| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

Tahsin515@hotmail.com

 

 


 

الخميس 25/11/ 2010



هل يشارك الشيوعيون في الحكومة المقبلة ؟
(2-2)

تحسين المنذري

بعد صراع مصالح مرير وغير نزيه، تم تقسيم المناصب الرئاسية وكالعادة حسب المكونات الطائفية ـ الاثنية، وبدأت أيضا بوادر أزمات جديدة ، وتسعير بخس للوزرات من أجل تقاسم المغانم ، فقد إنتصر المحاصصون في الاخر على الشعب وبدأوا يتفنون في كيفية تقاسم الكعكة ، وفي خضم هذا التيه جرى همس هنا وهناك وكتب البعض في المواقع الالكترونية بضروة إعطاء حصة للشيوعيين في الوزارة القادمة ، وكلٌّ ذهب لذلك من منطلق ، فبعضهم إعتبر الشيوعيين خير من يمثل العلمانيين الذين لم يفز منهم أحد في الانتخابات الاخيرة والاخر إعتبر نزاهة الشيوعيين وتأريخهم كفيل بحصولهم على شئ من التقسيمات الوزارية القادمة وربما هناك معللات أخرى لم يشأ المصرحون البوح بها ، فهل فعلا لابد للشيوعيين من الحصول على منصب وزاري في هذا الخضم اللامتناهي من ضراوة الصراع والتصورات التجزيئية للعراق ومستقبله ، أم إن الشيوعيين لهم ما يختلفون به عن كل هؤلاء المحاصصين ؟

في مراجعة بسيطة لوثائق الحزب الشيوعي العراقي ودلالاتها يستطيع المرء أن يكتشف وبسهولة البون الشاسع بين ما يفكر به المحاصصون وبين فكر برنامج ومشاريع الشيوعيين فالمشروع الوطني الديمقراطي للحزب الشيوعي يشير الى ( تأكيد روح المواطنة ، والتصدي للطائفية ووضع حد لنهج المحاصصة في الحكم وفي مؤسسات الدولة ، ونبذ توظيف الدين لاغراض سياسية وإبقائه في منأى عن التنافس والصراع السياسيين ، ونبذ أشكال التعصب الديني والمذهبي والقومي والعشائري والمناطقي جميعا.) ويعود الحزب ليؤكد في بلاغ إجتماع لجنته المركزية في تشرين الثاني 2010 فيقول التقرير (وباسم تحقيق "التوازن" بين "المكونات" في احتلال مواقع المسؤولية العليا في الدولة، تم تكريس المحاصصة الطائفية والأثنية في بناء مؤسسات الدولة، ما يعني عملياً تقاسم النفوذ والسلطة بين الاحزاب والكتل السياسية المتنفذة، القائمة على اساس طائفي او قومي) ومن هذا التشخيص الدقيق نخلص الى أن الحزب يقف بعيدا عن كل نهج المحاصصة فهل سيقبل لنفسه أن يكون جزءا من حصة هذا المكون الطائفي أو ذاك القومي ؟ لا أظن ذلك .أما من حيث البرامج والسياسات فالحكومة القادمة سيكون لزاما عليها القبول بشروط صندوق اللنقد الدولي ونصائح البنك الدولي وذلك ما تصدى له الحزب في مقاله الافتتاحي في طريق الشعب بتاريخ 22/9/2010والمعنون " إصلاح لشركات الدولة أم تمرير لوصفة البنك الدولي ؟" حيث يشير المقال الى (اكد حزبنا ان سبيل النهوض بالاقتصاد العراقي، وتخليصه من ازمته البنيوية واحادية موارده، وضمان ديناميته، يكمن في تبني استراتيجية تنموية شاملة متكاملة، توظف كل القطاعات (العام والخاص والمختلط والتعاوني) بصورة تلبي حاجاته وتطوره المتوازن.) ويعود ويؤكد في مكان آخر من نفس المقال الى عدم الانصياع الى نصائح هذا الطرف أو ذاك دون تمحيص وتدقيق بمدى إنطباقها على الواقع العراقي وحاجة الاقتصاد الوطني لذلك . ولعل من أبرز نصائح البنك والصندوق الدوليين هو تقليل الانفاق دون الاهتمام بشرائح المجتمع المحتاجة فعلا للدعم الحكومي خاصة البطاقة التموينية ويكفي عنوان مقال إقتتاحي لطريق الشعب بتاريخ 15/9/2010حيث كان العنوان ( لا .. لإلغاء البطاقة التموينية ... نعم .. لزيادة موادها وتحسين نوعيتها ). وفي شأن أخر يؤكد الحزب على أهمية ودور القطاع العام في برنامجه الذي أقره المؤتمر الوطني الثامن للحزب فيشير الى : (الاهتمام بالقطاع العام ، بإعتباره قاعدة رئيسية للاقتصاد الوطني ، وعامل التوازن الاقتصادي والاجتماعي . والعمل على إصلاحه إقتصاديا وإداريا بإرساء معايير الشفافية والكفاءة والمساءلة ومحاربة الفساد والقضاء على جذوره ) ويعود الحزب في مكان آخر في البرنامج ليشير برأي نابت عن الخصخصة فيقول : ( الوقوف بوجه الدعوة الى إعتبار الخصخصة وصفة عامة وشاملة لحل مشكلات الاقتصاد وتحقيق التنمية في مطلق الاحوال . والتأكيد على إجراء تقييم إقتصادي شامل وموضوعي لمؤسسة القطاع العام . إذا ما إقتضت الحاجة الاقدام على إجراء لخصخصتها ، على أن تتسم عملية الخصخصة بالشفافية ، وأن تدر أفضل عائد على الدولة وان تضمن حقوق العاملين في المؤسسات المشمولة بها .) وهذا كما واضح موقفا متوازنا بين متطلبات التحديث والمحافظة على حقوق المجتمع في مؤسساته . أما بصدد الاتفاقية الامنية فقد إعتبرها الحزب بوقت التفاوض والتصويت عليها في مجلس النواب بأنها أفضل السيئات ، كما عبر عن ذلك السيد حميد مجيد موسى سكرتير عام الحزب ولم ينف ِ الحزب إمكانية الاستفادة من شروطها التي تضمن للعراق إستقلالا ناجزا .

وربما يكون التدقيق في الكثير من مفردات برامج ومشاريع الحزب الشيوعي ومقارنتها مع توجهات القوى المتنفذة في السلطة والبرلمان يجد المرء فروقا شاسعة ، لكن كل ذلك ربما يصطدم بقضية هامة هي إن مشاركة الحزب في الحكومة تضمن له التأثير في موقع القرار،وقد يكون أصحاب هذا الرأي على حق ، لكن تجربة السنوات الماضية كشفت إن تأثير الحزب من خلال مشاركته في السلطة كانت محدودة ليس لضعف المشاركة لكن السلطة السياسية التي حكمت البلد في السنوات الماضية كانت ايضا حكومة محاصصة وتوافقات تؤدي وأدت في الاخر الى ضياع ذلك التأثير رغم نضج وجدية وواقعية أراء الحزب الشيوعي في مختلف القضايا التي كانت تطرح على جداول البحث والنقاش ، كما إن تلك المشاركة من جانب أخر لم تفد الحزب على المستوى الجماهيري بدليل فقدانه لمقعدي البرلمان اللذين كان يحتلهما ـ مع الاخذ بنظر الاعتبار كل الظروف التي أحاطت بالانتخابات وقانونها المجحف ـ فما الذي سيتغير الان في ظل تشكيل حكومة تلوح ملامح المحاصصة فيها بشكل أشد من ذي قبل .

لقد إختار الحزب الشيوعي منذ أمد ليس بالقصير على عاتقه تنشيط التيار الوطني الديمقراطي وبرز ذلك بشكل أكبر بعيد الانتخابات البرلمانية الاخيرة وتكفلت كل منظمات الحزب بمهمة الاتصال والتنسيق وعقد المؤتمرات المحلية لهذا التيار وصولا الى المؤتمر الوطني الثاني المنوي عقده في غضون الاسابيع المقبلة . وأكد الحزب على هذا الدور مرارا ففي بلاغ الاجتماع الاعتيادي للجنة المركزية في تشرين ثاني 2010 ورد بهذا الخصوص ما نصه :
(إن الهدف من التحرك لتفعيل التيار الديمقراطي، بصفته تيارا سياسياً مجتمعياً ، هو في المطاف الأخير تنظيم وحشد القوى ذات المصلحة في تبني المشروع الوطني الديمقراطي والعمل بحماس وثبات من اجل الترويج له، باعتباره المشروع الذي يحمل الحلول الحقيقية والحاسمة لأزمة البلاد) وهذا عين الصواب في إختيار النهج الذي يضمن تنمية وتطوير التيار الديمقراطي بوصفه تيارا مناهضا لكل أشكال التقسيمات الطائفية أو الاثنية . وقد كان للنشاطات المطلبية التي تبناها الحزب الشيوعي وبمساعدة بعض قوى التيار الديمقراطي صدىً إيجابيا جدا في أوساط الشارع العراقي وذلك ما يقتضي التواصل فيه وجعله النهج الاقرب في الوصول الى أبعد ثنايا مشاعر المواطنين المتضرررين من نهج سلطات المحاصصة وسياساتها ويؤكد الحزب نهجه هذا أيضا في بلاغ إجتماع اللجنة المركزية في تشرين ثاني 2010 مع تشخيص دقيق لمسببات كل التدهور الحاصل في المستوى المعيشي للمواطن وتدني الخدمات وغير ذلك من مظاهر البؤس المستشرية فيشير البلاغ الى :
يلقي التذمر المتنامي في مختلف اوساط شعبنا من القوى السياسية المتنفذة، بسبب مسؤوليتها عن الأزمة وتجاهل آثارها على الأوضاع الأمنية والحياة السياسية، وعن تدهور الاوضاع الاقتصادية والخدمية وتفشي الفساد المالي والاداري والتضييق على مصادر دخل الكادحين ، يلقي على عاتق حزبنا مهام ومسؤوليات عديدة. وتتجلى هذه المهام في تبني المطالب الجماهيرية، وتنظيم الحملات والفعاليات المطلبية، والتصدي لمحاولات انتهاك حقوق الانسان والتضييق على بعض الحريات.

إن هذا النهج الذي يتبناه الحزب ليس جديدا على عمله بل هو نهجه الدائم منذ تأسيسه الى اليوم وما التأكيد عليه الان الا بتقديري تأكيد من الحزب على إختيار نهج المعارضة الواضحة لكل سياسات القوى المسببة في تدهور الوضع الاقتصادي والخدمي والتي هي في عين الوقت نفسها قوى المحاصصة المتنفذة في الحكم ، لذلك فإن هذا الاختيار يملي على الحزب جملة من التغييرات في وضعه التنظيمي والاعلامي وفي خطابه السياسي وفي كل مفاصل عمله.

إن الزمن القادم هو زمن المعارضة ، معارضة نهج السلطات التقسيمية المحاصصية مما يفضي الى ضرورة التصدي لفكر تلك القوى ومنطلقاتها وفضحها مع وضع الحلول البديلة المناسبة واللجوء الى المواطن العراقي صاحب المصلحة الحقيقية في التغيير والدخول في عملية صراع سلمي يؤدي بالضرورة الى توعية المواطن بالقوى التي لابد أن يعتمد عليها في غاياته النبيلة التي ضحى وقدم من أجلها سنين من عمره ذهبت هباءا في مناهضة نظاما دكتاتوريا تعسفيا وحروبا ونتائجا أفقدته الكثير من الابناء والاموال وفرص التقدم ، فلابد من نقل تلك المعارضة وذلك العمل الدؤوب الى مناهضة قوى التيارات الظلامية والقوى الساندة لها والقوى المتحالفة معها من أجل حفنة مكاسب ضيقة لايستفيد منها سوى قادة تلك الكتل والمنتفعين من السير ورائهم .




هل يشارك الشيوعيون في الحكومة المقبلة ؟ (1-2)


 


 

free web counter