| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

 

 

 

 

الأربعاء 31 /1/ 2007

 

 

جند السماء ام بعث الدماء

 

تحسين المنذري

اثارت قضية جند السماء الذين ظهروا (فجأة) في اطراف النجف كثيرا من الاقاويل وتضاربت تصريحات المسؤولين الرسميين العراقيين بشتى المستويات عن حقيقة هذه المجموعة فمن قال انهم محموعة من السنة التكفيريين وقال اخر انهم محموعة شيعية منحرفة وذهب مسؤول اخر الى انه تنظيم (غريب) يجمع في صفوفه شيعة وسنة ، وقيل عن قائدهم انه سامر ابو قمر من اهالي الديوانية اصلا وكان من اتباع محمد محمد صادق الصدر نزح الى البصرة منذ ثلاث سنوات (اي بعيد سقوط النظام الصدامي) وسمى نفسه هناك احمد الحسن واصدر مؤلفا اسمه قاضي السماء ثم ادعى انه هو نفسه منزل من السماء وسمى نفسه ( علي بن علي بن ابي طالب) واخيرا استقر على انه وصي المهدي وسفيره يمهد لظهوره ، واثيرت اخبار وشائعات عن تبعية هذه المجموعة الى السيد الصرخي (الشهير) وان احمد الحسن هو احد ابناءه وغير ذلك. ووصفوا المجموعة على انها تمتلك اسلحة متطورة وخبرة قتالية عالية وتنظيم جيد ، وهذه الصفات الاخيرة تضع علامات استفهام وتعجب كثيرة ، فكيف لمجموعة( مجهولة) الجذورولم تكن معروفة سابقا ان تمتلك هذه الصفات دون ان تكون قد صقلت خبرة عناصرها على ارض الواقع بعد تدريب دقيق ومتميز ، وكيف اتيح لهم ان يتدربوا ( زمانا ومكانا) دون علم احد ، وماهي مصادر تسليحهم ومن اين اتوا بخبرة التنظيم الجيد ؟ كلها اسئلة تلقي ظلالا من الشكوك على كل تصريحات السادة المسؤولين الرسميين عن هذه القضية . لقد لفت ودارت كل التصريحات الرسمية حول حقيقة ابى المسؤولين البوح بها وهي ان هذه المجموعة هي تنظيم بعثي مئة بالمئة ولا احد يريد ان يقول الصراحة، وان اباح احد بهكذا تصريح يعني انه قد حكم على كل التجربة السياسية منذ مابعد السقوط الى الان بالفشل ـ وتلك حقيقة قائمةـ لايريد المسؤولين الرسميين الاعتراف بها .... ان قرار حكومة بريمر الاولى بحل تنظيمات حزب البعث لايعني ان البعثيين قد حلوا انفسهم وان ضم الدستور الدائم بندا يشير الى تحريم عمل حزب البعث فلايعني ذلك عدم وجود تنظيمات بعثية متعددة وقائمة وناشطة على الساحة السياسية العراقية لكنها تسمي نفسها بتسميات متباينة ، كما ان جزب البعث ان سلمنا بان هذه المجموعة هي احدى تنظيمات القاعدة الارهابية فانه قد تحالف معها مذ كان الزرقاوي في حضن صدام قبل سقوطه وعمل خلفها بعد السقوط ووضعها في الواجهة الامامية ، وان اخذنا بفكرة انها منظمة تجمع في صفوفها السنة والشيعة فلايوجد تنظيم معادي للعملية السياسية الان يجمع في صفوفه مثل هذا الخليط غير حزب البعث . وما الخبرة القتالية العالية التي اظهروها والتنظيم الجيد الا دليل اخر على ان هؤلاء العناصر هم نفسهم من كانوا يمثلون اجهزة الجيش والاستخبارات والامن والحرس الخاص وغيرها من تنظيمات حزب البعث الدموي ، وهم بدون ادنى شك يمتلكون الخبرة القتالية العالية والتنظيم الجيد نتيجة للامكانيات التي كانوا يمتلكوها بحكم اعتلائهم الحكم . لكن السؤال الذي يبرز الان لِمَ اختاروا النجف وهذا الوقت بالذات ؟ تشير المعلومات المتسربة من التحقيقات انهم كانوا ينوون ان يقوموا بعملية اقتحام النجف واحتلال الصحن الحيدري في يوم العاشر من محرم والانقضاض على الرموز الدينية واعلان حكومة محلية تقوم بالزحف لاحقا على بغداد واعلان انقلاب عسكري يسقط الحكومة الحالية وينهي الوضع بالوحهة التي يريدونها لكن معلوماتا استخبارية وصلت السلطات العراقية ادت الى اجهاض عملهم هذا ، والحقيقة فان الزخم البشري الذي يتواجد في يوم العاشر من محرم في النجف كبير الى درجة عالية جدا واي عمل تخريبي ( تفجير او قنبلة يدوية او قذيفة هاون او غيرها ) سيجعل من الصعب السيطرة على الموقف من قبل الجهات الحكومية مما يسهل لهم تنفيذ خطتهم المرسومة والاستيلاء على مقاليد السلطة هناك وفي ذلك عمقان مهمان الاول ما تشكله النجف من ثقل ديني هام للسلطة السياسية الحالية حيث النجف مركز التشيع العالمي الاول وانهيارها سيؤدي حتما الى انهيار او على الاقل تزعزع كبير في موقع السلطة السياسية في بغداد يسهل سقوطها والثاني هو ان النجف تحادد الصحراء وطريقها الى الدول المجاورة سالك سواءا في التهريب او طريق الحج البري مما يسهل لهم الهروب في حالة فشل العملية . تبقى مسألة اخيرة هي ما موقع المدعو سامر ابو قمر او احمد الحسن في كل ذلك ؟ ولهذا هناك احتمالان : الاول ان يكون احمد الحسن هو احد البعثيين وتم اعداده وتهيئة اجواء بروزه بهذه الطريقة لكي يتسنى له جمع عدد مؤيدين اكبر والثاني هو الا يكون سامر ابو قمر بعثيا بل استدرج للاشتراك في هذه العملية مقابل وعود معينة اعطيت له او غُرربه للاشتراك مع البعثيين دون ان يعرف الهوية الحقيقية لهم .
في الاخير فان السلطات الرسمية مطالبة بالكشف الكامل عن التحقيقات التي تجريها مع من القي القبض عليه من هذه المجموعة والاعلان بشفافية تامة عن كل الخيوط المرتبطة بهم لكي يكون المواطن العراقي على بينة مما يجري ويحاك ضده والا فان السلطات القائمة تتحمل نتائج اخفاء مثل هكذا حقائق ففي اخفاءها ضير وضرر للشعب .