| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

زهير كاظم عبود

 

 

 

الجمعة 11/2/ 2011



تفتيش مقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب فـي العراق للمرة الثانية

زهير كاظم عبود

يقول الدستور العراقي إن حرية الإنسان وكرامته مصونة، وان لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الآخرين والآداب العامة، ويقول الدستور تحرص الدولة على تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني ودعمها وتطويرها واستقلاليتها ، بما ينسجم مع الدين والقانون ، وتعزز قيمتها الإنسانية النبيلة بما يساهم في تطوير المجتمع.

ويقول قانون أصول المحاكمات الجزائية انه لا يجوز تفتيش أي شخص او تفتيش منزله أو أي محل تحت حيازته إلا في الأحوال التي بيّنها القانون، ويقوم بالتفتيش قاضي التحقيق او المحقق او عضو الضبط القضائي بأمر من القاضي أو من يخوله القانون إجراءه، وانه لا يجوز تفتيش أي شخص أو دخول أو تفتيش منزله أو أي مكان تحت حيازته إلاّ بناء على أمر صادر من سلطة مختصة.

وينص قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل على معاقبة الموظف او المكلف بالخدمة العامة بالحبس وبالغرامة على كل من دخل او فتش منزلاً أو محلاً بغير رضا صاحب الشأن او حمل غيره على التفتيش.
هذه الأمور والقضايا في بلد يحترم القانون ويسعى لأن تسود خيمة العدالة جميع المواطنين والمؤسسات.

والاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق الممثل الشرعي والحقيقي لجميع الكتّاب والأدباء على اختلاف تخصصاتهم الثقافية والأدبية، ويتمتع بالمكانة الرفيعة والمتميزة في قلوب وضمير العراقيين، لأنه يشكل دورا مهما ورياديا من الأدوار الوطنية المساهمة في بناء ودعم أسس الديمقراطية في العراق، كما انه يساهم بشكل أكيد في إرساء دعائم الثقافة العراقية، وفي إعلاء دور المجتمع وممارسة دوره في الحقوق والواجبات التي كفلها الدستور.
هذه الحقوق التي لم تنل من رجل السياسة في العراق الاهتمام والرعاية، وركنها جانبا وفشل في التعامل الايجابي مع شأنها الثقافي وبناء ستراتيجية ثقافية مشتركة للمجتمع العراقي وللدولة العراقية، في ظل ظروف دقيقة يطمح فيها الإنسان العراقي لتلمس بناء دولة القانون.

ويشكل مقر الاتحاد العام للكتاب والأدباء في العراق مركزا رمزيا ومعنويا له دلالته الكبيرة، حيث يضم جميع الأدباء والكتاب في العراق، ضمن اتحاد طوعي ومستقل يحظى بحب واحترام وتقدير أهل العراق، هذا الاتحاد يفتخر بأسماء محمد مهدي الجواهري ومظفر النواب وعبد الوهاب البياتي ومحمد سعيد الصكار وألفريد سمعان وفاضل ثامر وإبراهيم الخياط وغيرهم العديد من الأدباء والشعراء الأعضاء في هذا الاتحاد العريق.

وإذ يتم تطبيق التعليمات التي أصدرها مجلس محافظة بغداد بمنع النوادي الاجتماعية والمطاعم في بغداد من تقديم المشروبات الروحية تنفيذاً لقرار سابق صادر عن مجلس قيادة الثورة (المنحل)، لم يزل سريانه فاعلاً، ويزيد الأمر تعقيداً عدم تجديد الإجازات القديمة لأسباب متعددة، إلا أن الأمر لا يستدعي القيام بحملات قسرية لتفتيش وكبس مقرات هذه النوادي والاتحادات التي ترتكب المخالفات القانونية حين تنتهي إجازاتها في البيع ولا تجد لها السبيل لتجديدها، ويمكن للسلطة التنفيذية أن تلجأ إلى إشعارها بادئ الأمر بلزوم استحصال الموافقات الأصولية وفق القوانين النافذة، وعند عدم الالتزام والتقيد بتلك القوانين يصار إلى عرض الأمر على قاضي التحقيق المختص في المنطقة ليتخذ القرار القضائي المناسب.

