| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 12/5/ 2010

 

السياسة عندنا و عندهم

صادق حسين الركابي
Sadekalrikaby@gmail.com

لم يكن الحديث عن السياسة مسموحا ً به في بلد كالعراق قبل سبعة أعوام إلا أنك اليوم عندما تستوقف طفلا ً صغيرا ً لتسأله عن حلمه في المستقبل تجده يقول (أريد أن أكون سياسيّا ً).
و قد تكون هذه الرغبة نابعة من حب التغيير الذي ينشده كل إنسان و تحسين الواقع الذي يعيشه مجتمعه .
و هي ذات الرغبة التي امتلكها طفل صغير في مكان آخر من العالم كما حصل مع باراك حسين أوباما الذي أصبح فيما بعد رئيسا ً لاكبر دولة في العالم هي الولايات المتحدة الأمريكية.

و مع اختلاف الزمان و المكان يبقى طموح الإنسان موجودا ً. لكن السؤال المطروح ، ما هو الفرق بين السياسة في بلادنا و السياسة في بلاد الغرب؟
في الحقيقة السياسة في بلاد الغرب تقوم على أساس خدمة المجتمع و الإنسان في حين أنها في بلادنا تسخير للإنسان و المجتمع لخدمة السياسيين.
في بلاد الغرب السياسة تقضي بأن يحاسب المسؤول الكبير عن أية أخطاء يرتكبها أعضاء في حزبه أو دائرة من الدوائر في الدولة التي يرأسها في حين أنها عندنا عجيبة و غريبة.
فالذي يحاسب هو الموظف الصغير المعدم و يصب عليه جام الغضب العام و الخاص. و يخرج المسؤول كأنه المنتصر القادر على مكافحة الفساد و المفسدين.
السياسة في بلادهم برامج وطنية واضحة و هادفة تسير وفق خطط مدروسة و محسوبة أما في بلادنا فالسياسة أن تنتظر الخطة المرسومة و الموضوعة من الخارج لتقرر مصير الملايين من الجوعى و العاطلين عن العمل.

السياسة عندهم وظيفة كغيرها من الوظائف لها فترة زمنية محدودة و قد يستقيل السياسي إذا ما شعر بأنه غير قادر على تطبيق برامج حزبه الحاكم أو عاجز عن خدمة المواطن بالشكل الذي يرضيه (أقصد المواطن طبعا ً) . أما السياسة عندنا فهي وراثة و تشبث بالمنصب إلى يوم الدين. و قد يقال جميع أعضاء الحزب في حالة الفشل في تنفيذ البرامج الموضوعة إلا أن رئيس الحزب باق ٍ في منصبه لا يتزحزح إلى أن يشعر هو بالرضى و الارتياح.

السياسة عندهم أن يقف حارس واحد على باب بيت رئيس الوزراء أو حارسان إذا اشتد الخطر في حين أن السياسة عندنا تقضي أن تخصص فرقة كاملة لحماية شخص واحد و يموت الآلاف في سبيل القادة و السادة.

السياسة عندهم أن تنظر إلى الوطن و المواطن كهدف مشترك يسعى الجميع لسعادته و رفاهيته و خدمته ، في حين أن السياسة عندنا أن ينتظر المواطن اتفاق السياسيين على هدف مشترك و يقوم هذا المسكين بخدمة هؤلاء حتى لو كلفه هذا حياته.

السياسة عندهم أن تختار الحزب الذي يحقق للوطن أكبر إيرادات ممكنة من خلال سياسات اقتصادية ناجحة أما السياسة عندنا فهي مصدر لثروة السياسيين و إشباع رغباتهم و نزواتهم حتى لو كلف هذا إيرادات الدولة كلها.

السياسة عندهم تركز على ترسيخ الحرية و الديموقراطية أما عندنا فالسياسة أن تنجح في قمع الحريات بحجة الديموقراطية. و لا تحدثني عن المعايير التي يتم وفقها اختيار الساسة عندهم . فبإمكان أي عامل بسيط أن يقود كبرى الدول فيما لو أثبت جدارة و كفاءة من خلال القنوات الحزبية و التجمعات و المؤسسات الديموقراطية للدولة. أما الساسة عندنا فيولدون من بطون أمهاتهم وزراء و رؤساء و لا يحق لأي مواطن بسيط أن يدخل معترك السياسة ما لم يكن من معارف أو أقارب هذا المسؤول أو ذاك.

السياسة عندهم أن يحاسب وزير أو نائب لأنه استخدم أموال الدولة في ركوب سيارة أجرة أما السياسة عندنا فتقضي بأن تسخر أموال الدولة لشراء أحلى و أرقى السيارات لعوائل المسؤولين و أولادهم.

السياسة عندهم أن تستثمر كل الموارد الطبيعية و البشرية لخدمة المجتمع في حين أن هذه الموارد في بلادنا تستثمر من قبل شركات تابعة للساسة و الوزراء و من انتفع بهم و معهم.

السياسة عندهم تأمين صحي و تأمين للسكن و علاج مجاني للأطفال أما السياسة عندنا فمطاردة الساكنين ممن هجّروا و إنذارهم بالإخلاء هم و أطفالهم في حين تشترى القصور و الضياع على ضفاف الأنهار و فيما وراء البحار ليسكنها من (أرهقته) السياسة.

السياسة عندهم تأمين التعليم ووسائله المريحة و المتطورة من مدارس و مناهج لتنشئة أجيال المستقبل. أما السياسة عندنا فتأمين مكان لأكثر من سبعين طفلا ً في غرفة صف مهترئة لا تقيهم حر الصيف و لا برد الشتاء. و قد يقع السقف على رؤوسهم في حين تبقى صور المسؤولين معلقة على اسقف و سطوحات أخرى.

السياسة عندهم مهارات في الإدارة و التعامل مع الداخل و الخارج في حين أنها عندنا مبنية على اساس تشريد الداخل و تأمير الخارج.

السياسة عندهم أن تستمد الدولة سيادتها من كرامة مواطنيها أم السياسة عندنا فأن تستباح الكرامة بحجة السيادة.

إذا ً فلا تحدثني عن السياسة عندنا و لا تقارنها بما هو عندهم !

 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات