الثلاثاء 10 / 9 / 2013

أيلول88 عبد القادر البصري كان شهرُ تشرين الأول يحلُ في مراني جميلا ً كعادته ،.. تحت ظلالِ شجرة ِجوزٍ معمرةٍ ، جلستُ ودفترُ الاستعلامات ، لم تدون فيه كلمة ً واحدة . السنجاب اللعين كان ذو مزاجٍ رائقٍ ومرحٍ ذلك الصباح.. فلا يتركُ فرصة ً حتى يلتقط َثمرة َجوز.. وبعضُ الثمر يفلتُ من بين مخالبه الصغيرة ، ليتساقط على البطانية التي فرشت لتكون بمثابة دائرة استعلامات.. في ذلك اليوم من شهر تشرين الأول /1987 كان أبوآيار هو الآخر مرحا ومشاكساً الى حد كبير .. بدأ بألتقاط الجوز او رمي الاغصان بالحجارة.. ويصرخ ُ بصوتٍ عالٍ : أنسوي جاي وناكل جوز ونستعلم [من استعلامات] .. ولا تأبه بالاداري.... لماذا لا يسمح بالتجميع [جمع الجوز].. كان حينها الاداري النصير ابو حازم واقفاً على مبعدة ثلاثة امتار منا ينظر الينا مبتسماً وفي حيرة البحث عن اجابه .. كان ابو آيارمتعمداً المزاح بهذا الشكل الثقيل : سأقطف ُ الجوز و"اشك حلك اللي يحجي" .. قالها وغمزني غمزته المعهوده ، قلت "اسكت لا يشكون شراويلنه" .. ضحكنا كثيرا تلك اللحظات ،.. مرَ احد الانصار حاملا ً بيده مذياعا ً .. كان طرباً لصوت فيروز وهي تغني "ورقه الأصفر .. شهر أيلول ".... أخذنا ندندنُ بالأغنية حتى بعد ذهاب ذلك النصير "رجع أيلول..رجع أيلول".. كان نشيطا ً ذلك الصباح .. حلق لحيته التي اعتاد اطلاقها لفترات طويلة... رتب بعض حاجياته في حقيبة الظهر "العليجه" .. دفن بعضاً من الورقيات والاقلام.. جهز الكاميرا.. تقدم مني كان يبدو متماسكاً .. علت شفتيه ابتسامة غير كامله كان في زرقة عينيه غيمة ُحزن .. كنت حينها قد أحسستُ بأنه سيتوجه في مجموعة الى مكان ما حيث تقرر تقسيمنا الى مجاميع مستقلة للخلاص من الحصار.. قال لي مبتسماً ابتسامة تسللت اليها لمسات حزن غريب : أتعلم الى أين ؟ قلت : نعم ، أعتقد بأننا سنلتقي.. لذا لم يكن بمقدورنا ان نودع بعضنا كما يجب الوداع كان ذلك في التاسع من أيلول 88 "رجع أيلول.. وأنت بعيد" عادت الأغنية ُ وبايقاعٍ مختلفٍ تماماً هذه المرة ، حزنٌ كثيف يلف كاره ... حين ابتعدت بك الخطى في أيلول .