| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

 

 

 

 

السبت 7 /1/ 2006

 

 

 

الطائفة ام الوطن

 

تحسين المنذري

رغم التنوع الذي يميز سكان ارض الرافدين منذ الازل واحيانا حتى التقاطع الذي كان يحدث بين بعض من مكونات الشعب العراقي الا ان فكرة التقسيم الطائفي لم تبرز الا في الاعوام الثلاثة المنصرمة وتحديدا بعد دخول الحاكم الاميركي بريمر كلاعب اول في الساحة السياسية العراقية الذي تبنى واشاع مفهوم التقسيم الطائفي للحقائب الحكومية خلال فترة حكمه ممثلا لقوى الاحتلال بالرغم من انخراط قوى واحزاب لم تتبنى يوما مفاهيما طائفية لا في برامجها ولا في طرق واساليب عملها الفكري او السياسي والتي حاربت منذ البدء محاولات اظفاء صفة طائفية على تواجدها السياسي وتعاملها مع الواقع العراقي الجديد ، الا ان قوى بعينها تلاقفت المفهوم الطائفي البريمري لتحوله الى مشروع اوحد يصبغ كل عملها وتوجهاتها في ساحة العمل السياسي حتى شمل هذا المفهوم شهداء الوطن الذين ضحوا جميعا وبلا استثناء للوطن وليس للطائفة التي كانوا ينتمون . ونتيجة لذلك برزت مفاهيم لم تكم يوما متداولة في الوسط السياسي العراقي من مثل العرب السنة والعرب الشيعة وغيرها من المفاهيم الغريبة .
وتتعاظم المفاهيم الطائفية في محاولة لتكريسها وفرضها كواقع حال لامناص منه مع كل انعطافة في الواقع العراقي مهما كانت صغيرة ام كبيرة ، حتى وصل الامر ببعض القوى لطرح فكرة الاقاليم الطائفية كبرنامج سياسي انتخابي يداعب مشاعر الجماهير التي غيبت كقوى فاعلة في العملية السياسية والتنموية الاقتصادية خلال حقبة الدكتاتورية كجزء من المشروع القمعي الاستبدادي ، اي ان تلك الجموع الشعبية لم تُغيَّب على اساس انتماءها الطائفي وانما على اساس الخوف من نموها ووعيها بغض النظر عن انتماءاتها العرقية والطائفية حتى شمل العسف والقهر كل مكونات الشعب العراقي خدمة لبقاء النظام الدكتاتوري لاطول فترة في الحكم ، لكن القوى الداعية للتكريس الطائفي للواقع العراقي تصور كل ذلك وكأنه كان انحيازا لطائفة على حساب اخريات لتختزل هموم الوطن الى هموم طائفة وبدلا من طرح البديل الوطني صار الكلام علنا عن البديل الطائفي مما ينذر العراق بكارثة التقسيم لدرجة يتصورها البعض وكأنها الحل الاسلم لكل المشاكل التي تحيق بالمواطن العراقي في كل مفاصل حياته اليومية وذلك اخطر ما في العملية حيث يتركز مفهوم التقسيم الطائفي في اذهان الناس قبل حصوله على ارض الواقع وقد برز ذلك في تداول بعض المفاهيم الجديدة مثل الجالية الشيعية في استراليا بدلا من الجالية العراقية او ابناء السنة في البصرة وغيرها .
ان القوى التي تراهن على التقسيم الطائفي للبلد والتي تروج وتدعم كل توجه يصب في هذا الاتجاه لا تقوم بذلك عفويا او عن جهل او حتى عن براءة سياسية وانما لذلك اسباب ومبررات لعل اهمها :
اولا : عدم امتلاكها او فشل المشروع الوطني في فكرها السياسي وعملها بين قطاعات الشعب المختلفة مما يجعلها التركيز على فئة دون غيرها تحت تسمية الطائفة
ثانيا:محاولة جادة لتكريس دكتاتورية سياسية جديدة للقوى التي تتبنى المشروع الطائفي او لقيادات تلك القوى والتي تجد عدم امكانية البقاء وتحقيق نفس مطامحها في ظل عراق موحد
ثالثا: ان لم تكن مرتبطة اصلا فأنها الان تخدم قوى اقليمية وحتى دولية من مصلحتها ان يكون العراق ضعيفا مقسما خدمة لمصالحها الخاصة على حساب الشعب العراقي ،وبالتالي فقد اصابت نفسها بتهمة الخيانة الوطنية .
ان العراق كان وسيبقى هكذا يمتلك كل هذا التنوع الغني (اثنيا ودينيا وطائفيا) والذي يمكن ان يتحول تنوعه هذا الى مصدر اثراء للتاريخ والفرد العراقي على حد سواء فيما لو تمكنت القوى المتصدية للوضع الان من ان تضع في حسابها المشروع الوطني اولا على حساب المشاريع الطائفية البغيضة ، فأنها انما تعمل وتنمو وتزدهر في وطن اسمه العراق ليس الا ....وان لم تستطع ذلك فعليها ترك الساحة لمن هو اجدر ولتبني لنفسها امجاد اخرى لا تكون بأي حال على حساب وحدة ارض وشعب العراق .