| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 10/9/ 2010

 

عراق ألانقلابات --- الجزء الثالث
 

تشرشل يهدد فيصل بخلعه من العرش

زكي فرحان الخميسي

انزعج تشرشل وضاق صدره ذرعا بمناورات فيصل المكوكيه و تكتيكه بتأخير التصديق على معاهدة الانتداب المهينة، التي تود بريطانيا التوقيع عليها باسرع وقت ممكن لتأمين مصالحها وابقاء العراق تحت وصايتها و حمايتها، و خوفها من رفض الشعب العراقي الاحتلال والانتداب ، واندلاع الثورة المسلحه، كما حدث في ثورة العشرين ،وقال( تشرشل ان بريطانيا صبرها قد نفذ، و لا تنتظر اكثر من هذا الوقت لترى ماذا سيعمل فيصل ؟،، فانني لا ارى اي طيف في الافق، بسبب الاستعجال من جانبنا ،،ولكن اذا اراد فيصل ان يعرقل الاتفاقيه ولا يريد التوقيع عليها فان الامر مرهون به ان يقدم اقتراحا بصيغه تخرج الجميع من المعضلة) وصرح كوكس المندوب السامي في العراق يمكن الحفاظ على الهدوء دون حدوث تطور غير محمود، ينطوي اما على تنازل فيصل عن العرش من جهه، او استخدام اجراءات عنف للسيطرة العسكرية على الموقف ، فجاء الرد من لندن موضحا ما يلي :
مهما كان وضع العلاقات البريطانيه العراقيه سواء حكمتها الوصيه أو الأتفاقيه او الانتداب، فان بريطانيا يجب ان تستشار في ضوء نظام الأنتداب طالما ان بريطانيا تتحمل العبء المالي و العسكري و الحفاظ على الامن الداخلي و الخارجي لذلك ستكون السلطه بيدها ولا تسمح لفيصل و الوطنيين بأثارة مشاعر الشعب والعشائر العراقية برفض المعاهدة،

تراخى فيصل بعض الوقت لدراسة بنود الاتفاقية وسماع آراء العراقيين بهذه المعاهدة، وكان فيصل قد اقتنع بالرد التوفيقي على ان الانتداب سوف يتقلص حالما يكون النظام في العراق قادر على حفظ الامن و الاستقرار، وكان موقف الملك فيصل دبلوماسي بشكله العلني من جهة، وتهدئة الوطنيين من جهة أخرى،وأنه على استعداد للتوقيع على المعاهدة اذا سمح للعراق ان يضيف اليها ملاحظه تشير الى عدم قبول الانتداب، وفي طريق كوكس الذهاب الى البلاط اعترضته حشود من المتظاهرين والمحتجين ،يرفعون الشعارات الوطنيه و ينددون بالأحتلال والانكليز، فتصور كوكس ان فيصلا له ضلع اوعلم في هذه المظاهرة الصاخبه ،او هو الذي أعدها لنيل بعض المكاسب، والضغط على الانكليز، وتعديل بعض بنود الاتفاقية، والآن وبعد التهديد والوعيد وكل تلك المناورات والاحتجاجات الوطنيه و المفاوضات المكوكيه و العراقيل ،يجب على فيصل الأمتثال للمطالب البريطانيه،وإلا سوف تخلع عنه الملوكيه والعرش، و يبعد من العراق، أن لم يصدق على المعاهدة،،و بلغت صلافه المندوب السامي البريطاني حد تسجيل قائمه بأسماء الزعماء الوطنيين المعارضين للمعاهدة بغيه نفيهم الى جزيرة هنجام في الهند تمهيدا لتمرير المعاهدة و ذلك في عام 1922 في اللحظه التي كان الاطباء يحيطون بالملك لإجراء عمليه استئصال الزائدة الدوديه وهي على وشك الانفجار،

رفض الملك فيصل توقيعها وهو في هذا الحال غير المتعافي، فما كان من كوكس إلا ان قام في اليوم التالي بنفي كلا من ( جعفر ابو التمن،و مهدي البصير و سامي خوندة و حمدي الباجه جي و امين الجرجفجي و عبد الرسول كبه) وهم من زعماء الحزب الوطني ومن وجهاء العراق ، و أجبر المندوب السامي بعد ذلك الشيخين محمد الخالصي و محمد الصدر على مغادرة البلاد، ثم نفي الشيخ مهدي الخالصي الذي كان يطالب بقوة الى الاستقلال التام وعدم التوقيع على معاهدة الانتداب،ووحدة الاراضي العراقيه و ضم الموصل اليها ،

وقررت بريطانيا ان تهجر الهنود الى العراق للعمل فيها بدلا من العراقيين الذين يرفضون العمل مع الانكليز محتلي الاراضي العراقية عنوة، وعار على كل عراقي يعمل مع الانكليز، والهدف من توطين الهنود هو تحويل العراق الى مزرعه قطن لتزويد مصانع النسيج في الهند و بريطانيا على غرار ما معمول به في مصر،

لم يتخل الرأسمال البريطاني عن اطماعه في الزراعه العراقيه ،ففي عام 1924 تقدم، نجيب أصفر،الفرنسي الجنسيه والمقيم في الموصل، بالمشاركه مع حمدي الباجه جي و ثابت عبد النور، بطلب الى الحكومه العراقيه لمنحهم أمتياز إنشاء خزان الحبانيه و الفلوجه لإرواء الأراضي ، وقد ضمن الثلاثه الأعتماد المالي المطلوب، وكانت كلفة هذا المشروع يومها بقدر ب 12 مليون باون أسترليني ، وتم التوقيع على العقد .

نص العقد على ما يلي : انشاء سد على الفرات و تحويل بحيرة الحبانيه الى خزان للمياة ومد منفذ له حتى هور (أبو دبس) وانشاء سد آخر على نهرديالى عند (الطويله)، وخصصت للمشروع اراضي مساحتها 240 الف دونم في الفرات و 60 الف دونم في ديالى ، ويذكرالمؤرخ عبد الرزاق الحسني في كتاب تاريخ الوزارات(ج1 ص 196 ) ان الثلاثه، كما ظهر من بعد أنهم كانوا سماسرة لشركات بريطانيه، وزعمت الشركه، انها عاجزة عن تحقيق المشروع وطالبت بالتعويض من الحكومة العراقية، فعوضتها الحكومه بأراضي اللطيفيه الخصبة التي تبلغ مساحتها(32300 ) الف دونم و بقناة اللطيفيه التي شقتها الحكومه على حسابها لصالح الشركة، وملكتها الارض بالطابو بسعر( روبيتين) للدونم الواحد(يا رخص الارض العراقيه) وأخيرا بيع المشروع والاراضي الى التاجر العراقي (عبدالهادي الجلبي) انظر كتاب المؤلف نصير سعيد الكاظمي ، الحزب الشيوعي و المسأله الزراعيه في العراق – مركز الابحاث والدراسات الاشتراكيه في العالم العربي ، دمشق 1986 صفحه 101 /102،،،

تصور عزيزي القارىء كيف يسرق الانكليز البلاد و تنهب اراضيه و ثراوته، والشعب العراقي المسكين يعاني من شظف العيش و المرض والجهل و الجوع والعوز،،، ولنعود و نرى كيف تم التوقيع على هذه المعاهدة المهينه، رغم المعارضه الشعبيه الواسعه والمظاهرات و الاحتجاجات ضدها ، عقد اجتماع ، دعي اليه المجلس التأسيسي (مجلس النواب) في تلك الليلة ،و أستقدمت السلطه الاعضاء بالقوة من دورهم الى حضور الاجتماع تحت تهديد السلاح وأنتزعوهم حتى من أفرشة النوم ، حضر الاجتماع 68 نائبا من أصل مئه، و الباقي تهرب من الحضور، ومع هذا فقد أقرت المعاهدة ليلاً في 10 تشرين الاول من عام 1924 لمدة خمسة وعشرين عاماً، كما اراد الانكليز، و الحقيقه ان عملية التوقيع بهذا الاسلوب المرفوض وطنياً وأخلاقياً كان مدعاة الى السخريه و التنديد، و استياء الشعب العراقي الواسع من الانكليز وعملائهم، الذين عمدوا الى سياسه الترهيب و الترغيب و(البرطيل) الرشوة و توزيع الاراضى مجاناً، و التحايل على الشعوب واستعمار بلدانهم و نهب ثرواتهم و التحكم في مصائرهم،،،( القوة تغلب الشجعان) ..

 يتبع
 


المصادر
1-الدكتور كاظم نعمه،، الملك فيصل والانكليز، ص102
2-عزيز سباهي،، عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي،
3-مركز حفض الوثائق – بغداد كانون الثاني 1922،
4- بيان الاحزاب العراقيه، ودار الاعتماد من والى فيصل،
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات