| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

زهير دعيم

 

 

 

 

الخميس 19/2/ 2009



قصة للأطفال

مملكة الأحلام

زهير دعيم

على ضفتي نهر المحبّة ، المنساب بهدوء بين الجبال والتلال والوديان ، تقع مملكتان : مملكة السّحر والخيال ومملكة الأحلام .
والمملكتان تتمتّعان بجمال الطبيعة الخلاّب والخير العميم ، في حين أنّ النهر يسقيهما من مائه العذب ، ويُطعمهما من أسماكه الوفيرة.

والمملكتان كانتا بالأصل مملكةً واحدة حكمها السّلطان نور الزّمان ، الذي قسمها بين ولديه حينما شعر أنّ اجله يقترب ، فأعطى مملكة السّحر والخيال الواقعة على الضّفة الغربية من النهر لابنه الأكبر ماجد، في حين أعطى مملكة الأحلام الواقعة على الضّفة الشرقيّة لابنه أمجد .
وما أن انتقل السلطان نور الزّمان إلى جوار ربّه ، حتّى دبّ الخلاف بين الأخوين الأميرين : ماجد وأمجد ، فساءت العلاقات وحلّت القطيعة بينهما ، فما عاد الأخ يسأل عن أخيه أو يزوره أو يطمئن عليه ، بل اشتدّت العداوة وسادت الكراهية ، رغم محاولات الكثير من الملوك التوسّط بين الأخوين ، إلا أنّ هذه المحاولات ذهبت أدراج الرّياح ، فقد اتهم الأمير أمجد أخاه البكر بأنه استولى على كلّ ثروات أبيهما.

أنعم الله على الملك امجد بابنةٍ دعاها إيمان ، حباها الخالق جمالاً ساحرًا وأخلاقا رفيعة.
أحبّ الملك ابنته الوحيدة محبّة عظيمة ، فتعلّق بها ، خاصة عندما أضحت صبيّة تملأ العين والوجدان.
وكبرت الأميرة ، وأضحت عروسا ، وذاع صيت جمالها وحسن أخلاقها في كلّ أنحاء المنطقة ، فلم يبق أمير أو ملك الا وتقدّم لخطبتها ، وهي تتمنّع وتتغنّج وتقول : ما زلْتُ صغيرة ....ما زلت صغيرة..

وفي عصارى أحد الأيام وبينما كانت الأميرة إيمان تتجوّل في حديقة القصر ، أحسّت بدوار، ثمّ ما لبثت أن سقطت على الأرض، وما أن رأتها الوصيفة حتّى هبّت تصرخ وتستدعي الملك والملكة.
ساد الحزن القصر وكلّ أنحاء المملكة ، وأسرع الأطباء من المملكة وخارجها الى القصر ، والكلّ يحاول أن يجد دواءً لمرض الأميرة ، ولكن دون جدوى ، وأخذت حالتها تسوء يومًا بعد يوم ، وما عادت تقدر على الوقوف على قدميها ، وانطفأ جمالها وخبا بريق حُسنها ، فاغتمّ الملك وزوجته غمًّا شديدًا ، حتى ان الملك كثيرا ما كان يبكي في غرفته و يُصلّي لله أن يمدّ يمينه ويشفيها.
ازدادت حالة الأميرة إيمان سوءًا ، وكاد الملك الأب أن يفقد الأمل ، فأعلن أنّه سيُزوّج ابنته الأميرة إيمان من أيّ شخص يستطيع أن يداويها ويعيد إليها نضارة الحياة ، حتى ولو كان فقيرًا.

وفي صباح أحد الأيام وفيما كان أهل القصر والمملكة يغرقون في الحزن ويرفعون الصلوات الحارّة لله ، حضر الحُرّاس الى القصر يقودون شابًّا جميل المنظر ، أسود الشَّعر ، رثّ الثياب ، يحمل بيده حقيبة صغيرة ، وأخبروا الملك أنّ هذا الشّاب الغريب يدعى" نور" وهو يدّعي انه يستطيع أن يشفي الأميرة .
عاد الأمل الى القصر من جديد ، حين دخل الشّاب الغريب إلى غرفة الأميرة المريضة ، وأخذ يفحصها بدقّة ، ليعلن انّه فعلا يستطيع أن يُنقذها .
وصرخ الملك بفرحٍ: لقد سمع الله لصلاتنا ..ستشفى الأميرة ..نعم ستشفى ...
ومرّت الأيام والأميرة إيمان تتناول الدّواء ، وبدا التحسُّن يظهر رويدا رويدًا على مُحيّاها ، إلى أن منّ الله عليها أخيرًا بالشّفاء التّام، لتعود البسمات إلى القصر ، ويعود للأميرة " إيمان " جمالها وحيويتها وضحكتها الرّنّانة .
وأوفي الملك امجد بوعده ، فحُدّد موعد عرس الشّاب الجميل نور على أميرة البلاد ، فعلَت الزينات وتلألأت الأنوار ، ولبس القصر حُلّةً جميلة ، ووفد إليه الملوك والأمراء من بعيد ومن قريب . ولم ينس الملك أمجد أن يدعوَ أخاه ماجدًا إلى الحفل بعد قطيعة دامت سنوات كثيرة ، فشفاء الأميرة أنساه العداوة وأنساه المرارة ، وزرع في داخله محبة البشر.

وبينما كان الملوك والأمراء والمدعوون ينتظرون موكب العروسين ، كانت الدموع تسيل على خدّي الملك ماجد ، فقد تذكّر وحيده نور الزّمان الذي اختفت آثاره وانقطعت أخباره منذ أسابيع عديدة .
وما أن دخل العروسان بلباسهما الجميل ، يتهاديان بفرح ورشاقة ، حتى صرخ الملك ماجد صرخة مُدوّية :
نور الزمان .....نور الزّمان ؟!!! أين كنت يا ابني ؟ ..أين كنت فقد قلقنا عليك ؟!!

وعلت الزغاريد تملأ الأرجاء....وانهمرت الدموع من كلّ العيون ......!!!!




 

free web counter