هذا في حال الالتزام بالخطوات القانونية، غير أن تكرار مثل تلك الغزوات واقتحام مقرات تلك الاتحادات بشكل مخالف للقانون يعرّض الجهات التي قامت بارتكاب تلك المخالفات للقانون ويضعها تحت المسؤولية القانونية، خصوصا وان بعض أصحاب المحال المخالفة تعرضوا للسرقة في وضح النهار، وتلك تهمة مشينة إذا صحت بحق من يقوم بتنفيذ نصوص القانون.

الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق يعد من أعرق المؤسسات الثقافية ليس في العراق فحسب بل في المنطقة، ويضم بين أعضائه رموزاً عراقية ثقافية لم يزل العراق يفتخر بها، وان تكرار إجراء التحري من قبل الأجهزة التنفيذية مهما كان مرجعها لهذا الاتحاد يشكل علامة سلبية وإشارة لها دلالاتها الخاطئة في التعامل مع الثقافة والأدب والرموز العراقية بشكل لا يوحي بالاحترام والوعي والتقدير.

وإذا كانت لمقر الاتحاد حرمة أدبية فإننا نجد أن الإجراءات التي اتخذتها السلطة التنفيذية في إجراء التفتيش الثاني مساء يوم 17/1/2011 معيبا ويفضح مقدار الجهل وعدم تقدير الثقافة واحترامها من قبل السلطات التي قامت بهذه الإجراءات.

كما ان تنفيذ هذه الإجراءات دون قرار قضائي من قبل الشرطة يضعها تحت المساءلة والمسؤولية، وحيث أن الجهات التي أمرت تنصلت عن المسؤولية، لذا فإن الأمر والمخالفة ستقع فوق عاتق مفرزة الشرطة والأفراد الذين قاموا بالفعل المخالف للقانون.

وفي كل الأحوال فإننا نجد أن هذه الأفعال وبهذا الشكل لا توحي بأن الجهات المسؤولة تقوم بتطبيق القانون بشكل حضاري وإنساني ووفق ما أكده الدستور، بل إنها تقوم بالتطبيق المخالف للقانون في ظل ظروف دقيقة وصعبة ومهمة يمكن أن يتم استغلالها سلبيا.

لم نلمس أن الجهات المسؤولة قامت برصد جهة معينة مرتين لتقتحم المقر وبشكل غير طبيعي لا يشرّف القائمين عليه، فاقتحام مقر الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق بالشكل الذي تم فيه، ووفق الاتهامات الموجهة لايخدم الا أعداء العراق ومن يتسقط الأخطاء التي يمكن أن تحصل في العراق.

واقتحام مقر الاتحاد العام للكتاب والأدباء في العراق مرة أخرى يدل على النهج الذي تسلكه تلك القوة المنفذة التي تصرفت ربما خلافا للتعليمات والأوامر فوقعت في مطب المخالفات القانونية، إلا إننا نتمنى ان يكون هناك انسجام بين مجلس محافظة بغداد وبين الأدباء والمثقفين والكتاب في العراق، وكنا نتمنى أن يكون هناك تعاون مثمر من اجل سمعة العراق، وكنا نتمنى ان تكون هناك رؤية واحدة لبغداد المستقبل، وكنا نتمنى ان تكون هناك خطوط مشتركة وبحوث علمية تخدم عودة بغداد كما كانت بهيجة وزاهية وفرحة وعبقة، وان تحل الأزهار والحدائق التي نفتقدها جدا في بغداد بديلا عن الأتربة والنفايات، وكنا نتمنى ان يتعاون مجلس محافظة بغداد مع الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق على إقامة جلسات في حدائق مقر الاتحاد أو على حدائق الزوراء لحل جميع الإشكاليات التي يراها مجلس المحافظة كبيرة، والتي يمكن حلها بالحوار والتفاهم والانسجام بدلا من الاقتحام والتحري والتفتيش وما آلت إليه الأمور.

وهي دعوة لأن نستفيد من هذه الظروف لخدمة العراق، إذا كان رائدنا حقا خدمة العراق والعراقيين.





 

free web counter