| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                    الأحد 11/11/ 2012

 

(نامي جياع الشعب نامي)

زينب الجوراني - البصرة

استمع الشعب العراقي هذا اليوم إلى البشرى التي زفها الناطق بأسم الحكومة السيد علي الدباغ في بيانه , وأجمل القرارات المصيرية التي اتخذها مجلس الوزراء ومنها حل مشكلة الفقر واختزال معاناة الفقراء جراء عدم الحصول على الحصة التموينية وبمنتهى الفرح قرر مجلس الوزراء " استبدال " البطاقة التموينية بمبالغ نقدية توزع على المشمولين بواقع خمسة عشر ألف دينار عراقي لكل فرد بمصروف يومي قدره خمسمائة دينار. وتخفيفا لقسوة عبارة " إلغاء البطاقة التموينية " تم ابتداع مفردة " استبدال " لعلها تخفف من وقع النبأ على فقراء العراق ولاتقتل الأمل لديهم بحكومتهم وقراراتها التي تصب لصالح أبناءها العراقيين ، علما أن هذا القرار كان مقتصرا على فئات معينة من ذوي الدخل العالي أما الآن فقد طال القرار الحكيم الفئات المسحوقة , التي طالما عانت ولازالت تعاني الفقر .

وبعد أن حلت الحكومة كل مشاكلنا لانملك إلا أن نشد على يدها لحل المشكلة الأخيرة التي عصفت بالعراق وكانت مثار جدل وخلاف واسع بين أركانها ولم تحظ يوما بالإجماع ألا وهي مشكلة البطاقة التموينية . ولم يقتصر الأمر على هذا الحد حيث تم إضافة بهارات على هامش هذا القرار ليبدو أن هناك جوانب ايجابية في هذا القرار وإحدى الإيجابيات أن المجلس قرر وضع ضوابط ملزمة لتسعير" الطحين فقط "ضمانا لعدم التلاعب بالأسعار . وهنا نلمس اهتمام حكومتنا وحرصها على تأمين ( خبز الشعب ) , نعم لا أقول ( قوت الشعب ) فالضوابط سوف تطبق فقط على تسعيرة الطحين أما المواد الأخرى فهي ليست ضرورية وشأنها متروك للتجار والقطاع الخاص وكل مغامر برزق الشعب وقوته فلهم حرية الاحتكار , والسرقة , حيث أن الضوابط والقوانين غير ملزمة لهم .

وأنا هنا بصدد التساؤل هل يكفي هذا المبلغ لأي وزير ، نائب ، ولأسرهم بل لأي انسان عادي في ظل هذا التضخم ؟ سوى أن الأمر يعكس من ضمن مايعكس استجابة لشروط صندوق النقد الدولي  .

والجواب لا يخفى على أحد فنظرا للرخاء الذي ينعم به أعضاء الحكومة ومجلس النواب وعوائلهم بالطبع لن يتوانوا عن تشريع وإقرار هكذا قوانين مجحفة بحق من لهم الفضل بتبؤهم لهذه المناصب . أليس من الأجدر بمجلس الوزراء أن يراجع رواتب ومخصصات وزرائه , وكشف ذممهم المالية والعمل بما ينادون به من مبدأ الشفافية , النزاهة , وغيرها من شعارات لطالما أعتدنا سماعها - فقط -؟ أم أن النزاهة اقتصرت على محافظ البنك المركزي العراقي سنان الشبيبي لأنه لم يسمح لأحد المغامرة بأموال العراق ، أو بالأحرى ما تبقى من أموال العراق بعد إهدار أموال العراقيين منذ زمن الطاغية صدام حسين ولغاية الآن من الاختلاس والنصب والصفقات المشبوهة و... و..... الخ .

أم ان مجلس الوزراء سرعان ما تناسى القرار الذي تضمن صرف سبعمائة وخمسون ألف دينار كنثرية وقرطاسية شهريا لكل نائب , علما أن عدد النواب (325 نائبا ) أي ما يعادل مائتين وسبعة وعشرين مليون وخمسمائة ألف دينار – شهريا – أما سنويا فيعادل حوالي مليارين وسبعمائة وثلاثين مليون دينار .

ولكني أجزم بأن مسألة النثرية والقرطاسية , والعجلات المصفحة , والمخصصات الرئاسية , وغيرها من الامتيازات هي الأهم ولذلك نجدها تتصدر لائحة الأولويات لدى الحكومة والمضحك في الأمر أن أحد النواب أكد أن مجلس النواب وضع نثرية للنائب كمصاريف السيارات , القرطاسية ، ومساعدة الناس . وهنا استوقفتني عبارة "مساعدة الناس" وكلي ظن بأن هذا ما تم قصده من مساعدة الناس في التضييق عليهم وملاحقتهم ومحاربتهم في قوتهم وتنويمهم بالوعود البراقة وامتيازات حصولهم على مبلغ خمسة عشر ألف دينار شهريا دون التنويه والتذكير بالتبعات السلبية للقرارمن ارتفاع الأسعار وطمع التجار وجشعهم اللا متناهي . وفي ظل الوضع الراهن أستذكر قصيدة شاعر العراق العظيم – محمد مهدي الجواهري – بعنوان ( تنويمة الجياع) وهي خير توصيف لما يعانيه فقراء وطني , وكم من بيت نام وشبح الجوع يطوف في أرجائه والحلم بسيط لا يتجاوز الرغبة بالحصول على القوت اليومي والشعور بالشبع , وهنا لا أقصد التخمة المفرطة التي ينعم بها الواعظون !! , الزاهدون !! المتقون !!.
وبذلك أهدي هذه الأبيات إليكم يا جياع شعبي :

نامي جياع الشعب نامي حرستك آلهة الطعام
نامي فأن لم تشبعي من يقظة فمن المنام
نامي على زبد الوعود يداف في عسل الكلام
نامي تصحي ! نعم نوم المرء في الكرب الجسام

لكن جياع الشعب لن تبقى نائمة, وعاصفة الفقراء عاصفة هوجاء تدمر شتى أشكال الظلم والطغيان.
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات