| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

 

 

 

 

الأثنين 25 /6/ 2007

 

 

تسليح العشائر ..... مأزق اخر


تحسين المنذري

منذ اربعة اعوام ونيف والوضع في العراق بكل جوانبه يزداد تدهورا ، ولم تستطع الاحزاب والكتل السياسية النافذة في السلطة او في العملية السياسية عموما من تقديم اي حلول من شأنها ان تخفف عبء ما يجري ، بل ان بعض ما قدمت تلك الاحزاب لم يزد الا في النار سعيرا ، وذلك ما حدث بوضوح مع خطة فرض القانون التي استهلكت اعلاميا قبل البدء بتنفيذها ، وها هي حكومة المالكي تقدم على خطوة خطيرة اخرى بتسليحها العشائر لغرض مطاردة فلول الارهابيين والقاعدة خصيصا ، ومع اني اكن الاحترام الكامل للعشائر العراقية كونها مكونات اجتماعية قائمة ، الا ان هذه المكونات كمجموع وليس كافراد لا تمتلك الوعي السياسي الكافي الذي يؤهلها للقيام بالمهمة على اساس وطني صرف ... بل ان ما يدفعها لذلك مصالح لا تبتعد بكثير عن عقلية البداوة التي ما زالت قيمها تعشعش في رؤوس شيوخ العشائر ووجهاءها وهم الرموز التي ستتفق او اتفقت مع الحكومة حتما ، فما هو المقابل الذي ستربحه العشائر بموافقتها على التصدي للمهمة ؟ هل هو السلاح فقط ، المال ، الوجاهة ، السلطة على مستوى محلي اي في مناطق سكناها او ربما لها عيون على السلطة المركزية نفسها ؟ ربما كل هذا او جزءه الاكبر واي كان فهو مؤشر هام وخطير على الدور الذي ستضطلع به العشائر في المستقبل القريب على الاقل ، ذلك ان طموحاتها ومطاليبها ستزداد حتما ارتباطا مع الطبيعة البدوية في محاولة كسب المزيد وانتهاز الفرص والتي ستكون عبئا اضافيا على الحكومة ان لم تستطع تنفيذها او الاستجابة لها فأن السلاح الذي ستكسبه العشائر من الحكومة سيرتد للتوجه ضد الحكومة نفسها ، وبهذا فان السلطة السياسية ستساهم في خلق ميليشيات جديدة لاتزيد في الوضع الا تعقيدا . كما ان الكثير من ابناء العشائر من ارتبط بهذا الشكل او ذاك ببعض التنظيمات الارهابية العاملة على الساحة العراقية الان ، فماذا لو اصبح هؤلاء جسورا بين العشائر نفسها وتلك التنظيمات لتكسب العشائر السلاح من الحكومةوالمال من التنظيمات الارهابية ؟ وشيوخ ورؤساء العشائر العراقية معروفين بسرعة تبدل ولاءاتهم تبعا للذي يدفع اكثر.وماذا لو اتمت العشائر على سبيل الفرض مهمتها بأكمل وجه وفي مدة قصيرة فهل ستستطيع الحكومة نزع السلاح من ايديها بسهولة ؟ فأن كان كذلك فلماذا لا تنزع سلاح المليشيات الان ؟ ام ان المدة الزمنية التي ستقضي فيها العشائر على المتمردين كافية لكي تقوى الحكومة بالشكل الذي يؤهلها لانتزاع السلاح من ايدي العشائر بقرار واحد ؟ لا اظن ذلك لوجود جملة مؤشرات على الوضع السياسي الحالي والذي يشكل خلفية هامة لمعرفة دوافع قيام الحكومة بتسليح العشائر . فان شهر ايلول يقترب وهو الشهر الذي حُدد لحكومة المالكي وللقوات الاميركية المشاركة معها في خطة فرض القانون لكي تحسم الموقف لصالحها وتقدم بالملموس النتائج المثمرة للخطة ، ولايبدو لحد الان في الافق مايشير الى نجاح واضح لتطبيق خطة فرض القانون بل ان الامر ازداد سوءا سيما في العاصمة بغداد مع ازدياد حدة التفجيرات والقتل على الهوية والجثث المجهولة التي تُجمع كل يوم ـ بأسف كبير ـ كما تُجمع النفايات !!! كما ان الحراك السياسي الجاري الان في العراق لايملك احدٌ جوابا قاطعا على ايجابية نتائجه والذي يبرز في التصدع الحاصل في بعض القوائم والذي برزت منه الى السطح اخبار منها تقديم عادل عبد المهدي استقالته من مجلس الرئاسة ، والتأرجح الحاصل في قائمة التوافق مابين قبول اورفض تنحية محمود المشهداني من رئاسة مجلس النواب وكذلك ما يشاع من احتمال تشكيل حكومة جديدة على اساس الاحزاب وليس القوائم وغيرها من الامورالتي لا تعطي انطباعا ايجابيا بالحسم ،بل انها ربما تحمل المزيد من مؤشرات تدهور الوضع السياسي بانعكاساته السلبية على الوضع الامني . وفي نفس الوقت فان هذه المؤشرات تعطي انطباعا بان خطوة تسليح العشائر ليس اكثر من محاولة كسب المزيد من المؤيدين لغرض البقاء في سدة الحكم لاطول مدة ممكنة .
ان حكومة المالكي والاحزاب السياسية المتنفذة في الحكم تعلم يقينا ان المشكلة الرئيسية هي سياسية ويمكن حلها سياسيا ايضا عن طريق الغاء المحاصصة الطائفية ـ القومية المقيتة والتي اثبتت احداث الاعوام المنصرمة سوءها وفشلها ، لكن كما يبدو فانهم جميعا يغمضون الاعين ويتوارون خلف حلول لاتسمن ولا تغني عن جوع ، فقط ازدياد في الدمار والدماء على حساب الشعب العراقي المكتوي بسياسييه . ان لا حل لكل الوضع المتأزم في العراق الا بالرجوع الى تأسيس الدولة العراقية على اسس صحيحة غير عرجاء كماهي عليها الان والغاء المحاصصة المقيتة وتعديل الدستور الدائم بما يضمن التساوي للجميع من العراقيين في الحقوق والواجبات على اسس مدنية حديثة ويرافق كل ذاك اعادة تدوير عجلة الاقتصاد وتقديم الخدمات الضرورية للمواطن العراقي واعادة المهجرين الى ديارهم واتباع طريق السلم الاجتماعي والحرية المكفولة والديمقراطية القائمة على اسس صحيحة.
يبقى اكثر من سؤال اجد نفسي ملزما بطرحها دون ان املك جوابا قاطعا عنها : يقال ان المالكي لم يكن راضيا عن تسليح العشائر ، فهل هذا صحيح ؟ وان كان كذلك فلماذا غيّر رأيه ؟ هل لاميركا العظمى دور في تبديل المالكي لرأيه ؟ فان كان كذلك .... فيالبؤس ما سيأتي .