| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 10/5/ 2009



الوطن تشيده السواعد وليس الجماجم

د. عبدالرحمن جميل
a.jamil@btinternet.com

واهمٌ من يظن ان الهجمات الارهابية المسلحة ضد أهداف مدنية و مرتكزات البنى التحتية ومؤسسات وأفراد الادارة و قوى الامن الوطني ستتراجع حدتها ـ كما يتفاءل البعض ـ في حال إنسحاب القوات الاجنبية من العراق بموجب الاتفاقية الامنية ذات العلاقة.

لماذا؟ لآن منفذي هذه الجرائم بحق الوطن والمواطنين لا يمثلون طرفا سياسيا ذا برامج اجتماعية واقتصادية وسياسية واضحة الاهداف, ويشعر بالغبن ويرغب في التنافس والحوارالسلمي مثل بقية الكيانات السياسية العراقية من اجل الفوز بأكبر عدد من المقاعد في برلمان العراق القائم أو في الانتخابات المقبلة.

كما ان الجهة المسؤلة مباشرة عن ارتكاب هذه الجرائم كما هو واضح من خلال بياناتها ومنشوراتها ودعاوى مناصريها في الداخل والخارج هي ليست مجموعة أشخاص غرباء جمعتهم الرغبة في الاغتناء السريع عن طريق الابتزاز.. فحزب البعث الذي فقد سلطته ومصالحه في التاسع من نيسان 2003 ما يزال يحتفظ بمليارات الدولارات في حسابات سرية في مصارف عربية واجنبية وملايين اخرى في حقائب تتنقل عبر الحدود لتمويل عمليات تتميز بدقة التنظيم والتخطيط والتنفيذ وبأسلحة وعتاد وخطوط امدادات ومخابئ وورش ادامة وملاذات آمنة داخل وخارج البلاد معتمدا على تشكيلات لم تتفكك تنظيماتها وقياداتها, وسجلات ومعلومات لم تصلها نيران الحرائق المتعمدة التي أكلت وثائق المؤسسات المدنية الحكومية ابان الايام الاولى للحرب, وأفراد كانوا يدركون منذ البداية انهم بمأمن من العقاب وان القوات المتحالفة لن تستهدفهم في عملياتها العسكرية للاطاحة بالنظام الدكتاتوري ولا بعدها.

ان البعثيين ومن خلال تصريحاتهم من عمان ودمشق وبيروت والقاهرة وصنعاء وعلى صفحات الانترنيت المتوفرة لهم سيواصلون هجماتهم وبدعم متزايد من اطراف عراقية واجنبية حتى لو أعلنت القوات الاجنبية جلاءها الكامل عن البلاد, فغايتهم هي الامساك ثانية بزمام السلطة بالقوة المسلحة والانتقام من كل طرف ساهم قولاً وفعلاً في حرمانهم منها منذ نيسان 2003.. مستفيدين من الخلل الامني الراهن والناجم عن تهاون الحكومة الموقتة والقوات الاجنبية المسؤولة عن الملف الامني.. وكذلك من توافر فرص قدرتهم على اختراق المؤسسات الامنية ومرافق الدولة الاخرى ما سيسهل عودتهم للسلطة مرة اخرى دون ضجيج وبموافقات اقليمية ودولية.

اغتيالات وهجمات وتفجيرات تضرب كل أنحاء العراق يوميا.. دون ان يسمع المواطن بالقبض على الفاعلين الحقيقيين.. لا ايضاحات او بيانات ولا أسماء من جانب الحكومة المتفرجة سوى انها اعتقلت (مشتبه بهم) او ان الفاعلين مجهولون او ارهابيون من بينهم أجانب!!

تابعوا ما يجري في المملكة العربية السعودية.. فقد كشفت وزارة الداخلية هويات 10 من الارهابيين، قتلتهم قوات الأمن في مدينة الرياض في فترة سابقة، وتبين ان بينهم 3 من أبرز المطلوبين ، هم سلطان العتيبي المطلوب رقم 5 في قائمة الـ 26 الارهابية وبندر الدخيل ، المطلوب رقم 20 .

وبين القتلى سعود عبد الله الجضعي الذي شارك في تجهيز 5 سيارات مفخخة وسبق له السفر الى افغانستان، وعبد الله محمد صالح المحسن ومحمد سليمان ابراهيم الوكيل، الذي التحق بالتنظيم اخيرا، وعبد الوهاب عادل عبد الوهاب الشريدة ، وكان احد المتعاونين مع التنظيم ويؤوي عددا منهم وارتبط بسعد بجادو وبندر عبد الرحمن عبد الله الدخيل الذي جهز سيارات مفخخة وشارك في اطلاق النار على قوات الأمن. فالسعوديون لم يخفوا أسماء المتورطين في تلك الافعال. لماذا في السعودية وليس في العراق؟

لقد بدأ العراقيون يتململون ويتساءلون ..لماذا تعجز حكومة السيد المالكي عن ذلك؟ هل ان منفذي هذه الهجمات التي تودي بحياة العشرات يوميا أشباح؟ ألا يحملون أسماءا ويعملون ضمن تنظيمات معروفة؟ هل أن مرتكبي هذه الجرائم من أصحاب الحصانات أم من ذوي القربى والمحسوبين على هذه العشيرة او تلك الجماعة، وأن المساس بهم يفكك تحالفات ويقوض اتفاقات وصفقات؟

ان الادعاء بأن الملف الامني لا يمكن حسمه الا عن طريق ما يسمى بالمصالحة والترضية مع البعثيين هو اغتيال في وضح النهار للعملية السياسية وانحراف واضح عن النهج الديمقراطي الذي دفع العراقيون وحلفاؤهم آلاف الارواح لآرسائه كوسيلة لتخليص البلاد من مسلسل العنف والكراهية والاضطهاد.

يتفق الجميع على ان المشاركة في العملية السياسية ليست حكرا على طرف دون آخر.. فالابواب مفتوحة أمام كل عراقي ينشد الحرية والديمقراطية والرفاهية ويؤمن بحق الغير في الحياة.. واذا ما رغب البعثيون حقاً في دخول هذه العملية والمشاركة بالانتخابات مثل الاخرين، فما عليهم سوى تحرير أنفسهم من عقدة الخوف والاضطهاد وذلك بالوقوف بشجاعة أمام الشعب العراقي وادانة جرائم النظام الدكتاتوري والاعلان بثقة عن رغبتهم الحقيقية في نبذ العنف كوسيلة لتحقيق الاهداف السياسية.. كما جرى في جنوب أفريقيا حين اعتذرت الاطراف المسؤولة عن الظلم والاضطهاد والتنكيل ضد الاغلبية الملونة في البلاد وأدانت انتهاكاتها وطُبقت العدالة ضد مرتكبي الجرائم.

وليبرهنوا ان الوطن تشيده السواعد وابراء الذمم وليس الجماجم والدم.
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات