| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 11/3/ 2012                                                                                                 



رسالة الى " بابا عمرو "

عدنان طعمه ألشطري
Adnan_tumma@hotmail.com

الأجندة السياسية والمخابراتية الإقليمية وغير الإقليمية تجتمع في المدن ذات الطابع الاثني والديني والطائفي في مواجهة الآخر المضاد عسكريا كما اثبتت احداث العالم العربي والشرق أوسطي الأخيرة . فمدينة الكنائس في العصور الغابرة , ومدينة الجوامع ذات " الاتجاه السني " , " فلوجة " الرمادي, قد استقطبت كالاسفنجة " لحى " الفصائل الجهادية المتطرفة في جميع أرجاء العالم فطوحت في الزمن العنفي العراقي إلى مركزا للإرهاب الدولي في مواجهة " السيطرة الشيعية " على بلاد ما بين النهرين وإعادة ترتيب التوازن الاثني في الخارطة الطائفية الإسلامية .

وعاصمة العالم الشيعي ومدينة الحوزات العلمية " النجف الاشرف " قد شهدت مواجهات دامية مع المارينز الأمريكي وبروز " مقاوم شيعي " فقير يواجه " طائرات الاباتشي الأمريكية " من سراديب القبور الموحشة في اكبر مقبرة  في العالم الإسلامي .

وأحداث الساعة تشير إلى " بابا عمرو " الذي أطلق عليه " عمرو " نسبة إلى ( عمرو بن سعد يكرب ) الذي أرسله عمر بن الخطاب إلى مدينة حمص ذات الطبيعة الاثنية لمواجهة القوات الفارسية آنذاك , فمات " عمرو " في حمص ودفن فيها في منطقة سميت فيما بعد " بابا عمرو ".

الفلوجة... النجف ... حمص "بابا عمرو" , الثالوث العسكراتي في أكثر مناطق العالم توترا , عناوين للتصادم الاثني الدموي سيما وان العقل الطائفي العربي قد رشح " حمصا " كمعادلا تصادميا مع " النجف الاشرف " لان في "حمص" مقبرة إسلامية كبرى , ومدفون فيها أكثر من أربعمائة شخصية إسلامية, وفيها حي " الخالدية " نسبة إلى " خالد بن وليد " وفيها قبره وترك فيها سلالته الخالديه وأحفاده الذين يقاتلون الآن ( النظام العلوي الكافر ) حسب ايديولجيتهم الاسلاموية.

و " بابا عمرو " الحمصي قد شهد مواجهة دامية فاصلة سيطرت فيها قوات النظام الرسمي في معركة " ام المعارك " حمصية كما وصفت وإلقاء القبض على عشرات المسلحين وأكداس من الأسلحة وإعلان " الديمقراطيين السوريين " على حد تعبير ساركوزي "بالانسحاب التكتيكي " وفرار عشرات " المقاتلين الديمقراطيين " إلى الحدود اللبنانية في انتظار تعليمات " غليون " التي تصله من غرفة مخابرات قطرية .

" الديمقراطيين السوريين " أثبتت الوقائع الميدانية في " بابا عمرو " إنهم يحملون جنسيات عراقية ولبنانية وإعرابية خليجية , من ضباط مخابرات قطريون ومقاتلون أفغان من تنظيم القاعدة الإرهابي ,ومقاتلون أتراك انقادوا لأوامر وتعاليم "الاردوغائية الجديدة" التي تسعى لاستعادة الحلم العثماني في محيط تركيا الإقليمي والإسلامي.

حمص " بابا عمرو " و " الخالدية " والمقبرة الحمصية قررت إرادة السلطان الطائفي في الدول الخليجية إن تكون " بنغازي " جديدة وورقة جيوسياسية لطائف سوري جديد مستوحى من التجربة اللبنانية على حد تعبير احد التقارير الإعلامية بعد إضفاء مساحيق تجميل على ديكور الدولة العام وصناعة عملية سياسية مفككة.

سوريا التي تعيش أزمة حضارية- أثنية عميقة متفككة طائفيا على ارض الواقع بالرغم من القبضة الحديدية لسلطة " البعث الأمنية طيلة السنوات التي عاشها ويعيشها الحكم الاسدي- البعثي وتتجلى انصع الصور والحوادث في "الأقصوصة الطائفية" التي عشتها وملخصها :

في عام 201عملت مترجما في شركة فرنسية- ايطالية مشتركة لتأثيث فندق (movenpick) للوليد  بن طلال ,احد أمراء النظام السعودي ,والذي يقع في منطقة " الروشة " واحدة من أجمل المناطق ذات المناظر الخلابة في العاصمة اللبنانية بيروت..وعملي كان مترجما للغة الانكليزية ووسيطا بين الشغيلة والعمال السوريين والمهندسين الايطاليين والفرنسيين ويتطلب عملي الحركة والخفة في الانتقال بين طوابق "الفندق الأميري" وان أغطي اغلب مواقع التأثيث في الفندق الذي يعد واحد من اكبر الفنادق العالمية.

لفت نظري المستوفز بطبيعة بيروت المتناسقة إن ثمة أربع عمال سوريين قد فرض عليهم بقية العمال الذي يقدر عددهم بمائة عامل , عزلة تامة وطوق وهمي من الانفصال القصدي , وكأن حال هؤلاء العمال يقول ( يا أيها الكافرون لا اعبد ما تعبدون ) لاعشرة او لقاء او جلسة تجمعنا , لا تبادل أحاديث بيننا ولاحتى اداء تحية الإسلام , أو تحية البشر الإنسانية ,بيد إنهم ينظرون للعمال السوريين الأربعة نظرة ازدراء ومقت ورفض ونفور.

اكتشفت عن طريق المصادفة ونتيجة إشرافي على العمل التأثيثي بان العمال الأربعة هم من معتنقي المذهب العلوي , وان الكثرة الكاثرة من العمال السوريين هم من المذهب السني او كما يطلقون عليهم في مجتمعاتنا " الشيعية " بأبناء الجماعة.

عرفت سر القطيعة وإياهم وراح بعض من عمال " الكثرة السنية " تسرد لي أسباب القطيع من إنهم " الروافض " و " عبدة القبور " ويعبدون  الإمام علي بن أبي طالب , وثمة فتاو لائمتهم تؤكد إن النظر إلى وجوه " العلوية " حرام ومطالسة أيديهم كفر وجريمة ,والذي يختلط ويعايش " العلويه " فهو منبوذ ومطرود من فرقتهم الناجية , وللحديث تتمة ربما ارويها في مقال منفرد.

وهذا النموذج الحياتي الذي عشته يكشف طبيعة الصراع الاثني بين مكونات المجتمع السوري , فيا ايها الكافرون " العلويه " لانعبد ماتعبدون , ولانشرب ما تشربون ,و لانعمل ما تعملون , وحتى لو قلتم ( لا اله إلا الله ) فنحن نخالفكم بها ازدراءا لهم واحتقارا لملتهم وكرها لمذهبهم.

"بابا عمرو" وبطبيعته الاثنية المتوارثة يجسد طبيعة الصراع السني- العلوي عيانيا وكارثيا في صراع الذاكرات , وانشطار الذاكرة المروع بين المكونيين الاثنيين , وهي ذاكرتان ممتدتان إلى العمق السعودي والإيراني والقطري والعراقي والأفغاني .

المترقب السوري لما يشهده " بابا عمرو " وهي تؤسس نموذج لأدبيات مستقبل اثني , وتنامي هويات فرعية ,مذهبية وعرقية واسلاموية متطرفة , تنازع دولة شمولية- اسدية من اجل البقاء ,والبقاء على أنقاض سلطة ربما يكون طبيعة حكمها الاستبدادي ونزوعها الانفرادي في ادارة دفة الدولة أهون الشرين , وان الحل ليس في " بابا عمرو " التي عدت "ابتلاء خارجي" ارتبط بخصوصية المجتمع السوري .

والولوج من بوابة " بابا عمرو " في التحول الديمقراطي ينمي " الدولة العنفية " والدولة المضطربة الملتهبة باستمرار في أزمتها البنيوية وتنازع أمراء الحرب الطائفيين على جسم الدولة السياسي والاقتصادي , والتي تفجرت راهنا في صراع المال السياسي بين " غليون " ومجلسه الاسطنبولي ورياض الأسعد زعيم ما يسمى " بالجيش السوري الحر " على خلفية الصراع السعودي- القطري على زعامة المعارضة السورية المسلحة.

وللتذكير فان" وادي خالد " الذي عد العمق الستراتيجي لمجاميع المعارضة السورية المسلحة, سبق وان عبرته أربع مرات ذهابا وإيابا من سوريا إلى لبنان , ومن لبنان إلى سوريا , كان منفذ للعراقيين الفارين من نظام صدام حسين للعبور إلى لبنان عبر الأراضي السورية .. "وادي خالد" هذا وبنهره الآسن الصغير ,ربما يشهد تجمع الأضداد الطائفيين في لهيب معتركه وخرائبية منظره, في تصادم حربي مسلح ,او ربما يمثل نقطة التقاء تفاهمية جديد , بين الهلال الشيعي والطوق العربي السني.

 

 

 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات