| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

زهير دعيم

 

 

 

الأحد 29/3/ 2009



كيتساف والقاضي العربي جورج قرّا

زهير دعيم

قد نَمقِتُ أحيانا ظرفًا مُعيَّنًا ...
قد نمقت تصرّفًا مُعيّنًا...فنصرخ ونرفع عقيرتنا قائلين : ظلم وقع...إجحاف حلّ !!! ولكنّ الحُّرّ هو رجل المواقف ، رجل المهمّات الصّعبة ، الرجل الذي يقول للأعور أعور " بعينه" وللحقّ زِه وبوركَت يمينكَ.
ولعلّ التربية الصحيحة ، المُمنطقة بالحرّية ، والمُسوَّرة بالديمقراطية الحقيقية ، هي هي الميزان الحقيقي، فالديمقراطية تُربّي وتُدرّب النّفس على قولة الحقّ ، بل على الفصل بين القمح والزؤان ، والغثّ والسمين ، حتّى ولو كان الأمر موجعًا لا يروق لنا.

مَن مِنّا لم يسمع عن قضيّة موشيه كتساف رئيس دولة إسرائيل السابق ، والذي أتهم بالاغتصاب والتحرّش الجنسي ، وأحيل إلى القضاء ، وسيُبتّ بمصيره قريبًا.
موقف لا يزيد إسرائيل شرفًا ولا يرفع من قيمة هذا الرجل المسئول الذي كان الى عدة أشهر خلت الرجل الأوّل في الدولة ، كيف انحدر به الزّمن إلى مزالق مُخجلة قد تطيح به إلى إحدى الزنزانات .
لستُ أعرف إن كان بريئًا أم مذنبًا ، فالمحكمة هي وحدها التي ستُقرّر ، والعدل هو الذي سيقول كلمته ، مع أنّ الاتهام شائك ، مُخزٍ وفظيع.
لا أدّعي المعرفة ولا أعرف الحقيقة ، ولكنني أعرف حقيقة اخرى واضحة وضوح الشّمس : أنّ هذه المحاكمة على ما فيها من إحراج كبير لإسرائيل ، تحمل وتُظهر الديمقراطية الإسرائيلية في أبهى حُللها ، في منطقةٍ لا تخلو من كنسٍ المخالفات والجرائم تحت السُّجاد ، فكم من زعيم عربيّ يغتصب ليس فقط الحسناوات بل مقدرات الشعب كلّه ، ويصول ويجول في دنيا الرذيلة ، ولا يلقى الا التصفيق والتأليه.
وكم من سيّاسيّ كبير في عالمنا الشّرقيّ غزا المُحصنات ، فلم يفز الا بالتهليل والتكبير والتصفيق لرجولته وفحولته.
لست بصدد أن القيَ التُّهم جُزافًا ، ولكنه الواقع المرير المُبطَّن بالكلام المعسول ، والمُصان بالجند والمخابرات وقوى الظلام المرئية وغير المرئيّة.
واستمرارا لهذه الحقيقة ، حقيقة الديمقراطية الإسرائيلية الحقّّة ، تأتي خطوة أخرى لا تقلّ عنها انفتاحًا ، حيث أن القضاء الإسرائيلي أختار لهذه المهمّة الصعبة، والأولى في تاريخ الدولة ، اختار قاضيًا عربيًا .
صحيح أنه قاضٍ مشهود له بالعدل والحزم والمواقف الجريئة ، وقد سبق وبتّ في الكثير من القضايا الجنائية الشرسة ونال إعجاب الجميع ، نعم انه رجل المهمّات الصعبة ، والقضايا الشائكة ، والعارفون ببواطن الأمور الناصتين أبدا لصوت الحقّ يُقرّون أنّه لا يخشى في الحقّ لومة لائم ولا يهاب الا ساكن الأعالي ، ولكنه يبقى عربيًا ، ومن الأقلية العربية .

انّه قاضي المحكمة المركزية ، ابن يافا البارّ جورج قرّا ، فتأملوا معي ...قاضٍ عربيّ يُنتخب ليحاكم رئيس دولة اليهود !!! أليس هذا الشيء ملفت للنظر ويدعو الى الوقفة والوقفات ؟ ...أليس هذا سبَقٌ يضاف إلى هذه الديمقراطية سواء أحببنا أعمالها أو لم نحبّها ، وسواء صفّقنا لها ام لم نُصفِّق ، ولكنها قولة الحق العاري !!!...

عربيّ من الأقليات ينتخب الى جانب قاضيتين !!-أيضًا مكرمة-
ليحاكم رئيس الدولة السّابق ..أمر جلَل .
جورج قرّا سيكون المسئول الاوّل ، وهو الذي سيدير الدّفة ، وهو الذي سيقول الكلمة الفصل : " أنت مذنبٌ "...أم "أنت بريء" ...الى غياهب السجن أو إلى الهواء الطّلق !!! أمر يدعو الى الاحترام .

سعادة القاضي جورج قرّا نرفع قبعتنا احترامًا لك ، ونُصلّي لساكن الأعالي أن يهبك حكمةًُ ، لترفع الحقّ كعادتك عاليًا ورؤوسنا كذلك..

وأخيرًا ماذا علينا لو تعلّمنا من غيرنا أصول اللعبة الديمقراطية؟!!!
 

 

free web counter