| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 10/2/ 2011

 

ثلاثة مسببات وراء ثورة الياسمين

خضير الأندلسي

المسبب الاول (صديقنا الجنرال)

صديقنا الجنرال كتاب حُرر في باريس 2002 يقع في 120 صفحة من القطع المتوسط لكاتبيه نيكولا بو وجان بيير توكوا يتحدثان فيه بعمق وبأدق تفاصيل السلطة الحاكمة في تونس .جاء في الكتاب ان النفعية المنفلتة احد اسباب الخطر الحقيقي الذي يهدد الاقتصاد التونسي المحلي , وهذا ادى الى تحرك بعض المجاميع داخل السلطة لفضح ذلك. ولعل منشور (وسطاء البورصة ) الملتهب أربك الوسط الحكومي حين فضح بالارقام والتفاصيل عمليات نهب وسلب قام بها اقارب الرئيس. لم تكن هذه المنشورات لترى النور لولا تسربها الى الخارج وبالتالي تم طباعتها بمجلدين تكفلت المعارضة في توزيعها تحت عنوان ( العائلات التي تنهب تونس). فردت الحكومة التونسية الى ان المجلدين لايخليان من لمسة امريكية غرضها التحقق من اقتصاد المخدرات فيما اتهم البعض أناس حميمين يعملون في السلطة بتسريب الوثائق. يرد اسم سليم شهيوب وهو صهر الرئيس بن علي في الكتاب على انه مترف مدلل لايختلف كثيرا عن حاشية السلطة وهو المسؤول عن لعب دور الوساطة بين السلطات الحكومية والمؤسسات الاستثمارية الاجنبية وبالتالي احتكاره الاموال العامة فمثلا عائلة شيبوب افادت شركة اتصالات اجنبية بمبلغ 480 مليون دولار ومؤسسة ايطالية اخرى بمبالغ ضخمة اخرى.
وينتقل الكاتبان الى عائلة الطرابلسي المكونة من عشرة من الاخوة والاخوات جميعهم لهم موضع قدم في الشركات العامة من الزراعية والسياحية مرورا بالاستثمارات العقارية وانتهاءا بالمحروقات.
ورغم الاتفاق الذي وقعه بن علي مع الاتحاد الاوربي في 12 نيسان 1995 الذي يشمل قضايا اقتصادية اهمها خلق منطقة مبادلات حرة, اي رفع الحواجز الجمركية, لتنشيط حركة الاقتصاد ,اخذت اعداد البطالة بين جموع الشباب التونسي المتعلم تزداد يوما بعد اخر حتى قفزت من 16% الى 25% عام 1996على الرغم من الحصار الذي فرضته الامم المتحدة على معمر القذافي والذي حرك اقتصاد جنوب تونس اضافة الى الحرب الاهلية التي ادمت الجزائر 1992 وبالتالي زيادة الطلب على البضائع التونسية في الجزائر نظرا لظروف الحرب التي شلت الاقتصاد المحلي الا ان الحالة المعاشية في تونس تدهورت سوءا . لعل مبالغ الحوالات النقدية انذاك خير دليل على ذلك.

المسبب الثاني .(حاكمة قرطاج)

يورد في كتاب (حاكمة قرطاج) الصادر بالفرنسية عن دار الاستكشاف في باريس 2009 جملة قضايا حساسة احرجت السلطة التونسية التي لم تكتف عن منع تداوله بالاسواق حال اصداره بل رفعت دعوى قضائية الى المحكمة الفرنسية من قبل ليلى طرابلسي على المؤلف وقد ردت المحكمة هذه الدعوى لصالح الاخير .يقع الكتاب في تسعين صفحة من القطع المتوسط وقد سرب الى تونس بأعدادٍ ليست بالقليلة.
ما اثار سخط الجماهير هو الثروة الهائلة التي انحصرت بيد ليلى طرابلسي(مواليد 1957) وابناءها واقاربها , يذكر الكاتب ان ليلى طرابلسي عملت كوافيره في صالون حلاقة بعد ان تركت دراستها لتُعيل اهلها الفقراء. تزوجت من رجل اعمال ولم يدم هذا الزواج لاكثر من ثلاث سنوات انتهت بالطلاق. تطورت مهارة ليلى واكتسبت شيئا من رجال التجارة واخذت تسافر لغرض الأتجار الى ايطاليا وغيرها من الدول. وبعدها تتعرف على ضابط في مديرية الامن الداخلي وتنجح في اختطاف قلبه وكسبه فستسلم هذا الاخير اليها. تم ترقية مدير الامن الى وزير داخلية ورئيس وزراء وبعدها رئيسا لتونس بحجة ان بورقيبة في حالة صحية متردية ولايصلح لقيادة البلاد.
تشأ الظروف ويُطّلق زين العابدين زوجته السابقة التي انجبت له ثلاث بنات لتغدو طرابلسي سيدة تونس الاولى او كما يطلق عليها حاكمة قرطاج.
زين العابدين بن علي(مواليد 1936) الرجل الوسيم ذو المظهر الحسن والهندام الشكلي يتسم بصرامة بولسية انهارت امام ليلى .يقول علي بن ابي طالب (اغتيل 40 هجرية) اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت فأن الخير فيها باق ولاتطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت فأن الشح فيها باق, وهكذا سيطرت الطرابلسي على معظم الاستثمارات والشركات والمعامل كما هو الحال مع شركتي الطيران التونسية والهاتف المحمول وبالتأكيد فان الحرمان والفقر اديا الى هجومها البربري على اموال العامة . هربت ليلى مبكرا الى دبي ومعها ثرواتها المجناة, ثم زوجها لاحقا الى السعودية ,هروبا مذلا سيذكره تأريخ الطغاة دوما.
لربما عينا بوعزيزي النيّرة تراقصت بين سطور هذا الكتاب ,فجيء الوقت المناسب للتظاهر حين صودرت عربته ففجر ثورة البؤساء الياسمينية بأشعال جسده الطاهر.

المسبب الثالث والأهم .(بوعزيزي)

بوعزيزي شاب تونسي من مواليد 1984 سكن في بيت متواضع مع عائلته المكونة من تسعة افراد. خريج جامعي لم توفر الحكومة له فرصة عمل كريمة فمتهن البقالة في عربة متواضعة صودرت من قبل اجهزة الامن وحين اراد الدفاع عن حقه صفعته احداهم بضربة موجعة امام الملأ فأهانت كبريائه. بعد ساعات قليلة على هذه الحادثة كتب بوعزيزي على صفحة الفيس بوك معتذرا لوالدته عمّا سيبدر منه من فعل قد يؤلمها فأضرم النار في جسده 16 كانون الاول 2010 وبعد مرور 18 يوما فارق بوعزيزي الحياة واشعل نيران الثورة التونسية اللاهبة فأنهارت حكومة زين العابدين التي لم تنفع اعتذاراتها للجماهير في بقاءها . فهرب مغادرا البلاد 14 كانون الثاني 2011.
زين العابدين بن علي لم يصغ لجماهير جائعة تسلحت بالثقافة فراحت ثروات البلاد تنحصر بأيادٍ قليلة مخلفة جيوش من العاطلين تحركوا اواخر السنة الماضية 2010 واطاحوا بالنظام الفاسد لينفسح المجال امام الجماهير العربية الاخرى المغلوب على امرها للتظاهر من اجل تغيير انظمتهم الفاسدة والمطالبة بحياة كريمة.
بوعزيزي وحّد الارادة الحرة والجماهير المغبونة وأضحى احد ابرز رموز التحرر العالمي . انه شمعة احترقت لتنير طريق البؤساء.
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات