| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

Tahsin515@hotmail.com

 

 


 

الثلاثاء 22/7/ 2008



في ضوء المفاوضات الاميركية ـ العراقية
العودة للارث العراقي اجدى

تحسين المنذري

مع اقتراب الموعد النهائي للتوقيع على الاتفاقية الاميركية ـ العراقية ( اواخر تموز الجاري ) يحتدم النقاش حول اهميتها اولا وحول البنود التي مازالت غير معروفه للكثير من السياسيين العراقيين وبالتالي لعموم جماهير الشعب العراقي ، عدا بعض التسريبات التي اتصورها كانت مقصودة اصلا لجس نبض الشارع العراقي الذي عبر بشتى الاشكال عن رفضه لكل مايمس سيادة الوطن، مما حدا ببعض السياسيين المتصدين للوضع الحالي الى تبديل مواقفهم من جهة ومحاولة البعض الاخر التخفيف من وقعها في محاولة لامتصاص النقمة أوالغضب المتوقع لاحقا في حالة اعلان كل بنود الاتفاقية . الا ان ما يجلب الانتباه اكثر هو محاولة التخفيف بالمقارنة غير الموفقه بين الاتفاقية المزمع عقدها بين العراق والولايات المتحدة مع اتفاقيات سبق للولايات المتحدة الاميركية ابرامها مع دول اخرى وتحديدا اليابان وكوريا الجنوبية والمانيا لدرجة ان وفوادا عراقية أُرسلت لدراسة تلك الاتفاقيات عن كثب والاستفادة من بنودها لغرض التفاوض لاحقا مع الوفد الاميركي بشأن المقاربة في البنود بينها وبين الاتفاقية العراقية. ورغم انه لم يعلن لحد الان عن نتائج زيارة تلك الوفود والعِبر التي خلصوا اليها الا اني اجد ان جهدا مثل هذا غير مجدٍ لاختلاف الظروف الذاتية والموضوعية التي احاطت بابرام تلك الاتفاقيات ،مع تلك التي تحيط الان بالمفاوضات الجارية لتوقيع الاتفاقية العراقية الاميركية. ذلك ان تلك الاتفاقيات وقعت اولا بين دول خاضت غمار حرب ضروس مع اميركا وحلفاؤها سميت الحرب العالمية الثانية ووقعت الاتفاقيات كجزء من وثائق الاستسلام لحكومات تلك الدول ، والشعب العراقي لم يدخل الحرب مختارا ولم تكن له اية يد في سحب الجيوش الاميركية الى ارضه بل وحتى الحكومة الحالية لم تكن هي التي تدير الحكم عندما قدمت الجرارات الاميركية للعراق ، من جهة اخرى فان دول الاتفاقيات القديمة تحالفت او تبنت فكرا نازيا ـ فاشيا قارعته دول تدعو الى الديمقراطية خوفا من انتشار ذلك الفكر الشمولي العدواني ، والشعب العراقي كان مكتويا بحكم شمولي عدواني قدم الكثير من التضحيات للخلاص منه ، والاهم من كل هذا وذاك فان الاتفاقيات القديمة ابرمت في ظروف بداية دخول المعسكر الامبريالي في حرب باردة مع الاتحاد السوفيتي وبقية دول المنظومة الاشتراكية الناشئة حديثا انذاك لذلك ارادت الادارة الاميركية وقتها بناء دول من طراز خاص تدعم تطورها تكنولوجيا واقتصاديا واجتماعيا في مواجهة الانتصارات المذهلة للجيش الاحمر والنجاحات المتحققة وقتها لشعوب بلدان الاتحاد السوفيتي وبقية الدول الاشتراكية سيما وان كل تلك الدول (الموقعة للاتفاقيات مع اميركا) تحد او تقترب مكانيا من الدول الاشتراكية انذاك والعراق الان في وضع مختلف تماما عن وضع اليابان او كوريا الجنوبية وكذلك المانيا فلا وجود لقطب اخر ينافس انفراد الولايات المتحدة في التحكم بمقدرات العالم ومن ذلك فان القواعد الاميركية التي أُنشأت انذاك ومازالت كانت موجهة بالاساس لمواجهة خطر مفترض هو توسع الاتحاد السوفيتي بمختلف الاتجاهات تلك الفرضية التي اقتنعت او اُ قنعت بها حكومات تلك البلدان ، فما الغرض الان من انشاء قواعد عسكرية اميركية لم تحدد مدد بقائها على المستقبل المنظور؟ وذلك يعني انها تحول العراق الى دولة مرتهنة بارادة الولايات المتحدة الاميركية لشن العدوان على اية حكومة او شعب من شعوب المنطقة تفترض اميركا انها تهدد مصالحها وفق مناظير خاصة بها لا يملك الشعب العراقي فيها لا ناقة ولاجمل ، بل وربما ستكون الاتفاقية وفق هذا التوجه نموذجا جديدا تدشن به اميركا عهد العولمة المفروضة عسكريا على شعوب بلدان الاطراف ، فاين مصالح الشعب العراقي في هذه الدوامة ؟

ان للعراق ارث زاخر في مواجهة اتفاقيات جائرة من هذا النوع بدءأ باتفاقية عام 1930 مع بريطانيا العظمى وقتذاك ومرورا باتفاقيات بورتسموث واتفاقية عام 1954 واخيرا حلف بغداد ، فلِمَ لا تلجأ الجهات العراقية المفاوضة الى الاستفادة من هذا الارث على الاقل في طرق مواجهة الضغوط الاميريكية المستعجلة في فرض بنود الاتفاقية ، والحال ينطبق على كل القوى العراقية التي مازالت تنظر بريبة للاتفاقية عموما ولاهداف الولايات المتحدة الاميركية في ابرام مثل هكذا اتفاقية واللجوء الى الشعب صاحب المصلحة الحقيقية في بناء عراق مستقر امن قد تهدد مستقبله وجود اتفاقية من العيار الثقيل والتي تنوي اميركا فرضها على الشعب العراقي .

تبقى مسألة في غاية الاهمية لم تنل الاهتمام الكافي او انها أُغرقت في لجة البنود الامنية الا وهي مسألة الجانب الاقتصادي في الاتفاقية ، فما هو مصير النفط العراقي؟ وماهي توجهات بناء البنى التحتية للاقتصاد الوطني؟ والى اي مدى ستمتد الخصخصة؟ وماوضع الرأسمال الاجنبي في العراق ،ماهي التزاماته او امتيازاته ؟ وغير ذلك من الجوانب الهامة التي تتعلق بمستقبل الاجيال اللاحقة في العراق والتي لم تجد الى الان اي نقطة ضوء في اخر النفق . فهل ان كل ماجرى على مدى السنوات الخمسة المنصرمة كان مخططا له لكي يصبح هدف الانسان العراقي هو البقاء على قيد الحياة وليذهب كل شئ الى الجحيم ؟؟؟

ستكون الاتفاقية بما ستحويه من شروط نقطة تحول هامة في مسيرة العراق اللاحقة على ضوءها سيتحدد مستقبل البلد وبالتاكد نضال القوى الوطنية العراقية الرامية لبناء عراق ديمقراطي مزدهر ينأى بشعبه عن ويلات الدمار والحروب .
 


 

free web counter