| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 11/11/ 2010

 

ليلة ديموقراطية

صادق حسين الركابي
Sadekalrikaby@gmail.com

تسمّر العراقييون بالأمس على شاشات التلفزة ينظرون إلى ولادة الحكومة العراقية طفلها الجديد ذو الثمانية اشهر. ولادة عسيرة و لا نبالغ في قولنا بأنها تمت بعملية معقدة و صعبة.

إلا أن هذه الولادة تحتاج إلى من يرعاها و يحتضنها و يقدم النصح و الدعم لها قبل أن نفكر في توجيه أي نقد سلبي قد يكون له آثار سلبية معطلة.

و على الرغم من انسحاب البعض و اعتراض البعض الآخر إلا أن العالم بأسره كان يتابع ديموقراطية فريدة من نوعها تنشأ في بلد عانى و ما يزال يعاني من الإرهاب و المتصيدين في الماء العكر.

إن نموذج هذه الديموقراطية الوليدة و تفرد العراق بها ليس أمرا ً غريبا ً على بلد أنشأ أول حرف و وضع أول شريعة للقانون. لكنه أمر غريب و مقيت بالنسبة لأنظمة أخرى كانت تنتظر فشل التجربة العراقية لتستمر في تجاربها الفاشلة و المتمثلة ب 99.99 % من الأصوات المؤيدة للرئيس أو ابنه أو ابن ابنه.

لقد صوت البرلمان العراقي بالأغلبية على انتخاب رئيس الجمهورية السيد جلال طالباني الذي كلّف بدوره رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي بتشكيل الحكومة المقبلة. كل هذا و كثير من المعارضين لولادة الديموقراطية يرون في ما جرى كابوسا ً مزعجا ً في حين يراه كثير من العراقيين حلما ً و أمنية بالاستقرار و الازدهار و الاعمار.

لقد كان إعلان انتخاب السيد الرئيس جلال طالباني رئيسا ً لجمهورية العراق و تكليفه السيد نوري المالكي بتشكيل الحكومة بمثابة إعلان انتصار على الإرهاب الذي حاول أن يحول ليالي بغداد في أكثر من مناسبة إلى ليال ٍ من الرعب و الخوف.

إلا أن هذا الفوز الديموقراطي الكبير الذي أحرزه كل العراقييون على اختلاف مذاهبهم و أعراقهم يحتاج إلى من يسنده و يعززه. فالشعب العراقي يطالب قادته القدماء و الجدد بالالتزام بما حلفوا به أمام الله و أمامهم. و المسؤولية الملقاة على عاتق كل فرد من الحكومة العراقية الجديدة هي مسؤولية تاريخية خاصة و أن البلاد تمر في مرحلة من الإعمار الذي يتطلب تضافر الجهود و توحيد الرؤى خاصة فيما يتعلق بالاستثمار.

إن الشركات الأجنبية و المحلية كانت و ما تزال ترغب في ان يسود العراق جو من الاستقرار لتبدأ عملية تنفيذ العقود و البناء. و قد يكون إعلان الأمس بمثابة قانون استثمار جديد يفتح الأبواب أمام هذه الشركات لمزاولة نشاطاتها في السوق العراقية مجددا ً بعد أن أوقفت هذه الأنشطة لفترة من الزمن.

لقد أثبت العراقيون مجددا ً أنهم قادرون على إيجاد الحلول و معالجة قضاياهم الداخلية دون تدخلات خارجية . و على الرغم من محاولات بعض الدول إقحام نفسها في الشأن العراقي إلا أن العقول الفريدة و الضمائر الحية للبعض بالإضافة إلى بعض المبادرات السياسية الناجحة كمبادرة السيد مسعود البارزاني ساهمت إلى حد كبير في إزالة الجليد عن كثير من المواقف المتصلبة و المتعنتة.

و لا يمكننا أن نهمل هنا حجم الضحايا المدنية التي سقطت قبل أن يتم التوصل إلى هذه الحلول و في مقدمتها الشهداء المسيحيون في كنيسة النجاة. و ما أغرب تلك الصدف التي شاءت ان تكون الدماء التي سالت في كنيسة في بغداد ، نجاة ً للعراق بأكمله. فلولا هذه الدماء الزكية لما تمكن العراقيون اليوم من متابعة طريق ديمقراطيتهم الصعب و الشاق.

فتحية إكبار و إجلال لدماء ضحايا (النجاة) و كلنا أمل أن تتحول هذه الدماء الطاهرة إلى حياة جديدة تدب في اجساد كل العراقيين و تحول مآسيهم و أحزانهم إلى أفراح و أعياد بدأت ليلة الأمس في مجلس النواب في بغداد.
 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات