| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

Tahsin515@hotmail.com

 

 


 

                                                                                      الأثنين 7/3/ 2011

 

الهجوم على مقري الحزب الشيوعي

إحتفال حكومي بالذكرى الاولى للانتخابات

تحسين المنذري

على شرف الذكرى الاولى للانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في 7/ آذار /2010 داهمت قوات حكومية مقري اللحنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وجريدة طريق الشعب في سابقة غير مألوفة منذ العام 2003 والى الان ، ولعل التبريرات التي أطلقتها الاجهزة الحكومية لهذا التصرف المشين ، كانت أكثر سخرية من الحدث نفسه ، فالبنايتان  مشغولتان بشكل رسمي من قبل الحزب الشيوعي  وليس مثل الابنية التي تشغلها أحزاب أخرى متنفذة في السلطة ، والايجارات كبيرة ومرتفعة وهناك مفاوضات بين طرف حكومي والحزب الشيوعي لتقليل تلك المبالغ ، وكل شئ كان يسير على مايرام ، حتى إن مكتب رئيس الوزراء أكد في 12/ كانون ثاني  2011 التريث بتطبيق قرار سابق بإخلاء كل المباني الحكومية التي تشغلها لاحزاب السياسية بعد عام 2003 ، فلماذا كانت هذه الهجمة المشينة ؟ ولماذا شملت الشيوعيين دون الاخرين ؟ يبدو لي إن الامر ليس لغزا ولا به ما يدعو الى التفكير الطويل ، فالاحزاب المتنفذة في السلطة والتي أرادت من قانون الانتخابات سئ الصيت الذي أقرته قبيل الانتخابات البرلمانية السابقة ، أن تحجم دور القوى السياسية الاخرى المناهضة لمشروعها ، القوى التي تريد عراقا ديمقراطيا بحق ، يرفل المواطن فيه بكل اشكال الحريات العامة والخاصة ، عراقا تسوده المودة ، وتعم الخدمات كل أرجائه بكل مفاصلها ، عراقا يقف فيه المواطن ليقول للمسؤول عذرا لقد أخطات فغادر موقعك ، عراقا يستطيع الانسان فيه أن يمارس دوره الرقابي ويتمتع بحد معقول من الكرامة الانسانية  ، عراقا لايروق للقوى السياسية المتنفذة في السلطة ، فكيف نريد لها السكوت وقد فشلت محاولتها الانتخابية في تحجيم  دور تلك القوى ؟ نعم من الصعب عليها أن ترضى وهي تريد الانفراد بالقرار بلا رقابة وبلا معارضة  ، فقامت بعد ذلك بسلسلة من الاجراءات للتضيق على الحريات العامة ، ولم تفعل سوى أن زادت من حجم السخط الشعبي على سياساتها بالترافق مع التردي المريع في الخدمات والانتشار الكبير للفساد ، وتربع واضح لقوى المحاصصة المقيتة في إقتسام مخجل للمناصب والامتيازات ، لقد هبت جماهير الشعب في كل أرجاء الوطن مطالبة بحقوقها وبإصلاح الوضع سياسيا وإجتماعيا وإقتصاديا ، وتلك ممارسة لاتخرج عن إطار الديمقراطية والحقوق التي كفلها الدستور العراقي مع كل ما يحمل من هنات وأخطاء ، فلم يرق للسلطة ذلك وحاولت جاهلة بشتى الاساليب منع الشعب من أن يقول كلمته  ، لكن هيهات للمارد أن يعود الى قمقمه إن إنطلق منه . وفجأة تكتشف السلطة إن الشيوعيين يسيرون حيث يسير الشعب الرافض ، وكأنهم لم يكونوا كذلك منذ أن وجدوا في أرض الرافدين ، فأغاضها موقفهم هذا وبدت الاشارات واضحة من رأس السلطة لمن فشل في الانتخابات ، لكنه وببؤس شديد حاول ربطهم مع القاعدة والبعث الصدامي المقبور ، فكان بحق محط سخرية  وإستنكار الجميع ، فقال الشعب كلمته والشيوعيون جزء حيوي منه ، وأرعب المتسلطين بطريقة غير مألوفة ، وتهاوت كل أوراق التوت الديمقراطية ، وسقطت الاقنعة ، وبدت ممارساتهم القمعية متطابقة مع  سابقيهم من الحكام المستبدين ، فكان منع التجوال والرصاص الحي والقتل العمد وخراطيم الماء والعصي الكهربائية والهروات والاعتقال التعسفي والتعذيب ومنع التغطية الاعلامية وكل ما يشين الديمقراطية ، وكان لابد للتصاعد في تلك الممارسات القمعية أن يستمر ، فكان الهجوم على مقري الحزب الشيوعي محاولة بائسة أخرى ، لايبغون منها سوى إشغال الحزب وجماهيريه عن ما أعتزموا الاستمرار فيه ، وضغط مخزٍ لايشرف أحدا .

لقد تصورت القوى الشاغلة الان لكراسي الحكم إن قانونها الانتخابي سوف يهمش الشيوعيين بالذات ، ولم يدر بخلدها إن الشيوعيين جاءوا من رحم المعاناة الانسانية للشعب ، وهم لم يغادروا أمكنتهم في افئدته مهما حاولت السلطات التهميش والابعاد ، وإن كراسي البرلمان التي شغلوها لم تكن سوى وسيلة نضال وطني شرفت تلك الكراسي ، فلم يبتعد حميد مجيد موسى  ومفيد الجزائري عن هموم أبناء جلدتهم وهم في مكان كان بإستطاعتهم وهم فيه أن يبنوا لانفسهم مالا وجاها زائفين كما يفعل من كان يجاورهم مجلسا في البرلمان ، لكنهما لم ينسيا المواطن الذي وهبهم صوته فكانا المدافعين الاشد عن حقوقه ، وذلك ما كان يغيض الحكام حتما . فإن غادر الشيوعيون البرلمان فإنهم لم ينسوا قط تأريخهم وإرث نضالاتهم الوطنية وحجم التضحيات الجسام التي قدموها من أجل حرية الوطن وسعادة الشعب .

يبدو إن كرسي الحكم يعمي من يشغله ، ويحجب التاريخ عنه ، فأين كل المستبدين السابقين الذين حاولوا القضاء على الشيوعيين أو حتى تهميشهم ، أين موقع هؤلاء اليوم ؟ لم تعد الذاكرة الحية تعطي لهم فسحة سوى في الاماكن المخزية من صفحاتها ، فلتبحث السلطات عن طريقة أخرى للاحتفال بنصرها الانتخابي المنهار ، طريقة لاتحملها خزي الاحتفال المشين هذا ، وهل سيثني إحتفال السلطات بذكرى إنتخاباتها الشيوعيين عن ممارسة دورهم الوطني المشرف في الدفاع عن مصالح الشعب والتصدي لهاضمي حقوقه ؟ لا أظن ذلك فهم يعون دورهم الحقيقي ويعون في نفس الوقت أهداف السلطات القمعية في ممارساتهم التعسفية هذه ، وسيبقون كما هم لاتفارقهم الصلادة ولاتهزهم ريح صفراء خاصة وعيون الشهداء الاماجد شهداء الحزب والوطن شاخصة بكل عنفوانها ترقب وتوجه وتريد لمسيرتها الاستمرار. وأخيرا كأني أرى الشيوعيين اليوم يرددون نفس أغنيتهم" بوية كَضه اللي جان يحسب كَضانه ".فهل في الحكم من يعي ذلك ؟

 

 

free web counter