| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس  10 / 10 / 2013


 

حين لا تبتسم النتائج!

رحمن غريب

انتخابات أقليم كوردستان الاخيرة افرزت وللمرة الاولى منذ ما بعد انتفاضة آذار 1991، بروز قوة جديدة خرجت من رحم الاتحاد الوطني الكوردستاني لتضع (الحزب الام) في المرتبة الثالثة في الترتيب الجديد للقوى السياسية الفاعلة على الساحة الكوردستانية. وبهذا انهت و ربما بشكل مؤقت اللعبة السياسية التقليدية للقوى القديمة، لتفتح الابواب امام قوى جديدة لرسم مستقبل البلاد بعيدا عن الاحتكار والتفرد .

حزب التغيير الذي يقوده (نوشيروان مصطفى أمين)، الذي كان الشخص الثاني في الاتحاد الوطني الكوردستاني منذ تأسيسه ولحين انشقاقه عنه عام 1996، فاز بالمرتبة الثانية بحصوله على 24 مقعدا. بهذا وضع حزب الاكثرية البرلمانية، الديمقراطي الكوردستاني (حزب رئيس الاقليم) في مأزق لا يحسد عليه، و يتوقع ان يجعل مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة في غاية الصعوبة.

حركة التغيير بدأت حملتها الانتخابية بشعار/ وعد الوصول الى السلطة، كتعبير عن رغبتها في فرض اشراكها في الحكومة المقبلة، باشتراطات غير تقليدية قياسا للسائد و المتعارف.

فحركة التغيير تريد "الوزارة وليس الوزير"، مؤكدة بذلك موقفها الرافض لاحتكار الأدارة الفعلية لمجمل الجهاز التنفيذي للسلطة من قبل الحزبين ، الديمقرطي والاتحاد الوطني. و تؤكد الحركة أن في حال دخولها في المفاوضات من اجل المشاركة الحقيقية في الحكومة، فستطالب بوضع جميع الوزارات على طاولة التفاوض، كما ان الحركة تريد ادارة الوزارات التي ستحصل عليها حسب الخطوط العريضة لبرنامجها الانتخابي هي ، وهذا يقتضي اجراء تغييرات جوهرية في كل هذه الوزارات. حركة التغيير لن تقبل منصب الوزير، مع بقاء البنية الأساسية للوزارة على حالها، تحركها الأيدي الخفية لأحد الحزبين الحاكمين. فمن المعرف انه بغض النظر عن شخص الوزير و انتمائه الحزبي، فإن معظم الملاكات الوظيفية الأساسية في كل وزارة من وزارات الأقليم قد تم احتكارها بين الحزبين الحاكمين منذ اكثر من عقدين في كوردستان.

نتائج الانتخابات البرلمانية الجديدة، وبروز معارضة اقوى واوسع مما افرزته الانتخابات الماضية عام 2009 ، يضع الحزب الديمقراطي الكوردستاني امام مسؤولية كبيرة، تتمثل في القبول بهذه المعارضة واحترام قوتها، الكف عن تخوينها، والعمل بروح الشراكة لبناء النظام الديمقراطي التعددي الحقيقي الذي هو حلم شعب ضحى كثيرا في سبيل تحقيقه.

الحزب الديمقراطي وحركة التغيير يملكان معا ما مجموعه (62) مقعدا. و هذا يمنحهما اغلبية مريحة لتشكيل الحكومة الجديدة معا، ولكن ذلك يصطدم مع الاسف بغياب الحد الادنى من التوافق السياسي بينهما، خصوصا ان حركة التغيير تشن ومنذ تأسيسها حملة غير مسبوقة عبر قنواتها الاعلامية على الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وتتهمه باحتكار النشاط الاقتصادي وبالإتجار بالأموال العامة، بل وتصل حد اتهامه بالخيانة الوطنية.

من ناحية أخرى، فان انحسار عدد مقاعد الاتحاد الوطني لا يجرّده من القوة التفاوضية، بل لازال بأمكانه ان يلعب دورا رئيسيا في المفاوضات لتشكيل الحكومة الجديدة، وقد يكون موقفه حاسما في هذه العملية، خصوصا في ظل بروز اصوات مؤثرة داخله، تدعو الى التوجه للمعارضة وعدم المشاركة في الحكومة.

ولكن خيار المعارضة خيار صعب من الناحية العملية للاتحاد الوطني، و يوازي من حيث الصعوبة قرار حركة التغيير بالتوجه الى المشاركة في سلطة، كانت الحركة، ومنذ تأسيسها، تصفها بأنها سلطة فاسدة ومفسدة.

فمآل اتفاقية التحالف الاستراتيجي بين حزبي البارزاني والطالباني، سوف يفرض نفسه بقوة في اي مفاوضات تجري بينهما. فقيادات الاتحاد الوطني تكونت لديها مآخذ جمة على بنود الاتفاقية وآليات تنفيذها في السنوات الماضية، و ترى أن حيفا كبيرا لحق بالاتحاد الوطني جراء تهميش الحزب الديمقراطي لهم واحتكاره لمعظم المواقع المهمة في السلطة.

و ازاء تلاشي امكانات التفاهم السياسي بين الأتحاد الوطني و حركة التغيير على تكوين كتلة تفاوض موحدة تجبر الحزب الديمقراطي على التخلى عن موروثها التقليدي في التهميش المنهجي لشركائها، فإن كل الإحتمالات المتاحة تنذر بشتاء سياسي قارس في كوردستان يهدد مبادئ الحياة الديمقراطية و الأدارة الشفافة و النزيهة لمؤسسات ادارة الأقليم.

 

جريدة العالم
الخميس 10 / تشرين الأول 2013

 

free web counter

 

أرشيف المقالات