| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

يعكوب أبونا

 

 

 

الأثنين 13/7/ 2009



لما هذه الضجة
على دستور اقليــم كردستان ..!!؟؟

 يعكوب ابونا

اثيرت ضجه رسمية وشعبية على ما ورد في دستور الاقليم الذي صادق عليه برلمان الاقليم المنتهيه ولايته ودورته يوم 4 / 6 / 2009 ، لان البرلمان المذكور صادق على الدستور يوم 24 / 6 / 2009 اي بعد انتهاء مدة صلاحيته القانونية في تشريع القوانين ..

قد يشكل هذا التصديق طعنا قانونياً من الناحية الشكلية على اقل تقديرعلى قانونية هذا الدستور، ان لم نقل قد تمتد هذه الطعون الى الناحية الموضوعية بعد ثبوت خلافها القانوني لان المصادقة على الدستور من قبل برلمان منتهية دورته وولايته القانونية يشكل خللاً في صلاحيته القانونية في التشريع ..

وهذا بطبيعة الحال لا يمكن البت به الا اذا كان هناك طعن قانوني مرفوع الى المحكمة الدستورية ( المحكمة الاتحادية العليا ) للنظر بقانونية الاجراء وشرعيته لانها هي الجهة المختصه في الرقابة على دستورية القوانين والانظمة ، ولها الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم ( المادة 93 ) من الدستور الاتحادي .. وان قرارات المحكمة الاتحادية باتة وملزمة للسلطات كافة ( المادة 94 ) الدستور....
ومن ناحية اخرى اختلفت الاراء في تقييم هذا الدستور..

يعتقد البعض بانه لا يحق للاقليم اصلا اصدار دستور ، وليس هناك مبرر لمثل هذا الدستور ما دام هناك دستور مركزي يوفى بالغرض المطلوب ويمكن العمل بموجبه ، فوجود دستوران في بلد واحد يشكل اشكالية في التعاطى القانوني مع الواقع عليه لا يفضل هؤلاء اصدار اي دستور الى جانب دستور الاتحاد ..

ويضيف غيرهم بأن هذا الدستور قد تمادى في طروحاته لدرجة وصلت احكامه لتتعارض واحكام دستور المركز والتوجه الى الانفصال و قيام دولة كردية ، بعد استقطاع اجزاء من الاراضي العراقية ، وان الكثير من احكامه ونصوصه تمهد لهذه الاجراءات وغيرها ، عليه يجب ان يعاد النظر به او الغاءه ليتماشى مع وحدة العراق والا سيشكل خللا في العلاقة بين المركز والاقليم ..

قد تكون كل الطروحات قابلة للنقاش وكل الاحتمالات واردة ، الا ان الواقع يبقى هو المعوّل عليه ، من المعروف في الدول التي يوجد فيها فدراليات وحكومات لا مركزية وادارات محلية تكون بطبيعة الحال دول ديمقراطية ، بمعنى اخر لا يمكن ان تجد دول غير ديمقراطية فيها اقاليم وفدراليات بل تكون الحكومة المركزية هي المسيطرة على جميع السلطات وتتحكم بجميع شؤون الدولة ، من هذا نفهم بأن النظام الديمقراطي يؤمن بالفدرالية لانها وسيلة من وسائل العمل الديمقراطي .. ووفق هذا السياق يكون من حق الفدراليات محافظات كانت او اقاليم حسب التسمية الدستورية لها ، ان يتمتعوا بحقهم القانوني في لا مركزية الحكومة لادارة شؤونهم ، ولتحقيق ذلك يجب ان يكون لهم السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية ، وبما ان هذه السلطات يجب ان تكون فاعلة على ارض الواقع فلا بد من تنظيم عملها وفق معايير قانونية من ناحية ومن ناحية لكي لا تتعارض اعمالها واحكامها مع سلطة المركز، لذا منحت سلطة الاقليم حقا دستوريا لتشريع دستور لتنظيم تلك الاعمال وتحديد تلك العلاقات .. ولكن في كل الاحوال يجب ان لا تتعارض احكام دستورالاقليم مع دستور المركز .. كما لا يجوز ان يكون في السلطة التنفيذية (حكومة) الاقليم وزارات السيادة ومنها وزارة الخارجية والدفاع .. والا سيكون هناك تداخل في السيادة وتعارض في توجيه سياسة البلد عموما ....
فدستور المركزمنح لاقليم كردستان صلاحية تشريع دستور لينظم اعمال وسلطات الأقليم ، وهذا حق حماه دستور الاتحاد .. بموجب المواد 116 و117 فقره اولا و 120 و 121 و141 و 115 و 140 و105 و 106 ....
فاين الخلل اذاً ..؟؟

كان الدستور المؤقت ( قانون ادارة الدولة العراقية ) 8 /4 /2004 ينص في المادة الرابعة منه ( نظام الحكم في العراق جمهوري ، اتحادي "فدرالي"، ديمقراطي ، تعددي ، ويجرى تقاسم السلطة فيه بين الحكومة الاتحادية والحكومات الاقليمية والمحافظات والبلديات والادارات المحلية ,,,,,,) ..
اما الدستور الدائم في 15 تشرين الاول 2005 . ينص في المادة الاولى منه الى ان ( جمهورية العراق دولة مستقلة ذات سيادة ، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي ( برلماني ) ديمقراطي اتحادي .) ..

نلاحظ ان الدستور الدائم يلغي كلمة الفدرالية من نصوصه مثلما كانت واردة في قانون ادارة الدولة ، وعزز كلمة الاتحاد كنظام حكم .. ولا ندري ماذا قصد المشرّع من ان العراق ( اتحادي ) فمن اتحد مع العراق ليكون اتحادي ..؟؟ فهل كان العراق مجزءاً او مقسماً ليعاد توحيده ؟؟ ام هناك دولة توحدت مع العراق ليشكل العراق الأتحادي ..؟؟ لكي يأتي النص على ان العراق اتحادى ..؟؟

هذا التعبير بصريح العبارة يشكل خللاً دستورياً في تفسير نهج القائمين على تشريعه لانه يدعو الى الكونفدرالية ، والمعروف بأن الكونفدرالية تؤسس لقيام الاتحاد بين دول واطراف ذات سيادة تتنازل عن الكثير من حقوقها وامتيازاتها لدولة الاتحاد من اجل قيام اتحاد يجمعها مع بعضها او مع الاخرين .. فهل هذا كان موجوداً عندما شرّعوا دستور العراق الذي يسمونه مجازا دستور الاتحاد ..؟؟؟ بطبيعة الحال هذا لم يكن موجوداً وكان العراق واحداً موحداً ..

لذا فإن المواد الدستورية اعلاه جاءت لتعزز تقسيم العراق وتجزئته ، فدستور الاقليم جاء ليمنح للاقليم دوره كمتحد مع العراق وفق نظام الكونفدرالية وليس كجزء من العراق الفيدرالي ، اي يعزز للانفصال اولاً ثم يأتي الى الاتحاد .. وهذا ما ارادته الاطراف الاخرى في الائتلاف الشيعي من تحقيقه باقامة اقليم الجنوب ليشكل نوعاً من انواع الاتحاد مع المركز إسوة بأقليم كردستان ، اي انشاء كيانات شبه مستقله في بداية الامر ثم اقامة علاقة نديه بينها باتحادها مع المركز ليشكلوا العراق الاتحادي ، وفي حالة قيام اية خلافات بين المركز والاقليم يجدون احكاماً قانونية ودستورية تسمح لهم وتسهل لهم عملية الانفصال كلياً عن المركز بحجة ان الدستور يبرر لهم ذلك .... وهذا هو التوجه الكونفدرالي في العلاقة بين الاقاليم والمركز ، وليست علاقة فيدرالية كما يعتقدها البعض ...

هذا كان غرض المشرّعين من صياغة دستور حسب مقاسات ارادوا تحقيقها مستقبلا .. وها ان دستور الاقليم خير دليل على ما ذهبنا اليه ..والاّ هل كان اقليم كردستان مستقلاً او كان دولة قبل 2003 لكي يأتي الدستور الى تبني فكر وفلسفة الكونفدرالية ويسمى العراق اتحادي ....؟؟

فالخلل ليس في دستور الاقليم بقدر ما هو الخلل في دستور المركز نفسه لانه عزز هذا التوجه ،وتنازل عن الكثير من استحقاقات المركز للاقليم ، فالاقليم بطبيعة الحال يستغل تلك الفجوات وتلك الحقوق لصالحة ما دام يتماشى مع نصوص دستورية ..؟؟ فالضجة والاحتجاج يجب ان توّجه الى دستور المركز والقائمين على تشريعه وهذا ما يجرى الان اذ ان اللجنة التي تنظر في تعديلاته وصلت الى ان اكثر من نصف مواد هذا الدستور معرضه للتعديل او التبديل .. ونضيف ان هذا الدستور برمته غير جدير بأن يكون مصدر تشريعي لعراق المستقبل لانه جاء في ظروف غير طبيعيه فكان افرازاً لمرحلة استثنائية مدانه بكل المعايير لانها كانت تفتقر الى مقومات تعزيز الوجود الديمقراطي والشعور الوطني ..

اما القول بان هذا الدستور تم الاستفتاء عليه وصوّت عليه الملايين .. نقول فعلاً صوّتوا عليه في زمن لم يكن لهذا المواطن دور ليقول غير ما طلب منه ان يقوله ، والاّ كم من هؤلاء الطيبين من ابناء شعبنا كانوا يعلمون بما احتوى عليه هذا الدستور المغلف ..؟؟ فالظروف كانت الى جانب هؤلاء الطائفيين والقوميين لتمرير مشاريعهم وتحقيق اهدافهم ، فكانت عملية تشويه الحقائق وايهام الموطنين بأن العملية وطنية في الوقت الذي كانت عملية اغفال جماهيري عندما عُرض الدستور للاستفتاء كرزمه واحدة بجميع مواده بكلمة ( نعم او لا ..) ...

فالمطلوب الان السعى الى انتخابات نزيهة وبقوائم مفتوحه لكي يستطيع المواطن ان يتعرف على من ينتخبه لكي يصل الى البرلمان القادم ممن هم اهلاً لتحمل المسؤولية امام شعبهم .. ويكون لهم موقف اخر مع هذا الدستور المشوّه الذي يعزز الانفصال وتقسيم الثروات والمنافع والطائفية والمذهبية واساءة استعمال السلطة وفق المحاصصة الطائفية وبما يسمى بالديمقراطية التوافقية .. فالى الامام لبناء عراق ديمقراطي تعددي بعيداً عن اشكاليات الماضي وافرازاته ... وانقاذ العراق مما هو عليه ....
 


13 / 7 /2009

 


 

free web counter

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس