| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

 

 

 

 

الثلاثاء 28 /11/ 2006

 

 

فساد في خراب في دمار

 

تحسين المنذري

منذ ان سقط نظام العسف البعثي والى الان لم يطرأ تحسن يذكر على الوضع الامني العراقي ، بل ان الحال يزداد سوءا يوما بعد اخر وحتى بالساعات احيانا ، وتتصاعد حدة تصريحات الساسة الجدد مابين اتهامات علنية مرة وغمز في اخرى ووعود معسولة في اوقات اخر، مع ان الجميع متهم بل مذنب بكل ما يجري من اسالة دم عراقي طاهر ، لا احد منهم برئ ولا احد منهم يعترف بالخطأ مع امتلاء الاقداح بالرزايا والسيئات ، فلا احد اعترف يوما بخطأ قبول المحاصصة الطائفية منذ البدء نهجا لتقسيم الوظائف والسيادات الفارغة ، وكأن الامر تحصيل حاصل لا مفر منه ، ولم يقل احد منهم الى الان ان الانتخابات بطريقتها ووقتها كانت خطأ بل اثما أُرتكب بحق الشعب ، ولم يعترف اي سياسي يتبوء الان كرسي الحكم انه جاء اليه زورا وبهتانا عن طريق التزوير او الارهاب الفكري او الفتاوى الباطلة ، لم يعترف لحد الان اي سياسي بفداحة اخطاء الدستور في تكريسها للطائفية وتخلفها عن العصر بقرون ، ولم يقل احد منهم انه اقترف ذنبا بقبول التعاون مع هذه او تلك من ميليشيات القتل والدمار ، كما لم يراجع اي من الساسة الاوباش ممن يقررون مصير الشعب والوطن افعاله وافعال رهطه بما افسدوا وعاثوا خرابا في الارض ، الكل سراق وان لم تدخل جيوب البعض منهم عانة الا انهم راضين بما يجري وما يجر الفساد من خراب وتدمير في كل بنى الوطن ، اقتصادا وعلاقات انسانية واجتماعية وتحطيما للثقافية والغاءا لكل مرتكزات التقدم اللاحق ،بالمختصر العراق يتدهور في كل شئ وانسانه يتراجع عن مثيله لما يزيد عن قرن من الزمن ، ولم يقف لحد اللحظة سياسي من الرموز اليوم في وجه الاميركان ليقول لهم خربتم بدل ان تبنون وابحتم بدل ان تحمون ، وكأن كرسي الحكم يعقد الالسن ويقفل الادمغة ، وبنود المصالحة على علاتها تتناثر مع تفجير المفخخات والاحزمة الناسفة ولا احد يلملم الاشلاء بل انهم يقدمونها قرابينا لقنابر الهاونالت المتساقطة هنا وهناك وكأن الامر محسوم، لهم الكرسي وللشعب القتل والهوان ، ومادام الحال على ماهو عليه الان فان لاضوء في النفق .

وان برزت اخيرا بعض التصريحات بالاعتراف بأن كل ما يجري ان هو الا نتاجا للخلافات السياسية المحتدمة ، وهو اعتراف خطير يؤكد ان الساسة المختلفين جناةٌ مع سبق الاصرار. ان لم يشيروا الى مواطن الضعف والخلل ، فلا مصالحة تتم ولا قتل يتوقف ولا دوي يهدأ، ان لم يعترف القائمون على الامر بما اقترفوا ، فلا شمس ستشرق ولا قمر ينير . ان كل خطوة تصحيح لاتتم ان لم تحيط الخطأ بالاشارة والتمحيص لكي تعطي البديل ، والا فأي بديل واي تصحيح ولأي شئ ان لم نشخص العلة ، ولا ارى اي خيار امام ساستنا الكرام الا ان يعترفوا الان بما اذنبوا ، فذلك خير لهم اليوم وهم على كرسي الحكم ، والا فانهم سيعترفون وهم على كرسي المحكمة.