| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الثلاثاء  11 / 3 / 2014

 

افتتاحية المدى
 

من يقف وراء ما يجري في العراق..؟ .. حرائـق في كـل مكان "لتبخيـر" المختـار

فخري كريم 

تتزاحم الأحداث، مثل كل يوم، وتمتد آثارها في إرجاء العراق، وتنوش كل مفصلٍ من مفاصل الدولة المتهرئة، ويصبح الحدث الواحد أباً لفتنٍ وأزماتٍ، وحرائق تشّب، وكأنها جميعاً، من فعل شيطانٍ، لا هم له سوى اعادة انتاج نفسه، او فليحترق العراق فوق رؤوس العراقيين، دون استثناء!

قال صدام حسين، في اكثر من مناسبة، بعد ان استقرت الامور، ورأى ان باب السلطة بات مفتوحاً له على مصراعيه انه "سيترك العراق، ارضاً بلا شعب، اذا ما تعرضت قيادة الثورة الى خطر السقوط .."! وأكمل قائلاً "ان بالامكان، لمن لا يرى، تعويض الشعب العراقي بفلاحي الصعيد". والمعروف ان مصطلح "قيادة الثورة" الذي نحته المقبور، كان يعني "هو" اي القائد الضرورة.

وقال في مناسبات أخرى، وهو يرد على ما يجري تداوله في الاوساط السياسية وداخل حزبه، من صراع بين اليمين واليسار في حزب البعث "لا يتوهم أحد بامكانية النفاذ مما يشاع عن صراع في الحزب، وعلى الجميع ان يعرف، اذا كانت ثمة أجنحة في الحزب، فأنا اليمين وانا اليسار.."!

وكل من عاش مرحلة الحروب والحرائق التي أشعلها الدكتاتور، لبسط سلطته، وإحكام قبضته، يتذكر ما اصاب العراق وما تعرض له الشعب في ظل تلك السلطة الدكتاتورية الباطشة، والاساليب التي اعتمدها صدام وزبانيته، وتفننوا في ابتكارها، لتحويل البلاد الى خرائب ومقابر جماعية، وامتهان للكرامة الانسانية، وعوز وفقر وتشظيات امتدت الى يومنا هذا.

كان النظام اداة استباحة بكل المعايير الوحشية، وكان الطاغية مشغولاً بهّمٍ واحد، لا يعلو عليه هّم، وهو تكريس سلطته المطلقة، مهما كان الثمن، وأياً كانت التضحيات، والى اي هاوية اقتيدت البلاد.

ولمن يتذكر، او يريد ان يتذكر من قادة حزب الدعوة الحاكم، والممالئين للسيد المالكي، ان صدام المهووس بالسلطة، وضع العراق في حالة استنفار متصل. كان يبتدع كل يوم فرية، تستثير الغرائز المتلهفة عند مريديه المخدوعين، وينتقل بهم من "مؤامرة" تستهدف "حكم الحزب والثورة"، إلى نقاطٍ سوداء في عيون "رفاق حزبه" وأقرب المقربين اليه، فيحرض القطيع المعمّى بالولاء على المتآمرين المفترضين، وان لم يجد من يلبسه قناع الموت، يلبس التهم لجماعة من التجار، بتهمة التلاعب باسعار ارزاق العراقيين، ويقودهم الى ساحات الاعدام المكشوفة! ولا يتوانى وهو يكشف مؤامرة جديدة من وراء الحدود، عن اعدام مجموعة مختلطة من المعارضين، او يقود الى ساحة التحرير، مواطنين يهوداً، يقوم باعدامهم علناً بتهمة التجسس لصالح اسرائيل.

وحين بات على اعتاب السلطة المطلقة، واوشك على تجريد البكر عن آخر ما تبقى له من نفوذ، انتقل الى تنظيم مسالخ لاعدام الوطنيين والشيوعيين بالعشرات، بتهم "تهديد سلطة البعث. والعمل في القوات المسلحة"، ليصل اخيراً الى بغيته بتصفية حزبه من كل معارضيه، وان كان بينهم اقرب اصدقائه، ومؤازريه، في مؤتمره المعروف بقاعة المذبحة.

وكان فصل الختام، اشعال الحرب العراقية الايرانية، والعودة الى مواصلة حرب الابادة ضد الشعب الكردي، دون ان يتوقف عن إشعال الحرائق والفتن، اينما كان ذلك ضرورياً وملحاً، ليسد على كل عراقي منافذ التأمل والتفكير فيما يحيطه من مصائب ونكبات، ويجعله يحافظ على يقظته الكاملة لمداراة رزق وأمن اسرته، والانتباه لتجنب السقوط في كمائن ذئاب السلطة وادواتها القمعية المترصدة على ابواب البيوت ودوائر الدولة وفي المفترقات، واينما يدب بشر.

لنتأمل معاً... ماذا يدور حولنا منذ ان تولى السيد المالكي ولايته الاولى بقليل..؟
لنتجنب التشبيه، فالمالكي، مهما فعل، وان فكر بانقلاب على نفسه، فانه لن يكون صداماً..
ان شبيه الشيء، لن يكون شيئاً، ويظل مجرد ظلٍ تدوسه الأقدام..

لن اسمح لنفسي بالتشبيه، فقد بقي في المالكي، شيء من الماضي، وذكرى استشرافٍ لعراق آخر غير الذي هدّه على رؤوسنا، بتدبير قد اوحى له، بان التاريخ قد يكرر نفسه، دون ان يكمل له فيقول "مرة كملهاة، ومرة كمأساة" مغمّسة بالاحزان والحرائق والخرائب..

لقد بدد المالكي كل ما لديه من عزمٍ مشتت، في اثارة الفتن الطائفية، والسياسية، ففرق الصفوف، وادمى القوى السياسية والشركاء، بالتشهير والتعريض والاتهام، قبل استخدام وسائل القمع والسجن، وجعل من كل شريكٍ متهماً بالفساد، وقد يكون ذلك صحيحاً كشريك متواطئ معه ومع فريقه الحاكم.

مزق الدستور وداس عليه وافرغه من مصادر الارادة فيه، وجرد السلطات الثلاث من استقلاليتها، وجعلها تابعاً له، بل حولٍ ولا قضاء.

انفرد بالسلطة بكل تفرعاتها، اعاد غلاة البعث الى مواقع التسلط والقمع، وعسكر البلاد، ودفع باتجاه توسيع الملاذات الآمنة للارهاب والتكفير، بما فرضه من سياساتٍ جائرة، مغامرة، معزولة، سوى عن إرادته الفردية، واصطفى حوله النهّازين، معدومي الكفاءة، الممتعضين من كل شريف ونظيف.

أغرق البلاد في شرور ومتاهات الفساد، حتى صارت ظاهرة الفساد هوية العراق، وبات الفاسدون اسياد الدولة الفاشلة، متصاهرين مع الابناء والانسباء والمحضيّات.

لكن مأثرته التي تذكّر بالماضي الاسود، تتمثل في توزيع الترويع، بالاعتقال والسجن والتعذيب بنفس ادوات النظام السابق، وبأساليبها وألفاظ جلاديها، وليس ذلك كل شيء، فقد انهك البلاد والشعب العراقي، بازمات متواصلة، لن تخبو ازمة حتى يشعل غيرها، وانتهى الى ان يجعل من الفتن مترابطة لا يخفت أوارها.

ولان الأزمات الداخلية المستديمة، لا تحفز دائماً متسعاً له بين الطائفة، بعد ان اصبح اركانها هدفاً لتشهيره وازماته، واحداً بعد الاخر، حتى لم يوفر معاونه المطيع حسين الشهرستاني، الذي اتهمه جهاراً بالكذب والتلاعب عليه، دون ان تثير تلك الاتهامات ماتثيره عادة في ضمير من يُعتدى عليه، ولأن "مذخر" الأزمات باتت مبتكراته، فاقدة الصلاحية، تحول الى تصدير ازماته الى خارج الحدود، دون ان يلتقط فرصاً مواتية له لاصلاح خلل في سياسته الخارجية، قد يعينه على معارضيه في الداخل!

وهو من كثرة تحوطه غير المتوازن للحفاظ على سلطة لا تدوم، يتماشى مع فضائح، تثير غضب مريديه، وتكشف سريرته، كما هي عليه. فلا يتصدى لصفقات مشبوهة، يقول صاحبها بعظمة لسانه "ها انا فخذوني"، ولا يشفي غليل العراقيين بإبعاد عناصر تبدو مفاسدهم وجرائمهم ابلغ من قميص يوسف، بل يقربهم ويعفيهم من جرائم مسجلة على شاشات قنواتهم، ويفسد الصحافة ووسائل الاعلام.

تابعوا ما سيقوم به في مقبل الايام، وهو يوظف كل ما في الدولة لتحويل موسم الانتخابات، الى فصل آخر من فصول انهاء الدولة الفاسدة، عبر تكريسها لتفريغ صناديق الاقتراع من ارادة العراقيين.

تابعوا فصول تصدير ازماته الى الخارج، بتجديد اتهاماته الى دول عربية، في بعضها متآمرون طائفيون دون ادنى شك، ومنها من تتنصل عن ذلك، وتسعى لفتح باب للانفراج، لكن ذلك ليس المُراد، بل اثارة المزيد من التوتر، والاثارة، واستحداث "خلطاتٍ" من الخطاب الطائفي، والتلويح بكل ما يستفز ويستنفر الغرائز المرضية والعصابية، ويبعث على الانقسام والتباعد وتفكيك عرى المجتمع وتمزيق نسيجه الوطني.

كيف يُدار العراق..؟
بمن..؟
بالابناء والانسباء وأولي القربى..
ومن يثير كل هذه الفتن، ولمصلحة من، وتحت اي بند من بنود الدستور..؟
ولماذا لا تتوقف اجداث الابناء الذين يسقطون في الحروب العبثية، وليس في مواجهة التكفير والارهاب..؟
من هو مهدي، وباي حقٍ يقول وزير ان "تاريخه الجهادي" قمين برد "فقاعة" حولت البلاد الى احدى سباياه ومرتعاً لمغانمه وولده دون ان يستحي فيعتذر ويستقيل..؟

واين شهامة رئيس مجلس الوزراء، الذي يرعد ويزبد في كل اتجاه "رافعاً الدستور بيمينه" والسيف بيساره، من فعلة ولد وزير معروف في عمان وبيروت وبغداد بـ"نظافة اليد" والبراءة من اي فساد..؟
ولكن اين احمد وياسر وفائز وابو رحاب..؟

اين عشيرة "ما ننطيها" من سبي العراق، وتحويله الى سوقٍ تبوح بما تفوح منه، يعبث بها كل متأسلم مشبوه بدينه وتقواه..؟

اخيراً.. في الدنيا كلها، باستثناء الانظمة الشمولية المستبدة، هل تُدار انتخاباتٌ مصيرية، في ظل حكومة هي طرفٌ مباشر في الصراع الدائر مع جميع القوى، ومتهمة (وإن بلا حق!) بالفساد والنهب والمكائد والاعتداء على الكرامات، ووضع البلاد على حافة الهاوية..؟

يا قادة التحالف الشيعي: اتقوا الله في دينكم واخشوا الآخرة، فقد بلغ السيل الزبى..!


المدى
العدد (3028) 11/3/2014


 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات