| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 12/9/ 2009



ماراثون المالكي الى المحكمة الدولية
هروب الى الامام

د. مهران موشيخ

سعى المالكي والمقربون منه في حزب الدعوة الى البقاء على دفة الحكم للفترة الرئاسية القادمة عند خوضه انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة بقائمة منفصلة عن الائتلاف ، حيث اسفرت النتائج عن فوزه الساحق رغم غياب المبررات الموضوعية لهذا " النصر الانتخابي". المالكي لم يستطع فهم واستيعاب البعد الحقيقي لهذا الفوز ومدى فاعليته على الواقع المعاش سياسيا واجتماعيا مع مر الزمن ، بل اقتنع من ان نتائج الانتخابات هي مؤشر "لالتفاف" الجماهير حول قائمته دولة القانون ، وقد اصابه الغرور وقرر المضي قدما نحو الانتخابات التشريعية القادمة بقائمة منفردة ، وقد اكد قبل ايام حيدر العبادي بان المالكي هو مرشح حزب الدعوة لرئاسة الوزراء في الحكومة القادمة . وفي هذا السياق استخدم المالكي آلية انتخابية "مبكرة" اطلقها من واشنطن في زيارته الاخيرة، ففي معرض خطابه امام طلبة معهد السلام العالمي قدم وصفا ورديا للحالة المعاشية في العراق وعدد منجزات كبيرة حققتها حكومته على مختلف الاصعدة !، دون ان يشر الى سخونة الحالة السياسية وغليان الاوضاع الامنية واليأس والاحباط في الشارع العراقي ... فمن جهة حالة فقدان الثقة وغياب الرابطة الدستورية بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان على خلفية عقود النفط وكركوك والمناطق المتنازع عليها وصلت حد تبادل الاتهامات بالتفجيرات والاغتيالات وغيرها .... من جانب اخر برزت الى العلن الخلافات العميقة بين المجلس الاعلى الاسلامي وحزب الدعوة واتسعت لتصل حد التقاطع بين الأئتلافين وخاصة بعد انضمام الجعفري الى كتلة الائتلاف الوطني العراقي ... جماهيريا ازداد الاستياء والسخط من حكومة المالكي على اثر اختباء \ اختفاء \ هروب الدايني ، ثم مسألة استقالة الوزير السوداني ، ثم عودة مسلسل التفجيرات ، ثم الهجوم الاعلامي الفظ لكل من هب ودب وخارج اطر الاعراف الدبلوماسية على الكويت ، بخصوص البند السابع والديون المترتبة على اثر الغزو ، وعلى السعودية بخصوص الفتاوى وتسلل الانتحاريين، وعلى تركيا بسبب اللقاء الامريكي ـ حزب البعث الصدامي ومسألة حجز المياه عن العراق . واليمن لاحتضانها رجالات البعث الصداميين والموقف من الحوثيين. الى هنا ولا حديث عن سوريا التي لم تغب يوما من تحت عدسات مجهر المراقبة الحكومية ، فالاضواء والانتقادات وحتى خطب الجمعة من مسجد براثا وغيرها كانت موجهة بالاساس ضد الكويت والسعودية وتركيا .

في ظل هذه الاجواء المشحونة جاءت مذبحة مصرف الزوية التي فصمت ظهر الأئتلاف وبرزت بوادر القطيعة بين المجلس الاعلى الاسلامي وحزب الدعوة ، حيث انفجر الصراع " السياسي " بين الوزارات والاجهزة الامنية ، وبينهم وبين المالكي من جهة اخرى ، والمجلس الاعلى الاسلامي والمالكي من جهة ثالثة. قبيل الانتهاء من طي لغز مصرف الزوية انفجر بركان وزارتي الخارجية والمالية. الانفجار، الى جانب دمويته المروعة ، عرى الفساد السياسي والاداري والمالي لحكومة المالكي وكشف ضعف الامكانيات المهنية لمؤسساته المعنية بالامن ، وفي نفس الوقت اثبت الانفجار تواطؤ وخيانات داخل المؤسسات الامنية ـ المخابراتية ، وتوصف بانها " اختراق الاجهزة الامنية "!. جاءت انفجارات الصالحية لتعلن الفشل الذريع لحكومة المالكي في السيطرة على الوضع الامني بعد 4 سنوات من خطط وخطط جديدة ، وصولات ..... جاءت الانفجارات عشية الانتخابات التشريعية لتعلن افلاس رصيد حكومة المالكي ولتؤكد ذهاب امال المالكي بفترة رئاسية ثانية ادراج اطلال وزارتي الخارجية والمالية  .

