| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. يوسف شيت

 

 

 

الأربعاء 19/3/ 2008

 

ما هي إمكانياتنا في النضال من أجل دولة ديمقراطية علمانية


د . يوسف شيت

إن قيام دولة ديمقراطية علمانية مدنية في العراق هي مهمة في غاية الصعوبة،وهذه الصعوبة تكمن في: ضعف القوى الديمقراطية الحقيقية ، إيجاد آلية نشيطة للنضال من أجل الدولة الديمقراطية العلمانية ، وجود قوى معرقلة عراقية وإقليمية ودولية وفي مقدمتها الدولة المحتلّة ،غياب مفهوم الدولة الديمقراطية العلمانية لدى قطاعات واسعة من الجماهير، وجود إعلام مضلل وواسع وبشتى أشكاله حول هذا المفهوم . كلّ هذا لايعني بأي شكل من الأشكال الإستسلام للأمر الواقع،لإنّ تغيير الواقع ممكن فيما لو توفرت الإرادة والهمّة ولو تمّ تشخيص العوائق والإمكانيات بشكل صحيح ووضع برنامج واضح لتحقيق ذلك لأنّ الطريق شاق وطويل،وهذا الشئ ملموس والذي يتجلّى بمبادرات سواء من قبل الحزب الشيوعي أو الأحزاب والشخصيّات الوطنية الأخرى للوصول الى هذا الهدف النبيل والنضال في هذا الإتجّاه يأخذ منحنيات عديدة،أهمّها :
1- نشر الوعي الجماهيري حول مفهوم الدولة الديمقراطية المدنية العلمانية وفشل إنتهاج أسلوب المحاصصة الطائفية والأثنية في إدارة الدولة وسياسة تهميش القوى والفعّاليات الوطنية ذات التأريخ النضالي المجيد .والنشاط في هذا الإتجاه يأتي عن طريق تغلغل الأحزاب الوطنية بين مختلف فئات وطبقات الشعب وذلك عن طريق الصحافة والإذاعة والتلفزة وندوات جماهيرية ولقاءات متواصلة مع الناس وحظور التجمعات والفعّاليات الشعبية .
2- تشخيص القوى صاحبة المصلحة في قيام مثل هذه الدولة (طبقات وفئات المجتمع العراقي،منظمات المجتمع المدني،أحزاب وشخصيّات إسلامية ووطنية)،وهذا يساعد وبخطوات على قيام جبهة تتبنى برنامجا وطنيا من أجل هذا الهدف وتدعم خطوات الحكومة في نهج الأسلوب الديمقراطي،إن وجدت، ونبذ خطواتها في مواصلة السير في نهج المحاصصة السئ الصيت وأن تضع هذه الجبهة برنامجا إنتخابيا ينشر بشكل واسع وبكل الطرق السمعية والبصرية يفصح عن أهمية قيام الدولة الديمقراطية العلمانية.وهنا لابدّ من التأكيد على أهمية وضع ميثاق أو أية إتفاقية بين أطراف الجبهة بشكل دقيق وعدم تسلّط طرف على آخر مهما كانت الحجج والإستفادة من التجارب الجيدة،مثل جبهة الإتّحاد الوطني عام 1957-1958 والتجارب الفاشلة مثل الجبهة الوطنية والقومية التقدمية عام 1973-1978 وتجربة القائمة العراقية الحالية التي بدأت بالتفكك بسبب السلوك اللاديمقراطي لبعض أطرافها والعودة الى أسلوب التسلط الفردي أو الحزبي غير آبهة بميثاقها المتّفق عليه بين أطراف القائمة .
3- تشخيص القوى الرافضة لقيام الدولة الديمقراطية المدنية والتي تمثلها بعض أحزاب الإسلام السياسي والبقايا المتضررة من سقوط النظام البعثي السابق والتي لاتؤمن سوى بنظام إرهابي.وهذه القوى تريد فرض عقيدتها في سنّ القوانين،على غرار بعض دول المنطقة.وهذا يعني بالضرورة التخلّي عن الاسلوب الديمقراطي في إدارة الدولة لأنّ تفسير مواد الدستور وصياغة القوانين وإتّخاذ قرارات مهمة يكون محصورا بيد مجموعة من رجال الدين أو العسكر أوحتى مدنيين إن لم يكن بيد رجل واحد أوالتلاعب بالدستور بتغيير مواده وفرضه على المجتمع، يأتي هذا كلّه حسب ما ترتإيه مصالحها،وهي في نفس الوقت تسفّه مفهوم الدولة الديمقراطية العلمانية وإظهارها كدولة قائمة على معادات الدين الإسلامي الحنيف والأديان السماوية الأخرى أو معادات القومية (كما يدلنا الماضي القريب كيف أبدع الحكام العرب المتجارة بالوحدة العربية والقضية الفلسطينية لتثبيت سلطانهم القاهر )، وتتلاعب بعواطف الناس،وخاصة المؤ منين منهم وتحاول هذه القوى حصر وشل ّتفكير أوسع ما يمكن من الجماهير للتمييز بين هذا الدين أو ذاك،بين هذا المذهب أو ذاك،أو بين هذه القومية أوتلك وما يتناسب ومصالحها الأنانية ، إلى جانب محاولات هذه القوى تهميش ألأحزاب الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، فهم يضللون الناس بإطلاقهم تصريحات في العلن حول المصالحة الوطنية ونبذ المحاصصة الطائفية والقومية،أمّا خلف الكواليس فهم يخططون في كيفية الحفاظ على ما حققوه من مكاسب بكل ثمن بما في ذلك اللجوء الى الإرهاب والإرهاب المضاد،والخاسر هو الشعب بكلّ فئاته وطبقاته الكادحة وطوائفه وقوميّاته وأديانه وعقائده.أنّ فضح أسلوب تضليل الجماهير والكذب عليها هو مهمّة نضالية فكرية لايمكن التغاضي عنها ولا علاقة لها في الحوارات بين ا لأحزاب أو الشخصيات المختلفة .
إنّ الدول الإقليمية هي الأخرى ترفض قيام دولة ديمقراطية علمانية في العراق،وتتباين الفئات الحاكمة في هذه الدول فمنها من يسخّر الدين أو المذهب لأغراض سياسية والآخر منها يتبع سياسة الحزب الواحد ذي الأيديولوجية المحددة أو ملكيّة"دستورية" تضع الحاكم فوق الدستور .ولا زالت هذه الدول تلعب دورا سلبيا في إقرار الأمن في العراق بمدها يد المساعدة لهذه القوى أوتلك، والتي أشرنا إليها سابقا، وفق ما تقتضيه مصالحها الأنانية بغض النظر عن الخسائر الفادحة للشعب العراقي من أرواح مزهوقة وأموال وإستمرار الإحتلال .
4- تشديد النضال من أجل المطالبة بإنهاء الإحتلال ورحيل قوّاته،وهذا لايعني بأي شكل من الأشكال عدم التعاون مع الدول التي تحتلّ العراق حاليا بعقد إتفاقيّات إقتصادية وعسكرية وثقافية ذات المصلحة المتبادلة بعيدة عن المساس بإستقلال العراق الوطني .ويجب أن لايغيب عن البال بأنّّ أميركا كانت الداعية الى المحاصصة الطائفية والقومية قبل الإحتلال ولا تزال تدعم هذا الإتجّاه بشتى الوسائل،بذلك فإنها تضع العراقيل أمام التحول الى نظام حكم ديمقراطي مدني رغم إدّعائها بأنها جلبت الديمقراطية للعراقيين.وكان الحزب الشيوعي العراقي على حق عندما أعلن قبل الإحتلال بأنّ الحرب لاتجلب الديمقراطية للعراق بل الكوارث.
5- أهمية الإستفادة من تجارب الماضي. لقد أثبت تأريخ الدولة العراقية الحديث منذ منح إنكلترا الإستقلال الشكلي للعراق عام 1921 وحتى الآن فشل تسخير الدين أو القومية أو أي عقيدة لأغراض سياسية أو تسلّط فئة على دست الحكم، كلّ هذا أدخل العراق في دوّامة العنف والإرهاب،وخاصة في السنوات الخمس الأخيرة منذ إحتلاله عام 2003.ولكن نرى بالعكس بأنّ التضامن والتعاون بين الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيّات الدينية والوطنية وذات الإتجاهات القومية المختلفة أعطت ثمارا جيّدة لفترات متفاوته رغم قصرها وعمّ العراق خلالها نوع من الهدوء والطمأنينة وإمكانيات التحول نحو الحكم الديمقراطي المدني،ولكن مصالح القوى الضالة بكل ألوانها أفشلت تلك التجارب سواء عن طريق تضليل الناس أو السطو على الحكم عن طريق الإنقلابات العسكرية أو دعمها من قبل بعض الدول الإقليمية والرأسمالية . وبهذه المناسبة لابدّ من مناشدة وبصدق،وكما كنّا دائما،الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني الى دعم وإسناد القوى المناضلة الداعية الى قيام دولة ديمقراطية مدنية قوية،لأنّ التجارب السابقة التي خاضها الحزبين الكرديين والأحزاب الكردستانية الأخرى أثبت خطل الأنظمة والحكومات السابقة والحالية تجاه القضايا القومية في العراق والقضية الكردية بشكل خاص.كما إنّ الحذر ضروري تجاه السياسة الأميركية في المنطقة، فاميركا لاتمانع في هدر ماحققه الشعب الكردي من حقوقه المشروعة فيما لو إقتضت مصالحها، ومثال ذلك دعمها اللوجستي والإعلامي للحكومة التركية ضد حزب العمال الكردي(ب ك ك) وسكوتها عن دخول القوّات التركية الى الأراضي العراقية والإعتداء على السكان الآ منين بدلا من دعوتها الحكومة التركية الى حلّ المشكلة سياسيا.نقول مرّة أخرى بأنّه لا أمان تجاه المحتلّ بل بقيام الدولة الديمقراطية المدنية في العراق الذي هو صمام الأمان الوحيد لحماية حقوق الشعب الكردي وتطويرها وحقوق القوميّات الإخرى وصيانة الإستقلال الوطني .


10\3\2008

Counters