| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

زهير عبدالملك

 

 

 

الأحد 15/11/ 2009



إذا عُرف السبب بطل العجب

زهير عبد الملك

العراقيون متعجبون من ظاهرة تحول بعض كبار المسؤولين، وزراء ومدراء، في عهد ما بعد التغيير، إلى لصوص يسرقون قوت الشعب العراقي أو المال العام العائد شرعا إلى الشعب العراقي.

وهذه الظاهرة كانت معروفة لدى العراقيين منذ تأسيس الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي. فقد شهدت كل مراحل العهود السابقة بلا استثناء أنشطة كان أبطالها من السراق والمرتشين والمحتالين والمزورين من ذوي الياقات البيض "أفندية"، وأغلبهم معروفون بسلوكهم المنافي للقواعد والقيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية التي يتمسك بها العراقيون.

أما لصوص اليوم فهم من صنف جديد يثير استغراب العراقيين. ذلك أن عددا كبيرا منهم من رجال الدين أو من رجال الدين ذوي الياقات البيضاء من أعضاء وقيادات الأحزاب الإسلامية العراقية التي قارعت الديكتاتورية أيام كان صدام على رأس السلطة.

فما هو السبب وراء هذه الظاهرة التي يستغرب لها العراقيون، ويتعجبون لها . ولسان حالهم يقول: كيف يتسنى لرجل مؤمن ومناضل، ويتعبد ليل نهار ويصوم رمضان وتنسكب دموعه أنهارا في عزاءات الحسين، سرقة قوت الشعب العراقي، ولا يسجن بل يهرب بمساعدة رفاقه و شركائه من المسؤولين، كما حدث لوزير التجارة السيد عبد الفلاح السوداني؟!!!

تدارست الحالة ووجدت أن اللصوص محقون في ما يفعلون للأسباب التالية :
(1) هم يعتقدون أن الدولة التي تسلقت إلى قمتها قيادات الأحزاب الإسلامية، دولة فاسدة، وعلى ذلك ينبغي أن تؤنفل أو تنهب، كما أنفل صدام أرواح الكرد ونهب ممتلكات العراقيين أجمعين.
(2) يجد الكثيرون من رجال الدين من ذوي الياقات البيضاء أو الذين ارتدوا منهم تلك الياقات، أن سرقة المال العام حق من حقوقهم الشرعية : أي تعويض أنفسهم بأنفسهم وذويهم عما تكبدوه من خسائر أثناء سنوات الغربة في المنافي من مرتبات كانوا سيحصلون عليها في العراق مع الفوائد المتراكمة عليها.
(3) أن الأموال التي استحوذوا عليها لم يسرقوها عمدا بل وقعت في طريقهم فهي رزق لهم مرسل منه عز وجل.
(4) ثم أنهم تشاورا مع إخوانهم وقياداتهم الإسلامية في أمر تلك الأرزاق فلم يردعهم أو يمنعهم أحد، بل ساعدوهم على الهروب.

هذه الأسباب كافية لبيان الأسباب الكامنة لتبرير إقدام أولئك اللصوص على سرقة أموال الشعب العراقي. وعلى ذلك ينبغي أن يزول العجب. ويعلم الناس على أي طريق هم سائرون.


 

 

free web counter