| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                       السبت 12/3/ 2011

 

اصحاب الكراسي والسلطة الهاربين من الشعب

عبدالله مشختي
Mishexti1@yahoo.com

المظاهرات التي عمت اغلبية المحافظات العراقية خلال الاسبوعين الماضيين طالبت الحكومة العراقية مطاليب محددة بدءً من محاسبة المفسدين وتقديمهم الى القضاء ، والطلب من بعض المحافظين ومجالس المحافظات والبلديات بتقديم استقالاتهم وترك مراكزهم لسوء اداراتهم لمشاكل وقضايا البلد ،وانتهاء بتهميش السلطات لمشاكل وامور الخدمات الضرورية للشعب من ماء وكهرباء وطرق والبطاقة التموينية وتحسين الوضع المعاشي ومعالجة الفساد المالي وهدر اموال الشعب العراقي والى غيرها من المطالب المشروعة للمتظاهرين . والتي اقرت كل السلطات والرئاسات بشرعيتها . غير ان بعض هذه المظاهرات اخذت منحى اخر وسارت باتجاه اثارة الفوضى والشقاق كما حدث في كركوك والموصل ،حيث اندست بعض العناصر الى صفوف المتظاهرين وارادوا تحويلها الى مجابهات بين المتظاهرين والقوى الامنية والجيش، والتي ادت الى حدوث خروقات وردود فعل متباينة من الاجهزة الامنية بالاعتداء على الصحفيين والاعلاميين الذين كانوا يقومون بتغطية التظاهرات وادت ايضا الى سفك دماء بعض المتظاهرين مما ادى الى خلق استياء كبير بين الاوساط الشعبية، وردود فعل متباينة بين القوى السياسية العراقية والمشاركين اغلبهم في السلطة.

وقبل بدء المظاهرات بيوم او يومين في الاسبوع الاول ذكرت الانباء عن هروب عدد من المسؤولين في الحكومة الى خارج البلد خشية ان تتوسع المظاهرات وتمس مصالحهم، حتى ان الانباء قد ذكرت بان السيد المالكي اعلن استياؤه من هروب البعض من المسؤلين الى الخارج .ان النتائج الاولية لجمعة الغضب وجمعة الكرامة قد اثبتت ان الشعب اذا اراد ان يتبنى قضية فانه سيتمكن من حسمها فانشغلت كل مؤسسات الدولة العراقية لدراسة مطاليب المتظاهرين وشكلت لجان وفرق من مختلف الهيئات لدراسة تلك المطاليب وارسلت الممثلين والفرق الحكومية للالتقاء بالمتظاهرين والاستماع الى مطاليبهم ووعدت السلطات بسرعة الاستجابة لتلك المطالب . واستقال عدد من المحافظين وامين العاصمة بينما بقي البعض متشبثين بكراسي حكمهم ولم يستجيبوا لنداءات التنحي والاستقالة رغم معرفتهم بفشلهم في مسؤولياتهم .

كان الاولى بالسلطات الحكومية ان تصدر قرارا بمعاقبة اولئك المسؤولين الذين هربوا الى خارج البلد وتقديمهم للقضاء بتهمة خيانة مسؤولياتهم تجاه الشعب والوطن . كما انه من الواجب ان لا تدافع عنهم الاحزاب التي ينتمي اليها اولئك المسؤولون لانهم تركوا مهامهم التي هي امانة في اعناقهم ان صحت الاخبار والانباء عن هروبهم وهذه تعتبر خيانة للشعب والوطن عندما يترك المسؤول بلده في اثناء حدوث امور غير اعتيادية رغم انه لم يكن هناك من اسباب تثير القلق والخوف ، حيث ان التظاهرات كانت سلمية وهو حق شرعي من حقوق المواطنين في التظاهر والتعبير عن ارائهم ومطاليبهم باي شأن من شؤون بلادهم كفله لهم الدستور العراقي . وثانيا تشكيل لجنة لمحاسبة الجهات التي تجاوزت على الصحفيين واجهزة الاعلام التي كانت تغطي المظاهرات او التي اقدمت على اقتحام مقرات بعض الفضائيات واحراقها وتدميرممتلكاتها. وثالثا تشكيل لجنة خاصة لتشخيص الجهات التي اقدمت على اطلاق النار على المتظاهرين وقتل واصابة العديد منهم يوم جمعة الغضب ومترافقة بدراسة مطالب المتظاهرين. ولكن لم يحدث اي شئ من هذا القبيل اشغال مؤسسات الدولة وحثهم على المطالب وهي ايضا من الاولويات الملحة وكأنها كان يراد منها  محاولة للتقليل من شأن الانتهاكات التي رافقت التظاهرات  . ان ضخامة التدني في الواقع الخدمي الذي يعاني منه العراق منذ 2003 وحتى الان يتطلب جهودا خارقة وقدرات فائقة واموال هائلة ولن يتم في فترة زمنية قصيرة بل تتطلب اعواما ، نظرا للاهمال الذي رافقت عملية ادارة الدولة خلال السنوات السبع المنصرمة وهدرت اموال ضخمة ولم ينجز الا القليل في الجانب الخدمي . لذا فان تحديد فترات زمنية قصيرة لن تفي لانجاز شئ مهم ولكن الجدية والنوايا الصافية والحرص الوطني والشعور بالمسؤولية الوطنية لو توفرت لدى المسؤولين هي العصا السحرية التي ستولد الثقة لدى الشعب الذي صبر لثلاثة عقود وسيصبر ايضا لو وثق برجال الدولة كونهم اناس مخلصين ووطنيين سيضعون خدمة المواطن والشعب نصب اعينهم ولن يركضوا وراء تحقيق اهدافهم ومنافعهم الشخصية والحزبية . هذه هي الالية الوحيدة التي ستتمكن بها السلطة من انجاز الخدمات وارضاء الشعب ، وليس الوعود والشعارات البراقة التي سأم منها الشعب العراقي منذ سبع سنوات. فهل ستتمكن الحكومة العراقية الحالية ان تحقق هذا المطلب ؟؟

رغم حالة الشد والجذب التي رافقت الشارع العراقي من البصرة الى السليملنية خلال الاسبوعين المنصرمين حيث لا تزال هناك تجمعات وتظاهرات لم تنتهي بعد ، نظرا لما لاقته هذه الجماهير من وعود سابقة من السلطات بتلبية مطاليبهم ولكنها ذهبت ادراج الرياح ، ووصلت هذه الجماهير الى درجة عدم الثقة بوعود السلطات التي قدمت لهم وعودا كثيرة بعيد هذه التظاهرات . وقد لمسنا ذلك من خلال المقابلات التي كانت تجريها القنوات الاعلامية مع المتظاهرين عن عمق عدم الثقة بهذه الوعود .

ان المرحلة الان تتطلب من السلطات ان تبادر الى اتخاذ خطوات جادة لاعادة اللحمة وجسور الثقة بينها وبين المواطن من خلال الاقدام السريع لبعض المطالب الانية والممكنة التسريع لتنفيذها، للبدء بفتح صفحة جديدة من الثقة والقناعة ، وليست بوعود وترقيعات كما يقال ان تقص من هنا لتغطية بقعة اخرى او الالتفاف على مطالب المتظاهرين الحقيقية والتي كانت شرعية وواضحة كوضوح الشمس في كبد السماء، انهم لم يطالبوا باسقاط النظام ومؤسسات الدولة، بل طالبوا بالاصلاحات ومحاربة الفساد وهيمنة الاحزاب التي باتت لا تهمها مصالح اكثرية الشعب واصابها الغرور وابتعدت عن  خدمة الشعب العراقي واقصاء جزء كبير منهم كونهم لا ينتمون الى احزاب سياسية او انهماكهم بتثبيت كراسي سلطات حزبهم وانشغالهم بالصراعات مع القوى السياسية الاخرى لمنعهم من الاستيلاء ونيل كراسي الحكم . ومحاولة بقائهم واحتكار كل منها للسلطة لحزبها او الاحزاب المؤتلفة معها.

     

 

free web counter

 

أرشيف المقالات