| الناس | الثقافية |  وثائق | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. وهاب عبدالرزاق الجبوري
 w.aljebori@hotmail.com

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

الأحد 6/11/ 2011

 

في أي مرحلة تاريخية يمر بلدنا؟

د. وهاب عبد الرزاق الجبوري *

لقد وضّح كارل ماركس مراحل التطور التأريخي للمجتمعات البشرية الطبقية (العبودية والاقطاعية والبرجوازية) حسب تطور العلاقات الاقتصادية الاجتماعية التي مرت بها المجتمعات، مع اختلاف الخصوصيات لكل مجتمع. واختلف ايضا طول الفترة الزمنية للمرحلة في هذا المجتمع او ذاك. وتميزت المجتمعات الشرق أوسطية عن غيرها من المجتمعات العالمية بطول فترات التطور التاريخي. فمثلاً، امتدت العلاقات الاجتماعية لمرحلة المشاعة البدائية ومرحلة العبودية ومرحلة الاقطاع بشكل متوازي في المجتمع الشرقي الواحد، كما كان الحال في مجتمعات الدولة العباسية والعثمانية واغلب الدول ما بعد الدولة العثمانية، الى اواسط القرن العشرين (او حتى بعد ذلك).

فلو سألنا انفسنا في أي مرحلة طبقية تاريخية (العبودية او الاقطاعية او البرجوازية) يمر بها بلدنا؟ في الحقيقة تصعب الاجابة فوراً! هل تنطبق حاليا على العراق إحدى هذه المراحل؟ الجواب: كلا. اذاً كيف لنا ان نعرف؟

فلنجرب ونرجع الى المراحل و نحللها على الشكل التالي : من هم الاغنياء - اسياد المرحلة اصحاب السلطة؟ و من هم الفقراء - الطبقة المسحوقة والمتضررة؟ اعتقد ان هذا هو المدخل الصحيح لمعرفة في أي مرحلة يمر أي مجتمع في العالم، وطبعا عراقنا هو أحد هذه المجتمعات :
اولاً - المرحلة العبودية: الأسياد مالكو العبيد هم الاغنياء، و الطبقة المسحوقة هم العبيد والفقراء.

ثانياً - المرحلة الاقطاعية: الأسياد مالكو الاراضي – الاقطاعيون - هم الاغنياء، والطبقة المسحوقة هم الفلاحون والفقراء.

ثالثاً - المرحلة البرجوازية: الأسياد مالكو المصانع و المعامل والتجار هم الاغنياء، والطبقة المسحوقة هم الكادحون من عمال وفلاحين و اصحاب الدخول المحدودة. إذاً كيف لنا ان نفصّل هذه (الوصفة) على الوضع الحالي في بلد غني جداً مثل العراق؟
فلنطبق نفس الاسئلة أعلاه على وضعية بلدنا : من هم الاغنياء - الطبقة السائدة واصحاب السلطة؟ و من هم الطبقة الفقيرة الكادحة؟

اُفضل ان ابدأ بالسؤال الثاني: من هم الطبقة الفقيرة الكادحة او المتضررة في هذه المرحلة؟ الجواب: 40% من العراقيين في أدنى من مستوى الفقر (حسب وزارة حقوق الانسان ). الفقراء عموما هم، كالعادة، الاكثرية: العمال و الفلاحون و اصحاب الدخول المحدودة المتدنية واغلب المتقاعدين ومن يسكنون في بيوت من طين، والذين يسكنون في المقابر، وايضا العاطلون، والذين يهيمن عليهم الفقر المزمن المدقع، اضافة الى الوضع الصحي المتدني لغياب العناية الصحية في القرى والارياف و حتى بعض المدن، وغياب الكهرباء والماء النظيف. ايضا من المتضررين أربعة ملايين طفل يتيم ومليون امرأة ارملة (حسب وزارة المرأة العراقية). وكذلك هم الاربعة ملايين ونصف مليون مهجر ومهاجر خارج القطر (حسب وزارة الهجرة و المهجرين والمهاجرين العراقيين). وهم المتظاهرون، ومن نزل الى ساحة التحرير مطالباً باصلاح النظام، وغيرهم. كل هؤلاء في بلد يمتلك ثالث احتياطي نفطي في العالم !!!؟

اذن من هم الاغنياء – بل الأصح اصبحوا اغنياء - الطبقة السائدة في العراق حاليا؟ من اية طبقة انحدروا؟ انهم المستفيدون، وموقعهم في السلطة. هم المفسدون ومن سرق وهرب، ومن يستلم الرواتب العالية المبالغ في عدها، ومن يشتري ممتلكات النظام السابق بأسعار رمزية. هم من وعد الناس قبل الانتخابات بحياة وردية، وبعد الانتخابات تجاهلوا الوعود.

من الذي اوصلنا الى هذا الحال؟ هم (الحلفاء المحررون) وحلفاؤهم، صنعوا لنا ديمقراطية وقانون انتخابات مفصل حسب المراد ليأتي بمن يرغبون، لتكون دولة مفككة وضعيفة كما هي عليها الآن، قلقة بتكوينها الطائفي والقومي وكأنها سفينة بأربع قبطانات وتهزها مخابرات الدول. فيها الديمقراطية وفيها الفساد. يعيّن في الوظائف القريب (والرفيق) بشهادات مزورة ولا يعين الخبير. ومن يعتبر مرحلة المشاعة حاضرة في مجتمعنا ويعني المشاعة بين جيبه وبين اموال الشعب. لا يريدون ان تكون على ارض الرافدين دولة قانون حضارية - دولة مؤسسات – مدنية، فأبعدوا من يحب العراق. لا يريدون ان يكون فيه أمان و لا شعب سعيد. فأين نحن من الدول المتقدمة ونحن الذين نملك المال والمواهب!

فمن أي طبقة هؤلاء؟؟ ماذا يتصورون؟ هل هم في مرحلة العبودية ام الاقطاعية ام في البرجوازية التي لا نعرفها؟ و بأي اتجاه يسيرونا؟ الى العبودية ام الاقطاعية – العشائرية، ام بناء البرجوازية ؟؟؟ سؤال محير؟

بالأمس كتب الاخ العزيز المفكر عادل حبه مقالة بعنوان (معزوفة العشائر من جديد)، وجلبت انتباهي واقعة في مقالته فضلت ان انهي كتابتي بها : ...ان الادارة البريطانية توجهت الى احد الشيوخ كي يتعاون مع الادارة البريطانية لتفعيل دور العشائر. لكن شيخ العشيرة رفض العرض، مما دفع بالقائمين على المشروع العشائري الى اللجوء الى أحد الحطابين من العشيرة الملقب بابي سهيل، وقدموا له سيارة من موديلات ذلك الزمان مع مصرف للحاشية كي يصبح احد الشيوخ لتمرير الصفقة وفرضها على الدولة العراقية الفتية. هنا سخر المرحوم نوري ثابت في جريدته "حبزبوز" ببيت شعر:

كومن يالحبايب ابن سهيل      من بعد المطية راكب طرمبيل

فما أشبه اليوم بالبارحة !!!!



* استاذ مساعد في القانون الدستوري والدولي



















 

free web counter