| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                       الجمعة 11/3/ 2011

 

بطاقة وفاء اذاريه الى أمي وكل الامهات العراقيات

مروه محمد - كوبنهاكن

من حق كل الأمهات علينا في هذا اليوم الخالد أن يجلسن على عرشهن ويختلسن من الزمان فسحة من الزمن بعيداً عن ضجيج الحياة ومتطلبات ومشاغل البيت وأن نضئ لهن من شعاع الشمس شموع الفرح ونضع تحت اقدامهن اكاليل من ورد البنفسج ونتوجهن بتاج الأمومه الذي عنده تنحني كل التيجان اجلالاً وتعظيماً للدور الرائد الذي تضطلع به الام في صنع المجتمع وتكوين خليتهالاولى التي تولدها لما تكونت الشعوب وظهرت الأمم ووصلت الى ماهي عليه من رقي وازدهار، ونطرز صدورهن باعلى وسام. وسام التربيه وغرز عواطف الحب والحنان والتضحيه وروح المواطنه الصادقه ونبذ مشاعر الحقد والكراهيه والقسوه، وأثبتت بحق أنها المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الأجيال ألف ياء الحياة ودروس في معاني الوطنيه ونكران الذات وصون المبادئ والتضحيه دونها واختيار الدروب العابره على مرارة السنين وأيامها الثقيله من أجل غسل الوجوه المتعبه من تراب الحزن المتراكم على ذاكرتها وزرع الأبتسامه على الشفاه التي اذبلها خريف انظمة القهر والاستبداد. وتتهيأ الام منذ اليوم الاول الذي تشعر فيه أن الأمومه تلبستها بالاهتمام بوليدها المرتقب وخلق الاجواء النفسيه التي لاتعكر مزاجه ومغادرة حالات التوتر وتحمل مايترتب على الحاله الجديده من اّلام ومخاضات بفرح عظيم لأن حلمها بالامومه قد تحقق وتنسى كل هذه الالام وتبتسم عندما تسمع صرخته الاولى التي يحتج فيها على كل من يسئ التعامل مع الام وينتهك حقها في الامومه والحضانه ويسرق فرحتها بعد أنتظار طويل ومخاض عسير. وفي هذه المناسبه العزيزه على قلوب البنات والابناء اتجاه امهاتهم اتذكر امي وكل الأمهات العراقيات واهديها بطاقة أذاريه خضراء معطره بعبق ربيع العراق وأريج ازهاره الملونه عبر نسمات دجله والفرات العذبه التي استمدت طيبتها من طيبة ترابه وتعلمت الكبرياء من شموخ نخلته الباسقه الي ظلت صامده بوجه اعلى العواطف والرياح وأبث ان تنحني او يكسر كبريائها وستظل شامخه تتربص بكل قاتح او محتل.

أمي وانا في طريقي الى الأمومه لازلت احن اليكِ واقبل كل شئ فيكِ وأشمك بشراسة القبل وأتمسك بوصاياك، الدافئه التي كانت تنزل علي كالعطر وأشعر انكٍ تملكين طعماً مميزاً وحنيناً رقراقاً كمياه الفرات..
(كان محقاً من اطلق عليكِ اسم فـرات)

وصوتكِ على بعد المسافات لازال يأتيني كصدى صوت نوافير المياه يذكرني بلحظات السعاده وانفاسكِ الطيبه التي حولت بيتنا الى غرفة يملئها الدفئ الأنساني وعواطف القيم النبيلة والاخلاق الفاضله وروح التسامح والتعاون المثمر وتجاوز الصعوبات، وكنتِ بالرغم من مشاغلكِ الكثيره وساعات العمل المضنيه والطويله تسهرين على مريضنا حتى يشفى وتنتظرين غائبنا حتى يحضر وتترقبين بشوق صغيرنا حتى يكبر وتفرحين لطالبنا عندما ينجح. وكنتِ تتطلعين دوماٍ عبر نافذة الغربه كبقية الامهات اللواتي تغربن الى خارطة الأفق البعيد وتنزل من عينيكِ دمعة مصابره وحنين الى الوطن الأم. الوطن الذي استباحه المحتل وأراد له الطغاة والجبابرة وأعداء الأنسانيه ودعاة الفكر الظلامي وأصحاب المعتقدات الباليه أن يجردوه من امومتهِ ويزينوا تاريخه وحضارته الضاربة في القدم والتي أمتد شعاعها الى كل بقاع الدنيا وأنحيت أمه تعايشت كل اطيافها على الحب والأمن والسلام، أمه مكابره عنيده صلبه الأراده ترفض الخنوع والتهجين.

على وجه امي وكل الامهات العراقيات ترتسم صورة الوطن بحزنه وافراحه ومسراته فمن وجه امي اعرف ماذا يحدث في الوطن فأذا أبتسمت صار الوطن ربيعاً اخضراً تسري الدماء في عروقه وتشرق الشمس على ريوعه وتدب فيه الحياة وعندما كنا نسمع زغاريد الامهات في المدن والارياف العراقيه ويلبسن احلى زينتهن يعني الوطن بخير وعندما يلتحقن السواد يعني سماءه تلبدت بغيوم الظلام التي تنذر بامطارها التخلف والجهل والطائفيه وتظل الأم تقضي عمرها وهي تدور في دائرة الهموم اليوميه وتواصل الليل بالنهار في ساعات عمل شاقه لايتناسب اجرها والعرق المتصبب من جبينها من أجل اطعام اولادها لقمة خبز شريفه والتي تتصنع الفرح وفي حلقها غصة ألم وشعور بالمرارة قريبة من البكاء وتلعن قدرها الذي جعلها كنحلة تبحث عن قوتها وحجر تختبئ فيه مع أولادها. والذي يزيد من بؤسها تعرف أن الساعات المسروقه من عملها تحولت الى مشاريع مقاولات وشقق فخمة، وسيارات فارهه وارصدة في البنوك جلبت الى اصحابها الارباح الطائله فانتفخت كروشهم بالسحت الحرام كما يسميه الشرع لكن دون ان يضع حداً لهذا الاستقلال البشع الذي لاتقره الاديان ولا القوانين الوضعيه والأنكى من ذلك يمارسه من لبس عباءة الدين وأعتمر عمامة الأيمان واختفى وراء لحية الوقار ويدعون أن الجنه تحت أقدام الأمهات، دعوات ووعود كاذبه لحرف الأمهات عن درب النضال الحقيقي وأستعادة حريتهن وكرامتهن ومكانتهن في المجتمع كمربيات فاختلاف ومنتجات حقيقيات ومناضلات شريفات يتوحدن مع حجر الوطن عندما يثور بركانه يقفن في الصفوف الاماميه عند المحن ويدفعن بأزواجهن واولادهن للشهاده من أجل حرية واستقلال الوطن وسجل التاريخ لهن على صفحاته البيضاء فاّثر بطوليه خالده في الفداء والتضحيه والموت على وزيج الحريه وخلف جدران السجون المظلمه، وساهمن بفعاليه تثير الاعجاب والتقدير في حملات التوعيه الوطنيه ومكافحة الأميه ونشر ثقافة التنوير والتوعيه الصحيه والاهتمام بتربية ونشأة الطفل واعداده ليكون مواطناً صالحاً لاينقاد الي مستنقع الأرهاب، والتحرر من قيم التخلف الثقافي الموروث عن اجيال تفصلنا عنهم مساحة من الزمن تتغير فيها الافكار وتتطور وفق مقتضيات منطق وقوانين التطور التاريخي لما يخدم الأنسانيه جمعاء.

أمي مازال عطرك عطر الأمومه الساحر يملئني ويلغي كل العطور الاخرى، يداعب حواسي ويعيدني الي ذاكرة الطفوله وأيامها الحلوه وملاعبها الجميله وشعورك بالفرح اللامتناهي وانتِ تراقبين حركاتي كيف احبو وتنظفين الامكنه من حولي وكم كانت سعادتك مثيرة للدهشة وأنا أبدأ خطوة الحياة الاولى التي تبعتها خطوات بأتجاه الهدف الذي تتمناه كل أم لأولادها السير عليه من أجل أن تظل مرفوعة الرأس وتشعر بفخر واعتزاز أن ثمرتها الاولى قد نضجت وصارت منتجة ولازالت نصائحك جرساً يدق في اذاني استحضرها مع مذكرات درسي واهضمها مع وجبات طعامي لمواجهة ظروف الحياة الجديده وتجاوز صعوباتها وغربة المكان والزمان وسأظل وفيه على مبادئك وقيمك التي غرست في نفس معاني جميله للوفاء والاخلاص والعطاء وعساني اوفق في رد ولو جزء قليل من وفائكِ وتفانيكِ في تربيتي يا أحلى ام.

وفي هذه المناسبه الخالده اضم صوتي الى صوت أمي وكل الامهات العراقيات من أجل بناء وطن اتحادي مستقل تنعم فيه الامهات وكل شرائح المجتمع بنظام ديمقراطي بالمعنى الحقيقي للديمقراطيه البعيده عن المخاصصه المميته، نظام مدني يؤمن بالتداول السلمي للسلطه البعيد عن خطر الانقلابات العسكريه والتدخل الاجنبي يؤمن بمبدأ المساواة الكامله لأبنائه وضمان حقوقهم السياسيه والاجتماعيه على اساس المواطنه والاستثمار الامثل للثروات الماديه والبشريه وتوزيعها بشكل عادل والقضاء على افة النساء المالي والاداري وأعادة النظر بالقوانين والتشريعات للحد من ظاهرة التمايز الطبقي ومعالجة الثغرات في قانون الانتخابات وتشريع قانون ينظم عمل الاحزاب من أجل انجاح العمليه السياسيه وتجربتها الديمقراطية الوليده واشاعة الامن والاستقرار وتخفيف منابع الارهاب واحترام احكام الدستور.

تعتقد الامهات اللاتي يمثلن الوجه الأنصع للوطن أن هذه الاصلاحات يمكن تحقيقها مادامت مطابقهه للدستور اذا توفرت النوايا الصادقه والبعيده عن لعبة الكراسي، قبل فوات الاوان.

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات