| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. وليد جاسم الزبيدي

 

 

 

الأثنين 2/2/ 2009



وماذا بعد هذا الضجيج..؟

د. وليد جاسم الزبيدي

صحونٌ طائرةٌ هبطتْ، تحملُ من كل زوجين اثنين..
من كل الأرجاءِ أتوا.. لَفَظتْهم الأرض..
ليؤسسوا مشروعهم: العالمُ قريةٌ صغيرة!
من كل الأجناس أتوا: الأبيضُ، الأسودُ، الأصفرُ..
نبشوا الأرضَ.. وجفّفوا الأنهارَ والأهوار..
حملوا إلينا هدايا: البراكينَ،العواصف، والأعاصير..
سرقوا من عين المدينةِ الكحلَ، ومن الطرقات عطرَ العائلة، وصورة الشناشيل.
قذفوا: كلّ التُرّهات!
هرّبوا : متاحفَ الجماجم، والأوراق، والجلود، والتراب.
سرقوا ضحكة طفل، دعاء شيخ.. حملوا إلينا مقابر الرّعاع والّلصوص.. ولم يدفنوا في أرضنا عقولنا..
المجانين ركبوا عقولهم وهجروا الشمّاعية.. النوارس أغلقت أبواب أقفاصها لن تريد الرحيل..!
والذين هربوا أو فرّوا منك-يا بيتي- خارج خطوط الطول والعرض
فقدت أجسادُهم جاذبيةَ العاطفة، وكروية الحنين، خُسِفت بهم الغربةُ!..
أيّةَ أقوامٍ نزحت لدجلةَ والضفاف؟، أيّةَ قريةٍ تأسستْ بعد كلّ هذا الخراب؟
فما الهواء هواء، ولا النسيم نسيم!!
لقد هاجرت الأنواءُ ، وتركتنا في صحراء أفكارنا، في ظل الطقس الفاجر.
لا الشتاءُ شتاء؛ولا الصيف صيف..
غادرتنا المواسمُ وسلّمتنا الرياحُ لغيوم النزيف...
كنّا نبني في الحُلمِ الحدائقَ؛ وأراجيحَ الطفولةِ؛ والطواحين؛ والنواعير..
كنّا نستلقي على آثارِ سنابك الخيل، وسُرُفات الدبابات؛ ودواليب العجلات.. نقولُ: من هنا مرّوا...؟
ستكونُ: القذيفةُ، والمدفعُ , أبراجَ التجارة العالمية.....
ستولدُ من بطن الأرض عنقاواتٌ ينفضنَ عنهن غبار الرماد..
ستتناسلُ من بين أشلاء مؤسسات التصنيع (الحربي الهمجي)، مصانعُ لحليب الأطفالِ، ومدنٌ للسياحةِ، ومطاراتٌ فارهةٌ تستقبلُ كلّ الرياضيين..والفنانين والشعراء....!
كنّا نستلقي على آثار الحروبِ ونحلُمُ، ولا ندري أننا نخوضُ حروباً أخرى داخل الروح..!
كنتَ حين يجفوك الحبيبُ، يهزّكَ الغناءُ حنيناً فيغسلَ الرّكام!!
كنتَ حينَ تجرّكَ الظنون والأوهامُ، تنسجُ على سطورٍ بيوتاً من الشعر لتلملمَ ما تناثرَ من الكرامةِ والكبرياء..
ولكنّكَ الآن بعد هذا الضجيج:

- ما الذي سيوصلُ هذا النشيج؟؟
- منْ سيرسمُ صورةَ شمس، وضوءَ صباح؟
- منْ سيأخذُ بيد طفل ينظرُ نحو أفق مجهولٍ، في دارٍ تبكي، وسوادٍ على الأبوابِ والجدران..
وماذا بعد كلّ هذا الضجيج..؟

كسدتْ أفلامُ هوليود، وأفلام هيتشكوك، وأفلام الأكشن..
أفلامُنا تجاوزت خيالات المخرجين والمنتجين!!!
الصّعاليكُ والمتصعلكين، في الجزر الخضراء.. ينامون على أنباء الموت، وأخبار الجزيرة التي صدحت حباً في صنمٍ مثقوبٍ، ينخرُ مؤخّرتهُ الدودُ أو ما يسميه العربي: شرفهُ!!
أيّ شرفٍ تراكمَ عليه الذبابُ، ووضعت عليه الأبقارُ فضلاتها؟؟؟
الصعاليكُ المهرّجون، صبغوا وجوهَ المدنِ وضحكوا عليها..!!؟
الذين ماتوا كمداً وكبداً وحزناً، شرعوا يخططون للعودةِ، في ظهورٍ جديد...
الذين ماتوا أسّسوا النقابات، والجمعيات في منافي القبور، يُطالبون بالعودة إلى حيث كانوا ...
يحملون صور قبورهم زنزانات.. ولافتات تصرخُ : لا حياةَ لمن ورثوا الأرضَ بعد كلّ النزيف؟؟؟
الذين تربّعوا على عرش بلقيس، تربّعوا على عرش سليمان، ..
وأنتَ.. أنتَ!! وأنتَ كما أنتَ..؟
مجذوبٌ، مجنونً، ليس في لسانك سوى كلمة: ( برونيـــك....!) (1)
تقذفكَ مقهى مجيد الراضي في شط المحاويل (2)، أو على المسنّاية،لعلّك تغسلُ أدرانك!!
ولعلّ "فرهود" أو "رشيد الحسون" (3) يجزّ شعركَ ليكون "المجيدي" هو الستايل الجديد لصرعة القرن الواحد والعشرين..
يلعنُكَ "شاني" (4) لأنهُ يهوى أن يسترسل شعره طولاً....
ولعلّ صافرةَ "جاسم الحسن" أو "سعيد حمزة العبد" (5) ستصدحُ من جديد لتجعلك تنامُ هذه الليلة..!!!
 

المحاويل 9/5/ 2008

(1) رجل في المحاويل يدعى حمزة العودة كان يطلق هذه الكلمة ، والكلمة هي : نوع من أنواع المسدسات.
(2) مقهى مجيد الراضي من المقاهي العريقة في مدينتي المحاويل.
(3) فرهود و رشيد الحسون من الحلاقين القدامى في المحاويل والمجيدي نوع من أنواع الحلاقة..
(4) شاني : شخصية شعبية في المحاويل يحب الشعر الطويل..
(5) جاسم الحسن وسعيد حمزة العبد: من أهالي المحاويل وكانا حارسين ليليين.
 

free web counter