| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                             السبت 10/11/ 2012

 

بعد ربع قرن
رأي في حركة الانصار الشيوعيين
(2)

عدنان اللبان
Wz_1950@yahoo.com

من الاخفاقات السياسية والتعبوية , غياب الاستراتيجية الواضحة لحركتنا الانصارية , فلم نكن نعرف بالضبط ماذا نريد من هذه الحركة ؟ وعدم تحويل الحركة الانصارية الى حركة جماهيرية فاعلة خلال سنوات نشاطها, ولم تستطع ان ترتقي الى مستوى الامل للجماهير الشعبية , او تساهم بفاعلية في تعبئتها ضد الدكتاتورية ,ولذلك اسبابه :

1-
تركز اغلب العمليات والنشاطات المسلحة في الريف وبعض القصبات الكردستانية , وعدم القدرة على توسيعها لتشمل المدن الكردستانية الكبيرة الا القليل منها , نتيجة التواجد المكثف لقوات السلطة من جهة , وأحيانا الاحتراب فيما بين الفصائل المسلحة من جهة اخرى .

2-
التهجير وحرق القرى وبناء المجمعات القسرية , ووجود الحزام الامني لمسافة 36 كم ساهم الى حد كبير في عزل الحركة الانصارية عن جماهيرها .

3- شراسة السلطة وهمجيتها في قمع النشاطات الانصارية , واستخدامها لأحدث انواع الاسلحة بما فيها اسلحة الابادة الجماعية الشاملة , وحملات الانفال السيئة الصيت .

4- الحرب العراقية الايرانية وتأثيراتها السلبية سياسيا وعسكريا وميدانيا على حركة الكفاح المسلح ضد الدكتاتورية , خصوصا بعد تحول ميزان القوى لصالح ايران ودخولها الاراضي العراقية . الامر الذي ادى الى ظهور دعاوى الدفاع عن الوطن , والتصالح مع النظام , والإسهام في القتال الى جانب القوات المسلحة العراقية ضد الايرانيين . كما ادت الى سعي بعض القوى الحليفة والشقيقة وحتى في داخل الحزب للانتقاص من وطنيته , بالرغم من موقفه الواضح ورفعه شعار " ايقاف الحرب فورا وإسقاط الدكتاتورية " في مؤتمره الوطني الرابع .وكذلك رفضنا القاطع لدخول الايرانيين الى الاراضي العراقية وابتعادنا عن مواقعهم ومسرح عملياتهم العسكرية , وكذلك انتقادنا الاحزاب القومية الكردية لإشراكها فصائل بيشمركَتها في التعاون والتنسيق والقيام بأعمال الدلالة للقوات الايرانية , حيث اساءت هذه المواقف الى حركة الانصار وساهمت بتأليب قوى عديدة عليها فضلا عن الاحراج الذي اوقعتنا فيه .

5- ورغم ذلك استمر التعويل على حلفائنا غير المؤتمنين اصلا , خصوصا في بعض الاعمال العسكرية او الدفاع المشترك , خاصة وان الاحزاب القومية الكوردية لم تكن تؤمن اساسا بالجماهير كأداة للتغير الثوري , وسعت الى استلهام مفهوم السلطة عن سياسة القطيع وتطبيقه عمليا في تعاملها اليومي مع هذه الجماهير . وكانت تبحث باستماتة عن سند خارجي (ايران , تركيا ,اميركا ..الخ) وجعل الكثير من قراراتها ومواقفها السياسية مرهونة بإرادة الغير , مما اشاع اليأس لدى الكثيرين من امكانية نجاح الحركات الانصارية في تحقيق اهدافها . ومن ناحية اخرى نجحت السلطة في اختراق القوى القومية الكردية , او استدراجها الى فخ التفاوض , وفي الحالتين كان الاحتراب فيما بينها هو المحصلة النهائية , مشفوعا بنزعة الاستئثار والهيمنة لدى هذه القوى , مما اضعف مصداقيتها وساهم في عزلة الكفاح المسلح .

6- كانت تأثيرات الاتفاقية الامنية والعسكرية بين العراق – تركيا التي سمحت للقوات العسكرية التركية بدخول الاراضي العراقية لمسافة 17 كم كبيرة على نشاط حركة الانصار , وأسهمت الى حد كبير بمحاصرتها .

7- كما ان التعويل على شعار ( مواصلة الحرب لإسقاط الدكتاتورية ) من قبل اطراف في المعارضة , وأوساط داخل الحزب , كان له تأثير سئ على العمل الانصاري لجهة الاساءة الى سمعته اولا , ولجهة غياب اي تصور لإمكانية توقف الحرب مع بقاء النظام , وبالتالي عدم اتخاذ اية اجراءات وقائية يمكن ان تخفف او تحد من حجم الخسارة المتوقعة بعد توقف الحرب . وهذا ما تكشف بشكل مذهل اثناء انتكاسة 1988 حيث سادت اجواء الرعب والارتباك والفوضى الجميع , ووصل اليأس الى اقصى مدياته معلنا الهزيمة العسكرية والسياسية للحركة الانصارية في هذه المرحلة من نضالها .

8- عدم القدرة على توسيع الكفاح المسلح باتجاه المناطق العراقية الاخرى ( تعريق الكفاح المسلح ) . يرادف ذلك الاخفاق في اقامة الصلات مع الحركة الجماهيرية المسلحة للعسكريين الرافضين للحرب في الاهوار , وكذلك مع الرافضين للخدمة العسكرية في كوردستان .

- ومن بين الامور المؤلمة الاخرى التي ساهمت في اضعافنا , جرى التفريط بكثير من الشيوعيين , وبعضهم مناضلين معروفين بذريعة الذهاب الى كردستان , والويل لمن كان يعلن عدم استعداده الذهاب الى هناك .

- لم يستطع الحزب ان يطور او يوسع تنظيماته المحلية ولا ان يطور الكادر الكفوء بالرغم من توافر الظروف الملائمة, كما لم يستفد الحزب من كادره السياسي والعسكري بشكل جيد , وجرى التفريط بكفاءات ممتازة لافتقارها الى المحاباة والولاء الشخصي .

- لم نستخدم اعلامنا بشكل جيد , ولم نلعب دورا جيدا في تثقيف الملتحقين الجدد ورفع مستوى وعيهم السياسي وكذلك الحال مع قواعد الاحزاب الاخرى .

- رفد المنظمات والخطوط الحزبية في الداخل كان دون المستوى بكثير , بل لم نول العمل الحزبي في العمق الاهتمام الذي يستحقه .

- عدم وجود آلية سليمة لتصريف الامور المالية , والجميع لا يعرف عنها شيئا عدى المكلفين بها .

- وفي الجانب العسكري عدم وجود عمليات عسكرية نوعية الا القليل منها وهو ما ولد عدم قدرة الحركة على ايذاء النظام جديا .

- الصراع بين المستشار السياسي والمسؤول العسكري اثر سلبا على الاداء العسكري للأنصار .

- سيادة الروح العشائرية في مواجهة الاخطار المحدقة في الكثير من الفصائل الانصارية , وتقديم خسائر غالية وغير مبررة كما حصل اكثر من مرة في قرى كَرميان والسليمانية وبشتاشان الثانية .

- عدم وجود خطة طوارئ والافتقار الى اماكن احتياطية .

- اختيار اماكن ساقطة عسكريا ( بشتاشان مثلا ) .

- تحول العديد من المقرات الى مدن وإغراقها بكل حياة المدينة .

- لم يدرك القادة العسكريون للوحدات الانصارية التباين الكبير بين الحركة الانصارية لحزبنا في الستينات وبين الحركة الجديدة في الثمانينات , لا من حيث طبيعتها ( فالأولى كانت ذات طبيعة فلاحية ) ولا من حيث ظروفها وأهدافها , او طبيعة العدو الذي يواجهها والإمكانيات الهائلة التي يمتلكها . وقد تم ممارسة العمل القيادي بنفس الاسلوب السابق مما اوجد فجوة كبيرة بين هذه القيادات والأنصار .

- لم نستطع التأثير على الجيش والقوات المسلحة , وبعد الانتفاضة لم نستطع استيعاب الملتحقين منهم .

- وهناك سلبيات اخرى , مثل اجبار الرفاق على التوجه الى كوردستان ادى الى اثقال الحركة الانصارية بالمرضى وكبار السن , وبغير الراغبين اصلا في المجئ فضلا عن النساء والأطفال .

- توطد مواقع المركزية البيروقراطية وإهمال آراء الرفاق في القاعدة الحزبية والأنصارية .

- شيوع ظاهرة الليبرالية والتسيب والتي تكمن اساسا في تخوف الرفاق من ابداء آرائهم بصراحة في الاجتماعات (عدم فاعلية الاجتماعات الحزبية في تلبية الحاجة لمناقشة سياسة الحزب بحرية تامة والخوف من المحاسبة), والطريقة الخاطئة في ادارة الصراع الفكري والحساسية الزائدة من النقد , وحجب الكثير من الاخبار والنشاطات عن عدد كبير من الرفاق ( لحد عضو محلية مثلا يحق له الاطلاع على هذه الاخبار ) .

- تفشي ظاهرة العرب والأكراد في بعض الاوقات , بتغذية من بعض الكوادر الحزبية خاصة في السليمانية .

- ضعف اليقظة الثورية رغم ادعائنا بامتلاكها والتنظير لها .وترتب على ذلك حصول بعض الاختراقات الخطيرة مثل ابو بهية وابو هيمن وابو طالب .

- طغيان الهرمية التنظيمية في تحديد المواقع والمسؤوليات السياسية والعسكرية , دون الالتفات في اغلب الاحيان الى معايير الكفاءة والاخلاص للرفيق , ولهذا لم تكن التقديمات الحزبية على اساس الحاجة والكفاءة , بل كانت تتم على اسس اقليمية وقومية وطائفية , وقيم الولاء الشخصي . وحتى العشرة ( المبشرة بالجنة ) كما يسميهم الانصار بسخرية , الذين اختارهم السكرتير السابق للحزب عقب انتهاء المؤتمر الرابع , انما اختارهم وفق مواصفات محددة , يأتي في مقدمتها التنفيذ اللا شرطي للأوامر الصادرة من مركز القرار , والنظر لهذا المركز كولي نعمة لا يجوز اغضابه . وبسبب هذه الممارسات اصبحت سوق الانتهازية والوصولية والتمسح بأكتاف المسئولين رائجة .

لكل هذه الاسباب وانسداد الافق وعدم سقوط النظام , رغم التبشير بسقوطه مرات كثيرة , اطبق اليأس على الكثير من الانصار ودفعهم باتجاه البحث عن سبل للخلاص الفردي . ولعل هذا يفسر جانبا من التآكل المستمر في قوى الحزب التنظيمية والتأثير سلبا على ادائه السياسي , خصوصا في ظل الاوضاع المزرية التي آل اليها العراق والمنطقة العربية بعد غزو الطاغية للكويت , وانهيار الاتحاد السوفيتي وبلدان المنظومة الاشتراكية .

ان حركة الانصار الشيوعيين ونضالاتهم كانا مبررين بسبب الطبيعة الوحشية للنظام العراقي , وغلقه اي منفذ مهما كان ضئيلا لمواصلة النضال بوسائل سلمية . كما كانت التضحيات الكبيرة التي قدموها مبررة من اجل الدفاع عن الذات وتفاديا للموت السياسي , الذي كان سيحل عاجلا ام آجلا لولا هذه الحركة المجيدة .
 



 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات