فشله في اللجنة الأولمبية ، وقد استدرجه الإتحاد بمنحه لقب ( الرئيس الفخري للإتحاد العام للتعاون ) ، ومعروف للجميع بأن الدكتور الدباغ لا علاقة له بالتعاون من قريب ولا بعيد وليس لديه ما يؤهله لحمل هذا اللقب ، كما وأن الجهة التي منحته اللقب (مجلس إدارة الإتحاد العام للتعاون) لا يخولها القانون بذلك . مع إننا قبلنا بالأمر الواقع إلا أنني وحرصاً على سمعة الدكتور الدباغ حاولت كثيراً إطلاعه على حقيقة هذه القيادة وعلى واقع الحركة التعاونية والعمل على الإستفادة القصوى من علاقته الجديدة بالحركة التعاونية لكنه للأسف لم يستجب لمحاولاتي الكثيرة مما اضطرني للجوء الى زميلي وصديقي السيد وزير التخطيط ورجوته إيصال دراسة أعددتها بخصوص إصلاح وتطوير الحركة التعاونية الى السيد رئيس الوزراء والى الدكتور علي الدباغ والإعراب له عن رغبتي في لقاءه شخصياً في أقرب فرصة للتداول في أمور الحركة التعاونية والإتحاد العام للتعاون وبالفعل قام الدكتور وزير التخطيط مشكوراً بالمطلوب وأبلغني بهاتف مكتب الدكتور الدباغ للإتفاق على موعد وعلى الرغم من تحدثي مع السكرتير مراراً طيلة الشهور الماضية إلا أن الدكتور الدباغ تهرب من اللقاء لأنه واثق من أني سأكشف له عن المافيا المحيطة به والتي يتعامل معها ويدعمها .. وهنا بودي التساؤل عن مستوى الكفاءة التي يمكن للدكتور الدباغ أن يتنازل للإلتقاء بها والتحدث اليها خصوصاً وهو مؤسس وقائد ( تجمع كفاءات العراق ) .. وبالنسبة لي فأنا واحد من كفاءات العراق (المساكين) ممن لديهم كفاءة وخبرة في اختصاصهم أكبر من عمر الدكتور بكامله ولم أرغب بشئ غير نصيحته وخدمة عراقي العزيز بلا جزاءً أو شكوراً .

المهم إن هذه الأيام وبعد الملاحظات المقدمة الى مجلس الوزراء بخصوص الإتحاد العام للتعاون من بعض الجهات المعنية ، قد شهدت لقاءات متكررة بين ( الرئيس الفخري ) ومجلس إدارة الإتحاد توسلهم خلالها بأن يقوموا ولو بمشروع واحد يمكنه من رفع رأسه به أمام السيد رئيس الوزراء ولهذا إتجه قادة الإتحاد للصحافة ليعلنوا يوماً بأن الإتحاد سوف يحل مشكلة السكن في العراق ويوماً آخر بأنهم سيؤمنون مفردات البطاقة التموينية بعد ان فشلت الحكومة بذلك . وهو مشروع مفيد ومهم جداً لهم خصوصاً بعد أن باعوا أراضي التعاونيين السكنية بأبخس الأثمان في الكثير من المحافظات ، وهم بحاجة الى ميدان جديد للإبتزاز مع اعتقادي بأن الموافقة على ذلك مستحيلة حيث لا فائدة من استبدال أي فساد بفساد أسوأ منه .

إن المرحلة الحالية للعمل الوطني وما يشهده العراق من تحولات اقتصادية واجتماعية مهمة لاينبغي لها أن تستمر مع تجاهل وتغييب الحركة التعاونية وحرمان النشاط التعاوني من مواكبة هذه التحولات ومشاركته الفاعلة فيها .. فمصلحة العراق وضرورة تجاوزه دائرة الخطر والتآمر تتطلب تضافر كل الجهود الخيرة والبناءة . إن مايجري من تجاهل و تغييب للتعاون وأصوله ومع مايتسببه ذلك من ضرر كبير بالمصلحة الوطنية فهو يتناقض أولاً وقبل كل شئ مع الحكمة الإلهية ومبادئ الدين الإسلامي الذي جعل من التعاون أصلاً من أصول الدين .. وفضيلة كبيرة ترفع من صاحبها الى درجة الأخيار من عباد الله ، وفرضه بأن يكون التعاون حصراً في الأعمال النافعة وفعل الخير للفرد والجماعة وتحذيره الشديد من استغلال التعاون في غير أغراضه وخلافاً لمبادئه وفي الأعمال المنافية للأصول والمبادئ القويمة .

أمام هذا الواقع وفي الوقت الذي فشلت فيه للأسف كل الجهود الهادفة لإصلاح الحركة التعاونية واستعادتها لمكانتها الطبيعية ودورها الفاعل في خدمة المجتمع ومصالح الجماهير واستمرار هيمنة المجاميع الدخيلة والاستغلالية والجاهلة على مقدرات التنظيمات التعاونية مستفيدة من غياب الدولة والقانون كل هذا يؤكد على الحاجة الماسة الى هزة عنيفة وثورة شاملة لإنقاذ الحركة التعاونية من واقعها المتردي وتنقيتها من العناصر الدخيلة والفاسدة بل وأصبح ذلك من المهام الوطنية الكبرى التي لا تحتمل التردد أو التأجيل ، متوجهين بهذا الخصوص أولاً الى الجماهير التعاونية المخلصة لتوحيد جهودها والإنتقال فوراً من مقاعد المتفرجين الى صفوف الثائرين لإنقاذ حركتهم وتطهيرها مما لحق بها من شوائب وأدران .. متوجهين بنفس الوقت الى حكومتنا الوطنية ومجلس النواب الموقر برئاسته وأعضاءه الكرام ولجانه المعنية للنظر بصورة جادة للقضية التعاونية وأن لا تتوقف الجهود عند تصريحات بعض السادة النواب والتي وإن دلت على الاهتمام وحسن النية إلا أنها للأسف تكشف عن السطحية والقصور في فهم المشكلة التعاونية وسبل معالجتها .. كما ونتوجه الى الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والسلطة الرابعة ومطالبتهم بالوقوف مع الجماهير التعاونية وقفة تاريخية مسؤولة . آملين من الجميع التضامن وتوحيد الجهود لوضع النقاط على الحروف بخصوص مستقبل الحركة التعاونية وتعزيز دورها في المجتمع وإنهاء حالة التجاهل والترقب واللاأبالية .. فالحركة التعاونية هي من الجميع وللجميع ومسؤولية الجميع ..



 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات