| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يعكوب أبونا

 

 

 

 

الأثنين 6/8/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس


 

بمناسبة يوم الشهيد


يعكوب ابونا

(( في التقارير البريطانية السرية / يؤكد احد شهود العيان الابريطانيين قوله ( لقد رايت وسمعت االكثير من الاحداث المروعة التي وقعت خلال الحرب العالمية الاولى ، ولكن الذي رايته في سميل بعيد عن تصور الانسان ))..
اختيرت مأساة شعبنا في قرية سميل ، لتعبر بحق عن مأساة شعبنا الكلدان السريان الاثوريين عبرتاريخه الطويل ، لما قدمه من التضحيات والشهداء، ليس بسبب جرم ارتكبوه بل لحق طلبوه ...فكان الاتحاد الاشوري العالمي (AUA) مصيبا ومحقا عندما قرر في مؤتمره العام المنعقد عام 1970 في ايران اعتبارالسابع من اب من كل عام يوما للشهيد الاشوري ......
بعد ان وضعت الحرب العالمية الاولى اوزارها ، بدا عهد تقرير المصير الذي رفعه ويلسن الرئيس الامريكي انذاك ، فقسم ارث الدولة العثمانية بين الحلفاء .. وفق ما قرره مؤتمر "سان ريمون" في (شعبان 1339هـ = إبريل 1920م) الذي وضع القطاع العربي الشمالي الممتد من البحر المتوسط إلى فارس تحت الانتداب، فأعطيت بريطانيا الانتداب على العراق وفلسطين وشرقي الأردن، وأعطيت فرنسا الانتداب على سوريا ولبنان.
كان هذا القراروفق ما كانوا قد اتفقواعليه في مفاوضات سرية سابقه بين بريطانيا وفرنسا وروسيا التي بدات في (رجب 1334 هـ = مارس 1915م) لتقسيم الدولة العثمانية فيما بينها بعد انتهاء الحرب، وهو الاتفاق المعروف باسم " سايكس - بيكو فيما بعد، وكان المبدأ الجوهري لهذه الاتفاقات هو تصفية الدولة العثمانية في ظل مبدأ توازن القوى في حوض البحر المتوسط.. وإن الحلفاء والعرب التقوا في تقويض الدولة العثمانية .. فثمن تعاون الشريف حسين معهم في هذا الأمر تمثل في إنشاء دولة عربية مستقلة. وهكذا تم فعلا عندما منحوا الحلفاء للشريف حسين الحجاز ولاولاده العراق والاردن.. وفلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني ..وسوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي ........

وهكذا فان الذين تعاونوا مع الحلفاء اخذوا حقوقهم الا الاشوريين كما يذكر رئيس الوزراء البريطاني الاسبق تشرشل في مذكراته بان بريطانية العظمة قد خانت حليفتها الصغرى الامة الاشورية ،عندما قدموا الاشوريين كل تعاون وتضحية من اجل نصرت الحلفاء مقابل ما وعدوهم بمنحهم حقوقهم القومية ..الا ان بعد انتهاء الحرب وتقسيم ارث الدولة العثمانية بين المنتفعين بحق او بدونه ، حرموا الاشوريون من اي حق رغم كل ما قدموه من تضحيات ، بالمقابل ان الحلفاء ضحوا بهم من اجل مصالحهم في المنطقة ......
وعندما وقع خلاف على قضية الموصل بين تركيا وانكلترا والعراق احيل الموضوع الى محكمة العدل الدولية في لاهاي ، وفي كانون الاول / 1925 اجتمعت عصبة الامم واخذت اقتراحات المقدمة من اللجان وراى المحكمة الدولية . وقررت ..
1- الحدود التركية العراقية تكون حسب خط بروكسل المقرر سابقا .والمتخذ في 27 – 29 تشرين الاول 1924 .
2- ان تمدد بريطانيا الانتداب على العراق 25 سنة اخرى وان تبقى ولاية الموصل تحت الحكم العراقي وجزء من العراق .
3- احتفاظ تركيا بمقابل ذلك بولاية هيكاري الاشورية ومنعهم العودة اليها ، وابقائهم بالعراق ........
4- منح الاتراك 10% من واردات النفط في ولاية الموصل لمدة 25 سنة..
5- رفع يد فرنسا عن الموصل مقابل مد يدها على ضفاف نهر الراين في اوربا بحرية ..
وبهذا حلت مشكلت الموصل مع الاتراك على حساب حقوق الاشوريين ... وبما ان بريطانيا اقترحت على عصبة الامم منح الاستقلال للعراق ..
فجرت مناقشة الموضوع في عصبة الامم في ايلول /1932 ، فحضرالبطريرك مارشمعون الى جنيف واثار قضية الاشوريين ، الا ان ممثل البريطاني ونوري السعيد ممثل العراق في المؤتمر استطاعوا تمريرذلك بدون الاشارة الى اي حق للاشوريين . ووقع العراق مع بريطانيا معاهدة عام 1930 في عهد وزارة نوري السعيد ، لم تحظى هذه المعاهدة الا باستنكار جماهيري ، وكذلك كان لها معارضين منهم رشيد عالي الكيلاني وياسين الهاشمي رئيس حزب الاخاء ، فتم الاتفاق مع الحزب الوطني العراقي الذي كان رئيسه محمد جعفر ابو التمن ، فكان التنديد بهذه المعاهدة التي اعتبرت ( صك العبودية )... فادى ذلك الى استقالة نوري السعيد وجاءت حكومة ناجي شوكت ، فقدمت هي الاخرى استقالتها وجاءت وزارة رشيد عالي الكيلاني في 20 / 3 /1933 ، وعين حكمت سليمان وزيرا للداخلية ، واصبح نوري السعيد وزيرا للخارجية .. اثار ذلك دهشة واستنكار راى العام ، فوجدت الحكومة من حركة الاشوريين ومطالبتهم بحقوقهم مخرجا لازمتها السياسية امام الشعب ، خاصة وان الحكومة تعلم بان لا احد يتعاطف مع مطاليب الاشوريين لا من العرب ولا من الاكراد ،فقامت الحكومة بمناوره ففي 10 / ايار / 1933 استدعى البطريرك مارشمعون الى بغداد للاجتماع بوزيرالداخلية ، فانتظر ستة ايام لمقابلة الوزير وبعدها تمت المقابله ، فبين له الوزيرعدم رضى الحكومة عن تصرفاته ، وطلب منه التنازل والتخلي عن مركزه الدنيوى وزعامة الاشوريين ، واعد له مذكرة للتوقيع عليها ، رفض مارشمعون التوقيع ، فمنع من السفر الى الموصل ،ووضع تحت المراقبة حتى تم اعتقاله ، في بداية شهرحزيران /1933 ، على اساس عمله هذا مخالفا للدستوروالقوانين المرعية ، بعد ان اتهم بمساعدة ومساند العصيان الذي اتهم به الملك ياقو واتباعه في دهوك ........على اثر اتهام هذا الاخير بالعصيان اوعزت الحكومة الى امر موقع الموصل بكر صدقي لتهيئة الاعمال الحربية ، فتحرك القطعات العسكرية ، الا ان الضابط البريطاني استطاع اقناع ملك ياقو بالحضورامام متصرف الموصل والتعهد بحفظ الامن والنظام ، الا ان الحكومة استمرت باجراءاتها العسكرية فشكلت قوة عسكرية اطلق عليها اسم ( عماد ) تتكون من قطعات الحروب الجبلية وقطعات من المشاة وقوة الشرطة السيارة ، انيطت قيادتها بالعقيد بكر صدقي ، في 10-11 /تموز /1933 عقد اجتماع بين ممثل انكلترا وممثل عن الحكومة العراقية وبعض الاشوريين المؤيدين لمارشمعون ،، لتوطين الاشوريين في بعض مناطق شمال العراق ..وكان القرارمن لم يرضى منهم بذلك عليه مغادرت العراق ...
فغادر في 14 تموز بعض زعماء الاشوريين منهم ملك ياقو وملك لوكر وشيلمون الى بغداد لمقابلة مارشمعون ، وعبروا الى سوريا وطلبوا الحماية الفرنسية ، رحبت فرنسا بالطلب فعبروا الالاف من الاشوريين الى سوريا ، اتصلت الحكومة العراقية طبعا بتوجيه الانكليز بالفرنسيين وطلبوا منهم تجريد الاشوريين من السلاح ، وابعادهم الى مناطق الحدود مع السماح لهم بالعودة الى العراق اذا وافقوا على تسليم سلاحهم .. سافر ممثل بريطانية في العراق الى فرنسا واتفقوا على تنسيق الهجرة وعدم السماح للاشوريين بالدخول الى سوريا بل تجريدهم من السلاح واعادتهم الى العراق ...
نفذت فرنسا الاتفاق بعدم السماح للاشوريين بالبقاء في سوريا بل اجبرتهم بالرجوع الى العراق عن طريق النهر ... واثناء عبورهم اخذت الطائرات العراقية ويقودها الانكليز بفتح النيران عليهم ، ومن الجهة الاخرى من النهر كان باستقبالهم الجيش والشرطة العراقية ، ومع ذلك استطاعوا مقاومة الجيش والشرطة ، وفي 4 اب / 1933 شن الجيش هجوما ثانيا واستمرت المعركة لليوم التالي ، وفي 5 اب قاد الملك لوكر هجوما على جبل جياي بخير ففتح الطريق لعبور البقية نهر دجلة .......
اخذت وسائل الاعلام العراقية بتوجيه من السلطة ، تنشر اخبار بان الاشوريين بداوا بالحرب ضد العراق ، فاعلن الجهاد في اب 1933 ضد الاشوريين وطلبوا من العرب والبدو والاكراد المشاركة في هذا الجهاد ومن لم يوافق على قتل وسلب ونهب الاشوريين فهو خائن الدين والوطن ..
ووعدوهم بمكافآت بالجنيهات الاسترلينية لمن يقتل اشوريا .........
فاخذت المعارك تشن على القرى الاشورية فتعرضت لذلك العمادية ودهوك وشيخان والموصل..وابيدت اكثر من ستين قرية من القرى الاشورية في شمال العراق اباده جماعية.....في هذا الوضع الماساوى نشرت السلطة خبرفي المنطقة بان من لم يقاوم عليه بمغادرة اماكنهم وتجمعهم في قرية سميل القريبة من دهوك ليتمتعوا بالحماية....
كانت الحكومة التي يرأسها رشيد عالي الكليلاني قد بدأت بحمله رسمية وشعبية لتعزيز موقفها امام الشعب ، وذلك بتهيئة الراى العام على ضرورة الاقدام على القضاء على الاشوريين والتخلص منهم ، ففي 1 – 14 من شهر تموز 1933 نشرت اكثر من ثمانين مقالة رئيسية في صحف العراقية تنادي بالقضاء على الاشوريين ، وفي شهر اب 1933 نشرت الصحف اكثر من 230 مقالة مهنية تدعو جميعها لتخليص البلاد من الاشوريين بالقضاء عليهم ...
يذكر عبد المجيد القيسي في 213من كتابه الاثوريون ، عن مستر لونكرك الذي كان موظفا ومسؤولا في وزارة الداخلية والمطلع على مجرى الاحداث مع الكولونيل ستافورد المفتش الاداري في لواء الموصل ومؤلف كتاب عن تلك الاحداث .. يقول لونكرك ..
(( ادت اعمال نهب الدور وهدمها وقتل سكانها الى هجر فلاحي المزارع المجاوره لقرية مساكنهم والتشرد في الطرقات وبدات منذ يوم 8 / اب / 1933 بدأت اعداد كبيرة من الاشوريين الدخول الى قرية سميل والالتجاء الى مخفر الشرطة طلبا للامن والسلامة والنجاة . وقد طمانهم عريف المخفر الى ذلك فاقاموا محيطين به حتى 11 اب اذ بدات الشكوك تساورهم وهم يشاهدون عودة العشائر لنهب وحرق ما تبقى من دورهم ثم تحققت مخاوفهم حين دخلت القرية صباح ذلك اليوم وبصورة سرية قوى عسكرية منتظمة برشاشات من الجيش العراقي وما لبثت ان فتحت نيران رشاشاتها وحصدت جميع المجتمعين في القرية حتى اذا انتهت عند الظهيرة من مهمتها امتطت سياراتها العسكرية وعادت ادراجها من حيث اتت ، تاركة الارض سابحة في الدماء ومغطاة بالجثث الملقاة في العراء ....)) ..
ويذكر نبيل دمان في ص 135 من كتابه الرئاسة في القوش بان شخص من تلكيف يدعى شاكر كرمو كان في زاخو فراى بام عينه كيف كانت سيارة تجوب الشوارع وعليها مجموعة من الشبان الاشوريين تنادي الناس بان هولاء مجرمون وبعد قليل يطلق عليهم النار وتتكرر العملية ....هكذا ...
ويذهب القيسي في مؤلفه في نفس الصفحة، الى القول .. (( مما لاشك فيه ان هذا العمل الوحشي البشع ..الذي كان بتدبير بكر صدقي ، اراد ان يعيد الماساة نفسها في قرية ( القوش ) لولا ان بشاعة ما جرى في سميل اقنعه بالعدول عما نوى )) ..اما الرفيق المرحوم توما توماس في مذكراته الحلقة الاولى والمنشورة في عدد مواقع الكترونية يقول ..(( القوش ، وهي بلدة عريقة في بلاد ( بيت نهرين ) من بلاد آشور ، تبعد 40 كيلو متـرا عن نينوى آخر عاصمة للاشوريين..... وقد حافظت القوش على اصالتها وتقاليدها ولم تتمزق هويتها القومية رغم مرور الاف السنين على نشأتها ، ولم تنل منها غزوات القبائل او الدول المتعاقبة على حكمها بعد سقوط كيان دولتها ، فظلت لغتها الكلدانية - الاشورية شامخة حتى يومنا هذا . ويضيف ...
تميزت القوش بمواقفها القومية الشجاعة بمساندة ابناء قوميتها اثناء المحن ، اتذكر جيدا ( فرمان الاثوريين ) كما سمي بمجزرة سمٌيل ، وكيف احتضنت القوش العوائل الاثورية التي هجرت قراها ولجأت اليها ، لازالت ذكرى تلك المأساة عالقة في ذهني ، فقد كان في دارنا حوالي عشرين عائلة افترشت اسطح الدار ، وشاركتنا في مؤنة العائلة ، ولم تكن عائلتي الوحيدة في القوش ، تحتضن عوائل الهاربين من الموت ، بل نادرا ما وجد بيت في القوش لم يفتح بابه امام اللاجئين .
كانت القوات الحكومة بمدافعها ترابض على قمة جبل القوش ، وعلى سفحه تنتظر، القبائل الكردية ، قصف البلدة بمن فيها ، لدخولها واستباحتها بعد ان خططوا لاقتسام الغنائم وحتى النساء ، اما البدو فقد اتلفت قطعان غنمهم وحقول القمح وبساتين البطيخ وانتظروا بدورهم الاشارة لدخولها واخذ حصتهم من الغنائم . لقد استبسل المقاتلون الاثوريون بالدفاع عن قراهم ........ وبتدخل مباشر من البطريرك عمانوئيل الثاني ، بطريرك بابل على الكلدان حينذاك ( وهو من ابناء القوش ) انقذت البلدة ، بإستحصاله قرارا من الحكومة العراقية ، وبضغط من سفارات فرنسا وايطاليا والفاتيكان ،لانهاء الحملة ضد الاثوريين ورفع الحصارعن القوش ) .
فعلا اثمرت تلك الجهود  بعد ساعات فالقت الطائرات بالمناشير في كل مكان معلنة ان الفرمان قد انتهى .... وبعدها توجه الملك غازي شخصيا الى القوش .فوصل في 30 اب 1933 واستقبل بحفاوه.. بعد ان كان هو قد وقع على امر ابادة الاشوريين .......لان والده الملك فيصل الاول كان يعالج في سوسرا ..
كانت الحكومة انذاك برئاسة رشيد عالي الكيلاني وحكمت سليمان وزيرا للداخلية ، وياسين الهاشمي وزير المالية وجلال بابان وزير الدفاع ونوري سعيد وزير الخارجية .. كان لهولاء الدور الكبير في قيام تلك المجزرة التي تمت على يد بكر صدقي والنقيب اسماعيل عباوي ..
وفي 15 / اب / 1933 سنت الحكومة قانونا طارئا يقضي بنفي البطريرك مار شمعون ايشاي الى خارج العراق ، وفي 18 اب 1933 وصل الى جزيرة قبرص منفيا ...
استمرت مأساة شعبنا الكلداني السرياني الاشوري وباشكال مختلفه حتى مجىء البعثيين 1968 الى حكم العراق اقاموا بمجزرة اخرى لشعبنا في قرية ( صوريا ) بتاريخ 16 /9 / 1969 على يد المجرم الضابط العسكري عبد الكريم الجحيشي ، عندما قتل سكان القرية باجمعهم رميا بالرصاص ... تطول مأساتنا يوم بعد يوم لنصل الى ما نحن اليه اليوم في زمن العمامات السوداء والبيضاء والملونه ، فوصل الامر الى فتاوى وخطب الائمة الى الدعوى لقتل اصحاب الديانات الاخرى والمسيحيين في مقدمتهم .. شعبنا الكلدوالسرياني الاشوري يتعرض اليوم الى ابشع جريمة عرفها التاريخ المعاصر .. فعلينا ان نعي حقيقة ما يجري لشعبنا فانه يقاد باجمعه الى طريق الجلجلة .... لنصرخ باعلى صوتنا هناك شعب يباد .. لنهتف المجد لله في العلى .. وعلى الارض السلام ... وفي الناس المسرة ..
فالمجد والخلود لشهدائنا الابرار .........
والغزى والعار للقتلة ..............


6/ 8 /2007