| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

زهير دعيم

 

 

 

السبت 21/2/ 2009



فيروز ...نُحبُّكِ كما أنتِ

زهير دعيم

"
والدتي فيروز تتعرّض لحملةٍ مُنظّمة لتشويه صورتها ، وأحذّر من أن تُروى أو تُكتب ، أو تُنشر أو تحكى سيرة حياتها وعاصي الرًحباني ...إذا كان التزامي بالصّمت أنا وأمّي في الماضي ، قد سهًل أمر التطاول وحبك الافتراءات ، فهذا لا يعني أنّني سأستمر على هذا المنوال ، بل أعدكم بأنّني سأكسر حاجز الصّمت "

هذا ما قالته بغضبٍ "مُقدّس السيدة ريما عاصي الرّحباني ، ابنة الهرمين فيروز وعاصي ، المخرجة التي غنتها فيروز وهي صغيرة "يلّلا تنام ريما" فدغدغت وما زالت تدغدغ هذه الأغنية جفون الكبار والصغار ، فيزورها الكرى سريعا منقادًا على أجنحة الملائكة.

فيروز قهوة الصّباح على شرفة المحبّة.
فيروز قيثارة الشّرق العازفة الحان الأمل.
فيروز رمز العِفّة والقداسة وهمس الملائكة .
فيروز صرخة الحقّ في وجه العاصفة.
فيروز ترنيمة القيامة ، وشدو الميلاد ، وعصف الإيمان.

فيروز الصوت الذي لا أملُّ منه ، والنَّغَم الذي يسري في حناياي ولو أعاده وردّده مُسجّلي ألف مرة..فيبقى الارتعاش ، وتبقى الآه ، ويبقى الطَّرَب ، وتبقى الأصالة .
ففيروز وأغنيات فيروز لا تموت ، بل يجعلها الزّمان كما الخمرة كلما عتقت أضحت أكثر جمالا وحلاوة ووقعًا .

"هَيْك مشق الزّعرورة "ما زالت تُدغدغ حواسي مذ سمعتها قبل خمس وأربعين سنة ، فتروح تُحلّق بي إلى الطبيعة البكر ، رغم أنّ طبيعتنا طلّقت الزعرور منذ سنوات.

كثيرا ما سألني أحدهم : أين فيروز تسكن ؟ وماذا تأكل ؟ وكيف تسهر وتعيش ؟ ولماذا لا تظهر كغيرها من أهل الفنّ في الفضائيات؟!!.
وأضحك وأموت ضحكًا ، هكذا هي السيّدة ، حياتها الخاصّة لها ، لها وحدها ولعائلتها ، يكفينا رحيق صوتها ، ونغمات وكلمات الرّحابنة وجبران لتزوبع في الضمائر تارة ، وتهمس في أذن التاريخ مرّات ، وتُشنّف أذن الأصم.
أتريدها يا صاحبي تجلس أمام شابّ غرّ في إحدى الفضائيات ، فيروح يُسلّط الضوء حينًا و"الزناخة" حينا آخر على حياتها الخاصّة ؟ ..أتريد فيروز تحكي عن فستانها وصلاتها وزوجها وأكلها كما تفعل الكثيرات ؟ أهذا يهمّنا ؟
انّ عظمة فيروز في غنائها وفنّها و...وصمتها والظلال الليلكية التي تحيط حياتها الخاصّة ، وأنت أخي الشرقي والغربيّ ليس لك ضريبة عليها ، فضريبتك الوحيدة هي أن تسمع وتطرب وتُصفّق، .

ضريبتك أن تطلب المزيد من الأغاني الرّاقية التي تسمو بالنَّفس وترفعها إلى الأعالي .
لعلّ عظمة فيروز أيضًا في صمتها ، فالانكشاف والتكشّف وجعل الفضائيات تلوك كلّ صغيرة وكبيرة كما تفعل الكثيرات هو أمر لا يخدم الفنّ الحقيقي .

سُئلت فيروز مرة في مقابلة نادرة بُعيْدَ الحرب الأهلية : ماذا كنت تفعلين أثناء القصف والانفلات الأمنيّ في بيروت ؟ فابتسمت بسمة وضيئة وقالت : " بْصلّي "
وأنا كمعلّم صلّحت مئات الامتحانات على مرّ السّنوات أعطيتها علامة كاملة.

من حقّ فيروز أن تكون حياتها الخاصّة ملكًا لها ولعائلتها.
من حقّها أن تخبّيء مشاعرها وتاريخها الشخصيّ " تحت المِخدّة"
من حقّها أن تلوذ بالصّمت ، رغم أن تاريخها ناصع ، وسيرتها مُشرّفة .

ريما عاصي الرّحباني ...اشمخي ، وارفعي الرأس ليناطح السّحاب ، فمَنْ أبوه عاصي الرحباني وأمّه فيروز يستحقّ أن يزهو في شَمَم .

ريما!!! ما خُلق الذي يُلوّث تاريخ فيروز وعاصي ، وما خُلق بعد الذي بمقدوره أن ينتقص من فيروز ، رغم أنّ الكمال لله وحده ، ولكن تبقى هذه الفيروزة فوق اللوم وفوق العَبَث .

ريما ؛ البطون ستلد المواهب دومًا ، وقناعتي - وقد أكون مُتحيّزًا - بأنّ هذه المواهب ستبقى إن قيست بأمّ زياد أقزامًا .

فيروز نًحبّكِ بصمت...نحبّك بصلاتك ، نُحبّكِ كما أنتِ .

أطال الله في عمرك.


 

free web counter