| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يحيى غازي الأميري

 

 

 

الخميس 22/9/ 2011



 بطلقات كاتم الصوت تّكتم حياة الصوت المدوي المبدع هادي المهدي

يحيى غازي الأميري

في فوضى العراق المرعبة، بات كاتم الصوت المجهول أسهل الطريق لتصفية الخصوم ولتحجيم دور المعارضة ولتكميم الأفواه.
أي هلع وفوضى يريد أعداء الوطن بثها في روحك يا عراق!؟
أي رعب اسود يريدون أن يلفك أيهــا البلد الذي أضحى فيه هدير الصوت طلقات تخيف الذين يعيثون فسـاداً في أرض السواد؟
أتعلم يا عراق
أي موت مخيف وأي خراب كبير وعذاب مرير انتشر فيك؟
أتعلم يا عراق
كم من الخطط المفزعة يعد لك أعداؤك في الخفاء؟
أتعلم يا ساكن الأحداق
كم ألف رطل من الدم البريء في كل يوم على ترابك يراق؟
أنهض يا عراق!
رغم جراحاتكم النازفة
أنهض يا عراق!
فهل باتت لا توقظك كل لوعات الحزن وأنواع الشقاء
أتسمع يا عراق ... نشيج ملايين الجياع
أتسمع يا عراق ... ففي بكاء ملايين الضحايا والثكالى والأيتام ألف وجع يصرخ ويناديك أنهض يا عراق!
انهض واجبر بخاطرها وحررها من سطوة الجور والظلم وآفات الفساد
أنهض وارمي عنك القيود والأغلال والأصفاد!


التهميش والإبعاد والإقصاء ورصاص الغدر الكاتم للحريات، يلاحق مبدعي ومثقفي وثوريّ العراق من جديد، مثال ذلك كامل شياع، علي اللامي،هادي المهدي... بزخات من الرصاص غير المسموع يهطل على رؤوس وصدور أبنائـه النجباء، هكذا تسير الأمور الجديدة لتطرز خارطة حديثة للعراق الديمقراطي الجديد.

قبل فترة، كان الرصاص القاتل الكاتم يجول في شوارع البلد وهو يوزع وروده الملتهبة في عز صيف العراق الذي تتجاوز حرارته 50 درجة مئوية، إلى صدور ورؤوس رجال المرور وهم يحاولون إصلاح وتنظيم جزء من خراب فوضى شوارع الوطن.

كاتم الصوت مستمر يعمل دون كلل وملل بمسلسلات فرعية أخرى وهي تحاول في جهدها المتواصل أن تصل الليل بالنهار وذلك بملاحقة فرائسها من التجار وحراس البنوك الحكومية والأهلية وصاغة الذهب وسائقي سيارات الأجرة والأطباء وأساتذة الجامعات وحراس الوطن وحتى الحلاقون لم يسلموا ... وتطول قائمة من تشملهم ملاحقة حامل كاتم الصوت المجهول.

السفاحون والذباحون يسرحون عابثين في البلاد مرعبين العباد وهم يشحذون سكاكينهم لينحروا بها رقاب أبناء الشعب جملة ومفرق تساندهم المفخخات والمفرقعات ومئات من مجاميع لحملة الأحزمة الناسفة ولاصقي العبوات الناسفة وفوق كل هذا وذاك ترى زيادة مضطردة بالأزمات وانحدار واضح بقلة الخدمات.

أنها دورة الديمقراطية والعدالة والقانون التي طالمـــا أنتظرها شعب العراق المسكين بعد عناء مدمر مرير، فريد من نوعه في الصبر والتحمل؛ أنها إحدى دورات التطور التي حدثنا عنها العالم العربي أبن خلدون بقراءته لتطور المجتمع العربي والإسلامي في مقدمته الشهيرة.

في دورتنا هذه برز دور القاتل المجهول والذي سوف يبقى يصول ويجول، وبيده الكاتم المهبول، أنه سيناريو معلوم لكاتب ليس بالمجهول، هذا السيناريو المقزز لمسلسل طويل ممل في حلقاته ففيه من القتل والتهجير والاختطاف والسلب والنهب والرعب والفزع والجزع والخوف والهلع ما يحبس أنفاس مشاهديه ويكمم أفواههم، ويجفف مداد أقلامهم، وينهي أحلامهم، ويديم أحزانهم ويكثر من شجونهم وهمومهم، أنه قمة بالتراجيديا والدراما العراقية المبتكرة الحديثة والمستوردة من وراء الحدود، القاتل المجهول ذو القفازات الحريرية البيضاء، رصاصاته الكاتمة لن تخطأ الرأس أو القلب، القاتل المجهول سوف ينتشر من جديد متربصاً كالظل في كل الشوارع أنه بانتظار المبدعين من متعددي المواهب والمهن والحرف وأصحاب المواقف الوطنية الشريفة، والحالمين بغدٍ أفضل.

من أخر كلمات الشهيد هادي المهدي
*** لقد سئمت مشاهدة أمهاتنا يشحذن في الشوارع ***

لنرى ما هو موقف الدولة من اغتيالات الكاتم المجهول ولنأخذ واحد فقط من عشرات التصريحات الرسمية العراقية، سوف أستل مقطعـاً صغيراً من تصريح مكتب رئيس مجلس النواب العراقي "أسامة النجيفي" والذي نشرته العديد من المنافذ الإعلامية يقول فيه(( مقتل الإعلامي هادي المهدي له بعد سياسي خطير وسيتم متابعة التحقيق في اغتياله وفضح كل المتورطين)) انتهى النص المستل؛

ترى هل نبقى وراء كل جريمة نسمع فقط بالتصريحات المقرونة بالقصاص العادل من القاتل المجهول.
الشهيد هادي المهدي فنان مسرحي قدير وكاتب وإعلامي غزير الإنتاج وناشط سياسي مستقل اغتيل غدراً في داخل شقته في منطقة الكرادة الشرقية وسط العاصمة بغداد برصاصات كاتم الصوت المجهول بتاريخ 8/أيلول/20011 ...


 

مالمو بتاريخ 22 / أيلـــول 2011





 

free web counter