| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                                      الأحد 10/7/ 2011

     

على جادة أربيل

أحمد جباوي

1
بعد أن تأكدنا من مغادرة المروحيات الثلاث السماء معلنة بذلك أنهاء جولتها اليوميه غادرنا نحن مخبأنا أيضاً وانحدرت سيارتنا بين التلال الواطئه متوجهين نحو أقرب قريه محاذيه لجادة (أربيل قوشتبه) وكانت الشمس على وشك المغيب .أوقفنا سيارتنا بين بيوت القريه المهدمه والذين هجروا أهلها الى(مجمع بنصراوه) من البعيد لاحت لنا شاحنه عسكريه لا يمتلكها الا الجيش (زيل) تتوجه نحو قريتنا فتوجسنا شراً و تمترسنا حول الطريق الرئيس المؤدي نحو القريه وحين أقترب الزيل أكثر وأكثر منا أتضح أنهم مفرزه من ألأتحاد الوطني والزيل أستولوا عليه قبل أيام في أحدى المعارك  .

أنتظرنا حتى مغيب الشمس وثم غادرنا قريتنا متوجهين نحو عبور الجاده من بين ربيتين حيث هناك قرى منطقة شمامك العامرة ، في الواقع أن هذا العبور هو عمل روتيني لا توجد به أي خطورة تذكر فجحوش تلك الربايا كانوا يسمحون لنا بذلك مقابل أن ندعهم وشأنهم، لكن هذه المرة لا تشبه المرات السابقه فما أن أقتربنا من الربايا حتى تطايرت عدة رصاصات فوق رؤسنا ، لم نوليها أهتماماً في بادئ الأمر ، فعادة الجحوش يطلقون الرصاص كي يبددوا خوفهم أو كي يعلنوا عن وجودهم فواصلنا المسير، لكن قذيفة الهاون التي أنفجرت بالقرب منا أكدت لنا أن المسأله أكثر من تبديد خوف فأوقفنا سياراتنا وتقدمنا على شكل نسق ثم أخذنا مواضع قتاليه ودارت معركه فيما بيننا بحدود النصف ساعه ، في لحظة ما نهض من كان بجانبي (من بشمركة أوك) ويده على فمه والدم ينفر منه ومن ثم سقط الى الخلف جرجرناه بسرعه وانسحبنا، في اليوم التالي جاءنا نبأ أستشهاده ..

2
بعد يومين أو أكثر عبرنا تلك الجادة من مكان آخر ولما عدنا أدراجنا في منتصف الليل محاولين عبورها من مكان ثاني غير المكان الذي عبرنا منه أول مرة فوجئنا برمي كثيف بأتجاهنا لكننا أجتزنا الجادة هذه المرة بعد معاناة حقيقيه دامت بحدود الثلاث ساعات قضينا أغلبها بدفع سياراتنا المطفئه (كي لا يسمع هدير محركاتها) أذكر ممن كانوا معنا في تلك المفرزه الشهيد د.عادل والشهيد بله وسائق سريتنا (قره جوغ) المفضل الرفيق هندرين وأخرين من الرفاق الشباب .

أتضح فيما بعد بأن جحوش تلك الربايا تم استبدالهم بفوج أبو جعفر المنصور للجيش الشعبي السىء الصيت .
نوقشت وطرحت بعض الآراء فيما بيننا لمواجهة تلك الربايا لكن الأتحاد الوطني سبقنا الى ذلك . من الطريف في الأمر انهم جاءوا بعد العمليه بستة اسرى عرب من تلك الربايا وكنا في مسجد قرية (ئه مر كو مت) لما عرف أحدهم بأني عربي طلب مني أن أتوسط بأطلاق سراحه فقال يا اخي هذه هي المرة الثالثه التي أتأسر فيها (بالشمال) كلما ألتحق بوحدة عسكريه أقع في الأسر ، هذا شلون حظ خره ،والله أنا لم أطلق عليهم النار وهم اشتموا بندقيتي ، أخوك أنه بلكت تكلهم يهدوني، وراح يكلم نفسه ،هسه حتى اذا هدوني أي متكلي شكولهم للامن أذا سألوني أنت ليش كلما يلزموك يهدوك . بصراحه شعرته صادقاً فيما يقول وأوصلت حديثه لمسؤول مفرزتهم وكانت لنا معه علاقات طيبه .

3
يكثر الحديث عن تلك الجادة حيث أنها كانت جزءً من حياتنا اليوميه. مرةً ونحن قريبين من سيطرة أربيل أرسل الرفيق أبو أحلام أربعه من الرفاق الشباب (أستشهدوا كلهم فيما بعد في معارك ومواقع مختلفة وهم هجار، بولا، هيوا، رزكار) لوضع سيطرة على تلك الجادة فيما توزعت مفرزتنا الكبيرة في قريه قريبه ، بعد حين حدث أطلاق نار كثيف من موقع الكمين ، بعد نصف ساعه أو أكثر عاد الرفاق ومعهم سيارة أخترقها الرصاص من كل جانب وبرفقتهمم ثلاثة رجال مرتعبين لا يستطيعون الكلام تبين فيما بعد أن سائق السيارة لم يستجيب حين طلبوا منه التوقف فأطلقوا عليهم النار لكن بقدرة قادر لم يصب أحداً من راكبيها الثلاثه . في اليوم التالي ألتقينا بمفرزة من سرية أربيل وكان الشهيد الشجاع جيفارا من بينهم ، فراح يتفحص السيارة مندهشاً ويعد الثقوب التي أحدثها الطلقات فيها (على ما أذكر خمسه وعشرون ثقباً) ثم صاح بالله أخبروني كيف لم يمت هذا الكواد السائق أين هو ألآن، فرد الرجل الجالس قرب السيارة وكابوس ألأمس لم يغادره بعد قائلاً - أنا الكواد السائق - فخجل جيفارا وانصرف  .

4
لما لاحت لنا أضواء مصابيح ألبيوت وبدأت بالظهور والازدياد تدريجياً أستطعنا تميز أضواء سيطرة مدخل مدينة أربيل، تلك السيطرة ذات السمعه السيئه والمحاطه بعدة ربايا .أوقفنا سياراتنا على سفح منحدر وتوزعنا الى ثلاثه مجاميع ألاولى توجهت الى داخل المدينه لأداء بعض المهمات والثانيه رابطت عند سياراتنا تحسباً لأي طارئ والثالثه لضرب السيطرة (كنا سبعة او ثمانية رفاق والشهيد دكتور عادل كان على رأس المجموعه)

كان يتوجب علينا المسير لمدة ساعه أو أقل بأراضٍ زراعيه حُرثت حديثاً وكان المسير صعب ومتعب للغايه ولما وصلنا الى مسافه من الهدف أعتبرناها مناسبه لمدى نيران أسلحتنا توزعنا على مجموعتين محتمين بين السواقي، هاجمنا الهدف بعدة قذائف أر بي جي وأسلحه متوسطه وخفيفه ،في الدقائق ألأولى لم يرد علينا أحد ربما تفاجأوا لكن بعد ذلك أناروا المنطقه بقذائف التنوير وهي قذائف مزعجه جداً ، تحيل الليل نهاراً. وتفضح وجودنا... على الاثر دارت مناوشه عنيفه فيما بيننا كنا لا ندري من أين يأتينا الرصاص فالسيطرة وجميع الربايا أشتركوا في المعركه بل وحتى جاش بعض البيوت القريبه تطوعوا وراحوا يصوبون بأتجاه مواقعنا ... بعد حين أنسحبنا وتركنا وراءنا عشرات البنادق ترمي بشكل عشوائى خلفنا .

عدنا بنفس طريق مجيئنا وكان الرفاق بأنتظارنا لنغادر المكان


لندن 2-7-11
 

free web counter

 

أرشيف المقالات