| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يحيى غازي الأميري

 

 

 

السبت 1/11/ 2008

 

الإشاعات ومروجوها ..... جيف وقمامة لا تستحق إلا الطمر

يحيى غازي الأميري

إلصاق التهم، وإطلاق الإشاعات، والتشهير، والتسقيط السياسي والاجتماعي والأخلاقي من المبادئ والأخلاقيات الأولى في سياسة صدام، وأركان نظامه و جلاوزة أجهزته الأمنية والمخابراتية والاستخباراتية، ووكلائهم من حثالات المجتمع، التي دسها في كل الأماكن والمحافل من أجل المحافظة على كرسيه والاستمرار بفرض سلطته الظالمة، وكذلك من أجل إسقاط وتصفية الخصوم والمعارضين له ولسياسته المدمرة للشعب وثرواته، لقد ارتضى نفر ضال من ذوي النفوس الضعيقة والفاشلين والمنحطين والباحثين عن الثروة والجاه بطرق خسيسة حقيرة من تجنيد أنفسهم لمثل هذه الأعمال الدنيئة والحقيرة والمنحطة في أساليبها ومقاصدها.

لقد ابتلى مناضلو الشعب العراقي بمختلف مكوناته وأطيافه السياسية والقومية والدينية من أفعال وأعمال هذه الحثالات الساقطة، فخلال ثلاثة عقود ونصف روّع النظام الغاشم بهذه الأجهزة المدربة تدريبا" متقنا" على هذه الفنون الخبيثة الدنيئة أمّـا المجتمع وأهله، فقد راحت تكيل التهم والإشاعات التي هي ثوبهم ولباسهم وحالهم، بتوجيهها و تصوبها إلى صدور شرفاء ومناضلي الشعب والوطن من اجل تشويه سمعتهم، والتقليل من مكانتهم السياسية والاجتماعية وكسر شوكتهم وأضعاف دورهم في الحياة السياسية للبلد، زارعين الرعب الذي بدأ يدب في جسد العراق وأبنائه، لقد نجحوا في مئات الحالات إذ ان هذه الإشاعات الخبيثة كانت تجد لها المكان والجو الملائم خصوصا في ( ظل ) ظروف حكم سلطة غاشمة يقودها دكتاتور فاشي وحاشية من الجلادين الموتورين،مجندين ومستخدمين ضعيفي النفوس، وفاقدي الشرف والبصيرة ، من منتسبي أجهزتم الأمنية وبعض وكلائهم المتطوعين لترويجها وبثها بعد أن سلبت عقولهم امتيازات السلطة والجاه المزيفة البراقة !

لقد امتدت هذه الأساليب الجبانة حتى إلى تصفية الحسابات الشخصية مع الخصوم، في ظل دعاوى وإشاعات واتهامات كيدية مستغلين مراكزهم السلطوية وعلاقاتهم مع سلطات القوى الأمنية المتنوعة الأشكال مستفيدين من حالة إرهاب الدولة الذي كانت تمارسه السلطة الجائرة على مواطنيها العزل الأبرياء، والسياسيين التقدميين الشرفاء، الذين أجبروا تحت تهديد التصفية والقتل على ترك عملهم السياسي والفكري الذي نذروا له أنفسهم ومالهم وأقسموا لخدمة وطنهم وشعبهم بكل صدق ونزاهة .

لقد كانوا يختارون ويستغلون ضعيفي النفوس والانتهازيين والتافهين والراكضين إلى الشهرة والمولعين بنقل الإشاعات وترويجها ، فيكفي أن يهمس بأذانهم بأي دعاية أو شائعة أو شبهة حتى تراه يندفع بنقلها وبثها شاعرا ً بالزهو أنه يعرف المخبأ والمستور وأنه يعرف أسرار خطيرة وأنه أكتشف أم الفضائح هو الذي أكتشفها، أو تراه يتبجح أنه يعرف المسؤول الفلاني ويرتبط مع ذاك المسؤول في علاقات صداقة حتى لا يخجل أن يقول تربطني به علاقات صداقة وزيارات عائلية رغم معرفته بوضاعة سلوكهم !

لقد تغلغل القتلة بين صفوف أحزاب ومنظمات العراق التقدمية الوطنية ومارسوا معها نفس الأساليب القذرة لغرض تصفية مناضلي الشعب ، فبث الإشاعات بينهم من اجل خلق الفرقة وزعزعة الثقة بينهم وبين الشعب وفيما بينهم أيضا ً ، لتلهيتهم و إضعافهم وزرع الصراعات والشبهات فيما بينهم . لقد مارست بعض القوى السياسية مثل هذه الأساليب مع أصدقائها ومؤيديها وأعضائها بعد ان بلعت الطعم الذي دسوه إليها أزلام السلطة وأذنابهم !

لقد امتدت هذه الأساليب الماكرة حتى إلى صفوف المعارضة العراقية سواء في داخل الوطن من الريف والبادية إلى الأهوار والمدينة والمصانع والأسواق ، والمدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات التربوية وقد نال المرأة الحيف والظلم من الإشاعات والإساءات اكثر من الرجال بسبب العادات والتقاليد والأعراف التي تحكم المجتمع العراقي .

لقد صدّر الإشاعات ومارسها مع المعارضة العراقية حتى في أعالي الجبال في كردستان العراق أو التي كانت تناضل خارج الوطن . لقد زرعها بواسطة أزلامه ووكلائه، وليس هذا بخافٍ على أحد.

أما في أماكن العبادة ودورها المقدسة ومؤسساتها الإدارية والثقافية والسياسة ،فلم يستثنِ من تدخلاته هذه أي طائفة دينية أو مذهبية أو قومية أو أقلية، فقد جند وخصص لها أخبث عناصره وأزلامه ووكلائه وجعلهم من العناصر الفاعلة في وسطها ، فمارست أرذل أحابيلها وأفترائتها ببث أشاعتها الدنيئة على من يخالفهم بالرأي أو في تنفيذ سياستهم، لم تبقَ طريقة وأسلوب ماكر وخسيس لم يطبقه ببث أشاعته على قادة الفكر والدين والعاملين النشطاء في تلك المؤسسات الدينية.

لقد أغدق النظام السابق العطايا والامتيازات والمنافع والجاه والمكارم السخية والمناصب والأراضي والإفادات والأوسمة والأنواط وووووو ..... لمنفذي سياسته وعملائهم في الداخل والخارج وراح المواطن يعرف ويعلم علم اليقين انه محاط في دائرة محكمة من الإرهاب الامني والفكري والنفسي والمراقبة حتى فاقت في تصورها وأساليب تنفيذها ( قصة جورج أرويل 1984) وراحت شخصية القائد تطغي حتى على شخصية( الأخ الأكبر ) وهو يستعرض جيوشه الجرارة بين الحين والأخر.

لقد ارتضى نفر ضال ــ ضال عن الضمير والدين والإنسانية ــ بعد ان أعمى الطمع والرذيلة والحقد عينيه وقلبه أن يقوم بمثل هذه الألاعيب والأساليب الدنيئة من أجل حفنة من المصالح والامتيازات ( أنه عار ما بعده عار) حتى وصل الأمر بالبعض منهم إلى الاشتغال كقوا.............. حتى يخجل المرء من ذكر أفعالهم المنحطة السافلة، لقد فعلوا اكثر مما حتى تسمعه أو تقرأه أو تشاهده في الروايات والقصص والأفلام المفزعة التي تتناول حياة المجرمين والمنحطين والقوادين والعاهرات والمافيات !
لقد كانت قسم من هذه الإشاعات والدعايات تتعلق بمصير الوطن ومواطنيه فهذه لها أجهزتها ووسائلها الإعلامية و مهيأ لها كافة مستلزمات التنفيذ ........ لقد كانت حلقاتهم المجرمة تطلق هذه الألاعيب والإشاعات كالبالونات هنا وهناك ( داخل الوطن أو في الخارج ) من أجل محاولة تشويه صورة هذا المناضل أو ذلك المخلص والوطني الشريف، لقد نهلت هذه الحثالات الدنيئة من منابع عفنه وتغذت على أفكار مريضة حاقدة سيئه، لقد بات من أوليات العمل الوطني الشريف والصحيح اجتثاث هذه الفئة الضالة وفضح افعالها وأساليبها لما لها من خطورة على أي تحول يصب لخير الوطن والمواطن .
لو تفحص وتعمق كل منا في شخصيات هذه الفئة الضالة لوجدها منخورة من الداخل فالتفكك الأسرى والانحطاط الأخلاقي وبذاءة اللسان وسوء الأخلاق في السلوك والمنطق تجدها من بديهيات حياتهم وتجد كل واحد منهم حائز على العديد من الصفات السيئة والمشينة مثل ( المحتال والكذاب والمنافق والجاهل والمرتشي والسارق والمختلس والغشاش بعمله ومهنته والطماع والجشع والأناني والمحب لذاته ، والوصولي والفاسق والانتهازي والمصاب بمرض وعقد نفسية ، ووضيع النسب والأصل والسياسي الفاشل والمنحرف خلقيا ً والسادي والفاسق والمومس وسماسرة الحرب وسماسرة الرذيلة وووو غيرها من صفات الساقطين ).

لقد عاثت هذه النتنات واستباحت كرامات العراقيين النجباء ولم يزل قسم منهم بعد ان آمن من العقاب يرجع إلى أصله القذر يمارس دوره الساقط المشين ، مستفيدين من اختلال الوضع الأمني للبلد ومن التغيرات الديمقراطية في داخل القطر أو في الخارج.

وهذه محكمة رأس النظام وأعوانه نشاهد ونسمع فيها كيف ينسجون القصص ويلفقون التهم ويطلقون الإشاعات ويشوهون تاريخ المناضلين، ويلعنون الضحايا والشهداء، ويسخرون من كرامة المواطن.
لقد اشترى النظام السابق الولاءات والذمم و أغرقها بالأموال والامتيازات والصلاحيات و( الحصانات ) فربطت مصيرها بمصير النظام وسياسته، فصارت تردد إشاعاته ( السلبية منها والإيجابية ) حسب متطلباتها ومقتضيات سياستها وغاياتها، متبعا ً سياسة القطيع في ترويجها ، أمتد شراء الولاءات والذمم إلى خارج الوطن ليشمل العديد من الأحزاب السياسية، والشخصيات السياسية والإعلامية والبرلمانية ومن مختلف الاختصاصات الأخرى، وكذلك العديد من الشركات والمؤسسات العالمية، لقد نالهم جميعاً من سخاء العطاء المالي والعقود والفرهود الشيء الكثير، وهبات الكابونات النفطية التي كشف عن قسم منها في الصحافة، فهذا دليل ساطع لا يحتاج إلى الأدلة والبراهين.

ولم نزل نسمع إلى يومنا هذا وبعد مرور قرابة عدة سنوات على نهاية النظام الغاشم تتعالى بعض أبواق وأصوات هذه الحثالات بعد ان بدلت جلودها وثيابها ووجوهها فبدأت تندس في صفوف الأحزاب العاملة في الساحة السياسية، أو تشكل وتدير تنظيمات سياسة أو منظمات مجتمع مدني في العراق أو في الخارج تساندها وتدعمها نفس العناصر السابقة، أنها قد سلكت طريقا" لا يمكنها الرجوع عنه أنها اختارت طريق الشر والظلالة أنها مريضة الفكر والنفس، أن عقولها لا زالت تجتر ماضيها الأسود وتدور فيه حتى من هرب منهم إلى خارج الوطن أو تم إرساله إلى الخارج قبل سقوط النظام، لنفس الأغراض الدنيئة تراه يصرح هنا وهناك بنفس الأسلوب القذر حاملا" معه الإشاعات التي سمم عقله وفكره بها، أو تراه يهمس بأذن هذا أو ذلك أنه داء يسري في داخل نفوسهم المريضة.

عندما أرى وأسمع مثل هذه النماذج النكرة وهو يتمنطق الكلمات وبمختلف الخدع والحيل والألاعيب وقد ارتدى أفخر ثيابه أتذكر قول لسياسي ومناضل ومفكر قرأته ورسخ بفكري لم تسعفي الذاكرة بتذكر أسمه يقول المثل : ( ياخات قمصانهم بيض منشات وملابسهم الداخلية قذرة ) نعم أنهم قذرين من الداخل، فقط عليك ان تزيل هذا الطلاء الذي عليهم فينكشف لك معدنهم الرديء !

الجميع لديهم عشرات الحكايات والقصص والمواقف والمشاهدات عن الإشاعات ومروجيها وضحاياها الأبرياء ، سوف اكتفي بسرد اثنتان من هذه الحكايات بشكل مختصر !!

الحكاية الأولى :
عائلة مناضلة وطنية تقدمية شريفة عفيفة، بذل رب الأسرة المتعلم وزوجته الطيبة ، بكل جهودهم وحنانهم وطاقاتهم في سبيل تربية وتنشأت أبنائهم على الصدق وحب الوطن وعمل الخير والأيمان بالقيم النبيلة ونهل العلم و... .... نهل الأبناء من هذه الأفكار، وبات الأبناء يؤمنون بأفكار ومبادئ تنقلهم مع الآخرين إلى عالم تسوده المحبة والاخوة والعدل والمساواة، خالٍ من الظلم والقهر والفقر، إحدى بناتهم ، جامعية التعليم جميلة خلوقة، أنظمت إلى أحد الأحزاب السياسية، العائلة و مئات الناس يعرف نشاطها السياسي وتفانيها في عمل الخير وتقديم المساعدة، تعتقل بعد خروجها من البيت وهي في طريقها لعملها ( كانت موجة الاعتقالات تضرب بالبلد )، لم تعد في موعدها المحدد مثل كل يوم هرعت العائلة تسأل عنها جاءهم اكثر من مصدر ليخبرهم ان ابنتهم قد اعتقلها رجال الأمن.
بعد عدة أيام من البحث والتقصي والتوسل لهذا وذاك أيقنت العائلة باعتقال أبنتهم في مديرية الأمن العامة ، تجرأ الأب وذهب لغرض الاستفسار عن أبنته من مديرية الأمن ، أخبروه بإمكانه مراجعتهم بعد فترة ريثما يتأكدون من وجودها ، ذهب الأب في الموعد المحدد له ، استقبلوه في الاستعلامات وأخبروه و بنوع من السخرية والغمز واللمز، أن أبنته ليست في إي مكان من مديريتهم ولم يعرفوا عنها أي شيء ، وبإمكانه ان يسأل عنها في مكان أخر، أخبرهم الرجل الطيب وهو صادق في قوله أنه مع أفراد عائلته وأصدقائه ومعارفه، بحثوا عنها في جميع المستشفيات ومراكز الشرطة حتى في مراكز الطب العدلي، ولم يجدوا لها أثرا ً.

راحوا يتحدثون معه بكلمات وتلميحات و إشارات وتعليقات بذيئة، بإمكانك الذهاب إلى أماكن أخرى مثل الفوا ............انهار الأب وفقد صوابه وخرج مذعورا ً هائما" على وجهه ، وصل بيته ، كان منهار القوى ، خائر العزيمة ، مغلوبا" على أمره ، العائلة تلح عليه ان يخبرهم بما جرى، كان الأب المسكين يلوذ بالصمت ، بعد كثرة الإلحاح و بعد معاناة نفسية كبيرة ابلغ عائلته ما أخبروه به .
لم يكتفِ أزلام النظام بما فعلوه بالرجل الطيب، كانوا قد بثوا إشاعتهم المشينة بأذان وكلائهم ــ النفر الضال ـــ بأن الفتاة قد هربت مع عشيق لها مخافة ان يفضحها جنينها، ووو .... لم يقصر من أستلم الإشاعة فقام ببثها والزيادة عليها، حتى غدت على كل لسان ...
لم يكتفوا باعتقال وقتل الفتاة المناضلة الطاهرة الشريفة، بل زادوا عليها بتشويه سمعتها والطعن بشرفها وخراب عائلتها، استسلمت العائلة للمصيبة، ما هي إلا فترة وجيزة حتى فارق الأب الحياة من هول المصيبة و كثرة الهم، و فقدت الأم عقلها ، وتفرق أبناؤهم الباقون في شتى بقاع الأرض.

الحكاية الثانية :
لقد كانت شائعات التسقيط ( السياسي و الاجتماعي ) كثيرة جدا ً ومتنوعة و جاهزة ، لان تلصق بأي ناشط أو معارض أو ناجح أو صادق أمين أو مبدع أو تقي أو ورع، فمبتكريها ومروجيها أصبحوا في كل مكان.
وهذه حكاية قصيرة أخرى، عن شاعر وأديب ومثقف ومناضل ثوري، لا يعرف غير حب الوطن والشعب وخدمته، وضع الناس والوطن بين عينيه وراح يكتب لهم الشعر ليخفف عنهم آلامهم وهمومهم، يشاركهم أفراحهم واتراحهم، لم يرضخ بأن يكتب قصائد التبجيل والدجل والمديح، بقى مؤمنا ً برسالته، احبه العراقيون جميعا ً ، حفظوا العديد من أشعاره على ظهر قلب.
كانت الأجواء الثقافية في أواخر التسعينات مكهربة، تحرسها وترعاها مراقبة أمنية صارمة، فدور النشر والإعلام والصحافة تحت رحمة وحماية السلطة، المتعاملون مع الثقافة بمختلف أنواعها مراقبون جميعهم إذ كانت تحسب عليهم أنفاسهم ، وسط هذا الجو القاتم أقام نادي التعارف ببغداد ــ نادي طائفة الصابئة المندائيين ــ إحدى أمسياته الثقافية، كانوا قد اختاروا شاعرا ً شعبيا ً له من الرصيد ما يكفي من الحضور ، كانت الحشود التي حضرت الأمسية كبيرة جدا ً إذ كان الوقت صيفا ً وحدائق النادي وكراسيه تتسع إلى أكثر من ألف شخص !
كان الحضور يشدهم الشوق لسماع شاعرهم، أنشد قصيدة وثانية، في هذه اللحظات اختنقت العبرات في صوته، قطع قصيدته، بدت الدموع تترقرق في عينيه، في هذا الجو الساكن قال بعد ان بدا على تقاطيع وجهه الانفعال يتهمونني بالعمالة وخيانة المبادئ، صعق الحاضرين و أصابهم الذهول عند سماعهم ما قال عدل من وقفته واستعاد أنفاسه وأنشد رائعته ( صياد الهموم ) بصوت تخالطه الدموع (صياد الهموم ) كررها اكثر من مرة وهو يضغط بأسنانه على شفته السفلى، ماكان من الحضور إلا مشاركته بالدموع بعد أن التهبت الأكف بالتصفيق !
كنت أجلس مع مجموعة من الأحبة والأصدقاء، عندما نظرت الى جميع الجالسين من حولي كانت الدموع تترقرق في عيونهم، وهم كالمسحورين بجمال كلمات القصيدة وهي تخرج بهذا الشكل الرائع من الإلقاء.

في اليوم الثاني تحدثت كثيرا ً مع أصدقائي عن الموضوع فأخبروني أن أزلام النظام قد بثوا إشاعتهم من اجل تسقيطه سياسيا ً بعيون محبيه، إذ أرادوا أن يقتلوه وهو على قد الحياة !
لكنه فضل الاجهار بهذا الموقف البطولي، ليسجل أقوى صرخات التحدي بوجه النظام وجلاوزته . ( للحقيقة كنا نتوقع ان يعدم بعد هذا الموقف أو سوف يحاسب محاسبة عسيرة ، لم أعرف ماذا حصل له لهذا الموقف ! )
لم انسَ هذه الحادثة وخصوصا ً كلما أراه الآن وفي العديد من المحطات الفضائية وهو ينشد (صياد الهموم ) أو بقية أشعاره وبرامجه الممتعة الجادة، فألف تحية لشاعر الوطن والحزن والحب (صياد الهموم).

فحذاري من الإغفال عنهم ، وعدم محاسبتهم وكشف أسمائهم وأساليبهم فهم كالأمراض السرطانية الخبيثة تكبر وتستشري ان تركت بدون علاج أو استئصال وهي كالأزبال القذرة مصدر للأمراض والأوبئة الخطرة على سلامة الإنسان والبيئة ، فهي تكبر وتصبح منبعا" للضرر، ما لم تنقل إلى أماكن خاصة بها بعيدة عن المجتمع وتجمعاته، ويتم طمرها .
وقد تحدثت وحذرت آلاف من مثل هذه القصص والحكايات و من الإشاعات وناقليها ومروجيها ومنها هذا المثل شعبي المتداول ، الذي ينصح بالتجنب والابتعاد عن هذه الحثالات وهو :

(
لا تربط الجرباء قرب صحيحة خوفا ً على الصحيحة أن تجربا )

حتى لا يكون المرء من ناقلي ومروجي الإشاعات هذه الآفة الفتاكة التي نهت عنها كل الشرائع والأديان والأعراف وحذرت منها ومن مخاطرها وأغراضا، وللجم مروجيها وصد مقاصدهم الشريرة ونواياهم الخبيثة، على المرء التيقن من الخبر والتروي وعدم الاستعجال من نقلة وتصديقه .

وافضل ما نختتم به مقالتنا هذه قوله تعالى :
(
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) (الحجرات 49:6 )


كتبت المقالة في آذار 2006



 

free web counter