| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 12/1/ 2011

 

موازنة (2011 ) التربية والتعليم في تراجع مستمر

د.عامر ياس القيسي

اطلعنا في الاعلام على موازنة ( 2011 ) المقدمة لمجلس النواب الملاحظ في هذه الموازنة انخفاض تخصيصات التربية والتعليم فيها الى (5,5 % ) بعد ان انخفضت في الموازنة السابقة الى ( 6% ) ، واشارت ايضا دراسة بحثية متخصصة في المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي الى ان تخصيصات الرئاسات من الموازنة تزيد عن تخصيصات وزارة التربية بمقدار ( 46%) ، وهذه الارقام تعد مؤشر لاستمرار العراق في ضياعه لفرص التقدم والتطور سنة بعد اخرى ، وذلك لان الدول التي تعرضت للكوارث والحروب لم تصل الى التقدم والتطور الذي عليه الان الا عندما جعلت التعليم يحتل الصدارة والاهتمام بجميع اشكاله ، وخير شاهد على ذلك ماوصلت اليه المانيا واليابان وماليزيا وغيرها من الدول .

ان للتربية والتعليم المهمة الاساس والامثل في حل المشاكل التي يعاني منها البلد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ، وعلى المدى القريب والمتوسط والبعيد مما يتطلب تهيئة كافة المستلزمات المطلوبة والتي من اهمها المستلزمات المادية والبشرية ، وتعد المدارس وما تعانيه من نقص في الابنية والتجهيزات ، من اولويات الاهتمام في المجال المادي ، فالعراق وحسب الكثير من التقديرات يحتاج الى اكثر من ستة الاف بناية مدرسية جديدة ، وهذا يحتاج الى دراسة ميدانية لواقع السكان في كل مدينة وقرية ، لتحديد مدى الحاجة للمدارس في الوقت الحاضر ، ومعدل الزيادة السكانية فيها لتوفير الابنية المطلوبة ولجميع مراحل التعليم ، فضلا عن ان المدارس الحالية تعد غير صالحة لتقادمها ، فهي غير جاذبة للطلاب لان بعضها يفتقر لابسط المستلزمات المطلوبة مثل مقاعد الجلوس للتلاميذ (الرحلات ) لذا نراهم يفترشون الارض في فصل الشتاء البارد ، وفيها لوحات الكتابة ( السبورات ) متهرئة ومتآكلة ، ومدارس اخرى آيلة للسقوط فهناك في كل مديرية عامة للتربية العشرات من المدارس الآيلة للسقوط ، اما المدارس الطينية فقد تجاوز عددها الالف مدرسة ومازال بنائها قائم وفي جميع المحافظات ومنها العاصمة بغداد ( 234 مدرسة في ذي قار ، 190 مدرسة في صلاح الدين ،128 مدرسة في واسط ، 122 مدرسة في نينوى ، 68 مدرسة في كركوك ، 63 مدرسة في ميسان ، 62 مدرسة في الديوانية ، 45 في بغداد ، 32 مدرسة في الانبار ، 28 مدرسة في ديالى ، 16 مدرسة في بابل ، ومدارس اخرى متفرقة ) ، اما بالنسبة للمختبرات وساحات الالعاب الرياضية المناسبة ، والتقنيات التربوية المطلوبة فالحديث عنها في الوقت الحاضر يعد من الترف ، وهي معدومة في اغلب المدارس ان لم نقل جميعها .

ان الدوام الثنائي والثلاثي وفي بعض المحافضات الرباعي يشكل مشكلة وتحدي كبير للنظام التربوي في العراق ، وهذا ما يؤدي الى التسرب من المدارس ، وضعف في الالتحاق فيها ، لعدم قدرتها على استيعاب من هم في سن التعليم ، اما المقررات الدراسية والقرطاسية فانها لاتوزع على الطلبة في بداية العام الدراسي مما يسبب ارباكا للطلبة وقد يمتد هذا الى نصف العام الدراسي ، ويعاني هذا الملف من الفساد الاداري والمالي كما هوملف التعينات ، وضعف اداري وتدني مهني في المعالجة من قبل القيادات التربوية المسؤولة وهو مستمر منذ سنوات قليلة سابقة ولحد الآن .

العامل الاخر الذي يتطلب الاهتمام به لاصلاح الواقع التربوي والتعليمي ، فيتمثل في تهيئة المستلزمات البشرية ، والتي تبدأ من هرم القيادات التربوية الى ابسط مفصل من مفاصلها ، فينبغي ان يتبوأ المتخصصون للمواقع التربوية العليا المتنوعة من الذين يمتلكون الخبرة التراكمية النزيهة ، اما الادارات التربوية في المدارس ، فانها تحتاج الى دورات مكثفة في علم الادارة التربوية ، ويتم الاختيار لهذه الدورات وفقا لشروط محددة منها سنوات الخدمة والانجاز المتميز خلالها فضلا عن النزاهة والسمعة الجيدة وشروط اخرى ، ومن يجتاز هذه الدورات يمكن ان يكون مؤهلا للعمل في الادارة المدرسية ، وهذه الشروط ينبغي ان تشمل المشرفين التربويين والاختصاصيين والاداريين ، كذلك المعلمين والمدرسين فهم بحاجة الى اعدة تأهيل مستمر اثناء الخدمة لتطوير ادائهم وتزويدهم باحدث المستجدات العلمية في مجال تخصصهم .

ان الواقع التربوي والتعليمي في العراق عانى الكثير منذ ما يزيد عن ثلاث عقود ماضية ، فطاله التدني والتدمير بمفاصله كافة ، مما يستوجب اولا وقبل كل شيْ وضعه ضمن اولويات اولويات موازنة الدولة ، وليس في اخرها فالموازنة المعروضة (2011) لا يمكن ان تعالج هذا الواقع سيما وان الجزء الاكبر من موازنة التربية والتعليم والتي تزيد عن (90%) هي موازنة تشغيلية تذهب للرواتب والاجور اما عملية الاستثمار في هذا المجال فهو لا يكاد يذكر .

ان تأجيل مشاكل التربية والتعليم والتراجع في التخصيصات المالية المخصصة لها يؤدي الى مستقبل للعراق يتسم بالتخلف والجهل ، وشيوع الامية فيه ، وغياب الثقافة المجتمعية ، والخلل في تهيئة الكوادر التي تحتاجها خطط التنمية المنشودة في البلد .
 

 

Counters

 

أرشيف المقالات