| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

Tahsin515@hotmail.com

 

 


 

الأثنين 9/11/ 2009



ليس قانونا للانتخاب وانما قانونا للالتفاف على الديمقراطية

تحسين المنذري

بعد صراع مرير ، وأحد عشر مرة تأجل فيها التصويت ، وكانت كركوك شماعة واهية لتعليق المشاكل ، صوّت البرلمان العراقي ، أو بالاحرى الكتل المتنفذة ، على قانون لا يضمن سوى إستمرار هيمنة القوى الطائفية ـ المحاصصية على برلمان قادم وما يجرّه هذا من خراب ودمار جديد . فقد تم رفض مقترح أن يكون العراق دائرة إنتخابية واحدة تضمن تمثيلا متوازنا لكل المكونات والاحزاب العراقية ، وقُـبِلَ بديلا عنه مقترح أن يتكون العراق من دوائر إنتخابية تكون كل محافظة فيه دائرة واحده ، وتم تخفيض المقاعد التعويضية من خمسة واربعين مقعدا الى فقط خمسة عشر مقعد تخصص للمكونات قليلة العدد ، وبهذا فقد تم قطع الطريق على إحتساب أصوات الاحزاب والكتل التي لم تفز في محافظاتها وتجميعها لكي تحصل مقاعد بديلة على أساس القاسم الوطني في المقاعد التعويضية ، ولم تكتف ِ الكتل الطائفية بذلك بل إنها أعادت ماحدث في إنتخابات مجالس المحافظات من عملية تزوير للاصوات ومنحها المقاعد الخالية لأكبر الفائزين بدل أن تكون لمن جمع أكبر عدد من الاصوات دون أن تصل الى القاسم الانتخابي للمحافظة التي ترشح فيها .

وبتشريع هذا القانون فقد سجلت القوى المتنفذة في برلمان الهرج العراقي تراجعا واضحا عن التطور في بناء الديمقراطية الوليدة ، بل إن هذا القانون هو نقطة سوداء في تاريخ العمل السياسي في العراق منذ عام 2003 والى الان ، يكشف حجم زيف الادعاء بالديمقراطية الذي مازالت القوى الطائفية تتمشدق به منذ إعتلائها سدة الحكم والى الان ، فقوى لم تدخل الديمقراطية في قاموسها منذ تأسست ، بل وإن بعضا منها كان الى الامس القريب يرفض حتى التلفظ بحروفها ، ليس مستغربا منها أن تلتف بأنانية واضحة على أحد مستلزمات الديمقراطية ، ألا وهو الانتخاب الحر المتوازن ووصول صوت الناخب الى مستحقه .

إن تجربة إنتخابات مجالس المحافظات كشفت حجم الزيف الذي لحق بنتائجها والمقاعد الخالية التي حصلت عليها قوى لا تستحقها وغيبت قوى كانت أكثر إستحقاقا من حيث عدد المصوتين الا إنها لم تستطع الوصول الى مجلس المحافظة بسبب إن قائمتها لم تحصل على الاستحقاق المطلوب وذهبت اصواتها الى مرشحين لم يحصلوا على عُشر ما نال هؤلاء، فقط لانهم من قوائم حصلت على الاستحقاق الانتخابي .

لقد استطاعت القوى الطائفية المتنفذة الان في السلطة ، وعلى مدى سنوات حكمها أن تؤسس لها مجتمعة أو لأعضائها أماكن لا تستطيع التخلي عنها بسهولة ، لما قام به كل هؤلاء من خروقات قانونية ومالية وربما إشتراك في بعض الاعمال الارهابية تؤدي بهم في حال إنكشاف أمرهم الى المثول أمام العدالة ، وبهذا فهم أسسوا لامبراطوريات من الفساد والرذيلة ، يتستر بعضهم على بعض ، بحجة ضرورة إستمرارية العملية السياسية وعدم التراجع الى الخلف ، إلا إنهم في حقيقة الامر ليسوا سوى سراق لجهد المواطن وثروة الوطن . وبالضرورة فإنهم يدافعون عن مواقعهم تلك ، وكأني أرى عضو البرلمان الذي صوّت على بنود القانون الحالي ، يتحسس كرسيّه قبل رفع يده ، لأنه وببساطة يفكر بهذا قبل أي شئ آخر .

لقد اقترن تشريع هذا القانون ليس فقط بالقصور والخواء الفكري لمشرعيه وإنما ايضا بإرادة المحتل الاميركي والذي كان لدبلوماسييه الاشتراك العلني في وضع لمسات القانون ومتابعة التصويت ومن ثم المباركة التي اطلقها باراك أوباما لتشريع قانون ينتقص الديمقراطية ولا يضيف لها شيئا . إلا إن كل ذلك لا ينتقص من نضال القوى الديمقراطية الوطنية التي تبنت الوطن والمواطن كأهداف ومشاريع لكل عملها ، وهي بالتأكيد لن تكل عن مواصلة العمل النضالي الدؤوب وعلى مختلف الاصعدة لإنتزاع الحقوق المشروعة والعيش بكامل الكرامة الانسانية .
 


 

free web counter