| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يحيى غازي الأميري

 

 

 

السبت 14/2/ 2009



قديس أسمر من الناصرية أسمه سلمان منسي

يحيى غازي الأميري

في أي سفح ٍ؟
على أي رابية ٍ؟
أقرب نبع ماء أم في غابة ٍمهجورة ٍ نائية ٍ؟
أم في جبل مجهول الهوية؟
ارقد بسلام فحيثما تكون هو وطنـــــــــــــــــــــــــــــــــك .

منذ ان افترقنا مضى زمن زاد على ربع قرن من السنيين،زمن متخم بمآس ِ لا تحصى ولا تعد وبعد مخاض عسير ولدت في زمن ٍجديد من نفس رحم العراق الطيب المعطاء.

قبل أيام سمعت خبر شهادتك أيها الزميل والرفيق العزيز (سلمان)

لم يحدثني صديقنا وزميلنا القاص والروائي والناقد( سلام إبراهيم) في أول لقاء لنا في كوبنهاكن قبل فترة وجيزة بعد فراق زاد على الربع قرن أيضا عن استشهادك، حدثني عن استشهاد شقيقه كفاح وابن خالته صلاح تحت التعذيب،أو كما يسميها الأستاذ الفاضل رشيد الخيون ( مطاحن البعث) واسميها أنا ماكنات فرم لحوم البشر البعثية .

إذ كنت قد قضيت أيام جميلة مليئه بالنقاشات السياسية والأدبية والقراءات الشعرية بصحبتهم عند زيارتي لمدينة الديوانية عام 1974 كانا شابين يافعين رائعين بعمر الزهور( كفاح وصلاح ).فلهم مني الذكر الجميل .

وتحدثنا عن استشهاد صديقي ورفيقي العزيز مهدي حمد حسين الخزرجي من سكنة( قضاء العزيزية/محافظة واسط)ـ إذ كنت قد عرفت صديقي سلام إبراهيم عليه واصبحا أصدقاء أيضا ـ حدثني سلام ابراهيم ،كيف التقى بالجبل بابن أخت المناضل النبيل مهدي حمد حسين. والذي اسمه أيضا سلام

والذي هجرته حكومة البعث مع عائلته من (قضاء بدرة / محافظة واسط )إلى إيران بحجة التبعية الإيرانية هذه العائلة العراقية المناضلة (عائلة أبو سلام).
لم يهدأ بال ابنه البكر سلام حتى غادر إيران ليلتحق برفاقه الشيوعيين بالجبل في شمال كردستان العراق، كيف لا وهو أبن العراق.

أخبرني بعد فترة من لقائنا عن طريق الانترنيت،كتب لي هل تتذكر الشاب الأسمر الجميل سلمان منسي ؟
فاستغربت لكونه يكتب لي هل تتذكر؟
فكان جوابي له وكيف لا وهو القديس الأسمر القادم من الناصرية !

فكتب لي مباشرة بعدها أنه قد استشهد في إحدى المعارك بجبال كردستان وهو يحمل السلاح مع رفاقه الشيوعيين في عام 1983.
أوقع الخبر آلم حز في قلبي وارتجفت أوصال جسمي له ..... كتبت لسلام أنى لا أستطيع مواصلة الكتابة الآن، ان كل شيء بي يرتجف!

تركته وعدت إلى أيام جميلة جمعتني مع سلمان عند أول وصولنا إلى المعهد الزراعي في أبو غريب الذي كان يقع ضمن بناية كلية الزراعة في جامعة بغداد عام 1972 جمعنا العمل التنظيمي الطلابي ( اتحاد الطلبة العام) ،وبعد فترة قصيرة التقينا في تنظيم الحزب الشيوعي، لندخل صومعة الحزب ومحرابه!
قبل أن نبلغ العشرين من العمر.

كان سلمان وديعاً هادئ الطبع، يحمل معه ابتسامة جميلة حزينة ! يملأ الحب قلبه، كان يعمل بهدوء وصمت وعزيمة.

سلمان يا قديساً يحمل طيب الهور وسكونه، يحمل حلم الجياع ولوعتهم بين عيونه، بعد ان عايشت وشاهدت كل أنواع الحرمان والفقر، وأصناف الذل والقهر، أتيت حالماً مؤمناً، ان تشعل كل أصابيعك لتـنير لهم ولرفاقك الدرب!

هكذا تعارفنا ورحنا نعمل بكل جوارحنا، لا نهدأ كالنحــــــل، ونذرنا كل شيء فينا من أجل الحب والخير و كافحنا ضد الظلم والجور والقهر.

فسلاماً لك يا سلمان يا قديساً يا من بين الأضلع والثلج والنرجس لك مرقد.


كتبت في كانون الأول 2004
مالمو/ الســــويد
 


 

free web counter