لقد تلقى المالكي شخصيا صفعة سياسية اذهلته واربكته بشكل لم يسبق له مثيل فلم يجد امامه الا ان يكشف ويشير بشكل غير مباشر الى ان الانفجارات جاءت على خلفية صراعات قوى سياسية داخل البلاد !، الا انه استدرك الامر بعد 3 ايام ليعلن، وعلى اثر "اعترافات" احد المتورطين في تفجير وزارة المالية ، كون سوريا هي وراء الاحداث عبر دعمها المتعدد الاوجه الى محمد يونس وسطام وحيث الاثنين هما المسئولين عن تفجير وزارة المالية. اما بخصوص حيثيات تفجير وزارة الخارجية فالصمت والكتمان لحد هذه الساعة هما الصدى الوحيد للتحقيقات رغم وعود اللواء عطا ! ، بهذا السيناريو اسدل الستار عن الطرف او الاطراف العراقية التي يحتمل ان يكونوا المسئولين عن الانفجارات مستقلين او بتواطؤ ودعم من قوى خارجية ، وبالمقابل طرح على بساط الامم المتحدة ومن بين مخابرات 115 دولة تعمل وتتصارع على الارض العراقية ... ورقة تطالب امتثال سوريا امام محكمة دولية .

ان قرار المالكي بالتوجه الى الامم المتحدة لمحاكمة سوريا دوليا بسبب الانفجارات دون استشارة اقطاب هيئة الرئاسة وتهميش المجلس السياسي للامن الوطني ودون التشاور مع الائتلاف العراقي الموحد وعدم حصر النقاشات مع سوريا داخل القنوات الدبلوماسية لمعالجتها بهدوء ورصانة، قرار ينقصه الحكمة الوطنية . اما شن حملة اعلامية موجهة علنا ضد سوريا واستعمال مفردات تحمل في طياتها التهديد بامكانية العراق بالتعامل بالمثل في تهديد الامن الداخلي لسوريا هو اسلوب عشائري يخلو من الحنكة السياسية وخرق للمبادئ والاعراف الدبلوماسية في التعامل مع دول الجوار وخاصة العربية منها، يجري هذا ونحن نتشكى من فراغ التمثيل الدبلوماسي للبلدان العربية الشقيقة في العراق.

ان انتهاج المالكي لهذا المسار يحط من سمعة الدبلوماسية العراقية ومن شأنه زيادة الوضع الامني تعقيدا. اما ارسال القطعات العسكرية الهائلة الى الحدود السورية واستخدام الاقمار الصناعية لمراقبة التحركات المشبوهة تعيد الى الاذهان الاستعدادات التي تسبق نشوب حرب على الحدود، انها قرارات سياسية غير صائبة واجراءات سيستفيد منها العدو اما الشارع العراقي فلن يجني منها سوى المزيد من التفجيرات اللاحقة ذات الوزن الثقيل بفعل مزدوج داخلي وخارجي متعدد الاطراف . اولى الافرازات السلبية لاطروحة المحكمة الدولية انعكست على تركيبة الاصطفاف السياسي للاحزاب المتنفذة ، سواء داخل البيت الشيعي ام داخل كتلة الرئاسات الثلاث اجمالا ، فبعد تشييع اطروحة حكومة الوحدة الوطنية استقرت الاحزاب المتنفذة في قطبين متنافرين... قطب المالكي والقطب الاخر يضم جميع الفصائل الاثنية والطائفية المتنفذة  .

ترى ما هي الامال التي علق عليها المالكي في ركضه الماراثوني نحو الامم المتحدة ؟ هل كان يتوخى من هذه الخطوة حماية المواطن العراقي الان ! بعد سقوط مئات الالاف من الضحايا وهجرة الملايين الى الخارج في فترة حكمه ؟ ام هي محاولة تبييض صفحة حكومته المتفانية من اجل الشعب وبالتالي ضمان رئاسته لها للفترة التشريعية القادمة ؟ ، ام ان المالكي قد وقع في فخ واصبح ضحية مستشاريه ؟ .
اليقين بانها خطوة انهزامية وغير مجدية ولن يكسب منها سوى المزيد من الانعزال جماهيريا وسياسيا ، والملاحظ هنا ان الدبلوماسية العراقيىة لم تتلقى الدعم والتأييد في هذه المسألة حتى من اقرب المقربين اليها من دول الجوار!.

ان الدعوة الى تشكيل محكمة دولية للتحقيق في انفجارات الوزارتين او مطالبة سوريا بتسليم 179 عراقيا مطلوبين للعراق لن تمحي مسؤولية المالكي في ترأس حكومة لاربعة سنوات سادها الشلل الاداري والخدمي والفساد المالي والسياسي مقابل التكاثر الانشطاري للقطط السمان حيثما تواجدت القطط السمان . كان الاولى بالمالكي ان يستغل مأساة الزوية والصالحية لكشف الاوراق واعلان اسماء المخترقين غفلة او بمساعدة { اخوة } لهم داخل المؤسسات الامنية والاعلان الصريح عن من وقف وراء هذه العمليات ، والكشف عن الاسباب الحقيقية لاقالتة او استقالة شخصيات امنية بارزة وان يترجم بذلك مفاهيم الشفافية من شعارات الى واقع معاش وملموس ، اما غلق صفحة الجرائم الانسانية بكل حيثياتها الامنية وتجاهل مصير عوائل الضحايا والجرحى وعدم تعويض المتضررين ماديا وتحميل جهات خارجية بالمسؤولية والتوجه هذه المرة الى الامم المتحدة شاكيا وراجيا ومستنجدا ما هو الا اعلان مبكر عن الفشل الذريع في الانتخابات التشريعية القادمة ... انه الهروب الى الامام  .


النمسا
11.09.2009

 

free web counter

 

أرشيف المقالات