|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  24  / 5 / 2017                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

المفوّضية تسابق الزمن لمنح الميليشيات صفة الأحزاب

زكي رضا
(موقع الناس) 

لو أردنا وصفا أقرب الى الدقّة لما يسمى بالدولة العراقية تحت هيمنة القوى المتحاصصة، فأننا نستطيع وبدون تفكير طويل القول من أنّها دولة "بريمرية" مشوّهة كمولود بلا رأس وبثلاثة أرجل. فبريمر المعيّن من قبل الإدارة الأمريكية وقتها كمشرف على العراق وفي الفترة التي قضاها كحاكم مدني فيه، رسّخ مبدأ المحاصصة بالسلطة ولكن بشكل "ديموقراطي"!!. ولكي يضمن إستمرار "الديموقراطية" هذه بالبلد من وجهة نظره فأنه أصدرعدّة قوانين إعتبرها ضامنة لديمومة العملية "الديموقراطية" وتطورها ومنها الهيئات المستقلة، فكان البنك المركزي العراقي، وديوان الرقابة المالية، ودواوين الأوقاف، وهيئة الأعلام والأتصالات، والمفوضّية العليا لحقوق الأنسان، ومفوضّية النزاهة العامّة، ومؤسسة الشهداء، والمفوضّية العليا للأنتخابات وغيرها. وقد عدّ الدستور العراقي الذي جاء بدلا عن قانون الدولة الأنتقالي لينص في مادّته الرقم "102" على "تُعَد المفوضّية العليا لحقوق الانسان، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النـزاهة، هيئاتٌ مستقلة، تخضع لرقابة مجلس النواب، وتنظم اعمالها بقانون".

الّا أنّ الذي حدث في عهد المالكي ولرغبته بالهيمنة على السلطة فأنّه أفرغ الفقرة الدستورية أعلاه من محتواها، بعد أن قاتل من أجل ربط بعض الهيئات المهمّة والمؤثرة على المشهد السياسي، كالبنك المركزي وهيئة الأعلام والأتصالات والمفوضية العليا للأنتخابات بمكتب رئاسة الوزراء خلافا للدستور وقد نجح في ذلك بعد أن إشترى ذمم القضاة في مجلس القضاء الأعلى. ومنذ ذلك الحين أصبحت المفوضيّة التي أريد لها أن تكون دعامة من دعائم "الديموقراطية"، هيئة فاشلة وفاسدة كما السلطات الثلاث والوزارات وجميع مفاصل الدولة، لتنتهي هي الأخرى الى مستنقع المحاصصة العفن وليعيّن المالكي ومن خلفه مسؤولين عنها بأنفسهم.

لفساد المفوضية وإرتباطها بالقوى المتنفذة في السلطة وتوزيع مناصبها بين الكتل السياسية حسب ثقلها وقبل أن ينتهي عمرها دستوريا، أقدمت وفي مخالفة دستورية واضحة وصريحة بمنح ميليشيا عصائب أهل الحق المتهمّة بمشاركتها في حملات التطهير الطائفية والتي أطلق المالكي سراح زعيمها "قيس الخزعلي" المتهم بالأرهاب وقتها من سجنه ، إجازة تأسيس حزب سياسي تحت إسم "حركة عصائب أهل الحق".

أن الدستور العراقي في مادّته التاسعة الفقرة "ب" يؤكد (يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة)، والعصائب وغيرها من الميليشيات الإسلامية لها تنظيماتها العسكرية شبه النظامية ووجود محسوس في الشارع العراقي منذ سنوات ما بعد الإحتلال لليوم. هنا قد يقول البعض من أنّ العصائب ومعها جميع الميليشيات الشيعية قد أنضوت للعمل في مؤسسة جديدة هي ما يسمى بـ "الحشد الشعبي" والتي أصبحت تضاهي القوات المسلحة العراقي وفقا للأمر الديواني رقم 91 لسنة 2016 والصادر من مكتب العبادي. الا أن هذا الأمر يتناقض هو الآخر مع ما جاء في الفقرة "ج" من نفس المادة والتي تنص على (لا يجوز للقوات المسلحة العراقية وأفرادها، وبضمنهم العسكريون العاملون في وزارة الدفاع أو أية دوائر أو منظمات تابعة لها، الترشيح في انتخاباتٍ لإشغال مراكز سياسية، ولا يجوز لهم القيام بحملات انتخابية لصالح مرشحين فيها، ولا المشاركة في غير ذلك من الأعمال التي تمنعها أنظمة وزارة الدفاع، ويشمل عدم الجواز هذا أنشطة أولئك الأفراد المذكورين آنفاً التي يقومون بها بصفتهم الشخصية أو الوظيفية، دون أن يشمل ذلك حقهم بالتصويت في الانتخابات). وهذا يعني أن لا حق للعصائب حتّى إذا أعتبرناهم جزء من القوات المسلحة، في أن يترشحوا للأنتخابات وشغل أي مركز سياسي.

أن إقدام المفوضّية على منح العصائب إجازة تأسيس حزب سياسي للمشاركة بالأنتخابت ليست مخالفة دستورية فقط، بل هي جريمة جديدة تضاف الى جرائمها "تصويت الإيرانيين والأفغان الشيعة لصالح الكتل الشيعية" وجرائم السلطة التي تريد أن تعقّد المشهد السياسي أكثر، ومحاولة منها لترسيخ مبدأ عسكرة المجتمع والدولة لصالح الأحزاب الطائفية. وليس ببعيد أن تقدم المفوضية في عمرها الباقي على منح إجازات تشكيل أحزاب لجميع الميليشيات الشيعية.

أن منح العصابات الإرهابية المنفلتة والمسلحة صفة أحزاب لخوض الصراع الأنتخابي القادم، إضافة الى عدم تغيير أعضاء المفوضية والتي تطالب به الجماهير من خلال تظاهراتها الأسبوعية، يعني أنّ السباق الأنتخابي وصل الى نهايته مع عدم وجود ما يشير الى تبني قانون عادل ومنصف للأنتخابات. فهل ستغامر القوى المدنية بخوض سباق أنتخابي ستكون خارجه منذ الأمتار الأولى!!؟؟؟

أنّ تثقيف الناس على مقاطعة الأنتخابات وعقد ندوات وطاولات حوار في الشوارع والساحات والمقاهي لهذا الغرض، يعتبر اليوم واجب وطني لمواجهة عصابات الجريمة المنظمة وهيمنتها على القرار السياسي. قاطعوا الأنتخابات لأبقاء المساحة القليلة من الثقة التي بقيت عند الجماهير بكم، وكي لا تمنحوا الشرعية للأحزاب الأسلامية الحاكمة.

هل ستعقدون مؤتمرا صحفيا بعد أنتهاء الأنتخابات لتوضحوا فيه سبب الهزيمة من أنها جاءت بسبب فساد المفوضية وعدم اقرار قانون انتخابي عادل ومنصف وعدم وجود قاعدة بيانات لعدم اجراء إحصاء سكاني وغيره من الأسباب!!!!!؟ عفوا نسيت أمرا، لا تنسوا أن تحاولوا الحصول على أعداد الإيرانيين والأفغان والبحرانيين والحوثيين الذين سيصوتون الى القوائم الشيعية عن طريق إتصالكم بالسيدة (ماجدة التميمي) والتي ستعطيكم الأعداد قبل حلول أنتخابات 2022 كدعاية أنتخابية.

 

الدنمارك
2
4/5/2017

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter