| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 10 / 11 / 2013

 

افتتاحية المدى

السكوت عن فضائح كبار المسؤولين في الإعلام الخارجي.. قرينة

فخري كريم 
 

أصبحت الرسائل التي ترد على البريد الالكتروني من نيجيريا، إشارة مباشرة إلى توطئة "احتيال"، والسبب له علاقة بشبهة الفساد التي وضعت هذه الدولة الإفريقية في المراتب الأولى من الفساد في العالم، ولا ادري هي أم العراق، من يتصدر القائمة.

الحكومة النيجيرية والشركات العاملة معها، لا تولي اهتماماً بالرد على ما يُلصقُ بها، ولا تتولى تكذيب وقائعها، او رفع دعاوى في المحاكم المختصة لملاحقة المسيئين إليها، بتهمة القذف والتشهير. والرسائل القادمة من نيجيريا، او تلك التي يستخدم فيها المحتالون اسم نيجيريا، مغرية للمغفلين، فالرسائل تعرض عليك ملايين الدولارات، دون مقابل، باستثناء إرسال رقم حسابك البنكي، على أن تكون قد أودعت فيه، بضعة الاف من الدولارات، واحياناً بضع مئات فقط!

وهذا النوع المغري من الفساد لم يصلنا بعد، لان المساحة المفتوحة أمام الطغمة الفاسدة للتلاعب والتهريب الميّسر للاموال الملطوشة، وحركة غسيل الاموال، لا تحتاج الى وسطاء. والمغفلون عندنا هم "فئة المليون دينار"! اي الذين يتقاضون رشىً تثير حياء لصوصنا الكبار، لان هؤلاء الموظفين الصغار "يسيئون للمهنة" بقبول مبالغ تافهة، وغالباً ما يُصبحون ضحية كمائن للمفتشين العامين في الوزارات، فيلقى القبض عليهم بالجرم المشهود، ويحكم عليهم بالسجن سنوات. وملفات هيئة النزاهة التي احتفلت قبل فترة بأسبوعها، متخمة بمثل هذه القضايا الصغيرة، التي يذهب ضحيتها موظفون صغار، أغرتهم بيئة الفساد المالي والإداري التي تحيطهم، أينما التفتوا في محيط عملهم وفي الدائرة الأوسع التي تشمل الدولة الفاسدة.

ومن حق هيئة النزاهة ان تقول إن الفساد لا يميز بين "الحوت" و"السردين" او بلغة المصريين "الأرنب" و"الفيل" كناية عن المرتشي بمبالغ "خردة" وسارق "الملايين" فكله يدخل في خانة الفساد، ويتصيد فيها الفقير المسكين اي فرصة للحصول على مالٍ يداري به خيبته في الحياة، او ليغطي حاجة عياله للعلاج او التخلص من عبء دين مرهق، ولأنه "هاوٍ عرضي" لا دراية له بمسالك الرشوة والتحوط من الكمائن، فإنه يسقط في اول تجربة له في هذا الميدان الذي اصبح ولوجه "فنّاً" يتطلب موهبة ومعارف وعلاقات معقدة، لم يتسن له استيعاب دروسها، ولا الاطلاع على الحكمة القديمة التي جسدها النص البليغ "القانون لا يحمي المغفلين"!

واذا كانت الحكومة النيجيرية، او شركاتها لا تُعنى بما يشاع عنها او باسمها، ومن خلال مواطنيها، لان ذلك اصبح "فاقد الصلاحية" لمرور سنوات طويلة على ممارستها، فان العراق الجديد، الغني، المتخم بالايمان والتقوى، اخذ مع مرور الايام، يحتل موقعاً اثيراً، سواء في القائمة الدولية للفساد، او الاحتيال او غسيل الاموال والعبث بسمعة العراقيين.

ومن بين اكثر الاساءات التي تنال من سمعة، العراقيين، المبرأة ذممهم من شبهة الفساد والاحتيال، ما تنشره صحافة بلدان اللجوء الأوربية، عن مسؤولين كبار في دولتنا الفاشلة، تتعلق بمزاعم عن تلاعباتهم المالية، واستمرار بعضهم وعوائلهم باستلام الاعانات الاجتماعية، رغم تبوئهم مراكز عليا في الدولة، والاستفادة من التسهيلات الاخرى التي توفرها الدولة المضيّفة، دون ان يرف لهم جفن او يبالون بما يلحقون من عيبٍ وضرر بسمعة وطنهم الاول العراق، وأفعالهم المنكرة تجعل العراقيين في دول اللجوء، موضع شبهة دائمة.

ولا تنقطع مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل التبادل والاتصال المختلفة، عن نشر مواد تشكل إساءات شخصية وفضائح، تتعرض لسلوك نواب ووزراء ووكلاء ورجال دولة كبار، يتداولها عراقيون حسنو النية، من المقيمين في الخارج او الداخل، مستاؤون من الفساد المستشري، الى جانب كثرة من فلول النظام السابق، ويعاد نشرها على نطاق واسع، على مدار الايام والأسابيع، وترسل على البريد الالكتروني لآلاف العراقيين والأجانب، إمعاناً بالتشهير.

وهذه الممارسة اسلوبٌ دارج، للأسف، في الصراع السياسي، لكن ما يشجع عليها، ويوسع نطاق تأثيرها، التزام الجهات المسؤولة المعنية بذلك، جانب الصمت إزاء ما يُنشر، وعدم توضيح الحقائق، او تفنيد الوقائع اذا ما كانت مفبركة او كاذبة.

وليس المطلوب، التعامل مع كل ما يُنشر، والرد عليه، لكن المطلوب التصدي الجدي، لما يُنشر في الصحافة ووسائل الاعلام في البلدان الأوربية، الحاضنة للشخصيات الرسمية التي تتناولها الإشاعات والاقاويل عن سلوكها، وأسرها، المخالفة للقوانين المرعية فيها.

فصحافة بلدان اللجوء تناولت على مدار السنوات الأخيرة، اساليب مشينة للتهرب والتحايل على القوانين، يقوم عبرها نواب ومسؤولون كبار، وكان هدفها في الفترة الاخيرة، احد كبار المسؤولين في وزارة مهمة. ولابد من صدور ما يفند الادعاءات التي تضمنها، وتشكل اساءة بالغة للعراق، قبل المسؤول الكبير.

قد يكون المنشور، مجرد إشاعات تتبادلها المواقع، وتحوك حولها المبالغات، وتعممها على آخرين، وهذا لا يقلل من اهمية الرد والتوضيح، خاصة اذا كانت تستهدف مسؤولاً نافذا، تتطلب مهمته، النزاهة وحسن السيرة والحرص على حياة ومتعلقات كل مواطن عراقي، ناهيك عن الحفاظ على امن البلاد وصيانة سيادتها واستقرارها، وحماية المال العام من التبديد والنهب.

والفاسد في مثل هذه الحالة، لا ينحصر اثره في التجاوز على ممتلكات الدولة، بل يعرض الامن العام والخاص الى خطر كبير، اذا ما جرى التواطؤ مثلا، من موقع المسؤولية المقررة، على امرار صفقات مشبوهة وسلاح فاسد، كما هو الحال مع جهاز "كشف المتفجرات" الذي اُفتضح كونه "جهاز العاب" وحكم على صاحب الشركة المصنعة له في بريطانيا بالسجن، ولم يردع هذا الحكم، قادة اجهزة الامن والداخلية ويدفعهم الى رفع الاجهزة من التداول، وظلت سارية المفعول في السيطرات، تمر بها السيارات المفخخة بالعشرات، وهي تحمل أطناناً من المتفجرات، تستبيح أرواحاً بريئة. وما زال التاجر العراقي الموّرد للبضاعة القاتلة، يسرح ويمرح في عمان، ويواصل إغواء الوزارات ويصدر لها بضائع بأضعاف اضعاف أسعارها الفعلية..!

صحيح اننا نعاني من استشراء الفساد، وكل اساليب الغش والتحايل، حين يتعلق الامر بالتجاوز على المال العام ونهبه، لكن هذه كلها، تظل "قضايا داخلية" لا يجوز السماح بتناولها من قبل الغير، فاقل من ذلك بالنسبة للدول المحترمة، يعد "تدخلاً في الشؤون" لا تسكت عنه، ولا تقبل المساومة عليه!

ومن حقنا كابناء لهذا البلد، ان نطلب من حكومتنا الرشيدة، "الستر" علينا، بعد ان سدّت علينا منافذ طلباتنا الأخرى "العصيّة" عليها..

اننا مطوقون بـ"الاشاعات والتلفيقات والاكاذيب" حول فساد حكومتنا وكبار المسؤولين فيها. وتتجرأ علينا وسائل اعلام الدول الاوربية، التي "يتأثر" قادتها بما تنشره، ويبنون عليه نهجهم وسياستهم، "دون تمحيصٍ" كما نفعل نحن في الحكومة والبرلمان والعملية السياسية. وعلينا ان نعمل بكل ما أوتيت دولتنا "المغلوبة" على امرها، لفك هذا "الطوق" عنا.. وإلا فليس امامنا سوى تصديق الاشاعات المنشورة في الصحافة العالمية، ونشرها كموضوعات رئيسية..!


المدى
العدد (2934) 10/11/2013

 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات