| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يعكوب أبونا

 

 

 

الأربعاء 20/5/ 2009

 

الازمة الاقتصادية العالمية
والخروج من عنق الزجاجة ..؟؟

يعكوب ابونا

لم تظهر لحد الان نتائج مؤتمر قمة مجموعة العشرين الذي انعقد في لندن في الشهر الماضي ، والذي كان مثار جدل وتساؤل من المهتمين بالشأن الاقتصادي والمالي في العالم ..
لان الطروحات التي قدمت والنتائج التي توصلوا اليها لحل الازمة التي تعصف بأقتصاديات العالم عموما لم تكن بمستوى الطموح الذي كان الملايين من البشر ينتظرونه من اجتماع القادة في لندن ..

فقرار ضخ ملايين الدولارات لتعزيز رساميل قطاع المصارف والبنوك وشركات السيارات والتأمين والعقارات وغيرها ..لا يمكن ان يكون هو الحل لهذه الازمة...والدليل على ذلك ان الازمة لازالت في تفاقم مستمر لحد الان..

وكما هو معروف فإن منشأ الازمة ومصدرها هو امريكا ، ومنها عمّت اثارها وانعكاساتها الدول الاخرى ، مما جعل البعض يعتقد بأن الازمة مفتعله وهي صناعة امريكية بأمتياز الهدف منها اثبات قوة امريكا و سيطرتها على العالم بدون منافس وهي التي تؤثرعلى مجمل حركة المتغيرات في العالم....

فإن اخذنا هذا بنظر الاعتبار سنجد بأن جانب من هذا الرأى صحيح اذ ان هذه الازمة اثبتت ما للدورالامريكي من تأثير كبيرعلى مجمل اقتصاديات العالم ومنها الدول ذات الاقتصاديات الثابتة والمستقرة كالاتحاد الاوروبي والصين واليابان وكوريا الجنوبية ..التي كان البعض يراهن على انها الدول التي يمكنها ان تنافس امريكا وتقف في وجه الطموح الامريكي ....ولكن الواقع اثبت بأن هذه الدول لم تستطيع الوقوف بوجه هذه الازمة او ان تبتعد عن اثارها .. بل كانت كتابع لحركة المتغيرات الامريكية وسائرة في فلك الاقتصاد الامريكي بدون اية استقلالية ..بعكس الازمات الاقتصادية التي كانت تعصف دول العالم فكان لامريكا الدور الاساسي في اخراج تلك الدول من ازمتها.. ولكن عندما عصفت الازمة بأمريكا لم نجد اية دولة استطاعت ان تقدم لامريكا ما يمكن ان تتجاوز به ازمتها..
من هنا نستطيع القول بأن امريكا اثبتت سيطرتها على مجمل المتغيرات في العالم ، والواقع يثبت بأن اقتصاديات العالم مرهونه بمدى الاخفاقات والنجاحات للسياسة الاقتصادية والمالية الامريكية ..

ومهما قيل في تبريرات الازمة وانعكاساتها فإن تأثيرها السلبي كان ولا زال واضحا بشكل كبير على الوضع الاقتصادي والمعاشي للمواطن الامريكي ..اذ يجب ان تقرأ الحالة وفق هذا المنظور..
فابعاد الازمة ومسبباتها يمكن ان تكون ....
1- احداث سبتمر 2001 وما احدثته من المتغيرات على الساحة السياسية والاقتصادية والمالية والعسكرية الامريكية ..
2- الحرب في افغانستان والعراق ومحاربة الارهاب ...
3- نظام الكوتا الذي سمح للدول ان تغرق الاسواق الامريكي بالبضائع رخيصة الثمن لتنافس البضائع الامريكية في الداخل والخارج ..
4 - اخفاق الشركات الامريكية في اعادة سيطرتها على الاسواق الامريكية لمنافسة البضاعة الاجنبية في السوق ..
5- هجرة رؤوس الاموال الامريكية الصناعية واقامة مشاريع في دول اخرى ..
6- الكساد الاقتصادي والبطالة في سوق العمل ..
7- سوء الادارة والفساد المالي ..
8- القروض العقارية والاساءة في استخدامها وطريقة منحها..
9 - دورالنقابات العمالية وامتيازاتها داخل سوق العمل ..
10- التهرب الضريبي ..

بطبيعة الحال هذه الاسباب وغيرها الكثير ، الا انها تبقى حلقات متداخلة ومتفاعلة مع بعضها ، قد تكون بعضها اساسيات في تفعيل الازمة وغيرها مكملة لتفاقمها ، لذا يجب ان تقرأ مع بعضها اولا وان تعالج كل فقرة على حدة ثانيا للحد من تأثيرها على الحلقات الاخرى ..

احداث سبتمر2001 كان لها الاثر الكبير في حركة السوق وانعكاسها على حركة الاقتصاد الوطني عموما اذ بسببها بدأ الاقتصاد يتحول من اقتصاد سلمي الى اقتصاد حرب ، فكانت الحرب على الارهاب في افغانستان والعراق وفي الدول الاخرى كبدت امريكا ولا زالت الاف الملايين من الدولارات عكست اثارها على الاقتصاد عموما في مجرى المتغيرات في حركة السوق ، كما احدثت المضاربات المالية في سوق الأوراق المالية والاسهم والسندات الى افلاس بعض الشركات ، وتذبذب اسعار الطاقة ( النفط ) وانخفاض قيمة ( الدولار ) ، وتطبيق نظام الكوتا الذي سمح بفتح الاسواق الامريكية لتغرق ببضائع وسلع رخيصة من مناشئ مختلفة لتنافس البضاعة الامريكية في الداخل والخارج ، كان لهذه الاسباب ان تعاني الشركات الامريكية الكبرى من ازمة حركة الاستثمار والتشغيل والتسويق للبضاعة المنتجة من قبلها وخاصة شركات السيارات التي بدأت معاناتها منذ تسعينات القرن الماضي وقبلها عندما اضطرت الى نقل بعض خطوط الانتاج من معاملها ومصانعها الى دول العالم الثالث للاستفادة من رخص اجور الأيدي العاملة في تلك الدول قياسا الى اجور العمل التي يتقاضاها العامل الامريكي والامتيازات التي يتمتع بها اعضاء نقابات العمال على حساب العمل والانتاج ، بالاضافة الى امكانية التهرب الضريبي بشكل او بآخر ..

ادى ذلك بطبيعة الحال الى الاستغناء عن الالاف من العاملين والموظفين في تلك الخطوط فشكل العاطلون عن العمل عبءً ثقيلاً على الاقتصاد والائتمان المصرفي وحركة النقد عندما توقفوا عن تسديد الاقساط المستحقة الدفع كأقساط الرهن العقاري والتأمين والصحة وغيرها .. مما سّبب ركوداً في حركة السلع والبضائع في السوق وعجزاً في المتداول النقدي في سوق المال لعدم الوفاء بالالتزامات المالية المتبادلة .....

اصاب الشركات الكبرى ومنها شركات ( السيارات ) عجز في ميزان المدفوعات عندما لم تتحمل اقتصادياتها المالية الخلل الذي نتج عن عدم التوازن بين العرض والطلب في حركة السوق .. فأستغنت الشركات عن الاف العاملين لديها لتقليل المصاريف والحد من نسبة الخسائر ، في الوقت الذي سّبب هذا الاجراء تفاقم البطالة وزيادة جيش العاطلين عن العمل سّبب الزيادة في ازمة الشركات الاستثمارية والمصارف والبنوك وشركات التأمين لعجزالعاطلين عن العمل من تسديد فواتير مستحقة الدفع ، فأنعكس ذلك بمجمله على حركة المتغيرات الاساسية في تقييم السلع والبضائع في الداخل والخارج ، وكان من الطبيعي ان يعكس ذلك على حركة سوق العقارات الذي اصابه الركود بسبب تفاقم ازمة البطالة ، اخذت البنوك العقارية والرهنية بعرض تلك العقارات التي كانت قد سددت اقيامها من قبل تلك البنوك لصالح المنتفعين بتلك العقارات وشاغليها ، وعندما عجز هؤلاء عن تسديد تلك القروض اضطرت البنوك والمصارف الى عرض تلك البيوت والعقارات بعد اخلائها من ساكنيها الى الإعلان عن بيعها بأثمان اقل بكثير من قيمتها الحقيقة او من مبلغ القرض اصلا . الا ان حركة البيع والشراء للعقارات كانت هي الاخرى قد اصابها الركود بسبب الوضع العام لحركة السوق التجاري والعقاري والمصرفي..

من هنا تفاقمت الازمة بشكل كبير ومؤثر فعدم تسديد الديون والقروض المستحقه الايداء شل حركة الائتمان للبنوك والمصارف وأوقف اعمالها بسبب ما اصابها من عجز في الائتمان ولعدم وجود ضمانات لتعويض الخسائرالمتحققه ،ادى الى عدم امكانية الوفاء بتنفيذ الالتزامات المتقابله مع الغير فسّبب ركوداً في حركة السوق وتباطئ في حركة التعاملات التجارية والمصرقية اليومية ..

للخروج من عنق الزجاجة
على الدولة ان تعمل على دعم الشركات لاخراجها من الضائقة المالية التي تعانيها وايجاد بدائل وظيفية للحد من ظاهرة الفساد المالي والاداري الذي يعم الكثير من تلك الشركات ..
وكما هو معروف ان الركود الاقتصادي في سوق التجارة والمال يحدث بسبب الاختلال في تداول السلع والبضائع في السوق وفق قانون العرض والطلب ، فالركود في حركة السوق دفع الشركات الى تقليص الانتاج والاستغناء عن الاف العمال والموظفين ، مما سّبب العجز في ميزان المدفوعات والوفاء بالمديونية للبنوك والمصاريف وبيوت المال والشركات ، فأدى الى افلاس الكثير منها .. ومن هنا بدأت الازمة تتفاقم يوما بعد يوم ..

1- لكي تعاد الامورالى نصابها الطبيعي والخروج من هذه الازمة يتطلب مساعدة العمال في انشاء معامل صغيرة مدعومة من الدولة واستثمارها من قبلهم لامتصاص البطالة وتأمين العيش لهم ..
2- المساهمة في اعادة عجلة الانتاج في الشركات الصناعية والمعامل والمصانع لتحقق ديمومة في عمل الشركة وتأمين ارجاع العمال الى عملهم ومنح قروض واعانات مخصصه لدعم عجلة الانتاج ..
3- تحويل أوجه الصرف المقررة لتلك الملايين التي تعزم الدول ان تقدمها للشركات لاخراجها من ازمتها ، مثل هذا العون وهذه المساندة لشركات هي على وشك الافلاس سوف لا يحقق الهدف المنشود من مساعدتها بتلك المبالغ ، لانها قد توّجه تلك الاموال الى ابواب الصرف الاخرى و في غير محلها ، منها تسديد التزامات الشركة (الديون) تجاه الغير ، وهذا طبعا لا يساهم في اخراج الشركة من ازمتها الحقيقية ..
4- الازمة الحقيقية تحدث عندما تتوقف خطوط الانتاج عن العمل ، فمتى تم للشركة امكانية تسويق وتصريف بضاعتها على الوجه الاكمل عندها تستطيع تشغيل خطوط الانتاج ..
5- تصعيد وتيرة العمل لتأمين دخل ثابت للعمال ليستطيعوا تسديد الاقساط المستحق عليهم ان كانت اقساط عقارية او التزامات مالية تجاه الشركات وبيوت المال الاخرى ...
6- احداث التوازن بين العرض والطلب في سوق العمل والانتاج مطلوب ، وهذا التوازن في مثل هذه الظروف لا يتم الا بتدخل الدولة كطرف له القدرة في امتصاص الفائض السلعي والخدمي في سوق العمل والانتاج ، بمعنى ان يكون للدولة دور في حركة السوق للحد من ظاهرة الكساد التي تسود الاقتصاديات عموما ..

مثلا شركات صناعة السيارات عجزت عن تسويق منتوجها من السيارات وسّبب لها ازمة مالية ، فلتغطية خسائرها وفق حسابات الكلفة من ربح وخسارة ، تم الاستغناء عن الالاف من العمال ، الذين بدورهم عجزوا عن تسديد ديونهم وقروضهم العقارية منها بشكل خاص .. فلولا البطالة لما عجز العمال عن تسديد ديونهم وما كان للبنوك والمصارف وشركات الائتمان ان تخسر الملايين من الدولارات وتعجز عن الوفاء تجاه غيرها فسّببت عجزاً في حركة السوق وأدت الى كساد عام في الاقتصاد ....فدخول الدولة بملايين الدولارات في السوق لامتصاص الفائض من السلع سيساهم في اعادة عجلة الانتاج وتشغيل المصانع والقضاء على البطالة ..

وقد يطرح البعض تساؤل ، ماذا ستفعل الدولة بتلك السلع والبضائع هل ستفتح دكاكين لتسويقها وبيعها ...؟؟ نعم يمكن للدولة بدلا من ان تتحمل الملايين من الدولارات في دعم شركات خاسرة قد لا يأتى ثمارها ، ان تقوم بإستغلال تلك الاموال في تحريك السوق وفق عملية اقتصادية مبرمجه للحد من ظاهرة الركود الاقتصادي ، فتسّوق تلك البضائع والسلع بأسعار مدعومه واقساط مريحة وميّسرة للمواطنين ما دام لديهم عمل يضمن تسديد قيمتها ...
والقسم الاخر من تلك البضائع يمكن للدولة ان تسّوقها لدول اخرى وخاصة الدول التي يقدم لها الدعم والمساعدة والاعانات ، فامريكا تمنح اموال طائله للبلدان الفقيرة او المحتاجة فيمكن لها بدلا من منحها تلك الاموال النقدية التي بطبيعة الحال تصرف في تلك البلدان بغير محلها ، ان تقدم لها مساعدات من تلك البضائع والسلع وهي بطبيعة الحال بأمس الحاجة اليها.....بذلك تؤمن استمرارية عجلة الانتاج وتدفق السلع والبضائع الى السوق وتشغيل اليد العاملة .. وثانيا دعم ومساندة الدول الفقيرة بسد احتياجاتها من تلك البضاعة والسلع .. بهذا يمكن ان نحقق الموازنه بين العرض والطلب للحفاظ على استقرار السوق ، لان البطاله مرتبطة بالانتاج والانتاج مرتبط بالتسويق والتسويق مرتبط بحركة السوق وحركة السوق مرتبطة بالوضع الاقتصادي العام ، فالاساس ان يكون للاقتصاد العام دور في تحقيق الموازنة بين الدخل القومي والاقتصاد الوطني ، فدخول للدولة في السوق تستطيع التحكم في حركة المتغيرات وابعاد شبح الكساد في تداول السلع والمنتوجات عندما تستوعب الفائض منها من حركة السوق ..
ليحقق بذلك التوازن في معايير طرح النقد للتداول بعمليات المضاربة وحركة المتغيرات للسوق الاقتصادية والمالية على المستوى الوطني والدولي بشكل عام ..

قد يشكل هذا مخرجا من الازمة الاقتصادية الراهنة التي تعم بلدان العالم قاطبة ..
 

20/5/ 2009

 


 

free web counter

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس