| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. يوسف شيت

 

 

 

السبت 8/11/ 2008

 

المادّة 125 من الدستور وحقوق الأقليّات القومية

د . يوسف شيت

1

ملاحظة!

- كانت إلتفاتة جيدة من مختصة الكلدوآشور للحزب الشيوعي العراقي بالدعوة الى أبناء الشعب الكلداني السرياني الآشوري لإبداء آرائهم وتصوراتهم حول هذا الموضوع ،لتقديم مشروع متكامل حول حقوق الشعب ،

- جاءت الدعوة متأخرة جدا،أي بعد أن نفذّت القوى السوداء أغراضها في مدينة الموصل بإخلائها من سكانها الأصليين، مع العلم أنّ قضية إرهاب الأقليات القومية والدينية والمذهبية في مدينة الموصل بدأت منذ عام 1960 .

- أرى من الضروري أن توجّه الدعوة ليس فقط الى أبناء الشعب الكلداني السرياني الآشوري، وإنمّا أيضا الى أبناء الطوائف الأخرى في المنطقة والطلب من الملمّين بالتأريخ العراقي والحقوقيين الكتابة حول ذلك،مع العلم هناك كتابات وآراء ذات وزن يطرحها كتّاب عراقيون من مختلف الإنتماءات السياسية والقومية والدينية وتعاطف واسع مع الأقليات المظطهدة .

شئ عن الإرهاب ،
إنّ الإرهاب وجد منذ وجود المجتمعات الإنسانية ويحصد ضحاياه بوعي وبدون وعي. يمكن للسلطة أن تقوم بإرهاب مواطنيها، أو شرائح (سياسية،قومية،دينية) من المجتمع لها مصالح أو أفكار تحاول نشرها عن طريق الإرهاب أو الإستلاء على السلطة، أو مافيات الجريمة المنظمة، وهناك إرهاب يصدّر من الخارج وبمختلف الطرق . كما ويتم الخلط ،وبشكل متعمّد،بين ما هو حق وما هو باطل،اي أنّ ما يعتقد بأنه عمل مشروع للحصول على حقوق معينة،يعتبره القامع إرهابا .وأخذت قضية الحصول على حقوق مشروعة في السنين الأخيرة وفي الكثير من بلدان العالم منحا آخر هو النضال السلمي تفاديا لوقوع ضحايا بريئة،ولكن لايؤدي دائما الى قناعة الجانب الآخر،وهو على الأكثر حكومة، بتفادي أسلوب العنف .وبعد إنتهاء الحرب الباردة،بسقوط الإتحاد السوفييتي،وبعد أن أصبحت أمريكا القطب الوحيد في العالم أخذت تفرض سياساتها في كل بقاع العالم وأصبح كل عمل مسلّح لايرضيها تنعته بالإرهاب،خاصة بعد عدوان الحادي عشر من أيلول 2001 على أراضيها .وقد رفضت أمريكا وبعض الدول كل الدعوات المقدمة من قبل حكومات ومنظمات عالمية لتعريف أو تثبيت معنى الإرهاب من قبل الأمم المتحدّة لتأخذ القضية بعدا قانونيا .كما أنّ هناك بعض الحركات المسلحة،رغم مطاليبها العادلة،تلجأ أحيانا الى أعمال إرهابية،أي وقوع ضحايا من الأبرياء وتدمير دور المدنيين ومحلاّت كسب الرزق.وهناك أيضا بعض الأعمال الإرهابية تقوم بها الدولة بحق الأبرياء أثناء محاربتها للإرهاب الفعلي .

ولكن في العراق أصبح الإرهاب اخطبوطا تعددت أشكاله وأعماله ومنابعه وأهدافه، بعد أن كان إرهاب دولة ضد مواطنيها قبل الإحتلال في نيسان 2003 . حصد الإرهاب ويحصد مئات الآلاف من الأرواح البريئة ومن كل أطياف الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية .ولهذا الإرهاب جذوره تمتد لعشرات السنين (لسنا هنا بصدد تأريخ الإرهاب في العراق الذي يمتد لمئات السنين)،وبشكل خاص بعد الإنقلاب الفاشي في شباط 1963،أي عندما أتى البعثيين بقطار أمريكي وأعادهم نفس القطار الى جحورهم في 9 نيسان 2003 ,حيث سفكت دماء آلاف العراقيين بحجة الشيوعية ومعادات الوحدة الفورية والقومية العربية،وتدربّ مئات البعثيين على عمليات التعذيب والقتل وإرهاب الناس . بعد أن عاد البعثيون الى السلطة في إنقلاب 17 ناقص 30 تمّوز 1968 بقطار حليفيهما النائف والداودي ثمّ تصفية الحليفين،كالعادة، وثبّتوا سلطتهم مع تدّفق واردات النفط ،طوّروا أساليب التعذيب والقتل وإرهاب الناس وشراء الضمائر،وجنّدوا الآلاف في الجهاز القمعي الإرهابي سواء في المخابرات أو الأمن بأشكاله أو الحرس الجمهوري أو ما سمي بفدائيي صدّام،يضاف الى كلّ هذا،حروب النظام الخارجية والداخلية ضدّ الشعب منذ مجيئه الى سقوطه . كلّ هذا غذىّ لدى الآلاف من العراقيين روح القتل والإنتقام .لذلك لم يأت الإرهاب والإرهابيون من السماء . ولو لم يكن هؤلاء لما تجرأت القاعدة بإرسال القتلة الباحثين عن الجنّة والحوريّات الى العراق وتسهيل مهمّاتهم من قبل دول الجوار، وبث روح العداء اللاّمحدود ضدّ من هو غير مسلم سنّي ( العودة الى السلفية) وتحليل قتلهم أينما وجدوا.وبالمقابل تشكّلت ميليشيات شيعية،أغلبيتهم من بقايا فدائيي صدّام، للإعتداء وقتل من هو غير مسلم شيعي.وسمي هذا"النوع من الإرهاب" بالقتل على الهوية .ومما غذّى الإرهاب هو سلوك نهج سياسة المحاصصة الطائفية والقومية المدعومة من قبل قوّات الإحتلال وانتشار البطالة والفساد المالي والإداري وسوء إدارة وبطئ عملية الإعمار وانتشار البطالة بين الشباب بشكل مريع .ولن يزول الإرهاب كليّا ما لم تزول أسبابه،وإنّ الدولة بكافة مؤسساتها وقوّات الإحتلال هم المسؤولين عن ذلك قبل غيرهم .

أمّا ما يتعرض إليه المسيحيون بكلّ مذاهبهم في الموصل وغيرهم من الأقليات ليس بجديد .لقد كان للإخوان المسلمين دور سابق في تغذية العداء لغير السنّة من المسلمين وغير المسلمين وعلى يد مؤسسها السيد محمد محمود الصوّاف،وهو من مواليد مدينة الموصل.كان قد تخرّج من كلية الشريعة في جامعة الأزهر المصرية في أربعينات القرن الماضي وأسس في بغداد "جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" عام 1948 ثمّ جماعة "الإخوان المسلمين" ، وفي عام 1959 حتى وفاته عام 1992 عاش في السعودية ودفن فيها واحتضنته حكومتها لما كان له من دور في نشر شريعتها الوهابية .وكان يؤكّد في كتاباته وخطبه على " انّ الإسلام هو الحقّ وما سواه هو الباطل،وإذا أردنا النصر فما علينا إلاّ بالإسلام " ، ومن تلامذته المعروفين في الموصل السيد حافظ سليمان (مدرّس اللغة العربية في المتوسطة المركزية حتى عام 1959) الذي حاول إبقاء الطلبة المسيحيين في درس الدين (وكنت حينها أحدهم) بحجة تعلّم اللغة العربية بشكل أفضل عن طريق دراسة القرآن الكريم، إلاّ أنّ مدير المتوسطة المرحوم عبد الستّار المصري والذي كان يعرف ما وراء القصد، فمنعه من ذلك .وهذه ليست تهمة للإخوان المسلمين بأنّهم مارسوا الإرهاب بل أنّهم تركوا جذورا للوهابية والرجوع الى السلفية في هذه المدينة،الى جانب العداء القومي لغير العرب .

بدأت ممارسة الإرهاب بشكله العلني في الموصل،وخاصة ضدّ المسيحيين والأيزيديين منذ أوائل عام1960 عندما بدأت حملة الإغتيالات السياسية وتحوّلت الى تصفيات دينية،مما حدا بالكثير من العوائل الموصلية الى هجر المدينة وكذلك عوائل الطلبة الدارسين في الموصل من مدن وقرى سهل الموصل،ووصل عددها الى حوالي 40 ألف عائلة،ومعظمها هاجر الى بغداد والبصرة والى خارج العراق .وفي هذا الوقت بالذّات أخذت القوى الدينية المتطرفة والبعثيين والقوميين الناصريين في لواء الموصل تبث دعاية ضد المسيحيين وتسميتهم ب"تلكيفيين" نسبة الى ناحية تلكيف التابعة للواء الموصل (حاليا قضاء تلكيف) الذي يقطنه المسيحيين الكاثوليك وتنسب إليهم ،زورا، شعار " تلكيب شقلّة استقلالخ دين دمحمد بطاّلخ " ،أي ما معناه يريد المسيحيين أخذ الإستقلال وإنهاء الدين الإسلامي!!! وهذا ما رفع من روح العداء لدى المسلمين البسطاء ضدّ المسيحيين ومحاولة هذه القوى إستقطاب أكبر عدد من الجماهير المسلمة حولهم في الوقت الذي كانت مؤامراتهم متواصلة ضدّ ثورة تمّوز .

وبعد قيام الإنقلاب الفاشي في شباط 1963 صرّح سكرتير حزب البعث آنذاك المدعو علي صالح السعدي وبدون خجل "جئنا الى الحكم بقطار أمريكي" ثمّ صرح وبدون حياء،بعد أن تهجّم على الحزب الشيوعي، بأنّ "مؤسس الحزب الشيوعي هو تلكيفي والسكرتير الذي أعدمناه هو إيراني" ويقصد الشهيد سلام عادل، وكأنّه وجد مبررا لأعمال القتل والتنكيل بالعراقيين من شماله الى جنوبه .وإن دلّ هذا الكلام على شئ إنّما يدل على مدى كراهية مثل هذه الحثالات لمن يخالف عقيدتهم المتطرفة - المنحطّة والمتخلفة .أما في تلكيف أعدم البعثيون أربعة من شخصياتها بتهمة سحل المتآمرين في الموصل أثناء القضاء على مؤامرة العقيد الشوّاف في محاولته لقلب نظام الحكم الجمهوري الجديد،مع العلم لم يكن أحدا من المغدورين في الموصل أصلا، ثمّ تمّ بناء جامع في مدينة تلكيف في الوقت الذي لم يكن فيها إسلام،مما حدا بالكثير من عوائلها بسبب الإرهاب الى ترك المدينة وهجرة غالبيتها خارج العراق، ثمّ إستدعاء عوائل مسلمة،من عرب وشبك، للإستحواذ على بيوت من هجروها .

في فترة الحكم الفاشي (1968 – 2003) إستطاع البعث جذب أعداد من غير المسلمين،وخاصة المسيحيين،عن طريق التبشير بالديمقراطية،وبالذّات في فترة1972- 1976،وعن طريق الإغراءات بالمناصب والتبشير بأنّ مؤسس البعث هو مسيحي ،( مع العلم كان المقبور المؤسس عفلق قد إعتنق الإسلام ولكن ليس إيمانا منه بالدين الإسلامي الحنيف ،بل من أجل جذب المسلمين العرب الى حزبه، وقبر في بغداد وفق المراسيم الإسلامية) ،هذا بالإضافة الى وسائل الترغيب الأخرى،ثمّ لتبدأ حملة الترهيب ضد كلّ العراقيين والتي أخذت أبعادا خطيرة واختفى خلالها الآلاف منهم بعد إعتقالهم ولم يعثر على أثرهم لحد الآن،كما أزيح "الأب القائد " ثم تصفيته مع مجموعة كبيرة من قيادة البعث . في الفترة التي برّز فيها صدّام "خال الحزب" المقبور طلفاح ،كان الأخير يردد دائما وعلى شاشة التلفاز والإذاعة والصحف بأنّ " المسلمين غير العرب هم فوضويون ، والعرب غير المسلمين هم شعوبيون" أنكر النظام وجود أقليّات قومية وفرضت تسمية الكلدان والآشوريين والسريان ب"الناطقين بالسريانية" باعتبار أنّ هذه الأقوام من أصل عربي وإن إختلفت لغتها . أمّا في محافظة نينوى ، قام نظام البعث بالإستيلاء على أراضي المسيحيين من كلدان وسريان وآشوريين ومن الطائفة الأيزيدية، والمحيطة بمركز قضاء الحمدانية (قرةقوش) ومركز ناحية الحمدانية (برطلّة) ومركز قضاء تلكيف وناحية بعشيقة وبحزاني وبيع معظمها بأسعار رمزية الى أهالي قرى الشبك المسلمين ،مما خلق حسّاسية بين الطرفين المتضرر والمستفيد. وقد قام النظام المقبور بإصدار مراسيم لتقليص دور الكنيسة وإذلال رجال الدين المسيحيين،ومنها : ربط إدارات الكنائس بكافة مذاهبها المختلفة بوزارة الأوقاف ووضع كافة أموالها وممتلكاتها تحت تصرّف الوزاة المذكورة. وعندما طالب رؤساء الكنائس بإلغاء القرار،فكان الردّ،إمّا الرضوخ للمرسوم أو المصادرة الكاملة لأموال الكنائس . صدور مرسوم يشترط بأن يكون مدرس مادة الدين المسيحي حاصلا على شهادة الماجستير فما فوق ،ومثل هذا الشرط التعجيزي يكون ساريا في الجامعات والمعاهد،لا في المدارس الإبتدائية والمتوسطة،مع العلم لا يوجد مثل هذا الشرط لمدرسّي مادة الدين الإسلامي،وهذا تدخّل سافر في شؤون الكنيسة وتقليص صلاحياتها ضمن الطائفة .التهجّم على الأديان غير الإسلامية على صفحات جريدة السئ السمعة عدي "بابل" . إجبار رؤساء الكنائس بذكر مقتطفات من أحاديث صدّام (القاتل السادي) الى جانب أقوال السيّد المسيح الداعي الى الحب والسلام والمساوات. ثم إعلان حملته الإيمانية عام 1996 والتبشير بالإعتداء على غير المسلمين . بهذا الأسلوب القذر زرع النظام المقبورمسترشدا بالفكر القومي المتطرف والديني الاصولي، وبشكل غير مسبوق، بذور الكراهية بين العراقيين،ليكون هذا اساسا لسياسة المحاصصة الطائفية والقومية بعد الإحتلال . وأخذت الأحزاب السلطوية بعد الإحتلال تتحكم وفق مصالحها فقط ، بحجة أنّ هذه الطائفة وتلك القومية كانت متضررة لابدّ لها أن تثأر،لا أن تتفادى الأخطاء الكارثية للنظام السابق ،متناسين بأنّ كل العراق من شماله الى جنوبه كان متضررا من حكم البعث . فمن هو/هم الضحيّة ؟ الصورة واضحة ،إنّ الضحيّة بعد الإحتلال هي نفسها قبل الإحتلال ولكن بأساليب أكثر بشاعة وفي مقدمتها القتل العشوائي .والأحداث الأخيرة في الموصل خير دليل على ذلك .فإن كان قبل الإحتلال حزب واحد يمتلك السلطة والمال والشعب هو المتضرر،فإنّه بعد الإحتلال اصبحت عدة أحزاب تمتلك السلطة والمال وبقي الشعب هو المتضرر .

2

كان الحزب الشيوعي العراقي أول الأحزاب العراقية التي طالبت بالحقوق القومية للشعب الكردي وباقي الأقليّات،وتمّ تثبيت ذلك في الوثائق الرسمية للحزب ومنذ إقرار أول برنامج للحزب من قبل الكونفرنس الأول عام1944. وفي الكونفرنس الثاني في عام 1956 طور الحزب مطاليبه حول أهمية إقرار الحقوق القومية للشعب الكردي وفق مبدأ "حق الشعوب في تقرير مصيرها" والمطالبة بحكم ذاتي لكردستان .كما كان الحزب قد إستحدث في نظامه الداخلي الأول فروع تنظيمية للتركمان والأرمن،على أن يتم إستحداث فرع للآشوريين وغيرهم مستقبلا ،بالإضافة الى أهمية إقرار حقوقهم القومية.وفي عام 1991 كان الحزب الشيوعي أول حزب عراقي يطالب بالفدرالية لإقليم كردستان،مع الإحتفاظ بحق الشعب الكردي بتقرير مصيره . وقد لاقت هذه المطاليب تأييدا واسعا من قبل الجماهير العراقية وأحزابها الوطنية ، بإستثناء المتطرفين من قوميين عرب ومسلمين .

بسبب الإضطهاد وسياسات التمييز القومي والطائفي إضطرّ الكثير من أبناء الأقليات القومية والطائفية ترك موطن أجدادها والهجرة الى الدول التي لاتميّز بين القومبات والأديان أو حتى بين مواطنيها الأصليين والقادمين الجدد. رغم أنّ الهجرة كانت موجودة منذ أربعينات القرن الماضي،ولكن كانت قليلة في عدد المهاجرين لأنّها لم تؤثر على التركيبة الأثنية للسكان.ولكن الهجرة الحقيقية بسبب الإضطهاد والتنكيل والتمييز بين الإعراق والطوائف بدأت قبل أكثر من أربعة عقود، وتحديدا بعد الإنقلاب الفاشي عام 1963،مما سبب،وبشكل تدريجي، خللا في التركيبة الأثنية للسكان. فإذا كانت نسبة القوميات الكلدانية والسريانية والآشورية تشكل 7- 8%(النسبة إفتراضية،ربمّا أكثر بسبب عدم وجود إحصاءات صحيحة،بالإضافة الى أن ّالكثير من أبناء الأقليات القومية فرض عليهم أن يسجّلوا عربا) فإنّ نسبتهم الآن تقلّصت الى أكثر من النصف . لقد أخذت هجرة الأقليات العراقية،ومنها الكلدان والسريان والآشوريين أبعادا خطيرة بعد الإحتلال وازدادت بشكل كبير،خاصة الهجرة من الموصل وبغداد والبصرة، وتحملّ المهاجرون مخاطر الطريق التي لم تمرّ بدون ضحايا للوصول الى بلدان آمنة،هذا بالإضافة الى أعداد أخرى،لم يكن من السهل عليها ترك وطنها الأصلي،فاستقرّت في بعض مدن كردستان الآمنة وسهل نينوى .

إنّ سبب تعرض الأقليات العراقية الى هذا الإضطهاد هو الإزدواجية ما بين الإرهاب السلفي والقومي العربي المتطرف والمتخلّف من أيتام صدّام وبين تمسّك الأحزاب السلطوية بسياسة المحاصصة الطائفية المقيتة للإحتفاظ بمراكز المال والسلطة وترك الأقليات فريسة للمتوحشين .ولكن هذا لايعني بأنّ البعض في أحزاب السلطة أو خارجها بريئة من دماء الآلاف من أبناء الإقليات وغير الأقليات الذي أزهق بدون حقّ .ولعبت دول الجوار، ولايزال بعضها يلعب دورا في دعم الإرهاب بالإضافة الى الدور التحريضي للقنوات الفضائية في نشر الإرهاب وبث ثقافة الكره بين العراقيين وحصول المنظمات الإرهابية على أموال طائلة . أرادت هذه القوى،ليس فقط إلغاء حقوق الأقليات أو تهميشها،بل القضاء عليها عن طريق التصفيات الجسدية والهجرة القسرية والإستحواذ على أملاكها التي كسبتها بعرق جبينها لا بالسرقات والتحايل والنهب . هناك إهمال متعمّد لحقوق الأقليّات والدليل القاطع هو إلغاء المادة 50 من قانون إنتخاب مجالس المحافظات التي تعطي حقّ القوميات بتمثيلهم في مجالس المحافظات،حيث صوّت ما نسبته 70% الى جانب إلغائها من مجموع مجلس النوّاب البالغ 275 . ومهزلة المهازل إنّ الذين إنتقدوا إلغاء المادة من النوّاب تبلغ نسبتهم 100% !!! وضاعت أسماء الذين صوّتوا ضدّ إلغاء المادة المذكورة والذين حرصوا للحفاظ على حقوق الأقليات . ثمّ بدأت حملة تراشق الإتهامات بين الأحزاب والكتل رافقتها المزايدات في إحقاق حقوق الأقليّات! .ولحدّ الآن ليس هناك ما يدل على وضع صيغة جديدة لتمثيل الأقليات في إنتخابات مجالس المحافظات . ولكن هل هذه هي مقدمّة لإنكار حقوق الأقليّات من قبل من صوّت بإلغاء المادة 50 من قانون إنتخاب مجالس المحافظات في الإنتخابات القادمة للمجلس الوطني غير آبهين بما كتبوه في الدستور؟؟؟ وأريد هنا أن يطلّع القارئ الكريم على المواد الدستورية التالية التي تقرّ حقوق المواطنة لكلّ العراقيين بغض النظر عن إنتمائهم القومي والطائفي والديني والسياسي : وجاء في الديباجة ".... فسعينا يدا بيد،وكتفا بكتف،لنصنع عراقنا الجديد،عراق المستقبل،من دون نعرة طائفية،ولا نزعة عنصرية،ولا مناطقية " ثمّ المادة(2) ثانيا ، المادة(7) أولا وثانيا ، المادة(14) ، المادة(17) ثانيا ، المادة( 37) أولا- أ- وثانيا،والمادة 125،هذا بالإضافة الى مادة القسم التي تختتم القسم ب "...وألتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد . واللّه على ما أقول شهيد" . وسؤال بسيط جدا لايحتاج الى جواب : من أين اتى اللّه سبحانه بهذه النماذج التي تقسم زورا بإسمه وتتحايل في أداء واجبها ؟؟؟

هل بلغ السيل الزبى لوضع حدّ لإرهاب الأقليّات القومية والطائفية،وخاصة من آشوريين وكلدان وسريان، الذين تبادلوا الحب والإحترام والسلام مع من عايشوهم، ووهبوا كل غال ونفيس، وعلى مدى قرون، من أجل تطور العراق رغم ما كانوا يعانونه من تمييز على أيدي بعض الحكّام من عراقيين وغزاة،وخاصة طيلة أربعة قرون من الحكم العثماني المتخلّف ؟ وهل هناك أفق لحل مشكلة الأقليات في العراق في ظل سياسة المحاصصة التي لايزال صانعوها يتشبثّون بها ؟ ما هي الحلول الملحّة حاليا لتكون أساسا لحل دائم يرتضيه الجميع وعودة علاقات الأخوة بين القوميات والأديان والطوائف العراقية ليسترجع الفسيفساء العراقي عافيته من جديد ؟

لا شكّ بأنّ كل الدلائل تشير الى أنّه لاخلافات ولا كره داخل الطيف العراقي،ولكن هناك منظمّات متطرفة ظلامية متخلفة داخل هذا الطيف لجأت الى الإرهاب وبكل أشكاله حالما توفرت لديها أرضية لذلك كما أسلفنا . حاولت وتحاول هذه االقوى تظليل الناس البسطاء تحت يافطة الدين والعوز والإغراء المادّيين بسبب البطالة لبناء سياج تحتمي به داخل هذا الطيف . رغم النجاح الملحوظ الذي حققته الحكومة في مجال تقليص العمليات الإرهابية في الكثير من المحافظات،ولكن لا بدّ للحكومة،وكما تؤكّد دائما القوى والأحزاب الوطنية، أن تسير بخطوات سريعة لدعم هذا النجاح من سياسية وإقتصادية وتقديم خدمات إجتماعية . وما يخصّ القوميات فإنّ الحماية الأمنية ضرورية كما لكل العراقيين،ولكن هذا جزء من الحلّ، وسيبقى الحلّ هشّا ما لم يرافقه تنفيذ المواد الدستورية التي تحمي حقوق الإقليات،ومنها المادة (125)، وتجنيب المزايدات بين الكتل والأحزاب لتحقيق أرباح لهذا الجانب على حساب خسارة الجانب الآخر والتي من أولى واجباتها دفع الحكومة بكل الوسائل القانونية لأداء مهامها، وفضحها أمام الملأ في حالة تلكؤها، والكف عن سياسة التستّر بين الأحزاب التي بيدها القرار السياسي، التي هي بالأساس سياسة تغييب الجماهير والمناوئة للديمقراطية . لقد بلغ،حقا،السيل الزبى ولا بدّ للبدء في وضع القوانين التي تقرّ حقوق اللأقليّات القومية والطائفية موضع التنفيذ، فالزمن يمضي ،ولا أحد يريد الرجوع الى نقطة الصفر،سوى أعداء العراق، وتكرار المآسي التي ،من المؤكّد،ستأخذ طابعا أكثر مأساوية من سابقاتها .

ما هي المشاكل التي تعرقل المادة 125 من الدستور ؟
يتمتع سهل نينوى،أكثر من بقية المناطق العراقية، بتنوّعه القومي والديني والطائفي .ولا نبالغ إذا قلنا بأنّ كل القوميات والأديان بمختلف مذاهبها موجودة في هذه المنطقة،وهي متداخلة في مناطق سكناها،أي لها مصالح مشتركة في الحصول على خدمات إجتماعية جيدة ورياض أطفال ومدارس لأبنائها وخدمات طبية، ومتداخلة في أماكن عملها،أي لها مصالح إقتصادية مشتركة .أمّا القرى التي يعيش ويعمل فيها الفلاحون، فمعظمها تتألف من مكوّن قومي أوديني واحد،ولكن هناك تداخل في الأراضي الزراعية فيما بينها،وتقتضي مصلحتهم الإقتصادية التعاون المشترك في إستثمار الأراضي،بغض النظر عن معتقداتهم . لذلك نقول، لم تكن هناك مشاكل وخلافات عرقية ودينية في هذه المنطقة إلاّ ماندر،بل كانت مصالحهم المشتركة فوق تلك المشاكل التي كانت عابرة،بإستثناء مجزرة سمّيل في عام 1933 التي كانت من تدبير الحكومة وبمساندة الإنكليز وبالأساس كانت محاولة بثّ الفرقة بين أبناء الشعب الواحد التي لم يستطيعوا إمرارها رغم الضحايا من الأبرياء.والسبب الرئيسي في هذه المشاكل كان ولا يزال إنعدام وجود هويّة عراقية واحدة لدى المواطنين منذ تأسيس الدول العراقية في 1921 ،أي كان هناك عدم التساوي بين القوميات وبين الأديان،بمعنى آخر، وجود فعلي، مواطن من الدرجة الأولى ومواطن من الدرجة الثانية بغض النظر عن عدم ذكر ذلك في الوثائق الرسمية . وهذه المسألة لم تحلّ عبر الزمن،بل إزدادت تعقيدا،وخاصة منذ عام 1963 . لذلك ليس من السهل ،بسبب التراكمات السابقة والحالية، وضع حلول مرضية لكل الأطراف،ولكن ليس مستحيلا فيما لو توفّرت النيّات الحسنة وتمّ الإبتعاد عن التجارة بقضية الأقليّات ووضعت مصلحة العراق فوق المصالح الأنانية الضيقة بكلّ ألوانها . ونكرر مرّة أخرى بأنّ عدم الحلّ سيزيد من المآسي .وطبعا هنا لا ندعي حل ّ القضية بمنأ عن حلّ القضايا الأخرى .

إنّ الشعب الكلداني السرياني الآشوري الذي تقطن غالبيته في سهل نينوى متوزع إداريا في محافظات نينوى ودهوك،هذا بالإضافة الى توافد أعداد أخرى من بقية مدن العراق المختلفة ومن ضمنها مدينة الموصل( مركز محافظة نينوى) بسبب الإرهاب الذي تعرضّ ويتعرض له . أنّ الظروف الموضوعية التي أحاطت بهذا الشعب فرضت أهميّة تقديم افكار وآراء لإيجاد حلّ مناسب ليستطيع العيش بحرية وسلام ويواصل تقديم إبداعاته جنبا الى جنب مع كلّ العراقيين من أجل تطور بلدهم .

لاشكّ بأنّ حلّ قضية الأقليّات في هذا الجزء من أرضها (سهل نينوى) تعتريه الكثير من الملابسات،وفي مقدّمتها حدود سهل نينوى الذي أدّى الى خلافات بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان . (لا أريد هنا أن أكون حكما،لأنّ الحكم هو القانون العراقي والإستعانة بالقانون الدولي وكون الحوار حضاريا،أي بدون اللجوء الى تبادل التهديدات والإتّهامات) .

تعتبر الحدود الإدارية الحالية لمحافظة نينوى هي الحدود الجغرافية،أي أنّ المحافظة تتكون من الإقضية : سنجار، تلّعفر، شيخان ،حمدانية ، بعشيقة ،تلكيف ،بعاّج ،حضر ،قيّارة ،الربيعة . ولكن الأقضية التي يدور حولها الجدال،ولمن تعود، للحكومة المركزية أم لإقليم كردستان وهي ،سنجار، تلّعفر، شيخان، حمدانية،بعشيقة وتلكيف ،تقطنها أغلبية القوميات والأديان والطوائف العراقية. وبالتحديد : الكلدان والسريان والآشوريون،العرب ،ألأكراد ،التركمان ،الشبك ،الأرمن ،الأيزيديون، مسلمون (شيعة وسنة) . القسم الأكبر من الأيزيديين يعتبرون أنفسهم أكراد .وهناك من يعتبر وجودهم على هذه الأرض قبل الأكراد ويرجع أصلهم الى الكلدانيين والآشوريين وهناك من القوميين العرب يعتبرونهم من أصل عربي . وأقضية شيخان وسنجار وبعشيقة تقطنها الغالبية الأيزيدية،بالإضافة الى وجودهم في تلّعفر وتلكيف . أما بالنسبة الى الشبك الذين يسكنون في قضائي الحمدانية وبعشيقة والنبي يونس في الموصل،هناك من يعتبرهم أكراد،وهناك من يعتبرهم عرب وآخر يعتبرهم أتراك،وآخر يعتبرهم من أصل فارسي ولأنّ قسما منهم يعتنق المذهب الشيعي .

وفي الآونة الأخيرة إعتبرت حكومة إقليم كردستان أقضية الحمدانية وتلكيف وبعشيقة جزء من إقليم كردستان،بإعتبارها تقع في الجزء الأيسر من نهر دجلة . وهناك من الكتّاب القوميين الأكراد يطالبون بتطبيق"معاهدة سيفر" لعام 1920 التي نقضتها معاهدة لوزان عام 1923 ومضى عليها تسعة عقود واعتبار ولاية الموصل (محافظة الموصل حاليا) جزء من كردستان،مع العلم كانت كردستان العراق غير منظمّة الى الولايات الثلاث أبّان الحكم العثماني الذي قسّم العراق الى ولايات : الموصل وبغداد والبصرة .

أمّا ما يخصّ الكلدان والآشوريين والسريان تقطن غالبيتهم في أقضية الحمدانية وبعشيقة وتلكيف وشيخان وسنجار. وليس هناك إستقرار لهذا الجزء المهمّ من الشعب العراقي،حيث هاجر الكثير إلى هذه المنطقة بسبب الإرهاب، وهجرة معاكسة من أبناء المنطقة الى خارج العراق خوفا من زحف الإرهاب، وعدم الوضوح بوجود مستقبل لهذا الشعب الذي تتقاذفه أمواج الصراع الخفي والعلني بين أحزاب السلطة وسياسة الإحتلال والإرهاب الذي يمكن أن تستغل خلاياه النائمة أي فرصة سانحة لبث سمومه من جديد .

المتطلع الى التلاعب بقانون إنتخاب مجالس المحافظات من قبل البرلمانيين لا تنطلي عليه حيل الأحزاب الإسلامية من شيعية وسنية وبعض فلول البعث المنضوين تحت ستار بعض الكتل البرلمانية . بالرغم من الصراعات العنيفة بين هذه الأحزاب والكتل،نجدهم موحدّين تجاه تهميش الأقليّات القومية والدينية والطائفية عن طريق التحايل داخل البرلمان وإصدار قوانين بأغلبية الحاضرين بإنتهازهم فرصة غياب الكثير من النوّاب . ولعلّ إلغاء المادة 50 من قانون إنتخاب المحافظات التي تمّ التصويت عليها بطريقة تناقض النظام الداخلي للبرلمان العراقي ،ثمّ التعديل الأخير الذي أجري على قانون حقوق الأقليّات في مجالس المحافظات والذي يقضي بتقليص عدد مقاعد الأقليّات (بالضدّ من مقترح الأمم المتحدّة) الى 50% ،حيث صوّت الى جانب هذا التعديل 106 نائبا من حضور 150 منهم ،أي بنسبة 38,5% من مجموع أعضاء البرلمان، هو خير دليل على هذا التهميش والذي يخفي وراءه نوايا أخرى لو قدرّ أن تمكّنت هذه الأحزاب من الإستحواذ على السلطة لفترة إنتخابية قادمة .

بعد الإحتلال عام 2003 وحصول الناس على نوع من الحرية أخذت الأحزاب تتكاثر،إمّا بتشكيل أحزاب جديدة أو إنقسام الأحزاب "القديمة" على نفسها،وأغلبها طائفية أو قومية . لم تكن القومية الكلدانية الآشورية السريانية بمنأ عن هذه الحالة،لقد وصل عدد الأحزاب والمنظمات السياسية الى أكثر من عشرين بعد أن كانت محصورة بعدة أحزاب قبل سقوط النظام،وهذا يعني مدى تفاوت الآراء والأفكار في كيفية حل مشكلة هذه القومية والحصول على حقوقها . عدا ذلك نرى التراشق في الكلام،وخاصة عبر شبكة الإنترنيت،حول من هم الأكثرية أو الأولوية لأية قومية : كلدانية، آشورية، سريانية،أو من يريد أن تكون الأولوية للدين قبل القومية وبالعكس (مع العلم ،انّ رجال الدين من كل الطوائف المسيحية أكثر حرصا على كلّ المسيحيين في العراق وأنشط في مجال الدفاع عنهم كون الديانة المسيحية والقوميات التي تعتنقها هم أصل العراق) ،أو ماهي الحقوق التي سيحصل عليها هذا الشعب الذي يتلاشى يوما بعد يوم ، وكأنّ الحقوق يتمّ إستنقاؤها من سوق الخضار حسب الرغبة . يجب قبل كلّ شيئ أن نحسب ما هي الإمكانيات الذاتية لهذا الشعب، وما هي الظروف التي تحيط به ومن هي الأحزاب والمنظمات العراقية التي ناضلت وتناضل من أجل حقوق القوميات وكيفية التعامل معها،من هي الأحزاب والمنظمات التي تريد أن تتاجر بهذه الحقوق من أجل مصالحها الذاتية وكيفية التعامل معها . إنّ الشعب العراقي يعيش في بحر تتلاطمه الأمواج والأسماك الكبيرة فيه تأكل الأسماك الصغيرة،فلا بدّ للصغيرة منها من حاظنة أمينة تقيها شرّ الكبيرة .

لا أدّعي بأنّ كل ما طرحته هو الصحيح،ولكن هذا الذي ما أراه،قد يراه غيري بشكل آخر .

إختلفت مشاريع حلّ مشكلة الشعب الكلداني السرياني الآشوري المقدمة من أحزابه وأبنائه المستقلّين ومنها :

- المطالبة بدولة عاصمتها نينوى أو ماشابه ذلك التي يطرحها متصفحوا التأريخ القديم الذي مرّ عليه قرابة 3600سنة . من بقي من هذا الشعب الذي لا يشكّل سوى 3% من الشعب العراقي في أحسن الأحوال،ومن هم الذين سيحكمهم،ماهي مقوّمات هذه الدولة من الناحية البشرية والجغرافية والسياسية والقانونية والأخلاقية .

- المطالبة بإقليم . وهذا يعني قبل، كلّ شئ، وجود محافظة،وفق المادة 119 من الدستور العراقي التي تنصّ على "يحق لكل محافظة أو أكثر،تكوين إقليم بناء على طلب بالإستفتاء عليه" .أين هي هذه المحافظة وما هي حدودها!!! وإذا تمّ القفز، فرضا، فوق الدستور وحددت مدينة ما لتكون مركزها، هل ستكون هذه المحافظة تابعة للسلطة المركزية ،أم لسلطة اقليم كردستان ؟؟؟

- المطالبة بحكم ذاتي . بالرغم من أنّ هذا المطلب هو أكثر واقعية وأغلب الشعب الكلداني السرياني الآشوري وبعض الأقليّات الأخرى يطالبون به، إلاّ أنّه سيجابه مشكلة الأرض،أي حدود الحكم الذاتي وتابعيته،كما أسلفنا أعلاه .

- أما الحل الآني،الذي أراه أكثر إمكانية للتطبيق في المستقبل القريب،هو الإدارة الذاتية . وتكون الإدارة الذاتية قسمين،إحداها تابعة لمحافظة نينوى وأخرى تابعة لإقليم كردستان . وتتمتع كلّ منهما بحقوق منطقة حكم ذاتي يسنّ بقانون وفق المادة 125 من الدستور . وهذا سيكون كحلّ أولي يمكن أن يتطور مع التطور الحضاري للبلد وتطور عقلية الناس والتخلّص من النعرات القومية والدينية والطائفية ،التقارب والإختلاط بين الثقافات العراقية التي دقّ بينها الاسفين منذ أكثر من أربعة عقود .وهذا يتوقف أيضا على تطور عقلية السياسيين، وعدم التعكّز على حجج واهية من أجل المصالح الأنانية لهذا الحزب أو ذاك ، وسيكون حلّ هذه المشكلة أو عدم حلّها درسا لهم في الأخلاق والإخلاص للشعب والوطن .

لايجوز،بأي حال من الأحوال ومرفوضة أي حجج تحجب أو تهمّش أي حق من حقوق أي مكوّن قومي أو ديني أو طائفي ضمن إدارة أو منطقة الحكم الذاتي لأنّه عمل لا إخلاقي ولا إنساني .

قبل أن أختتم هذه المداخلة أرى من الضروري من أبناء الكلدان والسريان والآشوريين أو غيرهم أن يطلّعوا على قضايا حقوق الإنسان،وخاصة حقوق الأقليّات العراقية التي يتطرّق إليها الكثير من الكتّاب العراقيين المتفتحين حضاريا،وطريقة دفاعهم عنها وما يحملونه من أفكار وآراء جريئة وتعاطف بلا حدود داخل وخارج العراق مع هذه الأقليّات معبرين بذلك عن تعاطف ملايين العراقيين،وعلى صفحات الجرائد والفضائيّات ومواقع الإنترنت .

علينا جميعا، الإبتعاد عن تغليب العاطفة على العقل،مما يؤدي بالضرورة الى عدم رؤية الحلول المناسبة وضياع الفرص لحل هذه المشكلة،فالعاطفة ضرورية ولكن أولا التفكير بكيفية وضع حدّ لمآسي هذا الشعب وإخراجه من محنته التي هي جزء من مآسي الشعب العراقي .

 

free web counter