| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 11/12/ 2009

 

بشتاشان....الجريمة العارية

حاتم جعفر- السويد

عرضت قناة البغدادية العراقية, التي تتخذ من القاهرة مقرا رئيسيا لها, برنامجا خاصا وعلى مدى حلقتين حاولت من خلاله الامساك بحقيقة ما جرى في تلك القرية النائية المسماة بشتاشان, من أحداث دامية راح ضحيتها العشرات من مقاتلي الحزب الشيوعي العراقي وذلك قبل نحو ربع قرن من الآن والتي عدت حينذاك من أكبر الطعنات التي وجهت الى ظهور رفاق السلاح الواحد, خاصة وانها أتت في ظروف حالكة الظلمة, كانت تضيق معها على الالاف من معارضي النظام السابق كل اسباب القدرة على المناورة والانفلات من قبضة حكم شديد القوة والصرامة, وصل مستوى من البطش ذاق معها ذرعا حتى مؤيديه ومؤازريه فكيف بحلفاء عدهم أعداء لدودين ومحتملين رغم انهم كانوا قد تعاهدوا على مواصلة المسيرة سوية, حتى بناء الاشتراكية.

ورغم الحركة المفاجئة والتي نأمل ان تكون قد مرت بشكل عفوي وعن غير قصد, حين أظهرت في نهاية فقرات البرنامج استعداد السيد جلال الطلباني, الموافقة على كل الشروط التي يرتأيها الطرف المتضرر, والتي اعتبرت اعترافا واعتذارا منه بما اقترفت يد الغدر, غير ان هذه الخطوة قد جاءت وللأسف متأخرة جدا حيث دفن الشهداء بدون شواهد في مقابر عشوائية وبطريقة لا تقل جرما عن تلك التي سميت بالجماعية, ألا انه وبحسب بعض الاخبار التي تسربت من هنا وهناك فقد تمنت بعض الاصوات التي مسها بث القناة للبرنامج الخاص باحداث بشتاشان, وبسبب ما رافقه من فضائح, بأن لا تمضي بعيدا في تغطيتها للحدث, آملة التخفيف من حدة الترويج الاعلامي, في محاولة للتقليل من شأن الصدمة التي أحدثها بث البرنامج المذكور, خاصة وان مجموع القوى والاحزاب التي تقود العملية السياسية في العراق حاليا تعيش مرحلة أقل ما يمكن أن يقال عنها بأنها تعاني من صراعات داخلية عنيفة و حالة من انعدام الثقة بين بعضها البعض وان اثارة مواضيع حساسة بهذا الحجم والنوع قد يخدم حسب اعتقادها, طرف ما على حساب طرف آخر.

وانصافا للحقيقة فلا بد من الاشارة الى الجهود الطيبة التي تبذلها وتقوم بها قناة البغدادية والتي تسجل لصالحها, وتأتي كذلك انسجاما والسياق الطبيعي لمفهوم الاعلام الحر والمحايد وهذا ما بدا جليا في تناولها للكثير من المواضيع مثار الشك والاختلاف والتي تدخل في صميم هموم واهتمامات المواطن العراقي, خاصة تلك التي لا زالت معلقة في رقاب مرتكبيها ولم يتم البت فيها حتى الآن على الرغم من الدعوات والنداءات التي تصدر بين الفينة والاخرى ومن اوساط عديدة, سياسية وقانونية, الداعية بأستمرار الى تفعيل وتحريك العديد من القضايا في سبيل حل عقدها, غير انها تجابه بجملة من العوائق والحواجز ليس اقلها اطلاق التهديدات المبطنة والاهمال المتعمد, في مراهنة مكشوفة وفاشلة سلفا على عامل الزمن وصولا الى اسقاط تلك الدعاوي بفعل التقادم.

وعملا بقاعدة انصاف كل الذين وقع عليهم الحيف أيام الحكم السابق وكما جرى فتح الكثير من الملفات التي تم بموجبها توجيه تهم الادانة من قبل المحكمة الجنائية العليا التي تشكلت بعيد الاحتلال وانساجاما مع ما يروج له قادته الجدد من انهم يسعون الى بناء دولة المؤسسات والقانون ليأخذ كل ذي حق حقه, لذا ووفق ذات المنطق فأن جريمة بشتاشان ينبغي ان لا تمرر مرور الكرام حتى وان حاولت بعض القيادات الحزبية المعنية غض الطرف عنها تحت ذرائع واهية, فالأمر لا يتعلق باولئك المسؤولين بقدر تعلقه بمصير ضحايا ابرياء ودماء زكية طاهرة قدمت على مذبح من البراءة وصدق النية والهدف, وتتعلق ايضا بحقوق اهالي الضحايا الذين لا يقلون قلقا عن اولئك الذين لازالوا يبحثون عن مصير جثث وأشلاء ذويهم بين انقاض المقابر الجماعية سيئة الصيت.

ولابد من التذكير والاشادة هنا بالبيان الذي اصدرته وقتذاك قيادة الحزب الشيوعي العراقي على خلفية الجريمة النكراء التي جرت بحق مقاتليه, اذ حملت فيه قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني ومقاتليه, مسؤولية ما جرى في بشتاشان وفي ذات الوقت اتهمتهم بوجود تنسيق عالي المستوى قد سبق هذا الاعتداء وجرى التهيئة والاعداد له مع مسؤولين من النظام السابق, كان الهدف منه توثيق عرى الصداقة والتعاون بين الطرفين, توطئة لأجندة أكثر خطورة, يكون وقودها دماء الضحايا الذين سقطوا في تلك المعركة. هذا ما تم الكشف عنه من خلال أحد المتحدثين في البرنامج المذكور حيث أكد ومن موقع الشاهد والمشارك في تلك الواقعة بوجود تنسيق مسبق مع طيران النظام العراقي حيث قام برصد تحركات الانصار الشيوعيين عشية الواقعة وتقديم تلك المعلومات الى القيادات العسكرية والسياسية التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني وكذلك تم دعم الاخيرة بأسلحة متطورة الصنع, جرى استخدامها في معارك غير متكافئة لا في نوع العتاد ولا في العدة.

هنا قد يعتقد البعض بان قضية الخلافات بين الاحزاب تعد امرا طبيعيا في العلاقات بين اطراف الحكم حينما كانت في المعارضه, ارتباطا بأختلاف البرامج السياسية والاهداف التي تتطلع الى تحقيقيها تلك المكونات, هذا صحيح الى حد كبير وينسجم مع تنوع التمثيل الطبقي ودرجة تباعد او تقارب هذا التمثيل, كذلك يعود الى التنوع القومي الذي يميز المجتمع العراقي باعتباره يضم بين ظهرانيه قوميات اخرى اضافة الى قوميته الرئيسية, فلكل طرف او حزب برنامجه السياسي الذي قد يصل الى حد التباعد بل والتنافر حتى مع اقرب الحلفاء. الا ان الذي من الصعب تجاوزه تلك الحالات التي انطوت على حالات من الغدر والطعن بالظهر والتظاهر بالعداء للنظام السابق وفي ذات الوقت كان التنسيق يجري معها على قدم وساق . مثل هذه الملفات لابد من فتحها وليطلع ابناء الشعب العراقي على كل الحقائق وقضية بشتاشان لا تقل أهمية وخطورة عن سائر الملفات تلك التي جرى تناولها واتخاذ الاجراءات والقرارات المناسبة بحق مرتكبيها.

وكي لا يظهر الامر وكأنه رجما بالغيب واعترافا بما اقترفت قواتهم من جرم وبحسب ما رشح وقتذاك من معلومات, فقد نسب الى السيد نوشيروان مصطفى الشخص الثاني في سلم المسؤوليات الحزبية لتنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني وزعيم تننظيم اتحاد العمال والفلاحين الكردي (الكوملة) والذي من المفترض ان يكون جناحه وبحكم انتمائه الفكري, الاقرب الى تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي, فقد اعلن وعبر احدى الاذاعات المحلية الموجهة ما مفاده : لينم ماركس قرير العين فلقد صفينا التحريفيين, قاصدا بذلك قيادة الحزب الشيوعي العراقي.

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات