| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

زكي رضــا
rezazaki@hotmail.com

 

 

 

                                                                                    السبت 13/8/ 2011



ساسة الكويت ليسوا عمالقة ، بل ساستنا اقزام

زكي رضا

بعيدا عن الحقوق التاريخية التي جعلها العديد من الساسة العراقيين ، ولسنوات طوال مدخلا ( سلبا وايجابا ) لرسم سياسة البلد تجاه الكويت . التي كانت سببا اساسيا لتعكير الاجواء وتسميمها احيانا بين الدولتين العضوين في الامم المتحدة ، والتي انتهت نتيجة حماقات البعث الارعن باحتلال الكويت ، ليبدأ حينها الفصل الاساسي في انهيار العراق كدولة وشعب وتبديد الثروة الوطنية . وبعيدا عن الانتقام والتشفي الكويتي من العراق كدولة وشعب ، ورثا نتائج جرائم البعث الكبيرة ، بل وحتى بعيدا عن دور الكويت اسوة بدول الجوار الاخرى ومساهمتها في طبخ وانجاح انقلاب شباط 1963 الدموي . وبقراءة غير مستعجلة للسياسة الكويتية تجاه العراق بعد الاحتلال ولليوم ، ومقارنتها بسياستها تجاه العراق ابان حكم البعث قبل وبعد احتلالها من قبل البعثيين ، نستطيع ان نكتشف ومن دون اي عناء ، ان الساسة الكويتيين عملوا ولا زالوا وعلى عكس ساسة العراق لليوم ، في سبيل مصالح شعبهم ووطنهم ، ولهم في هذا كل الحق ، فهل هناك دولة في العالم ( عدا العراق الاسلامي وقبله البعثي ) لا تهمها مصلحة شعبها وتقدمه !؟

لو راجعنا السياسة الخارجية الكويتية وتحركاتها ونشاطها ، منذ نجاح الثورة الايرانية ولليوم . نستطيع ان نشير الى عقلية سياسية تهمها مصلحة شعبها ، دون الالتفات الى مصالح دول الجوار وخصوصا العراق ، هذا الجار المشاكس بنظرها والذي عليه ان يدفع ثمن حماقات سياسييه . وذلك في تأجيجها للصراعات الداخلية ، كي يبقى العراق ضعيفا وغير قادرا على النهوض من سقطته ولا اقول كبوته ولأطول فترة ممكنة . فبعد نجاح الثورة الايرانية وتهديد الخميني بتصدير الثورة الاسلامية بنسختها الشيعية للعالم الاسلامي ، ولوجود نسبة لابأس بها من الشيعة في الكويت والمنطقة ، تحركت حكومة الكويت حالها حال الانظمة الخليجية الاخرى لاحتواء هذا الخطر القادم من الشرق . ووجدت الكويت وبقية دول الخليج ضالتها في حاكم العراق الارعن ( المجرم صدام حسين ) وحزبه الفاشي ، والذي بدل العمل على تقوية جبهة العراق الداخلية وتحصينها ، قام وبدعم مالي وسياسي كبير من الكويت نفسها وبقية دول الخليج ، ونيابة عنهم وعن غيرهم بشن حرب ضروس ضد ايران ، مدافعا عما تسمى بالبوابة الشرقية للامة العربية ! لتكون تلك الحرب المجنونة وسنواتها الثمان اضافة الى تدميرها للاقتصاد العراقي وخروج العراق منها مدينا بمئات الملايين من الدولارات ، محرقة حقيقية لشباب العراق الذين قدموا الدماء والارواح ، مقابل ان ينعم شباب الكويت والخليج بالدعة والطمأنينة ليقضوا اجازاتهم في المدن الاوربية وشواطئها.

ولثمان سنوات كان سياسيو الكويت وادبائها وكتابها وصحفييها وصحافتها وشعرائها ، يتغنون بما يسمى انتصارات جيش القادسية في البوابة الشرقية بكل بشاعتها وتركتها الثقيلة ، بل وصل بهم الامر ان تقول احدى شاعراتهم وهي تتغنى بالعراق ، او برأس نظامه بالاحرى..

لماذا يموت العراقي والتافهون
يهيمون كالحشرات مساء ويضطجعون نهارا ؟
لماذا يموت العراقي والمترفون
بحانات باريس يستنطقون الديارا ؟
ولولا العراق لكانوا عبيدا
ولولا العراق لكانوا غبارا *

حينها كانت ارض الكويت ونفطها وسمائها ومياهها الاقليمية ، رهنا لاشارة واحدة من طاغية اسمه صدام حسين . وكان الكويتيون يلبون كل مطالب ورغبات هذا المجرم السادي وحزبه ، من خلال نظرة سياسية صحيحة افتقدها ساسة العراق من البعثيين حينها ( كما يفتقدها ساسة العراق اليوم ايضا ) ، وهي التفكير بعيدا للامام في سبيل مصلحة شعبهم ووطنهم ، ليتقوا خطرا اكبر من خطر صدام حسين وقتها ، مع ارتباط هذا الموقف بالموقف الامريكي والدولي من ايران .

وما ان انتهت حرب الخليج الاولى ويخرج قطبيها منهكين ، مع تفوق عسكري عراقي واضح وترسانة مرعبة من مختلف انواع الاسلحة ، وشعور الكويت ودول الخليج الاخرى بخطر هذا التفوق العسكري ، وعدم الاطمئنان لحليف الامس . حتى بادر الكويتيون في مسعى لم يبتعد عن مسعى حلفائها من دول الخليج الاخرى ، ولتحجيم العراق اقتصاديا ، خصوصا وان انتهاء الحرب كان يعني عودة مئات الالاف من الجنود العراقيين الى الحياة المدنية ، وعجز البعث الساقط عن استيعابهم فيها نتيجة توقف الضخ المالي من الكويت ودول الخليجية الاخرى ، ولاضعاف العراق هذه المرة . حتى بدأت عملية اغراق السوق النفطية العالمية ، بكميات كبيرة من النفط مما اثر على اسعارها سلبا ، وليتحمل الاقتصاد العراقي المنهك ذو الديون الكبيرة اعباءا جديدة لم يكن قادرا على تجاوزها . وهذه كانت سببا في دخول العراق حربا غبية جديدة ، قصمت هذه المرة ظهره ولامد طويل . وكانت احدى اهم نتائج هذه الحرب هي الانتفاضة الآذارية الجماهيرية المسلحة ، والتي نجحت في السيطرة على جميع المحافظات الجنوبية ذات الغالبية الشيعية والمحافظات الكردية في كردستان العراق . وسعي المنتفضين للتحرك صوب بغداد لاسقاط النظام فيها ، قبل ان تغير الولايات المتحدة الامريكية ودول الخليج ومنها الكويت موقفها من الانتفاضة . بعد ظهور بوادر تدخل ايراني عن طريق احزاب شيعية ، ورفعها لشعارات قديمة كانت سببا اساسيا في دعم هذه الدول للمجرم صدام حسين في حربه ضد ايران في الاعوام 1980 – 1988 . ومن احدى اكثر النتائج بشاعة لحرب الخليج الثانية كان الحصار الاقتصادي ، الذي لم يؤثر مثلما كان يراد له على السلطة حينها في بغداد ، بل كان تأثيره كبيرا ومدمرا على ابناء شعبنا ، وساهم ( الحصار ) الذي قادته الولايات المتحدة وحلفائها ، وباركته الكويت وبقية دول المنطقة في اشاعة الفقر والامراض والبطالة وفتت النسيج الاجتماعي العراقي ، بل يمكن القول ان الحصار ذلّ الشعب العراقي ، واعاده عشرات السنين الى الوراء .

وما ان حل التاسع من نيسان 2003 واحتلال العراق ونهاية البعث غير المأسوف عليه ، حتى بدأت الكويت ودول المنطقة الاخرى تراقب وبدقة المشهد السياسي العراقي ، ليكون لها موقفا يتناغم ومصالحها ، وهذا حق طبيعي تفعله اية دولة في العالم ( عدا العراق طبعا ) . واذا بها ترى من خلال هذه المراقبة ، القوى السياسية المهيمنة على مراكز اتخاذ القرار في بغداد ، وبدلا من ان تهتم بشؤون بلدها المدمر وتتحرك لبناء علاقات جديدة مع دول الجوار لاستعادة الثقة معها ، فانها تتحرك وفق اجندة ايرانية ، طالما ارعبت حكومات الكويت ودول الخليج الاخرى ، وكانت سببا رئيسيا مثلما قلنا في دعمها غير المحدود للنظام البعثي في حرب الخليج الاولى . ولم يكن حج المسؤولين العراقيين الى طهران ، ومطالبتهم بدفع 100 مليار دولار تعويضات لايران من خزينة شعبهم الخاوية ، بعيدة عن انظار واسماع ساسة الكويت وغيرهم ، ولم يكن هؤلاء الساسة بحاجة الى عقلية جبارة كي يعرفوا ان الحكام الجدد في بغداد ليسوا سوى بيادق ايرانية ، سوف تتحرك وفق ما ترسمه ايران لها ، خصوصا بعد ان ساهمت ايران بشكل علني في تأسيس العديد من المنظمات والجيوش الارهابية ، كي تكون مخلب قط لها في صراعها مع امريكا . وبذلك كان عليهم ان يسارعوا لوضع العراقيل والصعاب امام السياسة الايرانية في العراق ، وعدم ترك العراق لقمة سائغة بيد ولي الفقيه ، اذ سيكون الخطر اكبر وتقع الكويت بين فكي الكماشة الشيعية . ونجح ساسة الكويت ودول الجوار الاخرى ومنها ايران وكذلك الولايات المتحدة الامريكية ، وكلا حسب مصالحه في تأجيج ونشوب الصراع الطائفي ، عن طريق تبنيهم لاحزاب سياسية عراقية ودعمها ماليا ، وفتح الكويت وغيرها من الدول المجال امام العشرات من ابنائها الارهابيين وقدمت لهم مختلف التسهيلات للمشاركة في الصراع الطائفي . كما عملت كل هذه الدول على تكريس نظام المحاصصة الطائفية القومية كشكل مستديم للحكم في العراق ، بكل ما يترتب عليه من عدم استقرار سياسي واقتصادي . ولم تكتفي الكويت بذلك فقط بل عملت على خنق العراق مائيا ، من خلال دعمها لسوريا ماليا لبناء سدود ، ومحاولة تغيير مجرى نهر دجلة الذي يجري لمسافة 45 كم فقط قرب مدينة القامشلي قبل ان يدخل الاراضي العراقية عند بلدة فيش خابور التابعة لمحافظة دهوك .

واليوم يقف ساسة الكويت ومن باب مصلحتهم السياسية ، في اضعاف العراق من خلال خنق ممره المائي الوحيد لمياه الخليج ومنه الى المياه الدولية ، عن طريق بناء ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان . وساسة الكويت ماضون على ما يبدو في بناء هذا المشروع الذي سيقضي على الملاحة في العديد من الموانيء العراقية ، ولا يهمهم تصريحات المسؤولين العراقيين وتهديدات بعض المراهقين من اتباع الميليشيات الارهابية المرتبطة بطهران. واثبتوا انهم اكثر نضجا سياسيا ووطنية تجاه وطنهم من سياسيينا تجاه بلدنا . فالحكومات العراقية المختلفة ومنذ سنوات ما بعد الاحتلال ولليوم تقول ، انها وضعت الخطط لبناء ميناء الفاو الكبير لاستيعاب حركة الملاحة التي نحتاجها على المدى المنظور والبعيد .

ان موقف الكويتيين القوي ( وغيرهم ) في تنفيذ ما يريدونه دون الاهتمام بصراخ ساسة العراق الكاذب ، لا تدل اطلاقا على انهم عمالقة ، بل تدل على ان ساستنا وللاسف الشديد هم اقزام ، بل حتى الاقزام تعتبر عمالقة مقارنة مع ساسة العراق ، الذين يتقاتلون على مناصب سياسية ليس لخدمة المواطن والبلد ، بل لاستمرار النهب المنظم لثروات شعبهم الذي اعطى اصواته لاقزام ، فهل سيستمر في انتخابه اقزاما في المستقبل ؟
 


* ابيات من ( قصيدة حب الى سيف عراقي ) للشاعرة الكويتية سعاد الصباح .
 

الدنمارك
13 / 8 / 2011


 


 

free web counter