| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 11/9/ 2009



بديع المنذرى....زهرة الكاظمية الحمراء

فارس زهرون حبيب

لم تثنى آثار الهجمة الشرسه التى قادها البعث ضد الحزب الشيوعى والمنظمات الديمقراطيه فى بداية السبعينات من بروز الرفيق بديع عبد العزيز المنذرى ومنذ ألأيام الأولى لتواجده فى كلية الزراعه فى جامعة بغداد كوجه ديمقراطى وقائد طلابى متميز فقد كان منظما وداعيا للعمل الطلابى فى صفوف أتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية, وكانت لخبرته المتراكمه فى العمل الشبيبى فى مدينة الكاظمية دورا فى توسيع وتطوير العمل الطلابى فى كلية الزراعه.كان الشهيد جريئاً ومبادراً بتقديم المقترحات لاستغلال كل الامكانيات للدفاع عن مصالح الطلبة وهذا ما زاد ثقة الطلبة بدور اتحاد الطلبة كمدافع عن حقوقهم ومشاكلهم {مع الظروف السرية التى كان ينشط بها الاتحاد.}
أثار نشاط الرفيق بين صفوف الطلبة هلع وخوف منظمة السلطة الطلابية{والتى كان فى قيادتها عالية كزار,علاء الجبورى, صالح المطلك والذى كان متخصصا بنقل كل أخبار ونشاطات الطلبة الديمقراطيين مباشرة الى اخت الجلاد ناظم كزار.}والتى اصبح جزء من
مهامها افتعال الصدام مع الشهيد بديع ولكن بذكائه المعهود وشجاعته كان يحول تلك الممارسات الى وسيله لفضحهم ,مما زاد من التفاف الطلبة حوله.

حين أعلن التحالف بين حزب البعث و الحزب الشيوعى العراقى لم يكن بديع متفائلا وكان يصرح بأكثر من مكان بأن هذا التحالف هو الفخ الذى سنقع به وأزدادت قناعته بذلك حين جمد عمل المنظمات الديمقراطيه نتيجة لضغوط البعث,ولكن تلك الضغوط لم تهبط من عزيمة الشهيد بل زادته نشاطا فى عمله الحزبى.
بدأ حزب البعث هجومه الفاشى ضد منظمات الحزب الشيوعى منذ بداية 1977 وكان هذا الهجوم قد أعد له منذ منتصف السبعينيات ,فقد حطمت التنظيمات فى المحافظات وبعد أن نجحوا فى ذلك ركزوا كل أمكانياتهم لتصفية منظمات الحزب فى بغداد.فى هذه الظروف الصعبه والتى أثرت على حماس ومعنويات كثير من الرفاق أزداد نشاط الشهيد بديع, لم يتهاون بأنجاز أصعب المهام وأخطرها من أعادة الصلات مع الرفاق الذين فقدت الصله معهم ومن توفير أماكن سكن أمينه للعمل الحزبى وكذلك الدعم المادى الذى كنا بأمس الحاجه له, كان الرفيق مبدع دائما فى ظروف العمل السريه القاسيه وكانت كلماته المحببه والتى كان يرددها دائما وفى كل لقاء {رجال ألى يعبى بالسله عنب}.كان آخر لقاء لى معه فى بدايات عام 1979 فى حمام شعبى فى علاوى الحله, أقترحت عليه بأمكانية الذهاب الى كردستان ولكن الرفيق أصر بأن يبقى فى بغداد حيث أختفى مع {د.ع} وهو من أهالى ديالى فى مزرعه تعود لعائلة المنذرى قرب الطارميه واستمر بممارسة نشاطه الحزبى ولمّ شتات الرفاق الذين أنقطعت أتصالاتهم مع الحزب .
ترك مكان ألأختفاء هذا بعد محاولة أغتياله ليلا عندما كان عائدا من أحدى مهامه الحزبيه وتحوّل للسكن فى حى أور ,عمل فى هذه الفترة سائق سيارة للأجرة ألا أن شعوره بأنه مراقب من قبل أزلام السلطه أضطره للعمل كمهندس زراعى فى حقول تابعه لأحد أثرياء الفلوجه, ساعده عمله هذا وأحتكاكه المباشر مع العمال الزراعيين من تطوير وأنشاء أكثر من خط حزبى وكان يساعده بذلك{د.ع}, أستطاع رجال الامن من دس أحد عملائهم فى التنظيم نتيجة لأستغلال شخصية {د.ع} الضعيفه.
فى فجر 8-5-1980 هاجمت قطعان الامن البيت الذى كان يختفى فيه بديع مع عائلته فى حى اور, حوصر البيت من كل الجهات ,افزعوا من فى داخله صراخا{ اين بديع ... اين السلاح...} كانوا مدججين بالسلاح ومتهيئين للرمى ,قادوا بديع ومن كان معه فى الدار الى مديرية الامن العام , حشر مع اكثر من سبعين معتقلا اكثر من نصفهم من عائلة المنذرى فى زنزانه ضيقه مساحتها 3*4 متر كان الجميع معصوبى الاعين , يتحسس احدهم الاخر بالتنفس او بالسعال المفتعل. وفى التحقيق لم يطلبوا اى شيئ من بديع سوى تأييد اعترافات {د.ع}التى لم يبخل بأعطائهم كل تفاصيل التنظيم ,ولكن بديع بكل صلابة كان يرفض ذلك زادوا من تعذيبهم له واستمر التعذيب بشكل يومى صباحا ومساءا وبعد كل فترة تعذيب كان ينقل الى مستشفى خاص داخل اسوار الامن العام بعد ان يغمى عليه من شدة التعذيب البشع .صمد الشهيد امام كل وسائل تعذيبهم , حاولوا ابتزازه بتعذيب الكهول والشباب من عائلته امامه ولكن كل ذلك لم يزده الا اصرارا وصمودا.....
عام 1983 استدعي شقيقه الاكبر الى مديرية الامن ليُسلم شهادة اعدام بديع بدون جثمان مع تهديد بعدم اقامة مجلس عزاء له. ولم يوضحوا كعادتهم كيف ومتى تم ذلك, ظل الامل يحدو الجميع بأن تكون شهادة الاعدام غير صحيحه,ولكن......

صعد الشهيد سلم الخلود مرفوع الهامه كعادته .....لم يبخل بحياته من اجل حزبنا الذى آمن به منذ بدايات وعيه... رحلت القامة الكبيرة ولم تترك ورائها الا اسطورة لا يمكن ان يخطها
الا شيوعيون من معدن خاص...وانت منهم يا زهرة الكاظمية الحمراء.
لك المجد ايها الشهيد الخالد.



 

free web counter

 

أرشيف المقالات